اعتزام حفيدة بيكاسو بيع أعماله الفنية يثير قلق السوق

ورثت نحو 300 لوحة من إجمالي أعمال جدها وتقول إنه «إرث بلا حب»

مارينا بيكاسو أمام لوحة لجدها (أ.ف.ب)
مارينا بيكاسو أمام لوحة لجدها (أ.ف.ب)
TT

اعتزام حفيدة بيكاسو بيع أعماله الفنية يثير قلق السوق

مارينا بيكاسو أمام لوحة لجدها (أ.ف.ب)
مارينا بيكاسو أمام لوحة لجدها (أ.ف.ب)

منذ أن كانت مارينا بيكاسو طفلة صغيرة تعيش على حافة الفقر وتطيل الوقوف على أبواب فيلا فرنسية مع والدها من أجل الحصول على نفقة من جدها بابلو بيكاسو، وهي تعاني من عبء إرث ذلك الفنان. وعندما بلغت العشرينات من عمرها وورثت فيلا «لا كاليفورنيا» التي تعود إلى القرن التاسع عشر فضلا عن مجموعة قيمة من كنوز بيكاسو الفنية، قلبت اللوحات على ظهرها بحيث تواجه الحائط تعبيرا عن الاستياء. وظلت تجتر على مدى 15 عاما من العلاج النفسي ذكريات أسرية مريرة تتعلق بعدم اكتراث جدها كما كانت تراه وانتحار شقيقها. وفي مذكراتها، التي نشرت عام 2011 بعنوان «بيكاسو: جدي» أعلنت عن ألمها. وتقرّ حاليا بعد أن بلغت الرابعة والستين أنها كانت توسع نطاق ثورتها وتمردها من خلال بيع الكثير من أعماله الفنية من أجل تمويل وزيادة نطاق أعمالها الخيرية التي تقدمها لإحدى مستشفيات الأطفال في فيتنام، ومشروعات في فرنسا وسويسرا ينتفع بها العجائز والمراهقون المضطربون نفسيا. وأثارت طريقتها غير التقليدية في بيع الأعمال، التي كان لها صدى كبير في أسواق الفن الدولية، قلق تجار الأعمال الفنية والقائمين على المزادات المعتادين على الاضطلاع بدور بارز أساسي مربح في بيع الأعمال الفنية الشهيرة. وفي مقابلة قالت إنها ستبيع الأعمال على نطاق خاص، وسوف تحدد على أساس منفرد الحاجة والعدد المتبقي من أعمال بيكاسو وأيا منها ستبيعها.
والجدير بالذكر أنها ظلت تبيع أعمال جدها بانتظام لسنوات من أجل الإنفاق على نفسها وعلى أعمالها الخيرية. ومنذ وفاة المسؤول عن بيع الأعمال الذي كانت تتعامل معه عام 2008 تجرب مارينا الكثير من الاستراتيجيات في السوق، مثل عرض لوحتين مهمتين في المزاد عام 2013، وعرض مجموعة من الرسوم العارية من عمل جدها في دار «سوذبي» في باريس العام الماضي.
مع ذلك يشير قرارها تولي عملية بيع الأعمال بنفسها إلى قيامها بمحاولة أكثر عدوانية لتطهير ذاتها من الإرث. وفي الوقت الذي باع فيه ورثة آخرون لبيكاسو أعماله في عدة مناسبات، تعد مارينا هي الوحيدة التي يبدو أنها «تسرع» من وتيرة بيع الأعمال الفنية على حد قول إينريك مالين، أستاذ تاريخ الفن في جامعة «سام هوستن» في تكساس وصاحب مشروع «أونلاين بيكاسو» لمتابعة الحركة الفنية.
وأوضحت مارينا علنا متحدثة عن استراتيجيتها الجديدة لأول مرة قائلة: «من الأفضل لي بيع أعمالي والاحتفاظ بالمال من أجل إعادة توزيعها لأغراض إنسانية». وكان هذا أثناء زيارة مستشفى في مارسيليا تمول بها قسم العلاج النفسي للمراهقين. وأضافت: «بالطبع لدي لوحات يمكنني استغلالها في دعم تلك المشروعات». وتنتشر أخبار هذه الاستراتيجية غير المعتادة الخاصة بها في الدوائر ذات الصلة عن طريق القيل والقال، مما يثير شائعات ومعلومات مغلوطة من بينها تقرير أخير نشر بإحدى الصحف الصفراء يشير إلى عزمها بيع فيلا جدها و7 من أعماله الفنية. وأدى هذا إلى التكهن بأنها قد تغرق السوق بالأعمال وتتسبب في انخفاض الأسعار.
وقال جون ريتشاردسون، مؤرخ لبيكاسو وكاتب لسيرته في نيويورك: «بدلا من أن يكون لديها تاجر يعرض الأعمال، لم يعد أمر وجود أعمال للبيع سرا، وبدأ الناس يسأل بعضهم بعضا إن كان أحد مهتما. وقد أخبرني شخص غريب أن مارينا تبيع كل ما لديها من أعمال».
وفي الوقت الذي يعد فيه تجاوز وتجاهل التجار ودور المزاد في عملية بيع الأعمال الكبرى أمرا غير اعتيادي، قد يكون هناك جانب سلبي في نهج اعتماد البائعين على أنفسهم يتمثل في صعوبة تقدير قيمة الأعمال، والتأكد من مصداقية المشترين ومصدر أموالهم.
في الوقت ذاته، ومع زيادة بعض دور المزاد لأجورها، ربما تكون تلك الخطوة في النهاية خطوة ذكية بالنسبة إلى بائع يتوق إلى جني المزيد من المال.
وأشارت مارينا، التي ورثت نحو 300 لوحة من إجمالي أعمال بيكاسو الفنية البالغ عددها 10 آلاف، والتي تنوعت بين أعمال الخزف والرسوم والنقوش والمنحوتات، إلى عدم اتخاذها أي قرار بشأن عدد الأعمال التي ستبيعها وليست لديها أي نية لعرض الفيلا للبيع. مع ذلك فهي تعلم أي الأعمال ستبيع أولا وهي لوحة «لا فاميلي» وهي تصوير لأسرة على خلفية قاحلة يعود تاريخها إلى عام 1935. وأوضحت قائلة: «إنها تحمل دلالة رمزية لأنني ولدت في أسرة كبيرة، لكنها لم تكن أسرة كالأسرة». وعند وفاته عام 1937 كان عدد أعمال بيكاسو قد وصل إلى نحو 50 ألفا وخلّف ورائه 4 أبناء و8 أحفاد فضلا عن الزوجات والعشيقات الذين خاضوا معركة طويلة على إرثه.
ومارينا هي ابنة باولو بيكاسو وطالما حافظت على مسافة تفصلها عن باقي أفراد أسرتها. وظلت لسنوات تتصرف في الأعمال بحسب إرشادات جان كروغير، تاجر الأعمال الفنية السويسري الذي باع الكثير من أفضل الأعمال في مجموعتها، إلى أن توفي عام 2008، وأصيبت مارينا بخيبة أمل بسبب منافذ البيع الأخرى مثل المزاد لذي أقامته دار «سوذبي» عام 2013 وعرضت خلاله لوحتين مهمتين إحداهما لوحة «السيدة الجالسة ذات الرداء الرمادي». وحصد العملان 6.8 مليون دولار بحسب دار «سوذبي» في باريس، لكن مارينا قالت إنها توقعت مبلغا أكبر لأن المشترين كانوا يعرفون أن المال سيخصص لدعم أعمالها الخيرية. ويعد توقيتها مثاليا، فقد احتلت مبيعات أعمال بيكاسو في المزاد العام الماضي المركز الثاني بعد أعمال أندي وارهول حيث بلغت 449 مليون دولار العام الماضي في السوق الدولية التي تقدر قيمتها بـ16.1 مليار دولار بحسب «أرتنت»، موقع البحث في الفن في نيويورك.
وقالت مارينا إنه ليس لديها أي صور فوتوغرافية تجمعها بجدها، ولم يكن لديها أي من أعماله إلى أن حصلت على إرثها. وتتذكر كيف كان يصنع لها زهورا من الورق، لكن لم يكن مسموحا لها أبدا الاحتفاظ بها.
وكان باولو ابن بيكاسو من زوجته الأولى أولغا كوكلوفا، راقصة باليه روسية.
وروت كيف ما زالت تعاني من ذكريات باولو وهو يعمل لدى جدها سائقا من بين أعمال أخرى دونية ويتسول منه المال. وانفصلت والدتها إيملين عن والدها وظلت تعاني مشكلات مع تعاطي الكحول وكانت تعتمد على الصدقات من طليقها لتتمكن من تربيتها هي وشقيقها بابليتو. وأضافت: «لم أكن أرى والدي كثيرا، ولم يكن لدي جد». وزاد انعزالها عن جدها ودائرته بعد منع جاكلين روغ، زوجة بيكاسو الثانية، لشقيقها من حضور جنازة بيكاسو عام 1937، وبعد بضعة أيام انتحر أخوها بتناول مادة لتبييض الملابس. وأقيمت جنازة شقيقها بابليتو بمساعدات مالية من أصدقاء بحسب مارينا التي كانت تنفق على نفسها بالعمل في مأوى للأطفال المتوحدين والمصابين بأمراض عقلية.
لم يترك بيكاسو وصية عندما توفي في الواحدة والتسعين من العمر، مما أثار صراعا محتدما بين أرملته وأطفاله وأحفاده. وكان من المفاجئ إدراج مارينا ضمن الورثة، حيث حصلت على خمس الإرث واشتمل على الفيلا. وتقول مارينا: «يخبرنني الناس أن علي تقدير إرثي وأنا أقدره بالفعل؛ لكنه إرث بلا حب».
في النهاية تعلمت مارينا من ماضيها، حيث أوضحت قائلة: «لقد كان صعبا حقا أن يكون لدى المرء هذا الاسم الشهير ويعاني شظف العيش. أعتقد أن هذا ما نمَّى بداخلي الحس الإنساني ورغبتي في مساعدة الآخرين».
على الجانب الآخر جاءت نظرة أوليفير ويدماير بيكاسو، أحد أحفاد بيكاسو من عشيقته ماري تيريز والتر، الذي نشر سيرة بيكاسو، لإرث جده أكثر لطفا وودا. وقال عن غضب مارينا، التي اشتبك معها عند محاولته إطلاق اسم بيكاسو على سيارات الـ«سيتروين»، إنه يتفهمه، لكنه يرى أنه في غير موضعه. وأوضح قائلا: «ينبغي أن نكون صادقين. لم يكن بابلو بيكاسو السبب في كل ما حدث. حصلت والدتها على حق الرعاية وحدها ولم يرغب بيكاسو في دفع المال لها لخوفه من عدم إنفاقها على الأطفال. لذا كان يدفع مصروفات مدرستهما مباشرة». وقال إنه فوجئ بالطريقة التي انتهجتها في بيع أعمال بيكاسو. وأوضح قائلا: «يتعامل كل الورثة دائما مع تجار أعمال فنية بارزين مثلما كان يفعل بيكاسو نفسه في حياته. إنهم يعلمون السوق والمشترين ويعملون على تجنب أي خطوات سيئة».
وفي سبعينات القرن الماضي عندما تم تقسيم الإرث من أجل دفع الضرائب، كانت لوحة «لا فاميل» واحدة من أكثر اللوحات قيمة لأسلوبها الواقعي غير العادي، على حد قول أوليفير. وقالت مارينا، التي لديها 5 أطفال، تبنت 3 منهم من فيتنام، إن بيع المزيد من أعمال بيكاسو الفنية لزيادة نطاق أعمالها الخيرية كان أمرا مفيدا، حيث تبرعت خلال العام الماضي فقط بـ1.5 مليون يورو، أي ما يعادل نحو 1.7 مليون دولار، إلى مؤسسة مستشفيات باريس وفرنسا. كذلك تبرعت بجزء إلى وحدة الطوارئ النفسية للمراهقين، وموّلت مشروع لمرضى عجائز في إطار رعاية صحية طويلة الأمد.
وقالت أخيرا: «أنا أعيش الحاضر حاليا، فالماضي أصبح ماضيا. مع ذلك لن أنسى أبدا. أنا أحترم جدي وقيمته فنانا، وأنا كنت حفيدته ووريثته، لكنني لم أكن يوما حفيدة قلبه».

* خدمة «نيويورك تايمز»



«يوم 13» يطارد «هارلي» في سباق إيرادات «الفطر السينمائي» بمصر

أحمد داود في لقطة من الفيلم
أحمد داود في لقطة من الفيلم
TT

«يوم 13» يطارد «هارلي» في سباق إيرادات «الفطر السينمائي» بمصر

أحمد داود في لقطة من الفيلم
أحمد داود في لقطة من الفيلم

حقق فيلم الرعب والإثارة «يوم 13» مفاجأة خلال الأيام الماضية في شباك التذاكر بمصر، حيث حصد أعلى إيراد يومي متفوقاً على فيلم «هارلي» لمحمد رمضان، الذي لا يزال محتفظاً بالمركز الأول في مجمل إيرادات أفلام موسم عيد الفطر محققاً ما يزيد على 30 مليون جنيه مصري حتى الآن (نحو مليون دولار أميركي)، بينما يطارده في سباق الإيرادات «يوم 13» الذي حقق إجمالي إيرادات تجاوزت 20 مليون جنيه حتى الآن.
ويعد «يوم 13» أول فيلم عربي بتقنية ثلاثية الأبعاد، وتدور أحداثه في إطار من الرعب والإثارة من خلال عز الدين (يؤدي دوره الفنان أحمد داود) الذي يعود من كندا بعد سنوات طويلة باحثاً عن أهله، ويفاجأ بعد عودته بالسمعة السيئة لقصر العائلة المهجور الذي تسكنه الأشباح، ومع إقامته في القصر يكتشف مغامرة غير متوقعة. الفيلم من تأليف وإخراج وائل عبد الله، وإنتاج وتوزيع شركته وشقيقه لؤي عبد الله «أوسكار»، ويؤدي بطولته إلى جانب أحمد داود كل من دينا الشربيني، وشريف منير، وأروى جودة، كما يضم عدداً من نجوم الشرف من بينهم محمود عبد المغني، وفرح، وأحمد زاهر، ومحمود حافظ، وجومانا مراد، ووضع موسيقاه هشام خرما.
وقال مخرج الفيلم وائل عبد الله في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إنه ليس متفاجئاً بالإيرادات التي حققها الفيلم، ولكنه كان متخوفاً من الموسم نفسه ألا يكون جيداً، قائلاً إن «إقبال الجمهور حطم مقولة إن جمهور العيد لا يقبل إلا على الأفلام الكوميدية، وإنه يسعى للتنوع ولوجود أفلام أخرى غير كوميدية، وإن الفيصل في ذلك جودة الفيلم، مؤكداً أن الفيلم احتل المركز الأول في الإيرادات اليومية منذ انتهاء أسبوع العيد».
وكشف عبد الله أن الفيلم استغرق عامين، خلاف فترات التوقف بسبب جائحة كورونا، وأنه تضمن أعمال غرافيك كبيرة، ثم بعد ذلك بدأ العمل على التقنية ثلاثية الأبعاد التي استغرق العمل عليها عشرة أشهر كاملة، مؤكداً أنه درس طويلاً هذه التقنية وأدرك عيوبها ومميزاتها، وسعى لتلافي الأخطاء التي ظهرت في أفلام أجنبية والاستفادة من تجارب سابقة فيها.
وواصل المخرج أنه كان يراهن على تقديم الفيلم بهذه التقنية، لا سيما أن أحداً في السينما العربية لم يقدم عليها رغم ظهورها بالسينما العالمية قبل أكثر من عشرين عاماً، موضحاً أسباب ذلك، ومن بينها ارتفاع تكلفتها والوقت الذي تتطلبه، لذا رأى أنه لن يقدم على هذه الخطوة سوى أحد صناع السينما إنتاجياً وتوزيعياً، مشيراً إلى أن «ميزانية الفيلم وصلت إلى 50 مليون جنيه، وأنه حقق حتى الآن إيرادات وصلت إلى 20 مليون جنيه».
ورغم عدم جاهزية بعض السينمات في مصر لاستقبال الأفلام ثلاثية الأبعاد، فقد قام المخرج بعمل نسخ «2 دي» لبعض دور العرض غير المجهزة، مؤكداً أن استقبال الجمهور في القاهرة وبعض المحافظات للفيلم لم يختلف، منوهاً إلى أن ذلك سيشجع كثيراً على تقديم أفلام بتقنية ثلاثية الأبعاد في السينما العربية.