السيناريو والصورة... اللقاء الأول مثل مصافحة يد

في العلاقة بين النص المكتوب والترجمة البصرية

‫مديرة التصوير بولي مورغن‬
‫مديرة التصوير بولي مورغن‬
TT

السيناريو والصورة... اللقاء الأول مثل مصافحة يد

‫مديرة التصوير بولي مورغن‬
‫مديرة التصوير بولي مورغن‬

هناك عشرة سيناريوهات مرشّحة للأوسكار (خمسة في نطاق النص الأصلي وخمسة في نطاق الاقتباس) من بينها ثلاثة فقط تم ترشيحها أيضاً لأوسكار أفضل تصوير. هذه هي:
- «يهوذا والمسيح الأسود»، كتابة ول برسون وشاكا كينغ من بين آخرين، وقام بتصويره شون بوبيت.
- «محاكمة شيكاغو 7»، كتابة آرون سوركِن وتصوير فيدون بابامايكل.
- «نومادلاند»، كتابة كلووي زاو وتصوير جوشوا جيمس رتشاردز.
ارتباط فعل الكتابة بفعل التصوير ليس من الأمور التي تطالعنا على نحو موسمي دون آخر. العلاقة بين هذين العنصرين الرئيسيين في صنع الفيلم متينة أكثر مما يتبدّى في الوهلة الأولى رغم أن كليهما يتبع حقلاً مختلفاً في أدواته.
يستند إلى السيناريو كل شأن آخر من شؤون العمل في السينما. يستند إليه المنتج والمخرج ومدير التصوير والممثل والمونتير وباقي أصحاب الحرف الفاعلة كمصممي الإنتاج والموسيقيين (ولو أن هؤلاء يصلون متأخرين إذ يضعون الموسيقى، بعد قراءة السيناريو، تبعاً للفيلم في نسخه الأولى).
إنه الكلمة الأولى. لكن التصوير هو الصورة الأولى. إذ يصيح المخرج بكلمة «أكشن» لأول مرّة يضغط مدير التصوير أو مساعده الأول على زر فيبدأ استلهام ما أمام الكاميرا. وما أمام الكاميرا هو ما قام برصفه ووصفه السيناريو. في الوقت ذاته، العملية تفاعلية بين الاثنين وأكثر بكثير من مجرد قيام التصوير بتحويل الكلمات إلى صور.

- قراءتان
يقرأ المنتج السيناريو ليرى صلاحيته مادياً (لجانب عناصر اهتمام أخرى). يقرأه المخرج ليستشف الشخصيات وما تتولى تقديمه في إطار الحكاية المنوي سردها وما إذا كانت هذه الحكاية متراصّة الأحداث والمشاعر على نحو جيد أم لا. وللممثل قراءته المختلفة فهو (إذا ما كان في دور رئيسي أو مُساند) يريد معرفة ما الذي يستطيع فعله بالشخصية المقترحة عليه وما هي أفضل وسيلة لهضم تلك الشخصية وتوفير انعكاس صحيح لها.
لكن الجميع يبحث في نهاية الأمر ما إذا كان السيناريو يبلور ما يعد به. يحتوي على الأحداث والمشاعر متوازية ومتصاعدة وعلى ما يتضمنه، تحت خط الحدث، من معاني ودلالات.
مدير التصوير لديه في الأساس قراءتان للسيناريو.
في الأولى هي قراءة تعرّف عامّة يعتبرها مدير التصوير روجر ديكنز (آخر أعماله «1917») مثل صعود هضبة كاشفة. قال لي قبل عامين: «حين أقرأ السيناريو الذي قد أقوم بتصويره أو لا، أبحث عن أزمنته وأمكنته وما تتطلبه من شروط. لكني لا أخصص القراءة الأولى لهذا البحث وحده. هي (قراءة) بمثابة التعرّف على منظر معروض عليك قد يُثير رغبتك فيه وقد لا يُثير. إنها القراءة الثانية التي يتم فيها تحديد دورك تبعاً للسيناريو».
في تلك القراءة الأولى، يفتي آخرون، هناك رغبة لدى مدير التصوير باستبعاد وضع الكثير من الملاحظات على جانبي النص. تقول مديرة التصوير بولي مورغن (التي تنتظر عرض فيلمها الجديد A Quiet Place Part 2 في حديث هاتفي:
«قراءة السيناريو للمرّة الأولى، بالنسبة لي، مثل مصافحة شخص لم تلتقِ به من قبل. هي للتعرف والبحث عن القصّة وما تفترضه. وخلال القراءة أحاول أن أجد إجابات على بعض الأسئلة المهمّة عندي مثل هل أنا مهتمّة بالمادّة؟ ماذا تعني الحكاية بالنسبة لي؟ كيف أشعر حيال اقتطاع بضعة أشهر من حياتي في سبيل تصوير هذا الفيلم. هذا كله يأتي في القراءة الأولى».

- نموذج طبيعي
إنها القراءة الثانية، إذا ما قرر مدير التصوير المضي في المشروع، التي يبدأ فيها مدير التصوير بوضع ملاحظاته. وأول هذه الملاحظات هي علاقة النص بالنوع: تاريخي، تشويق، رعب، خيال علمي، حربي أو سواه. إدراك النوع هو فهم للمتتطلبات التي يحتاجها مدير التصوير تلقائياً لكي يعمد إلى صياغة الشروط البصرية للنوع الدرامي.
وتبعاً للسيناريو يدوّن مدير التصوير ملاحظاته حول الفترة الزمنية التي تدور الحكاية فيها والبيئة والمكان. في «ذا مدنايت سكاي» قام مارتن رو باعتماد أساسيات للإضاءة الخارجية: لا تصوير شمسي العنصر، ولا لعب على الظلال، وتعميم حالة من التلوّث البيئي التي تلوّن الأفق. في حين أن ذلك يبدو لبعضنا كما لو كان تحصيلاً حاصلاً، إلا أنه من أدوات القرار الفني الأولى التي على مدير التصوير ملاحظتها مسبقاً.
على نحو أساسي أيضاً، يجد مدير التصوير نفسه كذلك مهتماً بمعرفة وجهة النظر التي تتولّى سرد الفيلم. هل هو سيناريو لفيلم متعدد البطولات؟ هل هو سيناريو قائم على استعادات الذاكرة لأحداث تنتقل من الحاضر إلى الماضي ثم تعود؟ ما هي القضية المحورية التي تشغل بال الشخصية الرئيسية؟ وجهة النظر تلك تساعد مدير التصوير على إحاطة الشخصية الرئيسية بالنوع المناسب من التعامل بصرياً وكتصميم لحركة الكاميرا.
هذا ما نجده مجسّداً في «نومادلاند». في تلك المشاهد الخارجية التي تسير فيها الممثلة فرنسيس مكدورمند فوق أراضٍ مفتوحة على آفاق بعيدة، يعمد مدير التصوير جوشوا جيمس رتشردز لتثبيت فاعلية وأهمية التصوير ذي الإضاءة الطبيعية. لا يمكن لأي حل فني آخر أن يوفر للفيلم تشخيص الحالة التي تمر بها بطلة الفيلم التي أدارت ظهرها لحياة المدن وانطلقت لتستكشف الوجه الآخر لأميركا.
في الموازاة حافظ رتشاردز على تصوير داخلي خافت طالما أن البيئة (منزل، مطبخ، مطعم) ما زالت منتمية إلى الموقع العام.
في غمار الملاحظات التي يبدأ مدير التصوير بتدوينها خلال قراءته الثانية (أو ما تبعها) يسجل لنفسه شروط العلاقة بين كل مشهد على حدة وبين طريقة تصويره. هذا أمر صعب ودقيق، فبينما تصوير فيلم رعب مثلاً سيتضمن شروطاً تنطبق على معظم مشاهده، فإن تصوير مشهد رعب مفاجئ قد يرد في فيلم من نوع مختلف تماماً عليه أن يُعامل بصيغة لا تمزّق المشهد بعيداً عن الفيلم وفي الوقت ذاته تضمن وجود شروطه الخاصّة.

- لوكبوك
حال ينتهي مدير التصوير من تدوين ملاحظاته بناء على خلاصة ما استوحاه من النص يضع ملاحظاته واقتراحاته النهائية في ملف (يسمّونه في هوليوود بـLookbook) ويحمله إلى المخرج ليتداولا المسألة برمّتها. هنا قد يجد مدير التصوير عدداً من الاحتمالات. سيستمع إلى رؤية المخرج ويتداول تفاصيلها معه، عارضاً رؤيته هي التي قد تتوافق مع رؤية المخرج أو قد تتعارض. كذلك من المهم في هذه المرحلة مناقشة كل التفاصيل الضرورية لتأمين «اللوك» الذي يسعى إليه المخرج.
بعض مديري التصوير، مثل بولي مورغن، يكتبون إثر ذلك اللقاء ملاحظات جديدة وأكثر تفصيلاً. تقول:
«قبل التصوير أضع لنفسي قوائم تتعامل والعناصر المختلفة. القائمة الأولى هي للكاميرا وحركتها ولقطاتها. الثانية للإضاءة والثالثة للألوان والرابعة للوقت من النهار أو الليل وكل مشهد في السيناريو سيدخل هذه القوائم بحيث حين يأتي وقت التصوير تكون كل القرارات متفق عليها ومكتوبة وواضحة. لا مجال للمفاجآت خلال التصوير».
بالنسبة للمشاهدين يمر كل شيء كتحصيل حاصل، لكن المتعة هي بناء الفيلم من الكلمة إلى الصورة وما بعد. ومتعة الناقد أن يتابع، وقد تم صنع الفيلم، تلك العلاقات الخفية بين السيناريو والصورة التي اشترك السيناريو، من دون تحديد، في صياغتها لجانب المخرج وباقي العناصر المكوّنة للفيلم.


مقالات ذات صلة

«حالة من الصمت» يحصد «جائزة الشرق الوثائقية»

يوميات الشرق الفيلم يتناول مخاطرة صحافيين بحياتهم لتغطية «سياسات المخدّرات» في المكسيك (الشرق الأوسط)

«حالة من الصمت» يحصد «جائزة الشرق الوثائقية»

فاز الفيلم الوثائقي «حالة من الصمت» للمخرج سانتياغو مازا بالنسخة الثانية من جائزة «الشرق الوثائقية».

«الشرق الأوسط» (جدة)
سينما «من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬

8 أفلام عن أزمات الإنسان والوطن المُمزّق

تُحرّك جوائز «الأوسكار» آمال العاملين في جوانب العمل السينمائي المختلفة، وتجذبهم إلى أمنية واحدة هي، صعود منصّة حفل «الأوسكار» وتسلُّم الجائزة

محمد رُضا‬ (سانتا باربرا - كاليفورنيا)
سينما «موعد مع بُل بوت» (سي د.ب)

شاشة الناقد: تضحيات صحافيين وانتهاكات انظمة

يأتي فيلم «موعد مع بُل بوت» في وقت تكشف فيه الأرقام سقوط أعداد كبيرة من الصحافيين والإعلاميين قتلى خلال تغطياتهم مناطق التوتر والقتال حول العالم.

محمد رُضا‬ (لندن)
يوميات الشرق فيلم «الحريفة 2» اعتمد على البطولة الشبابية (الشركة المنتجة)

«الحريفة 2» ينعش إيرادات السينما المصرية في موسم «رأس السنة»

شهدت دور العرض السينمائي في مصر انتعاشة ملحوظة عبر إيرادات فيلم «الحريفة 2... الريمونتادا»، الذي يعرض بالتزامن مع قرب موسم «رأس السنة».

داليا ماهر (القاهرة )
يوميات الشرق «صيفي» فيلم سعودي مرشح لجائزة مسابقة مهرجان البحر الأحمر السينمائي للأفلام الطويلة

الفساد والابتزاز في «صيفي»... تحديات تقديم القضايا الحساسة على الشاشة

تعود أحداث فيلم «صيفي» الذي عُرض ضمن فعاليات مهرجان البحر الأحمر السينمائي في دورته الرابعة، إلى فترة أواخر التسعينات.

أسماء الغابري (جدة)

شاشة الناقد: تضحيات صحافيين وانتهاكات انظمة

 «موعد مع بُل بوت» (سي د ب)
«موعد مع بُل بوت» (سي د ب)
TT

شاشة الناقد: تضحيات صحافيين وانتهاكات انظمة

 «موعد مع بُل بوت» (سي د ب)
«موعد مع بُل بوت» (سي د ب)

RENDEZ‪-‬VOUS AVEC POL‪-‬POT ★★★

* إخراج: ريثي بَنه (فرنسا/ كمبوديا)

يأتي فيلم «موعد مع بُل بوت» في وقت تكشف فيه الأرقام سقوط أعداد كبيرة من الصحافيين والإعلاميين قتلى خلال تغطياتهم مناطق التوتر والقتال حول العالم. ويُذكّر الفيلم أن الصحافة في تاريخها العريق، دائماً ما وجدت نفسها أمام مسؤوليات وتحديات عديدة. في هذا الفيلم الذي أخرجه ريثي بَنه عن الأحداث التي عصفت في بلاده سنة 1978 اقتباسات عن كتاب الصحافية إليزابيث بَكَر (Becker) وعن تجربتها بصفتها واحدة من 3 صحافيين دُعوا لمقابلة بُل بوت، رئيس وزراء كمبوديا وأحد قادة منظمة «الخمير الحمر» (Khmer Rouge) المتهمة بقتل ما لا يقل عن مليون و500 كمبودي خلال السبعينات. الصحافيان الآخران هما الأميركي ريتشارد دودمان، والأسكوتلندي مالكوم كالدويل.

لا يبدو أن المخرج اتّبع خُطى الكتاب كاملةً بل تدخّل بغايةِ ولوج الموضوع من جانب الحدث الذي وضع حياة الثلاثة في خطر بعدما جاءوا للتحقيق ومقابلة بُل بوت. في الواقع دفع الأميركي حياته ثمناً لخروجه عن جدول الأعمال الرسمي والتقاطه صوراً تكشف عن قتلٍ جماعي. وفي الفيلم لحظة مختصرة لكنها قاسية التأثير عندما يَلقى الصحافي حتفه غرقاً في نهر دُفع إليه.

الفرنسية إيرين جاكوب التي تؤدي شخصية الكاتبة بَكَر تُعايش بدورها الوضع بكل مأساته. تُفصل عن زميلها ولم تعد تعرف عنه شيئاً، وتمر بدورها بتجربة مخيفة لم تكن تعلم إذا ما كانت ستخرج منها حية.

في باطن هذا الفيلم الجيد على تواضع إنتاجه، تُطرح أسئلة فيما إذا كان الصحافي يستطيع أن يقبل التحوّل إلى جزءٍ من البروباغاندا. وهل هو أداة لنقل الرأي الرسمي بغياب حرية التعبير؟ وماذا لو فعل ذلك وماذا لو لم يفعل؟

هو ليس بالفيلم السّهل متابعته من دون معرفة ذلك التاريخ ودلالاته حول العلاقة بين النُّظم الفاشية والإعلام. والحرية التي لا تُمنح لصحافيين محليين هي نفسها التي لا تُمنح كذلك للأجانب ما دام عليهم نقل ما يُقال لهم فقط.

* عروض: موسم الجوائز ومهرجان «آسيا وورلد فيلم فيستيڤال».

‪THE‬ WRESTLE‪R‬ ★★

* إخراج: إقبال حسين شودهوري (بنغلاديش).

يقترب الرجل المسن موجو (ناصر أودين خان) وسط أشجار ليست بعيدة عن شاطئ البحر وينتقل من واحدة لأخرى ماداً يديه إليها كما لو كان يريد أن يدفعها بعيداً أو أن يُزيحها من مكانها. ومن ثَمّ يتركها ويركض صوب أخرى ليقوم بالفعل نفسه قبل أن يعود إليها. يبعث هذا المشهد على تكراره سخرية غير مقصودة. قد تكون طريقة قديمة لممارسة تمارين المصارعة أو التدريب الوحيد المُتاح في تلك القرية، لكن موجو جادٌ في محاولته لدفع الأشجار إلى الخلف أو تغيير مواقعها، استعداداً لملاقاة مصارع أصغر منه سنّا وأكبر حجماً في المباراة المقبلة.

«المصارع» (أبلبوكس فيلمز)

هناك كثير مما يتأمله المخرج شودهوري بطيئاً قبل تلك المباراة وما بعدها. بعضُ المشاهد لديها نسبة معقولة من الشِّعر الناتج عن تصوير الطبيعة (ماء، أشجار، حياة... إلخ) وبعضها الآخر لا يفضي إلى تقدير خاص. في نصف الساعة الأولى يعكس المخرج شغفاً ما بتصوير شخصياته من الخلف. عندما يتخلى المخرج عن هذه العادة لاحقاً، يستبدل بتلك اللقطات سلسلة من المشاهد البعيدة عن شخصياته في الغالب. هنا يتحسّن تأطير اللقطات على نحوٍ نافع ولو أن شغله على الدراما يبقى غير ذي مكانة.

يطرح الفيلم مشكلة رجلٍ لا يريد الاعتراف بالواقع ويتحدى من هو أكثر قوّة منه. يحقّق طموحه بلقاء المصارع الآخر ويخفق في التغلب عليه. في الواقع يسقط أرضاً مغشياً ومن ثمّ نراه لاحقاً في بيت العائلة قبل أن يعود إلى تلك الأشجار ليصارعها. المخرج (ثاني فيلم له) طموح، لكن أدواته التّعبيرية وإمكانياته التي تفرض نفسها على السيناريو وحجم الفيلم بأسره، محدودة.

* عروض: موسم الجوائز ومهرجان «آسيا وورلد فيلم فيستيڤال».

ONE OF THOSE DAYS WHEN HEMME DIES ★★★

* إخراج: مراد فرات أوغلو (تركيا).

قرب نهاية الفيلم يبدأ الشاب أيوب مراجعة ما مرّ به طوال اليوم. لقد انطلق غاضباً من المُشرِف على العمل عندما شتم أمّه. يعمل أيوب في حقلٍ لتجفيف الطاطم. ويعرف المخرج كيف يوظّف المكان، درامياً (سهل منبطح تحت شمس حامية وصعوبة العمل)، وجمالياً (تلك الثمار المقطوعة إلى نصفين والملقاة فوق شراشف على مد النظر).

«أحد تلك الأيام التي مات فيها هيمي» (مهرجان مراكش)

نقطة الخلاف أن أيوب يُطالب بأتعابه، لكن المُشرف على العمل لم يتقاضَ المال بعد ليدفع له، مما يؤجّج غضب أيوب فينشب شجار بينهما. يركب دراجته النارية وينطلق صوب بلدته. في منزله مسدسٌ سيتسلّح به وفي البال أن يعود لينتقم. معظم الفيلم هو رحلة على الدراجة التي تتعطل مرّتين قبل إصلاحها عند المساء. الأحداث التي تقع على الطريق وفي القرية الصغيرة تُزيّن الموضوع بشخصيات تدخل وتخرج من الحدث الرئيسي الماثل. في أحد هذه الأحداث الثانوية يُساعد أيوب رجلاً عجوزاً اشترى بطيخة ولا يستطيع حملها، فيوصله والبطيخة إلى داره. وفي مشهد آخر يستمع لتوبيخ زوج شقيقته لأنه كان عرض عليه العمل في شركته ورفض. لا يقول لنا الفيلم لماذا رفض ما ينتقص من بنية الموضوع وأسباب عزوف أيوب على تنفيذ وعده لنفسه بالانتقام.

اعتمد المخرج هذين المشهدين وسواهما لملء الوقت الممتد بين عزم أيوب على الانتقام وعزوفه عن ذلك. لكنه هذه المشاهد ضرورية رغم أن الفيلم ينتهي من دون أن يبني حجة دامغة لقرار أيوب النهائي. هذا الفيلم دراما مصوّرة جيداً ومكتوبة بدراية، رغم الهفوات المذكورة.

* عروض حالياً في مهرجان «مراكش»

★ ضعيف | ★★: وسط| ★★★: جيد | ★★★★ جيد جداً | ★★★★★: ممتاز