سنوات السينما

سترلينغ هايدن أمام (الصعبة) جوان كروفورد
سترلينغ هايدن أمام (الصعبة) جوان كروفورد
TT

سنوات السينما

سترلينغ هايدن أمام (الصعبة) جوان كروفورد
سترلينغ هايدن أمام (الصعبة) جوان كروفورد

- (1954) Johnny Guitar
- التقييم: ★★★★
- المقاتل الذي يعزف الغيتار

جوان كروفورد كانت تبحث عن وجه جديد. كانت بلغت 50 سنة من العمر، قضت منها 31 سنة في التمثيل وأرادت عملاً مختلفاً عن أي فيلم سابق مثّلته. وجدت في رواية روي شانسلور (اقتبست السينما عدداً كبيراً من رواياته لجانب سيناريوهات كتبها للسينما حتى عام 1965) ما تبحث عنه. رواية خارج النمط التقليدي لقصص الغرب الأميركي فابتاعتها وأرسلتها إلى شركة ريبابلك بيكتشرز التي عيّنت نيكولاس راي لإخراجها.
هي رواية مختلفة بالفعل كحال العديد من أفلام الوسترن في الخمسينات. العقد الذي خرجت به من عباءة البطل التقليدي والقتال النمطي بينه وبين أعدائه.
يبدأ الفيلم بجوني غيتار (سترلينغ هايدن) وهو يرقب قيام عصابة بسرقة ركّاب عربة وقتل أحد حراسها. لا يكترث للتدخل ولا يحمل مسدساً بل غيتاراً ومنه ننتقل إلى الحانة الكبيرة التي كانت فيينا (كروفورد) أسستها خارج البلدة بعدما علمت بأن هناك خططاً لتأسيس خط قطار يمر بجانبه مما سيعني ازدهاراً لها. عصابة من أربعة أفراد يقودهم رجل باسم «دانسينغ كِد» (سكوت برادي) تصل إلى الحانة بعد قليل من وصول جوني غيتار. ثم، وفي فصل واحد طويل، تصل إيما (مرسيدس مكامبريدج) التي يغشي الكره لفيينا كل مشاعرها. معها المارشال (فرانك فرغوسن) ونحو ثلاثين من أهل البلدة معتقدين بأنها تأوي العصابة التي سرقت وقتلت.
تتوزع الحكاية بعد ذلك على ثلاثة مسارات: علاقة فيينا بجوني التي يكشف الفيلم أنها تعود لخمس سنوات سابقة، والعصابة التي ترتكب سرقة فعلية لكي تهرب بها من المكان والوجه المحافظ لأهل البلدة الذي يريد شنق فيينا وقتل أفراد العصابة. النهاية تجسّد هذه المسارات في فصل يضع المشاهد على طرف كرسيه حتى بعد مرور 67 سنة على إنتاجه.
راي كان في موقع ممتاز في مهنته في ذلك الحين. بأسلوبه البصري النافذ حقق نجاحاته الأهم في الخمسينات وشملت In a Lonely Place وOn Dangerous Ground وبعد «جوني غيتار» تابع مسيرته الناجحة بأفلام أخرى مثل Rebel Without a Cause وBitter Victory
نيكولاس راي أراد لقب المنتج (قام به فعلاً) وعندما لم يحصل عليه اكتفى بلقب المخرج. هذا كله وسط خلافات عاصفة بين بطلي الفيلم كروفورد وسترلينغ هايدن وبين كروفورد والممثلة المساندة مرسيدس مكامبريدج. مرّتان على الأقل مزّقت كروفورد ملابس مكامبريدج وهي غاضبة من سرقة تلك المشاهد التي تجمعهما لدرجة أن المخرج أخذ لاحقاً يصوّر مشاهد مكامبريدج صباحاً قبل وصول كروفورد بعد الظهر. لكن هذا الكره بين الممثلتين أفاد الفيلم كثيراً. مكامبريدج تلعب دور المتديّنة الحسودة التي امتلأ قلبها بالحقد لكن في الواقع كروفورد كانت من شعرت بالحقد حيال الممثلة الأخرى. والتنافس بينهما في الواقع انطلى على الفيلم بأسره.
عدا ذلك، إخراج محكم في شتى نواحي العمل وتصوير رائع في توظيفه منطقة سيدونا، ولاية أريزونا، وجمالياتها وألوانها الطبيعية قام به هاري سترادلينغ. هذان (الإخراج والتصوير) عنصرا إجادة من بين عناصر عديدة من بينها الإدارة العاطفية والنفسية والبدنية للمواجهة الضخمة بين عقليّتين يقف الفيلم فيها لجانب الضحية فيينا ضد أهل البلدة المنقادين تحت تأثير الدعوى للانتقام.

(*) لا يستحق
(**) وسط
(***) جيد
(****) ممتاز
(*****) تحفة


مقالات ذات صلة

انطلاق «بيروت للأفلام الفنية» تحت عنوان «أوقفوا الحرب»

يوميات الشرق انطلاق مهرجان بيروت للأفلام الفنية (المهرجان)

انطلاق «بيروت للأفلام الفنية» تحت عنوان «أوقفوا الحرب»

تقع أهمية النسخة الـ10 من المهرجان بتعزيزها لدور الصورة الفوتوغرافية ويحمل افتتاحه إشارة واضحة لها.

فيفيان حداد (بيروت)
يوميات الشرق د. سعد البازعي رئيس «جائزة القلم الذهبي للأدب الأكثر تأثيراً» (الشرق الأوسط)

البازعي: «جائزة القلم الذهبي» متفردة... وتربط بين الرواية والسينما

بدأت المرحلة الثانية لـ «جائزة القلم الذهبي للأدب الأكثر تأثيراً» لتحديد القائمة القصيرة بحلول 30 ديسمبر قبل إعلان الفائزين في فبراير.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
يوميات الشرق فيلم «فخر السويدي» تناول قضية التعليم بطريقة فنية (الشركة المنتجة)

فهد المطيري لـ«الشرق الأوسط»: «فخر السويدي» لا يشبه «مدرسة المشاغبين»

أكد الفنان السعودي فهد المطيري أن فيلمه الجديد «فخر السويدي» لا يشبه المسرحية المصرية الشهيرة «مدرسة المشاغبين» التي قدمت في سبعينات القرن الماضي.

أحمد عدلي (القاهرة )
يوميات الشرق تجسّد لبنى في «خريف القلب» شخصية السيدة الثرية فرح التي تقع في ورطة تغيّر حياتها

لبنى عبد العزيز: شخصية «فرح» تنحاز لسيدات كُثر في مجتمعنا السعودي

من النادر أن يتعاطف الجمهور مع أدوار المرأة الشريرة والمتسلطة، بيد أن الممثلة السعودية لبنى عبد العزيز استطاعت كسب هذه الجولة

إيمان الخطاف (الدمام)
يوميات الشرق هند الفهاد على السجادة الحمراء مع لجنة تحكيم آفاق عربية (إدارة المهرجان)

هند الفهاد: أنحاز للأفلام المعبرة عن روح المغامرة

عدّت المخرجة السعودية هند الفهاد مشاركتها في لجنة تحكيم مسابقة «آفاق السينما العربية» بمهرجان القاهرة السينمائي بدورته الـ45 «تشريفاً تعتز به».

انتصار دردير (القاهرة )

شاشة الناقد: فيلمان من لبنان

دياماند بوعبّود وبلال حموي في «أرزة» (مهرجان أفلام آسيا الدولي)
دياماند بوعبّود وبلال حموي في «أرزة» (مهرجان أفلام آسيا الدولي)
TT

شاشة الناقد: فيلمان من لبنان

دياماند بوعبّود وبلال حموي في «أرزة» (مهرجان أفلام آسيا الدولي)
دياماند بوعبّود وبلال حموي في «أرزة» (مهرجان أفلام آسيا الدولي)

أرزة ★★☆

دراجة ضائعة بين الطوائف

أرزة هي دياماند بو عبّود. امرأة تصنع الفطائر في بيتها حيث تعيش مع ابنها كينان (بلال الحموي) وشقيقتها (بَيتي توتَل). تعمل أرزة بجهد لتأمين نفقات الحياة. هي تصنع الفطائر وابنها الشاب يوزّعها. تفكّر في زيادة الدخل لكن هذا يتطلّب درّاجة نارية لتلبية طلبات الزبائن. تطلب من أختها التي لا تزال تعتقد أن زوجها سيعود إليها بعد 30 سنة من الغياب، بيع سوار لها. عندما ترفض تسرق أرزة السوار وتدفع 400 دولار وتقسّط الباقي. تُسرق الدرّاجة لأن كينان كان قد تركها أمام بيت الفتاة التي يحب. لا حلّ لتلك المشكلة إلا في البحث عن الدراجة المسروقة. لكن من سرقها؟ وإلى أي طائفة ينتمي؟ سؤالان تحاول أحداث الفيلم الإجابة عليهما ليُكتشف في النهاية أن السارق يعيش في «جراجه» المليء بالمسروقات تمهيداً لبيعها خردة، في مخيّم صبرا!

قبل ذلك، تنتقل أرزة وابنها والخلافات بينهما بين المشتبه بهم: سُنة وشيعة ومارونيين وكاثوليك ودروز. كلّ فئة تقترح أن واحدة أخرى هي التي سرقت وتشتمها. حتى تتجاوز أرزة المعضلة تدخل محلاً للقلائد وتشتري العُقد الذي ستدّعي أنها من الطائفة التي يرمز إليها: هي أم عمر هنا وأم علي هناك وأم جان- بول هنالك.

إنها فكرة طريفة منفّذة بسذاجة للأسف. لا تقوى على تفعيل الرّمز الذي تحاول تجسيده وهو أن البلد منقسم على نفسه وطوائفه منغلقة كل على هويّتها. شيء كهذا كان يمكن أن يكون أجدى لو وقع في زمن الحرب الأهلية ليس لأنه غير موجود اليوم، لكن لأن الحرب كانت ستسجل خلفية مبهرة أكثر تأثيراً. بما أن ذلك لم يحدث، كان من الأجدى للسيناريو أن يميل للدراما أكثر من ميله للكوميديا، خصوصاً أن عناصر الدراما موجودة كاملة.

كذلك هناك لعبٌ أكثر من ضروري على الخلاف بين الأم وابنها، وحقيقة أنه لم يعترف بذنبه باكراً مزعجة لأن الفيلم لا يقدّم تبريراً كافياً لذلك، بل ارتاح لسجالٍ حواري متكرر. لكن لا يهم كثيراً أن الفكرة شبيهة بفيلم «سارق الدّراجة» لأن الحبكة نفسها مختلفة.

إخراج ميرا شعيب أفضل من الكتابة والممثلون جيدون خاصة ديامان بوعبّود. هي «ماسة» فعلاً.

• عروض مهرجان القاهرة و«آسيا وورلد فيلم فيستيڤال».

سيلَما ★★★☆

تاريخ السينما في صالاتها

لابن بيروت (منطقة الزيدانية) لم تكن كلمة «سيلَما» غريبة عن كبار السن في هذه المدينة. فيلم هادي زكاك الوثائقي يُعيدها إلى أهل طرابلس، لكن سواء كانت الكلمة بيروتية أو طرابلسية الأصل، فإن معناها واحد وهو «سينما».

ليست السينما بوصفها فناً أو صناعة أو أيّ من تلك التي تؤلف الفن السابع، بل السينما بوصفها صالة. نريد أن نذهب إلى السينما، أي إلى مكان العرض. عقداً بعد عقد صار لصالات السينما، حول العالم، تاريخها الخاص. وفي لبنان، عرفت هذه الصالات من الأربعينات، ولعبت دوراً رئيسياً في جمع فئات الشعب وطوائف. لا عجب أن الحرب الأهلية بدأت بها فدمّرتها كنقطة على سطر التلاحم.

هادي زكّاك خلال التصوير (مهرجان الجونا)

فيلم هادي زكّاك مهم بحد ذاته، ومتخصّص بسينمات مدينة طرابلس، ولديه الكثير مما يريد تصويره وتقديمه. يُمعن في التاريخ وفي المجتمع ويجلب للواجهة أفلاماً ولقطات وبعض المقابلات والحكايات. استقاه من كتابٍ من نحو 600 صفحة من النّص والصور. الكتاب وحده يعدُّ مرجعاً شاملاً، وحسب الزميل جيمي الزاخم في صحيفة «نداء الوطن» الذي وضع عن الكتاب مقالاً جيداً، تسكن التفاصيل «روحية المدينة» وتلمّ بتاريخها ومجتمعها بدقة.

ما شُوهد على الشاشة هو، وهذا الناقد لم يقرأ الكتاب بعد، يبدو ترجمة أمينة لكلّ تلك التفاصيل والذكريات. يلمّ بها تباعاً كما لو كان، بدُورها، صفحات تتوالى. فيلمٌ أرشيفي دؤوب على الإحاطة بكل ما هو طرابلسي وسينمائي في فترات ترحل من زمن لآخر مع متاعها من المشكلات السياسية والأمنية وتمرّ عبر كلّ هذه الحِقب الصّعبة من تاريخ المدينة ولبنان ككل.

يستخدم زكّاك شريط الصوت من دون وجوه المتكلّمين ويستخدمه بوصفه مؤثرات (أصوات الخيول، صوت النارجيلة... إلخ). وبينما تتدافع النوستالجيا من الباب العريض الذي يفتحه هذا الفيلم، يُصاحب الشغف الشعور بالحزن المتأتي من غياب عالمٍ كان جميلاً. حين تتراءى للمشاهد كراسي السينما (بعضها ممزق وأخرى يعلوها الغبار) يتبلور شعورٌ خفي بأن هذا الماضي ما زال يتنفّس. السينما أوجدته والفيلم الحالي يُعيده للحياة.

* عروض مهرجان الجونة.

★ ضعيف | ★★: وسط| ★★★: جيد | ★★★★ جيد جداً | ★★★★★: ممتاز