التركي فتيح بيرول من «أوبك» إلى رئاسة وكالة الطاقة الدولية

الخبير عمل في التسعينات موظفًا بالمنظمة في فيينا

التركي فتيح بيرول من «أوبك» إلى رئاسة وكالة الطاقة الدولية
TT

التركي فتيح بيرول من «أوبك» إلى رئاسة وكالة الطاقة الدولية

التركي فتيح بيرول من «أوبك» إلى رئاسة وكالة الطاقة الدولية

لم يكن يخطر في بال أحد في منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) في أوائل التسعينات من القرن الماضي أو حتى في الزمن الحالي أنهم سيرون موظفًا من موظفي المنظمة يصبح رئيسًا لأكثر منظمة معادية لها وهي وكالة الطاقة الدولية، ولكن هذا السيناريو أصبح حقيقة الآن.
وأعلنت الحكومة التركية بالأمس أن الدول الأعضاء في الوكالة قبلت بالإجماع تعيين مرشحها الدكتور فتيح بيرول مديرًا تنفيذيًا للوكالة التي تتخذ من باريس مقرًا لها. وجاء الإعلان في البداية عن طريق رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو الذي كشف عن هذا الأمر للصحافيين في إسطنبول، قبل أن تصدر وزارة الخارجية التركية بيانًا تعلن فيه ذات الأمر.
وسيحل بيرول ابتداء من أغسطس (آب) القادم مكان المديرة الحالية ماريا فان دير هوفان التي ستنتهي فترتها في رئاسة الوكالة في ذلك الشهر. وبذلك سيصبح التركي بيرول أول مسلم يتولى منصب المدير التنفيذي لوكالة الطاقة الدولية.
وأنشئت الوكالة في عام 1974 كرد فعل على قرار أوبك برفع أسعار النفط في عام 1973 ومنذ ذلك الحين والخلاف بين المنظمتين قائم. فالوكالة تعتبر أكبر جهة استشارية للدول المستهلكة للطاقة فيما تعتبر أوبك أكبر جهة للدول المنتجة للنفط. وتتولى الوكالة أيضًا دورًا مهمًا آخر وهو التنسيق لإطلاق المخزون الاستراتيجي للدول الأعضاء لها في أوقات الأزمات النفطية.
ورغم العداء الشديد بين الوكالتين فإن وجود بيرول على رأس وكالة الطاقة قد يخفف من حدة هذا الأمر كثيرًا إذ ليس الإسلام وحده هو الشيء الذي سيقرب بيرول من منظمة أوبك بل إنه سبق أن عمل في المنظمة في بداية التسعينات باحثا اقتصاديا قبل أن ينتقل في عام 1995 إلى الوكالة.
وتعليقًا على الخبر يقول المحلل الكويتي محمد الشطي لـ«الشرق الأوسط»: «في رأيي هذا أمر جيد لدول وكالة الطاقة الدولية أو حتى للدول في أوبك لأن بيرول كان ابنا من أبناء أوبك».
ويرى الشطي الذي تربطه علاقة قديمة في بيرول أن اختياره للوكالة أمر إيجابي نظرًا لأنه أحد المدافعين بشدة عن المصادر البديلة للطاقة وكان دائمًا ما ينادي بتبني سياسات لتحويل توصيات الوكالة حول الطاقة المتجددة إلى أهداف فعلية للدول الأعضاء.
وفي دافوس في الشهر الماضي أوضح بيرول أن بقاء أسعار النفط حينها عند 45 دولارا للبرميل أمر لن يدوم طويلًا وأنها لا بد أن ترتفع في النصف الثاني من العام الجاري. وأضاف أن هبوط الأسعار الحالي سيؤثر سلبًا على الاستثمارات النفطية والتي قد تتراجع بنحو 100 مليار دولار هذا العام أي ما يعادل 15 في المائة مقارنة بالعام الماضي. وكان بيرول من أوائل من خرجوا بعد وفاة الراحل الملك عبد الله بن عبد العزيز ليؤكد أن سياسة المملكة النفطية لن تتغير إذ أعلن هذا في تصريحات لمحطة «بلومبرغ» الإخبارية في دافوس يوم 22 من يناير (كانون الثاني) الماضي.
وبيرول معروف بآرائه المتشددة تجاه الانبعاثات الكربونية. ويرى بيرول أن النفط الصخري في الولايات المتحدة يشكل خطرًا لمصادر الطاقة المتجددة. إذ في يناير عام 2013 في العاصمة الإماراتية أبوظبي خلال مؤتمر مستقبل الطاقة العالمي قال بيرول للحضور: «لن أنضم إلى صف الكورال وأردد معهم أن كل شيء بخير بالنسبة للطاقة المتجددة إذ أن الوضع ليس جيدًا. فمنذ أن زاد إنتاج الولايات المتحدة من النفط الصخري والكل بدأ ينسى أهمية التوسع في الطاقة المتجددة وكل هذا بسبب توفر وقود أحفوري من مصادر أكثر».
وفي الآونة الأخيرة حذر بيرول كثيرًا من أن النفط الصخري خلق حوله هالة كبيرة أدت إلى نسيان المشاكل الأساسية التي يواجهها العالم مثل قلة الاستثمارات النفطية المستقبلية وهو الأمر الذي سيجعل أسعار النفط تعود إلى مستوى 100 دولار في السنوات القادمة. وقال في ديسمبر (كانون الأول) الماضي: «يجب أن لا يعمينا توفر النفط الصخري بكميات كبيرة الآن عن رؤية المشاكل التي تنتظرنا خلف الزاوية».
ويحمل بيرول الجنسية التركية وهو من مواليد عام 1958 وحصل على شهادة البكالوريوس في الهندسة الكهربائية من جامعة إسطنبول ثم حصل على الماجستير والدكتوراه من الجامعة التقنية في فيينا حيث يتواجد مقر الأمانة العامة لمنظمة أوبك. وفي عام 2013 حصل على الدكتوراه الفخرية من إمبريال كوليدج في لندن كما حصل في نفس العام على عضوية نادي غلطة سراي التركي لمدى الحياة.
وتولى رئاسة وكالة الطاقة 7 شخصيات حتى الآن جاءوا من بين دولها الأعضاء الثماني والعشرين. وبموجب النظام فإن فترة رئاسة كل مدير تنفيذي هي أربع سنوات قابلة للتمديد مرة واحدة فقط. وكان أول رئيس للوكالة أولف لانتزكي الألماني بين أعوام 1975 و1984 وآخرهم هي الهولندية ماريا فان دير هوفان التي تولت المنصب منذ عام 2011 وسبقها الياباني نوبو تاناكا وقبله الفرنسي كلود منديل والذي ترأسها بين أعوام 2003 و2007.



مصر تقر زيادة حصتها في صندوق النقد 50 %

معبد الأقصر جنوب مصر مضاء ليلاً (أ.ف.ب)
معبد الأقصر جنوب مصر مضاء ليلاً (أ.ف.ب)
TT

مصر تقر زيادة حصتها في صندوق النقد 50 %

معبد الأقصر جنوب مصر مضاء ليلاً (أ.ف.ب)
معبد الأقصر جنوب مصر مضاء ليلاً (أ.ف.ب)

نشرت الجريدة الرسمية في مصر قرار الرئيس عبد الفتاح السيسي، بشأن الموافقة على زيادة حصة البلاد في صندوق النقد الدولي بنسبة 50 في المائة. كما نص القرار على أن الزيادة في الحصة لن تصبح سارية إلا بعد استيفاء شروط التصديق، رابطاً ذلك بموافقة جميع الدول الأعضاء في الصندوق على زيادة حصصهم.

وحسب مراقبين، تهدف زيادة الحصة إلى تعزيز الموارد المتاحة لصندوق النقد لدعم السياسات الاقتصادية والمالية للدول الأعضاء. كما أنها تزيد من القوة التصويتية لمصر في الصندوق.

ويرتبط القرار بالمراجعة العامة الـ16 للحصص، التي تشمل زيادات في حصص الدول الأعضاء، والتي تعتمد على الموافقة الكتابية للدول المشاركة والالتزام بالشروط المالية المحددة. علماً أن نحو 97 في المائة من الدول الأعضاء توافق على الزيادة.

كان مجلس النواب قد وافق في جلسة عامة في 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، على زيادة حصة مصر في الصندوق بنسبة 50 في المائة. ومن المقرر أن تقوم مصر بإتمام الإجراءات المالية اللازمة لدفع الزيادة في حصتها، والتي ستتم في إطار الزمان المحدد في القرار، حسبما أوضح مسؤولون مصريون.

وأعلن صندوق النقد الشهر الماضي التوصل إلى اتفاق على مستوى الخبراء مع مصر بشأن المراجعة الرابعة لاتفاق تسهيل الصندوق الممدد الذي يستمر 46 شهراً، وهو ما قد يتيح صرف شريحة جديدة تبلغ 1.2 مليار دولار. وقال وزير المالية المصري أحمد كوجك، قبل أيام إن مصر ستحصل على الشريحة هذا الشهر، نافياً طلب مصر توسيع القرض البالغة قيمته 8 مليارات دولار مرة أخرى.

وفي تصريحات إعلامية، أعرب كوجك عن قلقه من حجم الدين الخارجي الذي يتخطى 152 مليار دولار، وأكد تعهد الحكومة بخفضه بما يعادل نحو ملياري دولار سنوياً مع السداد بأكثر من قيمة الاقتراض.

في سياق منفصل، أفادت بيانات من الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مصر بأن التضخم السنوي لأسعار المستهلكين في المدن المصرية تراجع إلى 24.1 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، من 25.5 في المائة في نوفمبر (تشرين الثاني). وهذا هو أدنى مستوى في عامين، ويتماشى ذلك مع ما خلص إليه استطلاع رأي أجرته «رويترز»، وذلك في ظل استمرار تراجع أسعار المواد الغذائية.

وعلى أساس شهري، ارتفعت الأسعار في المدن المصرية 0.2 في المائة، مقارنةً مع 0.5 في المائة في نوفمبر. وانخفضت أسعار المواد الغذائية بنسبة 1.5 في المائة في ديسمبر بعد انخفاضها بنسبة 2.8 في المائة في نوفمبر، مما جعلها أعلى بنسبة 20.3 في المائة مما كانت عليه قبل عام.

وارتفع التضخم في أغسطس (آب) وسبتمبر (أيلول) وأكتوبر (تشرين الأول)، لكنه انخفض في نوفمبر وظل أقل بكثير من أعلى مستوى له على الإطلاق عند 38 في المائة الذي سجله في سبتمبر 2023.

وساعد النمو السريع في المعروض النقدي لمصر على زيادة التضخم. وأظهرت بيانات البنك المركزي أن المعروض النقدي (ن2) نما 29.06 في المائة في العام المنتهي في آخر نوفمبر، وهو ما يقل قليلاً عن أعلى مستوى على الإطلاق البالغ 29.59 في المائة المسجل في العام المنتهي بنهاية سبتمبر.

وبدأ التضخم في الارتفاع بشكل كبير عام 2022 عقب الغزو الروسي لأوكرانيا، وهو ما دفع المستثمرين الأجانب إلى سحب مليارات الدولارات من أسواق الخزانة المصرية. وسجل التضخم ذروته عند 38 في المائة في سبتمبر 2023، وكان أدنى مستوى له منذ ذلك الحين عندما سجل 21.27 في المائة في ديسمبر 2022.

ووقَّعت مصر في مارس (آذار) الماضي على حزمة دعم مالي مع صندوق النقد الدولي بهدف مساعدتها على تقليص عجز الميزانية وتبني سياسة نقدية أقل تأجيجاً للتضخم، لكنَّ الحزمة تُلزم الحكومة بخفض الدعم على بعض السلع المحلية، وهو ما يؤدي إلى ارتفاع أسعارها.

ومعدلات التضخم من أهم النقاط التي تراعيها لجنة السياسات النقدية بالبنك المركزي المصري عندما تجتمع لاتخاذ قرارات أسعار الفائدة.

وتتوقع اللجنة استمرار هذا الاتجاه، إذ قالت في محضر آخر اجتماعاتها في 2024: «تشير التوقعات إلى أن التضخم سيتراجع بشكل ملحوظ بدءاً من الربع الأول من عام 2025، مع تحقق الأثر التراكمي لقرارات التشديد النقدي والأثر الإيجابي لفترة الأساس، وسوف يقترب من تسجيل أرقام أحادية بحلول النصف الثاني من عام 2026».

كانت اللجنة قد ثبَّتت أسعار الفائدة في اجتماعاتها الستة الأحدث، إذ لم تغيرها منذ أن رفعتها 600 نقطة أساس في اجتماع استثنائي خلال مارس في إطار اتفاق قرض تمت زيادة حجمه إلى 8 مليارات دولار مع صندوق النقد الدولي. وكان هذا الرفع قد جاء بعد زيادة بلغت 200 نقطة أساس أول فبراير (شباط).