العرب في إسرائيل صوتوا لـ«المشاركة» وعاقبوا «المشتركة»

يريدون أن يكون لهم دور في إدارة الدولة العبرية

منصور عباس قائد «القائمة الموحدة (الإسلامية)» يقترع بصحبة نجله في الانتخابات الإسرائيلية (أ.ب)
منصور عباس قائد «القائمة الموحدة (الإسلامية)» يقترع بصحبة نجله في الانتخابات الإسرائيلية (أ.ب)
TT

العرب في إسرائيل صوتوا لـ«المشاركة» وعاقبوا «المشتركة»

منصور عباس قائد «القائمة الموحدة (الإسلامية)» يقترع بصحبة نجله في الانتخابات الإسرائيلية (أ.ب)
منصور عباس قائد «القائمة الموحدة (الإسلامية)» يقترع بصحبة نجله في الانتخابات الإسرائيلية (أ.ب)

لم يفوّت المواطنون العرب في إسرائيل (فلسطينيو 48) فرصة الانتخابات الأخيرة؛ إذ أظهرت نتائج التصويت عندهم، توجيه رسالة واضحة، ليس فقط الغضب من الانشقاق الذي حدث في «القائمة المشتركة»؛ بل أيضاً الإعلان عن أنهم يريدون المشاركة في الحياة السياسية الإسرائيلية بشكل فاعل، والتأثير على هذه السياسة لصالح حقوقهم واهتماماتهم. وبغض النظر عن مدى النضوج في المجتمع اليهودي إزاء هذه المشاركة، وعن الموقف العنصري لدى غالبية المنتخبين، فقد منحوا أصواتهم لفكرة «المشاركة».
انعكس ذلك أولاً في التراجع في نسبة التصويت، ففي حين شاركوا بنسبة 64 في المائة بالانتخابات الأخيرة خلال السنة الماضية، صوتوا هذه المرة بنسبة 54 في المائة. ثم انعكس بمنح 30 في المائة من أصواتهم هذه المرة للأحزاب اليهودية، مقابل 14 في المائة بالانتخابات الماضية. قسم من هذه الأصوات حصل عليه الليكود بقيادة بنيامين نتنياهو، وقسم آخر حصل عليه حزب «ميرتس» اليساري. لكن جميع الأحزاب اليهودية حصلت على أصوات منهم. أما بقية الأصوات، فقد تقاسمتها «القائمة المشتركة» و«الحركة الإسلامية». «المشتركة» حصلت على 42 في المائة وفازت بـ6 مقاعد، و«الإسلامية» على 35 في المائة وفازت بـ5 مقاعد. بالنسبة لـ«المشتركة»؛ تعدّ هذه النتيجة فشلاً ذريعاً لها. فهي تضم 3 أحزاب قديمة، هي: «الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة» برئاسة النائب أيمن عودة، الذي يرأس «المشتركة» في الوقت نفسه، و«الحركة العربية للتغيير» برئاسة النائب أحمد الطيبي، و«التجمع الوطني» برئاسة النائب سامي أبو شحادة. وانضم إليها في اللحظة الأخيرة حزب «معا» الجديد المتحالف مع «الحزب الديمقراطي العربي». هذه المجموعة من الأحزاب، حاولت الحفاظ على «القائمة المشتركة» من خلال التأكيد على أهمية الوحدة الوطنية. وكان شعارها الانتخابي هو أن «العرب يحققون المكاسب فقط إذا كانوا موحدين وأقوياء». وأكدوا على أن تجربة «القائمة المشتركة» كانت تجربة ناجحة؛ لأن جميع النواب (15 نائباً)، عملوا، في الكنيست الأخير، بنشاط وتعاون واحترام متبادل، وهذا صحيح، وحرصوا على خطاب إيجابي خلال المعركة الانتخابية. وعندما أصرت «الإسلامية» على الانشقاق، عرضوا عليها الارتباط باتفاق على الشراكة بفائض الأصوات. وعندما رفضت، عرضوا عليها التوقيع على ميثاق شرف. ورفض العرض أيضاً.
في المقابل؛ فإن «الحركة الإسلامية» اتخذت منذ البداية قراراً بفسخ هذه الوحدة، وأظهرت موقفاً مبدئياً مخالفاً. وقالت إن أحزاب «المشتركة» تضع شعار إسقاط حكومة نتنياهو، وهم يعدّون ذلك «وضع أنفسنا في جيب اليسار، الذي لطالما اضطهدنا وأدار الحروب ضد شعبنا». وطرحت «القائمة» في المقابل شعارَي: «لسنا في جيب أحد»، و«نفاوض المعسكرين ونتخذ قرارنا على مدى تجاوب كل منهما مع مطالبنا». ثم رفعت شعار: «نحن محافظون»، في تلميح لرفضهم الموقف الليبرالي من القضايا لاجتماعية. واتخذت خطاباً سياسياً سلبياً يهاجم الآخر بحدة ويستخدم أسلوب التكفير. وكانت قد تعاونت مع «الليكود» في قرارات برلمانية عدة، ومنعت في مرحلة ما، سن قانون ضد تهرب نتنياهو من المحاكمة. ورفضت الارتباط بفائض أصوات، مع أن هذا الرفض قد يؤدي إلى خسارتها المقعد الخامس لصالح الأحزاب اليهودية.
فكيف حققت «الإسلامية» هذا النجاح وفازت بهذا العدد من الأصوات؟
هناك من يرى أن هذا النجاح يعود إلى التأييد الأكبر الذي حصلت عليه في منطقة النقب، حيث يوجد في «الإسلامية» مرشح متقدم من أبناء النقب، هو النائب سعيد الخرومي، بينما وضعت «المشتركة» مرشح النقب في المكان التاسع.
هناك من يرى أن البعد الديني لعب دوراً أساسياً لصالح «الإسلامية». وهناك من انتقد «المشتركة» لأنها أدارت معركة انتخابية بخيلة (حد أدنى من المصاريف المالية، مع أن النشاط الانتخابي ممول بسخاء من الحكومة)، وأيضاً معركة متأخرة (نشرت إعلاناتها فقط قبل 3 أسابيع). وقد تكون هذه كلها أسباب مؤثرة، لكن الأمر الأساسي يبقى سياسياً. فقد عكس هذا الفوز موقف المواطنين العرب من السياسة الإسرائيلية، فالعرب يريدون من قيادتهم أن تحاول بشكل جاد المشاركة في إدارة شؤون الدولة العبرية، حتى لو كان ذلك في إطار ائتلاف حكومي مع اليمين. وقد أعربوا عن هذا الموقف مرات عدة في استطلاعات الرأي العام، آخرها استطلاع معمق من «المنتدى الإسرائيلي للديمقراطية» في يناير (كانون الثاني) الماضي، حيث قال 76 في المائة إنهم يؤيدون هذا التوجه.
هذا الأمر لا تقبله «القائمة المشتركة»؛ فأحزابها الوطنية تخشى من أن يؤدي ذلك إلى انحلال سياسي في الشارع الوطني. ومع أن رئيسها أيمن عودة كان أول من عبر عن رغبة الجمهور في الشراكة وضرورة التجاوب معها، إلا إن شركاءه في قيادة «الجبهة» كبلوا يديه، فسارعت «الحركة الإسلامية» إلى ملء الفراغ. ولولا خطابها السياسي السلبي والتكفيري لكانت حظيت بأصوات أكثر.
والسؤال الآن: هل سينجح قائد القائمة الموحدة (الاسلامية) منصور عباس في مهمته؟ هل سيجد شركاء له في الحكومة؟ وهل سيتجاوب السياسيون اليهود معه أم سيحرقونه سياسياً؟



إردوغان يعلن عن «اتفاق تاريخي» بين إثيوبيا والصومال لإنهاء التوترات

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
TT

إردوغان يعلن عن «اتفاق تاريخي» بين إثيوبيا والصومال لإنهاء التوترات

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)

أعلن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أنّ الصومال وإثيوبيا توصلتا، أمس الأربعاء، في ختام مفاوضات جرت بوساطته في أنقرة إلى اتفاق "تاريخي" ينهي التوترات بين البلدين الجارين في القرن الأفريقي.

وخلال مؤتمر صحافي مشترك مع الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة، قال إردوغان إنّه يأمل أن يكون هذا "الاتفاق التاريخي الخطوة الأولى نحو بداية جديدة مبنية على السلام والتعاون" بين مقديشو وأديس أبابا.

وبحسب نص الاتفاق الذي نشرته تركيا، فقد اتّفق الطرفان على "التخلّي عن الخلافات في الرأي والقضايا الخلافية، والتقدّم بحزم في التعاون نحو رخاء مشترك". واتّفق البلدان أيضا، وفقا للنص، على العمل باتجاه إقرار ابرام اتفاقيات تجارية وثنائية من شأنها أن تضمن لإثيوبيا وصولا إلى البحر "موثوقا به وآمنا ومستداما (...) تحت السلطة السيادية لجمهورية الصومال الفدرالية". وتحقيقا لهذه الغاية، سيبدأ البلدان قبل نهاية فبراير (شباط) محادثات فنية تستغرق على الأكثر أربعة أشهر، بهدف حلّ الخلافات بينهما "من خلال الحوار، وإذا لزم الأمر بدعم من تركيا".

وتوجّه الرئيس الصومالي ورئيس الوزراء الإثيوبي إلى أنقرة الأربعاء لعقد جولة جديدة من المفاوضات نظمتها تركيا، بعد محاولتين أوليين لم تسفرا عن تقدم ملحوظ. وخلال المناقشات السابقة التي جرت في يونيو (حزيران) وأغسطس (آب) في أنقرة، أجرى وزير الخارجية التركي هاكان فيدان زيارات مكوكية بين نظيريه، من دون أن يتحدثا بشكل مباشر. وتوسّطت تركيا في هذه القضية بهدف حل الخلاف القائم بين إثيوبيا والصومال بطريقة تضمن لأديس أبابا وصولا إلى المياه الدولية عبر الصومال، لكن من دون المساس بسيادة مقديشو.

وأعرب إردوغان عن قناعته بأنّ الاتفاق الذي تم التوصل إليه الأربعاء، بعد ثماني ساعات من المفاوضات، سيضمن وصول إثيوبيا إلى البحر. وقال "أعتقد أنّه من خلال الاجتماع الذي عقدناه اليوم (...) سيقدّم أخي شيخ محمود الدعم اللازم للوصول إلى البحر" لإثيوبيا.

من جهته، قال رئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد، وفقا لترجمة فورية إلى اللغة التركية لكلامه "لقد قمنا بتسوية سوء التفاهم الذي حدث في العام الماضي... إثيوبيا تريد وصولا آمنا وموثوقا به إلى البحر. هذا الأمر سيفيد جيراننا بنفس القدر". وأضاف أنّ المفاوضات التي أجراها مع الرئيس الصومالي يمكن أن تسمح للبلدين "بأن يدخلا العام الجديد بروح من التعاون والصداقة والرغبة في العمل معا".

بدوره، قال الرئيس الصومالي، وفقا لترجمة فورية إلى اللغة التركية لكلامه إنّ اتفاق أنقرة "وضع حدا للخلاف" بين مقديشو وأديس أبابا، مشدّدا على أنّ بلاده "مستعدّة للعمل مع السلطات الإثيوبية والشعب الإثيوبي". وإثيوبيا هي أكبر دولة في العالم من حيث عدد السكان لا منفذ بحريا له وذلك منذ انفصلت عنها إريتريا في 1991.