حكومة دبيبة تعقد اجتماعها الأول... وأميركا تضغط على تركيا لسحب «المرتزقة»

واشنطن تعتزم فتح سفارتها في طرابلس وسط حديث عن إعادة تشغيل السفارة المصرية

حكومة دبيبة تواجه ضغوطاً غربية وأميركية لإجراء الانتخابات المقبلة في موعدها المحدد (أ.ف.ب)
حكومة دبيبة تواجه ضغوطاً غربية وأميركية لإجراء الانتخابات المقبلة في موعدها المحدد (أ.ف.ب)
TT

حكومة دبيبة تعقد اجتماعها الأول... وأميركا تضغط على تركيا لسحب «المرتزقة»

حكومة دبيبة تواجه ضغوطاً غربية وأميركية لإجراء الانتخابات المقبلة في موعدها المحدد (أ.ف.ب)
حكومة دبيبة تواجه ضغوطاً غربية وأميركية لإجراء الانتخابات المقبلة في موعدها المحدد (أ.ف.ب)

عقدت حكومة «الوحدة الوطنية» الليبية، برئاسة عبد الحميد دبيبة، أمس، أول اجتماع عادي لها داخل مقرها في العاصمة طرابلس، التي زارها أمس وفد مصري رفيع المستوى، تزامناً مع زيارة سيقوم بها محمد المنفي، رئيس المجلس الرئاسي إلى القاهرة في وقت لاحق بعد زيارته لفرنسا، وسط معلومات عن ضغوط أميركية، تروم حث تركيا على تسريع وتيرة سحب «المرتزقة» السوريين الموالين لها في ليبيا.
ولم تكشف حكومة دبيبة أي تفاصيل عن اجتماعها الأول، منذ أن تسلمت السلطة الأسبوع الماضي من حكومتين متناحرتين في شرق وغرب البلاد، ليكتمل بذلك انتقال سلس للسلطة بعد عشر سنوات من الفوضى العنيفة.
وقالت مصادر ليبية واسعة الاطلاع لـ«الشرق الأوسط» إن تركيا بصدد وضع برنامج زمني لسحب «المرتزقة»، الموالين لها في العاصمة طرابلس بشكل تدريجي، مشيرة إلى أن هذا التحرك على صلة بما وصفته بمطالب وضغوط أميركية.
ورحب المتحدث باسم الرئاسة التركية، إبراهيم قالن، ومستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان، في اتصال هاتفي بينهما مساء أول من أمس، «بتقدم العملية السياسية، وضمان الاستقرار في ليبيا».
في غضون ذلك، وقبل زيارة وشيكة للمنفي ونائبه موسى الكوني إلى القاهرة، بدأ أمس وفد مصري رفيع المستوى زيارة إلى طرابلس لبحث مستقبل التعاون مع حكومة دبيبة. وتحدثت مصادر مصرية عن احتمال إعادة فتح السفارة المصرية المغلقة هناك منذ عام 2014، بشكل جزئي، دون أن تقدم المزيد من التفاصيل.
في شأن آخر، أعلن ماريو دراجي، رئيس وزراء إيطاليا، أمس، أنه سيزور طرابلس الشهر المقبل، وذلك في أول زيارة خارجية له منذ توليه منصبه، مشدداً بحسب وسائل إعلام إيطالية على أن «موقف بلاده في ليبيا «يتمثل في دعم حكومة الوحدة الوطنية، وضمان إجراء انتخابات في ديسمبر (كانون الأول) القادم، واحترام وقف إطلاق النار».
ومن المقرر أن يصل اليوم وزير الخارجية الإيطالي إلى طرابلس مجدداً، رفقة نظيريه الألماني والفرنسي، في إطار مهمة أوروبية لإظهار الدعم للسلطات الجديدة هناك. من جهتها، قالت الناطقة باسم وزارة الخارجية الأميركية، جالينا بورتر، أمس، إن واشنطن «تعتزم فتح سفارتها في ليبيا بمجرد أن يسمح الوضع الأمني بذلك». مضيفة: «لقد جرى تعليق العمليات في السفارة منذ عام 2014، لكن لدينا سفير لدى ليبيا (ريتشارد نورلاند)، يعمل من سفارتنا في تونس، ويسافر إلى ليبيا بشكل دوري لحضور لقاءات هناك».
إلى ذلك، استبقت اللجنة القانونية، المنبثقة عن ملتقى الحوار السياسي الليبي، الذي ترعاه بعثة الأمم المتحدة، الإحاطة الأولى ليان كوبيش، رئيس البعثة لمجلس الأمن الدولي، حول الوضع في ليبيا، بالتساؤل عن عدم توجيه البعثة دعوة رسمية لعقد جلسة لحسم الجدل حول القاعدة الدستورية للانتخابات المقبلة، تجنباً لأي انسداد.
ودعا كوبيش المجتمع الدولي إلى تقديم الدعم للسلطة التنفيذية الجديدة في ليبيا لتحقيق تطلعات الليبيين، والقيام بمهامها، والتحضير للانتخابات المقبلة، مشيرا إلى أنه «يتعين على حكومة دبيبة ضمان تخصيص ميزانية كاملة لمفوضية الانتخابات». كما طالب السلطة التنفيذية المؤقتة بالتركيز على تنظيم الانتخابات التشريعية والرئاسية، وهدد بأنه في حال عجز مجلس النواب عن التوصل إلى أسس لهذه الانتخابات، فإن الملتقى السياسي في جنيف سيعمل على خطوات بديلة. وبعدما حذر من أن عناصر من تنظيم «داعش» والجماعات الإرهابية ما زالوا ناشطين في البلاد، اعتبر كوبيش أن إعادة فتح الطريق الساحلي «تظل خطوة حاسمة من أجل تنفيذ وقف إطلاق النار».
وعلى صعيد غير متصل، ناقش خالد المشري، رئيس المجلس الأعلى للدولة، في اجتماع عقده أمس في طرابلس قانون الميزانية العامة للحكومة، بالإضافة إلى الإجراءات الكفيلة بضمان إجراء الانتخابات في موعدها المحدد.
وبثت شعبة الإعلام الحربي، التابعة لـ«الجيش الوطني»، بقيادة المشير خليفة حفتر، لقطات مصورة لاستعدادات وتجهيزات «اللواء 106 مُجحفل» لإطلاق ما وصفته بأكبر مناورة عسكرية بالذخيرة الحية، وذلك في إطار جهود رفع كفاءة الأفراد، والوقوف على مدى الجاهزية الكاملة للأسلحة والمعدات القتالية لعناصر الجيش.



الجيش الإسرائيلي يعترض باليستياً حوثياً

حريق بالقرب من يافا ناجم عن صاروخ حوثي سبتمبر الماضي (د.ب.أ)
حريق بالقرب من يافا ناجم عن صاروخ حوثي سبتمبر الماضي (د.ب.أ)
TT

الجيش الإسرائيلي يعترض باليستياً حوثياً

حريق بالقرب من يافا ناجم عن صاروخ حوثي سبتمبر الماضي (د.ب.أ)
حريق بالقرب من يافا ناجم عن صاروخ حوثي سبتمبر الماضي (د.ب.أ)

أعلن الجيش الإسرائيلي، الأحد، اعتراضَ صاروخ أطلقته الجماعة الحوثية، بعد وقت من دوي صفارات الإنذار في عدد من المناطق وسط إسرائيل إثر رصد إطلاق الصاروخ من اليمن.

وقال يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الجماعة، في بيان له، إن الجماعة نفذت عملية استهداف لهدف حيوي في منطقة يافا بصاروخ فرط صوتي من نوع «فلسطين2».

وبينما زعم سريع أن الصاروخ أصاب هدفه بنجاح، أكد بيان الجيش الإسرائيلي اعتراض الصاروخ خارج المجال الجوي الإسرائيلي.

وتوعد سريع بمضاعفة الجماعة عملياتها العسكرية بالصواريخ والطائرات المسيرة، ضمن ما سماه «نصرة وإسناد المجاهدين في قطاع غزة والضفة الغربية»، وهدد بعدم توقف العمليات العسكرية الموجهة ضد إسرائيل حتى يتوقف العدوان على قطاع غزة ورفع الحصار عنه.

في سياق متصل، كشفت هيئة عمليات التجارة البحرية البريطانية عن تعرض سفينة تجارية لهجوم، قبالة سواحل مدينة عدن اليمنية.

وذكرت الهيئة، في بيان لها، أنها تلقت تقريراً عن حادث على بعد 80 ميلاً بحرياً جنوب مدينة عدن الواقعة على سواحل خليج عدن، دون إيضاح حول ما أصاب السفينة من أضرار أو خسائر بشرية أو مادية بسبب الهجوم.

وأكدت الهيئة أن «السلطات تقوم بالتحقيق حول الحادثة»، داعية السفن إلى المرور بحذر، والإبلاغ عن أي نشاط مشبوه.

تعهدات بالتصعيد

منذ اندلاع الحرب في غزة قبل أكثر من عام، شنت الجماعة المدعومة من إيران هجمات صاروخية وأخرى بطائرات مسيرة على إسرائيل، كما باشرت هجماتها في البحر باختطاف سفينة زعمت تبعيتها لجهات إسرائيلية، لتواصل بعدها تنفيذ هجمات بالطائرات والزوارق المسيرة والصواريخ البالستية مستهدفة السفن وحركة الملاحة في البحر، ضمن ما تقول إنه تضامن مع الفلسطينيين، وانتصار لمظلوميتهم.

وتأتي هاتان الحادثتان بعد أيام من تعهدات أطلقها زعيم الجماعة الحوثية عبد الملك الحوثي باستمرار دعم «حزب الله» اللبناني وقطاع غزة، واستمرار العمليات العسكرية «بالصواريخ والمسيّرات» ضد إسرائيل، وتهديده بتصعيد الهجمات، برغم وقف إطلاق النار بين الحزب اللبناني والجيش الإسرائيلي.

مجسم طائرة بدون طيار خلال مظاهرة مناهضة لإسرائيل نظمتها الجماعة الحوثية في صنعاء منذ شهرين (إ.ب.أ)

وساهمت الهجمات الحوثية على إسرائيل، وفي البحر الأحمر، بتصاعد التوترات الإقليمية في الشرق الأوسط، مثيرة المزيد من المخاوف من تأثيرات الهجمات العابرة للحدود على الاستقرار في المنطقة.

وتعدّ الهجمات الإسرائيلية على مواقع الجماعة الحوثية أحد الردود العسكرية على الجماعة الحوثية، ضمن تحركات دولية عديدة، أهمها تشكيل «تحالف الازدهار» بقيادة الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا، الذي أُعلن قبل نهاية العام الفائت بنحو أسبوعين.

ورد الجيش الإسرائيلي على هجمات الجماعة الحوثية بغارات جوية، مرتين؛ الأولى في يوليو (تموز) والثانية في سبتمبر (أيلول) الماضيين، استهدف خلالهما مواقع ومنشآت حيوية في مدينة الحديدة الخاضعة لسيطرة الجماعة الحوثية على الساحل الغربي لليمن.

وتسبب الهجومان الإسرائيليان بدمار في منشآت تابعة لميناء الحديدة واحتراق خزانات وقود وتدمير محطتين للكهرباء.

حريق ضخم في خزانات الوقود جوار ميناء الحديدة اليمني بعد ضربات إسرائيلية في يوليو الماضي (أ.ف.ب)

ورد الجيش الإسرائيلي في الهجوم الأول في يوليو على وصول طائرة مسيرة حوثية إلى تل أبيب، وتسببها بمقتل شخص وإصابة آخرين، أما الهجوم الثاني في سبتمبر فكان رداً على وصول صاروخ حوثي إلى مناطق وسط إسرائيل، وتسببه بحرائق في مناطق غير مأهولة حسب ما أعلنه الجيش الإسرائيلي نفسه.

مخاوف من التصعيد

تزامن الهجوم الصاروخي الحوثي في سبتمبر 2024، والرد عليه، مع بداية التصعيد بين الجيش الإسرائيلي و«حزب الله» اللبناني، واغتيال عدد كبير من قادة الحزب، بينهم أمينه العام حسن نصر الله، واستهداف مواقع ومنشآت تابعة له في الجنوب اللبناني.

وأثارت الهجمات المتبادلة بين الجماعة الحوثية وإسرائيل مخاوف من احتمال توسع المواجهات والتصعيد غير المحدود، ما يهدد بمزيد من تدهور الأوضاع المعيشية في اليمن.

ويتوقع خبراء وباحثون سياسيون واقتصاديون، استطلعت «الشرق الأوسط» آراءهم في وقت سابق، أن تسعى الجماعة الحوثية إلى الاستفادة من الضربات التي تعرض لها «حزب الله» اللبناني، لتحويل نفسها إلى أهم ذراع لما يُسمى «محور الممانعة» الذي تتزعمه إيران، ويمثل «حزب الله» رأس الحربة فيه.

مخاوف يمنية من نتائج كارثية على البلاد جراء التصعيد الحوثي مع إسرائيل (رويترز)

ويتهم اليمنيون الجماعة الحوثية باستخدام العدوان الإسرائيلي على غزة ذريعةً للتهرب من جهود السلام في البلاد، ومن مطالب تحسين الأوضاع المعيشية، ودفع رواتب الموظفين العموميين التي أوقفتها منذ ما يزيد عن 8 أعوام.

وقُوبلت الهجمات الإسرائيلية على مناطق سيطرة الجماعة الحوثية بتنديد إقليمي ودولي، خصوصاً وأنها استهدفت منشآت حيوية في البلد الذي يعاني من حرب طويلة أدخلتها في أزمة إنسانية معقدة، ولم يتبين أن تلك الهجمات أثرت على القدرات العسكرية للجماعة الحوثية.

ويعود آخر هجوم بحري حوثي، قبل هجوم الأحد، إلى 21 من نوفمبر (تشرين الثاني) 2024، واستهدف سفينة قبالة سواحل عدن اليمنية بـ12 قارباً صغيراً.

وأصدرت الجماعة الحوثية حينها بياناً حول استهداف سفينة تجارية أثناء مرورها في البحر الأحمر، بعدد من الصواريخ الباليستية والصواريخ البحرية.

أكثر من 200 سفينة يقول الحوثيون إنهم استهدفوها خلال عام (أ.ف.ب)

وخلال الشهر ذاته أعلنت هيئة عمليات التجارة البحرية البريطانية تعرض عدد من السفن التجارية لهجمات عسكرية بالصواريخ والقذائف والطيران المسيّر، قبالة سواحل الحديدة والمخا وعدن بالبحر الأحمر وباب المندب وخليج عدن، وذلك بعد أيام من إعلان الجماعة الحوثية مسؤوليتها عن استهداف 3 سفن تجارية في البحر الأحمر وبحر العرب، بالصواريخ والطائرات المسيّرة.

وفي إحصائية خاصة بها، تقول الجماعة إنها استهدفت خلال عام منذ أولى هجماتها أكثر من 200 سفينة.

ويواصل «تحالف الازدهار» توجيه ضرباته على مواقع تابعة للجماعة الحوثية التي تفيد المعلومات بأنها لجأت إلى إخفاء أسلحتها ومعداتها العسكرية في مخابئ جديدة في الجبال والكهوف.