الانتخابات الإسرائيلية: قتال على كل صوت حتى اللحظة الأخيرة

النتائج شبه الرسمية حتى الخميس على الأقل

مركز اقتراع إسرائيلي عبر السيارات خصص للمصابين بـ«كورونا» قرب القدس أمس (أ.ب)
مركز اقتراع إسرائيلي عبر السيارات خصص للمصابين بـ«كورونا» قرب القدس أمس (أ.ب)
TT

الانتخابات الإسرائيلية: قتال على كل صوت حتى اللحظة الأخيرة

مركز اقتراع إسرائيلي عبر السيارات خصص للمصابين بـ«كورونا» قرب القدس أمس (أ.ب)
مركز اقتراع إسرائيلي عبر السيارات خصص للمصابين بـ«كورونا» قرب القدس أمس (أ.ب)

انطلق الإسرائيليون، أمس الثلاثاء، إلى معركة الانتخابات الرابعة خلال سنتين، من خلال جهود كبيرة بذلها كل حزب على كل صوت حتى اللحظة الأخيرة، وذلك في ظل أجواء قلق من خطر ألا تحسم الانتخابات مرة أخرى، ويضطرون إلى انتخابات خامسة.
وقد استغرقت عملية التصويت 15 ساعة متواصلة. وعندما أغلقت صناديق الاقتراع في الساعة العاشرة ليلاً، كان واضحاً أن النتائج الفعلية تحتاج إلى يومين كاملين لفرز الأصوات.
وهذا يعني أن النتائج شبه الرسمية ستصدر مساء غد الخميس، على الأقل، فيما تنشر النتائج الرسمية يوم الأربعاء المقبل.
وإلى ذلك الحين، اعتمد المحللون والخبراء على نتائج استطلاع آراء لصناديق نموذجية وضعتها شركات خاصة تابعة لقنوات التلفزيون الثلاث: «11» و«12» و«13». فقد وضعت كل قناة 77 صندوق اقتراع بالقرب من صناديق اقتراع فعلية.

وطلب من جمهور المصوتين أن يصوتوا مرة أخرى في الصندوق النموذجي. وفي الساعة الثامنة، أي قبل ساعتين من إغلاق الصناديق الفعلية، بدأ فرز أصوات الصناديق النموذجية.
كانت نسبة التصويت منخفضة لدى الناخبين، بالمقارنة مع الانتخابات التي جرت السنة الماضية. ولوحظ الانخفاض بشكل خاص بين الناخبين العرب (فلسطينيي 48)، فقد ساد الإحباط بينهم، جراء انشقاق «القائمة المشتركة» إلى قائمتين؛ الأولى هي مجمل الأحزاب (الجبهة الديمقراطية للسلم والمساواة والحركة العربية للتغيير والتجمع الوطني ومعاً والحزب الديمقراطي العربي)، برئاسة أيمن عودة، والثانية، هي «القائمة العربية الموحدة» (الحركة الإسلامية الجنوبية)، برئاسة منصور عباس. وظل قادة الأحزاب ونشطاؤها يسعون لجلب الناخبين، وفي بعض الأحيان يطلقون نداءات الاستغاثة.
المعروف أن يوم الانتخابات يعد في إسرائيل يوم عطلة مدفوعة الأجر. وقد استغل الإسرائيليون، اليوم، للاستجمام والتنزه وشراء المشتريات، التي ارتفعت بنسبة 50 في المائة في المراكز التجارية، وامتلأت الحدائق العامة بالمتنزهين. في المقابل، بذل النشطاء السياسيون جهوداً مضاعفة لرفع نسبة أصوات أحزابهم، وبضمنها، التزوير.
وقد اعتقل عدد منهم وهم يحاولون التصويت باسم موتى أو مرضى أو مسافرين. وقدم حزب «ميرتس»، شكوى ضد حزب «شاس» لليهود الشرقيين المتدينين، لأنه وزع على المصوتين «الحجب» التي تحتوي على أبيات من التوراة، وهو الأمر الذي يمنعه القانون الإسرائيلي. وفي مدينة بيت شيمش، غرب القدس، ألقى إسرائيليون البيض باتجاه أفراد شرطة تواجدوا بالقرب من صناديق اقتراع.
وحسب لجنة الانتخابات المركزية، فقد تلقت شكاوى عديدة من أحزاب حول محاولات إفراغ الصناديق من أوراقها، فشكا حزبا «ميرتس» و«أمل جديد»، من فقدان أوراقهما في عدة صناديق في حيفا، سديروت، يافنيه، والرملة، وقالا إن حالات الاختفاء «منهجية وعلى صعيد قطري». وأوضحت اللجنة، أن محطتي اقتراع على الأقل، واحدة في حي وادي النسناس في حيفا والأخرى في بئر السبع، أبلغتا عن اختفاء بطاقات اقتراع «القائمة المشتركة» للأحزاب العربية.
وقال حزب «إسرائيل بيتنا» برئاسة أفيغدور ليبرمان، إنه تمت تغطية أوراق اقتراعه في محطتي اقتراع في أشكلون بأوراق اقتراع «شاس» و«الليكود».
وأشارت لجنة الانتخابات إلى أنها خططت لوضع مراقب مع كاميرا في كل مركز اقتراع، لكن على ضوء انتشار مراكز الاقتراع الواسع (حوالي 15 ألف مركز اقتراع) والاستجابة المنخفضة، فإنها تكتفي بوضع مراقبة زائدة في صناديق المناطق التي تعرف بأنها «حساسة».
وسيتم تزويدها هذه المرة باثنين من أمناء الاقتراع ومفتش واحد مع كاميرا، وفي حالات معينة سيقوم المفتشون مع كاميرا بالتجول بين مركزي اقتراع.
وفرضت إسرائيل طوقاً على الضفة الغربية وأغلقت المعابر مع قطاع غزة، وأقامت الشرطة حواجز على مداخل المدن، ضمن الاحتياطات الأمنية. وتم إخلاء صندوق اقتراع في مدرسة بتل أبيب، بعد اكتشاف وجود جسم مشبوه خارج المبنى، وبعد أن تم إيقاف التصويت في هذا الصندوق لساعتين، فتبين أنه حادث غير أمني.
وقال الرئيس الإسرائيلي، رؤوبين رفلين، بعد الإدلاء بصوته في صندوق اقتراع في القدس، إن فرض جولة انتخابات رابعة للكنيست، على المواطنين، تمس بثقة الجمهور بالديمقراطية.
وأضاف: «ورغم ما يكتنف حياتنا من مصاعب من جراء فرض انتخابات رابعة، إلا أن انتخابات الكنيست هي قدس أقداس ديمقراطيتنا الإسرائيلية.
وصحيح أن جولة انتخابات رابعة في غضون سنتين تمس بثقة الجمهور في العملية الديمقراطية، لكن التأثير هو بأيدي الجمهور فقط ولا توجد طريقة أخرى للنظام الديمقراطي».
وقد رد رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، على رفلين، لدى إدلائه بصوته سوية مع زوجته سارة. فقال «آمل أن تكون هذه الانتخابات الأخيرة».
أما زعيم المعارضة في إسرائيل يائير لبيد، فقد وصف الانتخابات العامة، أمس، بأنها «ساعة الحقيقة» بالنسبة لإسرائيل.
وقال السياسي الذي يبلغ من العمر 57 عاماً، «في النهاية لدينا خياران: حزب (ييش عتيد) (هناك مستقبل) ـ القوي، أو حكومة ضبابية وخطيرة وعنصرية، تأخذ الأموال ممن يكدون في العمل لتعطيها لمن لا يعملون».
وقال خلال الإدلاء بصوته، برفقة زوجته ليهي لبيد، إن الحكومة «لا تعمل من أجل أولئك الذين يحافظون على استمرارية هذا البلد ويدفعون الضرائب ويخدمون في الجيش».
وتشير استطلاعات الرأي إلى أن حزب لبيد سيأتي في المرتبة الثانية في الانتخابات الحالية، بعد حزب «ليكود» بزعامة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو.



الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
TT

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)

يتضاعف خطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، وانهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، بفعل الحرب الحوثية على الموارد الرئيسية للبلاد، وتوسيع دائرة الصراع إلى خارج الحدود، في حين تتزايد الدعوات إلى اللجوء للتنمية المستدامة، والبحث عن حلول من الداخل.

وبينما تتوالي التحذيرات من تعاظم احتياجات السكان إلى المساعدات الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، تواجه الحكومة اليمنية تحديات صعبة في إدارة الأمن الغذائي، وتوفير الخدمات للسكان في مناطق سيطرتها، خصوصاً بعد تراجع المساعدات الإغاثية الدولية والأممية خلال الأشهر الماضية، ما زاد من التعقيدات التي تعاني منها بفعل توقف عدد من الموارد التي كانت تعتمد عليها في سد الكثير من الفجوات الغذائية والخدمية.

ورجحت شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة حدوث ارتفاع في عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في اليمن في ظل استمرار التدهور الاقتصادي في البلاد، حيث لا تزال العائلات تعاني من التأثيرات طويلة الأجل للصراع المطول، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الكلية السيئة للغاية، بينما تستمر بيئة الأعمال في التآكل بسبب نقص العملة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وانخفاض قيمة العملة والتضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وبحسب توقعات الأمن الغذائي خلال الستة أشهر المقبلة، فإنه وبفعل الظروف الاقتصادية السيئة، وانخفاض فرص كسب الدخل المحدودة، ستواجه ملايين العائلات، فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء وحالة انعدام الأمن الغذائي الحاد واسعة النطاق على مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي) أو حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة) في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.

انهيار العملة المحلية أسهم مع تراجع المساعدات الإغاثية في تراجع الأمن الغذائي باليمن (البنك الدولي)

يشدد الأكاديمي محمد قحطان، أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، على ضرورة وجود إرادة سياسية حازمة لمواجهة أسباب الانهيار الاقتصادي وتهاوي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، منوهاً إلى أن عائدات صادرات النفط والغاز كانت تغطي 70 في المائة من الإنفاق العام في الموازنة العامة، وهو ما يؤكد أهميتها في تشغيل مؤسسات الدولة.

ويضيف قحطان في حديث خص به «الشرق الأوسط» أن وقف هذه الصادرات يضع الحكومة في حالة عجز عن الوفاء بالتزاماتها، بالتضافر مع أسباب أخرى منها الفساد والتسيب الوظيفي في أهم المؤسسات الحكومية، وعدم وصول إيرادات مؤسسات الدولة إلى البنك المركزي، والمضاربة بالعملات الأجنبية وتسريبها إلى الخارج، واستيراد مشتقات الوقود بدلاً من تكرير النفط داخلياً.

أدوات الإصلاح

طبقاً لخبراء اقتصاديين، تنذر الإخفاقات في إدارة الموارد السيادية ورفد خزينة الدولة بها، والفشل في إدارة أسعار صرف العملات الأجنبية، بآثار كارثية على سعر العملة المحلية، والتوجه إلى تمويل النفقات الحكومية من مصادر تضخمية مثل الإصدار النقدي.

توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

ويلفت الأكاديمي قحطان إلى أن استيراد مشتقات الوقود من الخارج لتغطية حاجة السوق اليمنية من دون مادة الأسفلت يكلف الدولة أكثر من 3.5 مليار دولار في السنة، بينما في حالة تكرير النفط المنتج محلياً سيتم توفير هذا المبلغ لدعم ميزان المدفوعات، وتوفير احتياجات البلاد من الأسفلت لتعبيد الطرقات عوض استيرادها، وأيضاً تحصيل إيرادات مقابل بيع الوقود داخلياً.

وسيتبع ذلك إمكانية إدارة البنك المركزي لتلك المبالغ لدعم العرض النقدي من العملات الأجنبية، ومواجهة الطلب بأريحية تامة دون ضغوط للطلب عليها، ولن يكون بحاجة إلى بيع دولارات لتغطية الرواتب، كما يحدث حالياً، وسيتمكن من سحب فائض السيولة النقدية، ما سيعيد للاقتصاد توازنه، وتتعافى العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وهو ما سيسهم في استعادة جزء من القدرة الشرائية المفقودة للسكان.

ودعا الحكومة إلى خفض نفقاتها الداخلية والخارجية ومواجهة الفساد في الأوعية الإيرادية لإحداث تحول سريع من حالة الركود التضخمي إلى حالة الانتعاش الاقتصادي، ومواجهة البيئة الطاردة للاستثمارات ورجال الأعمال اليمنيين، مع الأهمية القصوى لعودة كل منتسبي الدولة للاستقرار داخل البلاد، وأداء مهاهم من مواقعهم.

الحكومة اليمنية تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لوقف حصار تصدير النفط (سبأ)

ويؤكد مصدر حكومي يمني لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة باتت تدرك الأخطاء التي تراكمت خلال السنوات الماضية، مثل تسرب الكثير من أموال المساعدات الدولية والودائع السعودية في البنك المركزي إلى قنوات لإنتاج حلول مؤقتة، بدلاً من استثمارها في مشاريع للتنمية المستدامة، إلا أن معالجة تلك الأخطاء لم تعد سهلة حالياً.

الحل بالتنمية المستدامة

وفقاً للمصدر الذي فضل التحفظ على بياناته، لعدم امتلاكه صلاحية الحديث لوسائل الإعلام، فإن النقاشات الحكومية الحالية تبحث في كيفية الحصول على مساعدات خارجية جديدة لتحقيق تنمية مستدامة، بالشراكة وتحت إشراف الجهات الممولة، لضمان نجاح تلك المشروعات.

إلا أنه اعترف بصعوبة حدوث ذلك، وهو ما يدفع الحكومة إلى المطالبة بإلحاح للضغط من أجل تمكينها من الموارد الرئيسية، ومنها تصدير النفط.

واعترف المصدر أيضاً بصعوبة موافقة المجتمع الدولي على الضغط على الجماعة الحوثية لوقف حصارها المفروض على تصدير النفط، نظراً لتعنتها وشروطها صعبة التنفيذ من جهة، وإمكانية تصعيدها العسكري لفرض تلك الشروط في وقت يتوقع فيه حدوث تقدم في مشاورات السلام، من جهة ثانية.

تحذيرات من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد (أ.ف.ب)

وقدمت الحكومة اليمنية، أواخر الشهر الماضي، رؤية شاملة إلى البنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات القائمة لتتوافق مع الاحتياجات الراهنة، مطالبةً في الوقت ذاته بزيادة المخصصات المالية المخصصة للبلاد في الدورة الجديدة.

وكان البنك الدولي توقع في تقرير له هذا الشهر، انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة واحد في المائة هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة 2 في المائة العام الماضي، بما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج الحقيقي.

ويعاني أكثر من 60 في المائة من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي، وفقاً للبنك الدولي، بسبب استمرار الحصار الذي فرضته الجماعة الحوثية على صادرات النفط، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة بنسبة 42 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وترتب على ذلك عجزها عن تقديم الخدمات الأساسية للسكان.

وأبدى البنك قلقه من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد، وتفاقم الأزمات الاجتماعية والإنسانية.