سعر قياسي للوحة لبانكسي في مزاد دعماً للطواقم الصحية البريطانية

واحدة من أعضاء الفريق الطبي بمستشفى جامعة ساوثهامبتون تقف مع عمل فني لفنان الشارع بانكسي (أ.ف.ب)
واحدة من أعضاء الفريق الطبي بمستشفى جامعة ساوثهامبتون تقف مع عمل فني لفنان الشارع بانكسي (أ.ف.ب)
TT

سعر قياسي للوحة لبانكسي في مزاد دعماً للطواقم الصحية البريطانية

واحدة من أعضاء الفريق الطبي بمستشفى جامعة ساوثهامبتون تقف مع عمل فني لفنان الشارع بانكسي (أ.ف.ب)
واحدة من أعضاء الفريق الطبي بمستشفى جامعة ساوثهامبتون تقف مع عمل فني لفنان الشارع بانكسي (أ.ف.ب)

بيعت لوحة لفنان الشارع الأشهر بانكسي تكرّم أفراد الطواقم العلاجية، خلال مزاد، اليوم (الثلاثاء)، في لندن مقابل 16.75 مليون جنيه إسترليني (23 مليون دولار)، وهو مبلغ قياسي لأعمال الفنان سيعود ريعه للهيئة الصحية البريطانية.
وكانت القيمة التقديرية للوحة المبيعة في مزاد نظمته «دار كريستيز»، تتراوح بين 2.5 مليون جنيه إسترليني و3.5 مليون (3.45 مليون دولار و4.83 مليون)، بحسب ما نقلته وكالة الصحافة الفرنسية. وتحمل اللوحة المرسومة بالأبيض والأسود عنوان «غايم تشاينجر (تغيير المعادلة)»، وهي تمثل فتىً صغيراً يلعب بدمية على شكل ممرضة تضع كمامة بعدما رمى في القمامة مجسمات «باتمان» و«سوبرمان».
وإثر جلسة مزايدات محتدمة، أشاد مفوض المزاد بما حققته اللوحة، متحدثاً عن «نجاح استثنائي» و«لحظة تاريخية». وقال: «شكراً جزيلاً بطبيعة الحال إلى بانكسي لهذه البادرة المذهلة»، مذكّراً بأن «أكثرية الإيرادات ستصب من أجل رخاء الطواقم والمرضى في مستشفى ساوثهامبتون».
وقد بيع العمل في ذكرى مرور عام على بدء سريان تدابير الإغلاق الأولى (من أصل 3 حتى اليوم) لمواجهة الجائحة. وتخطى العمل تالياً الرقم القياسي السابق لأغلى أعمال بانكسي في المزادات، والذي سُجل في 2019 للوحة بعنوان: «برلمان القرود» تظهر قردة شمبانزي تحتل مقاعد البرلمان. وهي بيعت حينها مقابل 9.9 مليون جنيه إسترليني (13.6 مليون دولار).
وكان بانكسي وهب لوحة «غايم تشاينجر» أساساً إلى «مستشفى ساوثهامبتون» في جنوب إنجلترا في مايو (أيار) 2020 خلال الموجة الأولى من جائحة «كوفيد19»، وستبقى نسخة من العمل في المستشفى بعد بيعه في المزاد الثلاثاء. وقد بيعت اللوحة في إطار مزاد أوسع خصصته «دار كريستيز» العريقة لفناني القرن العشرين، يشمل أيضاً رسم بورتريه ذاتياً للرسام الأميركي جان ميشال باسكيا، ولوحات للرسامين الفرنسيين بيار سولاج وجان دوبوفيه.
وتعيش أوساط الفن المعاصر في العالم خلال السنوات الأخيرة على وقع مبادرات الفنان الغامض المتحدر من مدينة بريستول البريطانية، خصوصاً للموضوعات الجدلية التي يثيرها في أعماله (المهاجرون، ومعارضة «بريكست»، والتنديد بالتطرف الإسلامي). كما تثير أعماله حماسة كبيرة لدى هواة الجمع خلال المزادات الفنية.
وكان بانكسي أثار ضجة كبيرة حول العالم من خلال التدمير الذاتي الجزئي لعمل من توقيعه، إثر بيعه في مزاد نظمته «دار سوذبيز» في لندن في أكتوبر (تشرين الأول) مقابل أكثر من مليون دولار.
وتقول «دار كريستيز» إن لوحة «غايم تشاينجر» تشكل «تحية شخصية إلى الذين يواصلون عكس مسار الجائحة». وأوضحت كاثارين آرنولد، المكلفة قسم «الفن المعاصر في أوروبا» لدى «دار كريستيز»، أن هذه اللوحة لبانكسي «تمثل بارقة أمل لطواقم ومرضى (مستشفى ساوثهامبتون)، وقد أراد الفنان بيعها في مزاد لحساب هيئة الصحة البريطانية». وأشارت آرنولد إلى أن العمل «يوجه تحية للقوة والصمود» لدى موظفي الهيئة.
وقد واجهت الهيئة الصحية العامة في بريطانيا سلسلة اقتطاعات في ميزانيتها خلال العقد الماضي، قبل أن تجد نفسها في عين العاصفة خلال أزمة وباء «كوفيد19» الذي أودى بحياة أكثر من 126 ألف شخص في المملكة المتحدة، في حصيلة هي الأسوأ أوروبياً. ومع تركه العمل للطواقم العلاجية في مايو (أيار) الماضي، ترك الفنان رسالة كتب فيها: «شكراً على كل جهودكم. آمل أن يضفي ذلك بعض البهجة على المكان، حتى لو أنها لوحة بالأسود والأبيض».



بطلة «سنو وايت»: الفيلم يُنصف قِصار القامة ويواجه التنمر

مريم شريف في لقطة من فيلم «سنو وايت» (الشركة المنتجة)
مريم شريف في لقطة من فيلم «سنو وايت» (الشركة المنتجة)
TT

بطلة «سنو وايت»: الفيلم يُنصف قِصار القامة ويواجه التنمر

مريم شريف في لقطة من فيلم «سنو وايت» (الشركة المنتجة)
مريم شريف في لقطة من فيلم «سنو وايت» (الشركة المنتجة)

رغم وقوفها أمام عدسات السينما ممثلة للمرة الأولى، فإن المصرية مريم شريف تفوقت على ممثلات محترفات شاركن في مسابقة الأفلام الطويلة بالدورة الرابعة لـ«مهرجان البحر الأحمر السينمائي» التي تَنافس على جوائزها 16 فيلماً، وترأس لجنة تحكيمها المخرج العالمي سبايك لي، لتحوز جائزة «اليسر» لأفضل ممثلة عن أدائها لشخصية «إيمان»، الشابة التي تواجه التّنمر بسبب قِصرِ قامتها في فيلم «سنو وايت»، وذلك خلال حفل ختام المهرجان الذي أقيم الخميس في مدينة جدة السعودية.

وعبّرت مريم عن سعادتها بهذا الفوز قائلة لـ«الشرق الأوسط»: «الحمد لله، هذه فرحة كبيرة تكلّل جهودنا طوال فترتي التحضير والتصوير، لكنني أحتاج وقتاً لأستوعب ذلك، وأشكر أستاذة تغريد التي أخضعتني لورشِ تمثيلٍ عدة؛ فكُنا نجلس معاً لساعات طوال لتُذاكر معي الدّور وتوضح لي أبعاد الشخصية، لذا أشكرها كثيراً، وأشكر المنتج محمد عجمي، فكلاهما دعماني ومنحاني القوة والثقة لأكون بطلة الفيلم، كما أشكر مهرجان (البحر الأحمر السينمائي) على هذا التقدير».

المخرجة تغريد أبو الحسن بين منتج الفيلم محمد عجمي والمنتج محمد حفظي (إدارة المهرجان)

سعادة مريم تضاعفت بما قاله لها المخرج سبايك لي: «لقد أذهلني وأبهجني برأيه حين قال لي، إن الفيلم أَثّر فيه كثيراً بجانب أعضاء لجنة التحكيم، وإنني جعلته يضحك في مشاهد ويبكي في أُخرى، وقلت له إنه شرفٌ عظيم لي أن الفيلم حاز إعجابك وجعلني أعيش هذه اللحظة الاستثنائية مع أهم حدث في حياتي».

وأضافت مريم شريف في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أنها لم تُفكّر في التمثيل قبل ذلك لأن السينما اعتادت السخرية من قِصار القامة، وهو ما ترفضه، معبّرة عن سعادتها لتحقيق العمل ردود أفعال إيجابية للغاية، وهو ما كانت تتطلّع إليه، ومخرجته، لتغيير أسلوب تعامل الناس مع قِصار القامة لرؤية الجمال في الاختلاف، وفق قولها: «نحن جميعاً نستحق المساواة والاحترام، بعيداً عن التّهكم والسخرية».

وكان قد شهد عرض الفيلم في المهرجان حضوراً لافتاً من نجوم مصريين وعرب جاءوا لدعم بطلته من بينهم، كريم فهمي الذي يشارك بصفة ضيف شرف في الفيلم، وبشرى التي أشادت بالعمل، وكذلك أمير المصري ونور النبوي والمنتج محمد حفظي.

قُبلة على يد بطلة الفيلم مريم شريف من الفنان كريم فهمي (إدارة المهرجان)

واختارت المخرجة أن تطرح عبر فيلمها الطويل الأول، أزمة ذوي القامة القصيرة الذين يواجهون مشاكل كبيرة، أقلّها تعرضهم للتنمر والسخرية، وهو ما تصدّت له وبطلتها عبر أحداث الفيلم الذي يروي قصة «إيمان» قصيرة القامة التي تعمل موظفة في أرشيف إحدى المصالح الحكومية، وتحلم مثل كل البنات بلقاءِ فارس أحلامها وتتعلق بأغنية المطربة وردة الجزائرية «في يوم وليلة» وترقص عليها.

وجمع الفيلم بين بطلته مريم شريف وبعض الفنانين، ومن بينهم، كريم فهمي، ومحمد ممدوح، ومحمد جمعة، وخالد سرحان، وصفوة، وكان الفيلم قد فاز بوصفه مشروعاً سينمائياً بجائزة الأمم المتحدة للسكان، وجائزة الجمعية الدولية للمواهب الصاعدة في «مهرجان القاهرة السينمائي».

وعلى الرغم من أن مريم لم تواجه الكاميرا من قبل، بيد أنها بدت طبيعية للغاية في أدائها وكشفت عن موهبتها وتقول المخرجة: «كنت مهتمة أن تكون البطلة غير ممثلة ومن ذوات القامة القصيرة لأحقق المصداقية التي أردتها، وحين التقيت مريم كانت هي من أبحث عنها، وكان ينقصنا أن نقوم بعمل ورش تمثيل لها، خصوصاً أن شخصية مريم مختلفة تماماً عن البطلة، فأجرينا تدريبات مطوّلة قبل التصوير على الأداء ولغة الجسد والحوار، ووجدت أن مريم تتمتع بذكاء لافت وفاجأتني بموهبتها».

لم يكن التمثيل يراود مريم التي درست الصيدلة في الجامعة الألمانية، وتعمل في مجال تسويق الأدوية وفق تأكيدها: «لم يكن التمثيل من بين أحلامي لأن قِصار القامة يتعرضون للسخرية في الأفلام، لكن حين قابلت المخرجة ووجدت أن الفيلم لا يتضمّن أي سخرية وأنه سيُسهم في تغيير نظرة كثيرين لنا تحمست، فهذه تجربة مختلفة ومبهرة». وفق تعبيرها.

ترفض مريم لقب «أقزام»، وترى أن كونهم من قصار القامة لا يحدّ من قدرتهم ومواهبهم، قائلة إن «أي إنسان لديه مشاعر لا بد أن يتقبلنا بدلاً من أن ننزوي على أنفسنا ونبقى محبوسين بين جدران بيوتنا خوفاً من التنمر والسخرية».

تغريد أبو الحسن، مخرجة ومؤلفة الفيلم، درست السينما في الجامعة الأميركية بمصر، وسافرت إلى الولايات المتحدة للدراسة في «نيويورك أكاديمي» قبل أن تُخرج فيلمين قصيرين، وتعمل بصفتها مساعدة للمخرج مروان حامد لسنوات عدّة.

المخرجة تغريد أبو الحسن وبطلة الفيلم مريم شريف (إدارة المهرجان)

وكشفت تغريد عن أن فكرة الفيلم تراودها منذ 10 سنوات: «كانت مربية صديقتي من قِصار القامة، اقتربتُ منها كثيراً وهي من ألهمتني الفكرة، ولم أتخيّل أن يظهر هذا الفيلم للنور لأن القصة لم يتحمس لها كثير من المنتجين، حتى شاركنا الحلم المنتج محمد عجمي وتحمس له».

العلاقة التي جمعت بين المخرجة وبطلتها كانت أحد أسباب تميّز الفيلم، فقد تحولتا إلى صديقتين، وتكشف تغريد: «اقتربنا من بعضنا بشكل كبير، وحرِصتُ على أن تحضر مريم معي ومع مدير التصوير أحمد زيتون خلال معاينات مواقع التصوير حتى تتعايش مع الحالة، وأخبرتها قبل التصوير بأن أي مشهد لا ترغب به سأحذفه من الفيلم حتى لو صوّرناه».

مريم شريف في لقطة من فيلم «سنو وايت» (الشركة المنتجة)

وتلفت تغريد إلى مشروعٍ سينمائيّ يجمعهما مرة أخرى، في حين تُبدي مريم سعادتها بهذا الالتفاف والترحيب من نجوم الفن الذين شاركوها الفيلم، ومن بينهم: كريم فهمي الذي عاملها برفق ومحبة، ومحمد ممدوح الذي حمل باقة ورد لها عند التصوير، كما كان كل فريق العمل يعاملها بمودة ولطف.