الحريري يأسف «للمغالطات التي تضمنها بيان الرئاسة» اللبنانية

رئيس الحكومة اللبنانية المكلف سعد الحريري (إ.ب.أ)
رئيس الحكومة اللبنانية المكلف سعد الحريري (إ.ب.أ)
TT

الحريري يأسف «للمغالطات التي تضمنها بيان الرئاسة» اللبنانية

رئيس الحكومة اللبنانية المكلف سعد الحريري (إ.ب.أ)
رئيس الحكومة اللبنانية المكلف سعد الحريري (إ.ب.أ)

أعرب المكتب الإعلامي لرئيس الحكومة اللبنانية المكلف سعد الحريري، في بيان مساء اليوم (الاثنين)، عن أسفه للمغالطات التي تضمنها بيان رئاسة الجمهورية.
وقال بيان المكتب الإعلامي للحريري: «يأسف المكتب الإعلامي للحريري للمغالطات التي تضمنها بيان رئاسة الجمهورية»، بحسب ما نقلته وكالة الأنباء الألمانية. وأضاف أن «الأمر المستغرب وغير المقبول أن تعمد المديرية العامة لرئاسة الجمهورية إلى توزيع جدول لا يمت بصلة إلى ما أرسله الرئيس ميشال عون للحريري أمس، زاعمة أنه الجدول المرسل».
وأكد المكتب الإعلامي للحريري أنه «منذ تكليف الحريري وبدء اجتماعاته مع رئيس الجمهورية ميشال عون كان رئيس الجمهورية يصر في كل اجتماع على التمسك بحصوله على الثلث المعطل، وهذا الأمر لم يتغير من البداية وحتى اليوم، وهو ما بات معروفاً لدى كل اللبنانيين».
ونشر المكتب الأوراق التي وصلت بالأمس من رئيس الجمهورية إلى الحريري، وتظهر عدد الوزراء الذي سيحصل الرئيس عون عليه، ويتمثل بـ7 وزراء إذا كانت الحكومة من 20 وزيراً.
وكانت المديرية العامة لرئاسة الجمهورية قد أعلنت، في بيان عصر اليوم، أن الورقة المنهجية التي أرسلها عون إلى الحريري تنص فقط على منهجية تشكيل الحكومة، وهي ورقة اعتمدت في تشكيل حكومات سابقة. ووزعت المديرية العامة لرئاسة الجمهورية نسخة من الورقة المنهجية التي أرسلها عون إلى الحريري، وهي مؤلفة من 20 وزيراً ولا تتضمن سوى أسماء الوزارات وتوزيعها على الطوائف.
وقالت المديرية العامة، في بيان تلاه المستشار السياسي والإعلامي لرئيس الجمهورية أنطوان قسطنطين، إن رئيس الجمهورية «انطلاقاً من صلاحياته ومن حرصه على تسهيل وتسريع عملية التشكيل، لا سيما في ضوء الظروف القاسية التي تعيشها البلاد والعباد، أرسل إلى رئيس الحكومة المكلف ورقة تنص فقط على منهجية تشكيل الحكومة». وأشار البيان إلى أن «الورقة المنهجية يعرفها الرئيس الحريري جيداً، وهو سبق أن شكّل حكومتين على أساسها في عهد الرئيس عون».
وأكد أن الورقة «لا أسماء فيها لكي يكون فيها ثلث معطل، هي فقط آلية للتشكيل من باب التعاون الذي يجب أن يسبق كل اتفاق عملاً بأحكام المادة 53 البند 4 من الدستور». وأضاف: «فوجئت رئاسة الجمهورية بكلام وأسلوب رئيس الحكومة المكلف، شكلاً ومضموناً».
ولفت إلى أن منهجية تشكيل الحكومة «تتضمن أربعة أعمدة، يؤدي اتباعها إلى تشكيل حكومة بالاتفاق بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف»، موضحاً أن «العمود الأول مخصص للوزارات على أساس 18 أو 19 أو 20 وزيراً، والعمود الثاني مخصص لتوزيع الوزارات على المذاهب عملاً بنص المادة 95 من الدستور».
ولفت البيان إلى أن «العمود الثالث مخصص لمرجعية تسمية الوزير، بعد أن أفصح رئيس الحكومة المكلف أن ثمة مَن سمى وزراءه، على ما تظهره أصلاً التشكيلة التي أبرزها رئيس الحكومة المكلف. والعمود الرابع مخصص للأسماء بعد إتمام الاتفاق على المذهب ومرجعية التسمية».
وأوضح البيان أن أسلوب الرئيس الحريري اختلف هذه المرة، «إذ كان يكتفي بكل زيارة إلى القصر الجمهوري بتقديم تشكيلة حكومية في غالب الأحيان ناقصة، وفي كل الأحيان لا تظهر فيها مرجعية التسمية». وأضاف أن «رئيس الجمهورية حريص على تشكيل حكومة وفقاً للدستور، وكل كلام ورد على لسان رئيس الحكومة المكلف وقبله رؤساء الحكومات السابقين حول أن رئيس الجمهورية لا يشكل بل يصدر، هو كلام مخالف للميثاق والدستور وغير مقبول، ذلك أن توقيعه لإصدار مرسوم التأليف هو إنشائي وليس إعلانياً، وإلا انتفى الاتفاق وزالت التشاركية التي هي في صلب نظامنا الدستوري وميثاقنا».
وأشار البيان إلى أن الثلث المعطل «لم يرد يوماً على لسان الرئيس». وذكر البيان أن «الأزمة حكومية فلا يجوز تحويلها إلى أزمة حكم ونظام إلا إذا كانت هناك نية مسبقة بعدم تشكيل حكومة لأسباب غير معروفة ولن نتكهن بشأنها».
وكان رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري قد أعلن بعد لقائه الثامن عشر مع رئيس الجمهورية ميشال عون منذ تكليفه، رفضه تشكيلة أرسلها إليه عون أمس، تتضمن ثلثاً معطلاً، وطلب من الحريري اقتراح أسماء للحقائب فيها.
وقال الحريري، في مؤتمر صحافي بعد ظهر اليوم (الاثنين): «في اجتماعي الأخير مع الرئيس، اتفقنا على أن نلتقي مجدداً اليوم، لكن مع الأسف، أرسل لي بالأمس تشكيلة كاملة من عنده، فيها توزيع للحقائب على الطوائف والأحزاب، مع رسالة يقول لي فيها إنه من المستحسن أن أقوم بتعبئتها. وتتضمن الورقة ثلثاً معطلاً لفريقه السياسي، بـ18 وزيراً أو 20 أو 22 وزيراً. وطلب مني أن أقترح أسماء للحقائب، حسب التوزيعة الطائفية والحزبية التي حضرها هو».
وأضاف: «أجبت رئيس الجمهورية بأنها غير مقبولة، لأن الرئيس المكلف (مش شغلته يعبي أوراق من حدا)، ولا مهمة رئيس الجمهورية أن يشكل حكومة. ولأن دستورنا يقول بوضوح إن الرئيس المكلف يشكل الحكومة ويضع الأسماء، ويتناقش بتشكيلته مع الرئيس».
وتابع الحريري قائلاً: «على هذا الأساس أبلغته أنني سأعتبر أن هذه الرسالة كأنها لم تكن وأرجعتها له وأبلغته أنني سأحتفظ بنسخة منها للتاريخ».
وأعلن أن تشكيلته الحكومية بين يدي رئيس الجمهورية منذ مائة يوم، «وأنا جاهز الآن لأي اقتراحات وتعديلات بالأسماء والحقائب وحتى إن إصرار رئيس الجمهورية على وزارة الداخلية سهّل له الحل، ولكن مع الأسف الجواب الواضح كان الثلث المعطل».
ووزع الحريري على الصحافيين التشكيلة الكاملة بالأسماء والحقائب التي قدمها لعون في بعبدا في 9 ديسمبر من العام الماضي، رداً على ما قاله عون في وقت سابق من أن الحريري لم يقدم له إلا خطوطاً عريضة في التشكيلة الحكومية.
وتم تكليف الحريري، في 22 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، بتشكيل حكومة جديدة تخلف حكومة حسان دياب الذي قدم استقالة حكومته في 10 أغسطس (آب) الماضي، على خلفية انفجار 4 أغسطس الماضي الذي هزّ مرفأ بيروت.
وقدّم الحريري لعون في التاسع من ديسمبر الماضي تشكيلة حكومية من 18 وزيراً لم يرضَ بها عون. وفي المقابل قدّم الأخير للرئيس المكلف طرحاً متكاملاً حول التشكيلة الحكومية المقترحة.
وتعثر حتى الآن تشكيل حكومة جديدة يريدها الحريري من الاختصاصيين ومن 18 وزيراً، بعد 18 زيارة قام بها الحريري لرئيس الجمهورية. ويذكر أن تشكيل الحكومة يجري بالتوافق بين رئيس مجلس الوزراء ورئيس الجمهورية، بحسب الدستور اللبناني.



أحياء منكوبة بلا مياه وكهرباء بسبب القصف الإسرائيلي في مدينة صور الساحلية

جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
TT

أحياء منكوبة بلا مياه وكهرباء بسبب القصف الإسرائيلي في مدينة صور الساحلية

جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)

قرب ركام مبنى ما زال الدخان يتصاعد منه في مدينة صور، تحمل عائلة حقائب وتصعد على سلم مظلم إلى شقة خُلعت أبوابها ونوافذها، ولا يوجد فيها ماء ولا كهرباء، بعد أن استهدف القصف الإسرائيلي البنى التحتية والطرق، إضافة إلى الأبنية والمنازل.

في اليوم الثاني من سريان وقف إطلاق النار بين «حزب الله» وإسرائيل، كانت مئات العائلات صباح الخميس تتفقّد منازلها في أحياء استهدفتها الغارات الإسرائيلية، وحوّلتها إلى منطقة منكوبة.

لم تسلم سوى غرفة الجلوس في شقة عائلة نجدة. تقول ربّة المنزل دنيا نجدة (33 عاماً)، وهي أم لطفلين، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، بينما تقف على شرفتها المطلة على دمار واسع: «لم نتوقّع دماراً إلى هذا الحدّ. رأينا الصور لكن وجدنا الواقع مغايراً وصعباً».

وغطّى الزجاج أسرّة أطفالها وألعابهم، في حين تناثرت قطع من إطارات النوافذ الحديدية في كل مكان. وتضيف دنيا نجدة: «عندما وصلنا، وجدنا الدخان يتصاعد من المكان، وبالكاد استطعنا معاينة المنزل».

على الشرفة ذاتها، يقف والد زوجها سليمان نجدة (60 عاماً)، ويقول: «نشكو من انقطاع المياه والكهرباء... حتى المولدات الخاصة لا تعمل بعد انقطاع خطوط الشبكات».

ويقول الرجل، الذي يملك استراحة على شاطئ صور، الوجهة السياحية التي تجذب السكان والأجانب: «صور ولبنان لا يستحقان ما حصل... لكن الله سيعوضنا، وستعود المدينة أفضل مما كانت عليه».

وتعرّضت صور خلال الشهرين الماضيين لضربات عدّة؛ دمّرت أو ألحقت أضراراً بمئات الوحدات السكنية والبنى التحتية، وقطعت أوصال المدينة.

وأنذرت إسرائيل، خلال الأسابيع القليلة الماضية، مراراً سكان أحياء بأكملها بإخلائها، ما أثار الرعب وجعل المدينة تفرغ من قاطنيها، الذين كان عددهم يتجاوز 120 ألفاً.

لن يحصل بنقرة

خلال جولة في المدينة؛ حيث تعمل آليات على رفع الردم من الطرق الرئيسة، يحصي رئيس بلدية صور واتحاد بلدياتها، حسن دبوق لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «أكثر من 50 مبنى، مؤلفة من 3 إلى 12 طابقاً دُمّرت كلياً جراء الغارات الإسرائيلية»، غير تضرّر عشرات الأبنية في محيطها، بنسبة تصل إلى 60 في المائة. ويضيف: «يمكن القول إنه يكاد لم يبقَ أي منزل بمنأى عن الضرر».

وشهدت شوارع المدينة زحمة سير مع عودة المئات من السكان إلى أحيائهم، في حين أبقت المؤسسات والمحال التجارية والمطاعم أبوابها موصدة.

ويوضح دبوق: «يتفقّد السكان منازلهم خلال النهار، ثم يغادرون ليلاً بسبب انقطاع الماء عن أنحاء المدينة والكهرباء عن الأحياء التي تعرّضت لضربات إسرائيلية قاسية».

ويقول إن الأولوية اليوم «للإسراع في إعادة الخدمات إلى المدينة، وتأمين سُبل الحياة للمواطنين»، مقرّاً بأن ذلك «لن يحصل بنقرة، ويحتاج إلى تعاون» بين المؤسسات المعنية.

ويضيف: «من المهم أيضاً إزالة الردم لفتح الشوارع حتى يتمكّن الناس من العودة».

واستهدفت غارة إسرائيلية في 18 نوفمبر (تشرين الثاني) شركة مياه صور، ما أسفر عن تدميرها، ومقتل موظفيْن، وانقطاع المياه عن 30 ألف مشترك في المدينة ومحيطها، وفق ما قال رئيس مصلحة مياه صور وليد بركات.

ودمّرت الغارة مضخّات المياه وشبكة الأنابيب المتفرّعة منها، وفق ما شاهد مراسلو «وكالة الصحافة الفرنسية»، الخميس، في إطار جولة نظمها «حزب الله» للصحافيين في عدد من أحياء المدينة.

وتحتاج إعادة بنائها إلى فترة تتراوح بين 3 و6 أشهر، وفق بركات، الذي قال إن العمل جارٍ لتوفير خيار مؤقت يزوّد السكان العائدين بالمياه.

ويقول بركات: «لا صواريخ هنا، ولا منصات لإطلاقها، إنها منشأة عامة حيوية استهدفها العدوان الإسرائيلي».

قهر ومسكّنات

بحزن شديد، يعاين أنس مدللي (40 عاماً)، الخيّاط السوري المُقيم في صور منذ 10 سنوات، الأضرار التي لحقت بمنزله جراء استهداف مبنى مجاور قبل ساعة من بدء سريان وقف إطلاق النار. كانت أكوام من الركام تقفل مدخل المبنى الذي تقع فيه الشقة.

ويقول بأسى: «بكيت من القهر... منذ يوم أمس، وأنا أتناول المسكنات جراء الصدمة. أنظر إلى ألعاب أولادي والدمار وأبكي».

وغابت الزحمة، الخميس، عن سوق السمك في ميناء المدينة القديمة، الذي كان يعجّ بالزبائن قبل الحرب، بينما المراكب راسية في المكان منذ أكثر من شهرين، وينتظر الصيادون معجزة تعيدهم إلى البحر لتوفير قوتهم.

بين هؤلاء مهدي إسطنبولي (37 عاماً)، الذي يروي أنه ورفاقه لم يبحروا للصيد منذ أن حظر الجيش اللبناني في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) حركة القوارب في المنطقة البحرية جنوب لبنان.

ويقول: «لم يسمح الجيش لنا بعد بالخروج إلى البحر حفاظاً على سلامتنا» باعتبار المنطقة «حدودية» مع إسرائيل.

ويقول إسطنبولي: «نراقب الوضع... وننتظر»، مضيفاً: «نحن خرجنا من أزمة، لكن الناس سيعانون الآن من أزمات نفسية» بعد توقف الحرب.

ويقول أب لأربعة أطفال: «أحياناً وأنا أجلس عند البحر، أسمع صوت الموج وأجفل... يتهيّأ لي أن الطيران يقصف. نعاني من الصدمة».