الأزمات تحاصر إردوغان... وتشي بتحوّل وشيك

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان (أرشيفية - رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان (أرشيفية - رويترز)
TT

الأزمات تحاصر إردوغان... وتشي بتحوّل وشيك

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان (أرشيفية - رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان (أرشيفية - رويترز)

تلاحقت الأزمات وتصاعدت الانتقادات بصورة غير مسبوقة لسياسات الرئيس التركي رجب طيب إردوغان مؤخراً، فعجّت الساحة التركية بالكثير من التطورات التي تشي بتحول وشيك.
فخلال الساعات الماضية كانت تركيا قاسماً مشتركاً للعناوين الرئيسية للمستجدات في الشرق الأوسط، بموضوعات عدة يرى مراقبون أنها تضيف للأزمات التي تقوّض شعبية إردوغان داخلياً، حسبما نقلت وكالة الأنباء الألمانية.
فالرئيس التركي أقال، أول من أمس (الجمعة)، محافظ البنك المركزي بعد أشهر قليلة من تعيينه وعيّن نائباً سابقاً من حزبه خلفاً له، والسبب كان رفع أسعار الفائدة بصورة كبيرة وصلت إلى 19% الأسبوع الماضي. ووصفت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية هذا القرار بأنه «خطوة مفاجئة تهدد بإغراق تركيا في المزيد من الاضطرابات الاقتصادية».
وأضافت الصحيفة في تقرير نشرته على موقعها الإلكتروني: «محافظ البنك المركزي التركي ناجي إقبال هو ثالث محافظ يقيله إردوغان خلال عامين، في الوقت الذي تواجه فيه تركيا سلسلة من الأزمات الاقتصادية والجيوسياسية».
وتابعت الصحيفة: «حل صهاب كافجي أوغلو محل إقبال في المنصب، حيث كان كافجي نائباً سابقاً عن حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا، وكاتب مقالات في صحيفة (يني شفق) الموالية للحكومة». وأضافت: «منذ تعيين إقبال في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، رفع محافظ البنك المركزي أسعار الفائدة بنسبة كبيرة في محاولة لمحاربة التضخم، حيث رفع المركزي التركي سعر الفائدة إلى 15% مقابل 10.25%، وأتبع ذلك بقرار آخر أدى إلى رفع سعر الفائدة إلى 17% في ديسمبر (كانون الأول) الماضي حتى وصل إلى 19%.
ونوهت الصحيفة الأميركية إلى ارتفاع التضخم الذي وصل إلى 15% في فبراير (شباط) الماضي، «وهو معدل يصل إلى 3 أضعاف المستهدف من البنك المركزي».
ونقلت «وول ستريت جورنال» عن جيسون توفي، خبير الأسواق الناشئة في مؤسسة «كابيتال إيكونوميكس» البريطانية للأبحاث الاقتصادية قوله: «من المتوقع أن تؤدي الإطاحة بمحافظ البنك المركزي التركي إلى هبوط حاد في قيمة الليرة، عندما تعود الأسواق إلى العمل يوم الاثنين».
من جانبه، يرى سليم سزاك، الباحث في جامعة «بيلكنت» التركية في أنقرة أن «هذا خراب للاقتصاد التركي، حيث يتم تجفيف كل مصدر للمياه والحياة نظراً للحسابات السياسية قصيرة الأجل التي تضرب السياسات المؤسسية طويلة الأجل»، وفقاً للصحيفة الأميركية.
أما دورموش يلماز، محافظ البنك المركزي التركي الأسبق، فقال في تغريدة على موقع «تويتر»: «ماذا نستطيع أن نقول؟ نحن نعاني من عواقب أفعالنا، الانتحار الاقتصادي».
وجاء هذا التطور في وقت تلاحق فيه سهام الانتقاد إدارة إردوغان بسبب سعيها لحظر حزب الشعوب الديمقراطي الموالي للأكراد بدعوى ارتباطه بحزب العمال الكردستاني الذي تصنّفه أنقرة منظمة إرهابية، في خطوة أثارت عاصفة انتقادات داخلية وخارجية. فوصفها حزب الشعوب بأنها «انقلاب سياسي»، متهماً إردوغان بـ«استخدام القضاء كأداة لإعادة تشكيل المشهد السياسي»، قبل عامين من موعد الانتخابات التشريعية والرئاسية.
كما قوبلت هذه المساعي بانتقادات وتحذيرات أميركية وأوروبية. وأشارت صحيفة «واشنطن بوست» إلى انتقادات إدارة الرئيس الأميركي جون بايدن لهذه الخطوات. وقالت: «الجهود المبذولة من جانب الحكومة التركية لحظر أحد أكبر أحزاب المعارضة في البلاد أدت إلى توبيخ شديد من إدارة بايدن التي حذرت من أن الإجراءات التي تقوم بها أنقرة يمكن أن تؤدي إلى تقويض إرادة الناخبين الأتراك دون داعٍ»، حسب وزارة الخارجية الأميركية.
في غضون ذلك، ألغى البرلمان التركي عضوية عمر فاروق جرجرلي أوغلو، أحد أبرز نواب حزب الشعوب الديمقراطي، والناشط في مجال حقوق الإنسان.
وتابعت «واشنطن بوست»: «الخطوتان تمثلان تصعيداً حاداً لحملة القمع المستمرة منذ سنوات من جانب الحكومة التركية ضد الساسة الأكراد، كما أن الإجراءات القمعية الجديدة تقوّض التعهدات التي أعلنها الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، لتعزيز حقوق الإنسان في تركيا، والتي تتضمن حرية التعبير، حيث تسعى حكومته لإصلاح العلاقات المتوترة مع الولايات المتحدة وحلفاء غربيين».
ورأت واشنطن أن إلغاء عضوية النائب في البرلمان التركي يعد «خطوة مثيرة للقلق»، محذرةً من أن «حل حزب الشعوب الديمقراطي، سيؤدي إلى تقويض الديمقراطية في تركيا، ومنع ملايين المواطنين الأتراك من اختيار ممثليهم».
من ناحية أخرى، خرجت مظاهرات نسائية في أنحاء متفرقة من تركيا تندد بانسحاب أنقرة من اتفاقية حماية المرأة من العنف الموقَّعة في إسطنبول عام 2011، وهي معاهدة وضعها مجلس أوروبا بهدف إنشاء إطار قانوني لمنع ومكافحة العنف ضد المرأة والعنف المنزلي.
وانتقدت المعارضة القرار بوصفه «يمهد الطريق أمام استمرار الانتهاكات ضد المرأة في تركيا».
كما وصفت الأمينة العامة لمجلس أوروبا، القرار بأنه «مدمر» بالنظر إلى تزايد مستوى العنف والجرائم التي تُرتكب بحق النساء والفتيات في تركيا مؤخراً.
ويرى محللون أن كل هذه المشكلات المتفاقمة، وعلى رأسها الركود الاقتصادي والأزمة الصحية المتعلقة بتفشي وباء «كورونا»، ربما ترسم مجتمعةً صورة لكمّ التحديات التي تتزاحم على إردوغان، وربما تُرغمه على إعادة حساباته، مستشهدين بتحول ملموس مؤخراً في لهجة الخطاب التركي وارتكانه إلى المهادنة، مع توقعات بإجراءات فعلية تستهدف انتشال تركيا من عزلة دولية تسببت فيها سياسات إردوغان.



مقتل المئات جراء إعصار في أرخبيل مايوت الفرنسي (صور)

تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
TT

مقتل المئات جراء إعصار في أرخبيل مايوت الفرنسي (صور)

تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)

رجحت سلطات أرخبيل مايوت في المحيط الهندي، الأحد، مقتل «مئات» أو حتى «بضعة آلاف» من السكان جراء الإعصار شيدو الذي دمر في اليوم السابق قسماً كبيراً من المقاطعة الفرنسية الأفقر التي بدأت في تلقي المساعدات. وصرّح حاكم الأرخبيل، فرانسوا كزافييه بيوفيل، لقناة «مايوت لا بريميير» التلفزيونية: «أعتقد أنه سيكون هناك مئات بالتأكيد، وربما نقترب من ألف أو حتى بضعة آلاف» من القتلى، بعد أن دمر الإعصار إلى حد كبير الأحياء الفقيرة التي يعيش فيها نحو ثلث السكان، كما نقلت عنه وكالة الصحافة الفرنسية. وأضاف أنه سيكون «من الصعب للغاية الوصول إلى حصيلة نهائية»، نظراً لأن «معظم السكان مسلمون ويدفنون موتاهم في غضون يوم من وفاتهم».

صور التقطتها الأقمار الاصطناعية للمعهد التعاوني لأبحاث الغلاف الجوي (CIRA) في جامعة ولاية كولورادو ترصد الإعصار «شيدو» فوق مايوت غرب مدغشقر وشرق موزمبيق (أ.ف.ب)

وصباح الأحد، أفاد مصدر أمني لوكالة الصحافة الفرنسية بأن الإعصار الاستوائي الاستثنائي خلّف 14 قتيلاً في حصيلة أولية. كما قال عبد الواحد سومايلا، رئيس بلدية مامودزو، كبرى مدن الأرخبيل، إن «الأضرار طالت المستشفى والمدارس. ودمّرت منازل بالكامل. ولم يسلم شيء». وضربت رياح عاتية جداً الأرخبيل، مما أدى إلى اقتلاع أعمدة كهرباء وأشجار وأسقف منازل.

الأضرار التي سببها الإعصار «شيدو» في إقليم مايوت الفرنسي (رويترز)

كانت سلطات مايوت، التي يبلغ عدد سكانها 320 ألف نسمة، قد فرضت حظر تجول، يوم السبت، مع اقتراب الإعصار «شيدو» من الجزر التي تبعد نحو 500 كيلومتر شرق موزمبيق، مصحوباً برياح تبلغ سرعتها 226 كيلومتراً في الساعة على الأقل. و«شيدو» هو الإعصار الأعنف الذي يضرب مايوت منذ أكثر من 90 عاماً، حسب مصلحة الأرصاد الجوية الفرنسية (فرانس-ميتيو). ويُرتقَب أن يزور وزير الداخلية الفرنسي برونو روتايو، مايوت، يوم الاثنين. وما زالت المعلومات الواردة من الميدان جدّ شحيحة، إذ إن السّكان معزولون في منازلهم تحت الصدمة ومحرومون من المياه والكهرباء، حسبما أفاد مصدر مطلع على التطوّرات للوكالة الفرنسية.

آثار الدمار التي خلَّفها الإعصار (أ.ف.ب)

في الأثناء، أعلن إقليم لاريونيون الواقع أيضاً في المحيط الهندي ويبعد نحو 1400 كيلومتر على الجانب الآخر من مدغشقر، أنه جرى نقل طواقم بشرية ومعدات الطبية اعتباراً من الأحد عن طريق الجو والبحر. وأعرب البابا فرنسيس خلال زيارته كورسيكا، الأحد، تضامنه «الروحي» مع ضحايا «هذه المأساة».

وخفّض مستوى الإنذار في الأرخبيل لتيسير حركة عناصر الإسعاف، لكنَّ السلطات طلبت من السكان ملازمة المنازل وإبداء «تضامن» في «هذه المحنة». واتّجه الإعصار «شيدو»، صباح الأحد، إلى شمال موزمبيق، ولم تسجَّل سوى أضرار بسيطة في جزر القمر المجاورة من دون سقوط أيّ ضحايا.