شهد اليوم الدولي للقضاء على التمييز العنصري الذي أحيته الجمعية العامة للأمم المتحدة سجالاً قارصاً بين المندوبة الأميركية الدائمة لدى المنظمة الدولية ليندا توماس - غرينفيلد، التي اتهمت الصين بارتكاب «إبادة جماعية» ضد مسلمي الأويغور والأقليات الأخرى، ونائب المندوب الصيني داي بينغ، الذي أشار إلى الكراهية «وحتى القتل الوحشي للأشخاص المتحدرين من أصول أفريقية وآسيوية» في الولايات المتحدة.
وبدأ هذا الصدام الدبلوماسي الحاد بعدما ذكرت السفيرة توماس - غرينفيلد بأنها متحدرة من أسرة أفريقية عانت العنصرية، قائلة: «أعرف الوجه القبيح للعنصرية. لقد عشت العنصرية وعانيت العنصرية ونجوت من العنصرية»، مضيفة أن «العنصرية هي مشكلة العنصري. ومشكلة المجتمع هي التي تنتج العنصري. وفي عالم اليوم في كل مجتمع». وكانت صريحة بحدود غير معهودة حيال تاريخ الولايات المتحدة، إذ اعترفت بأن «العبودية هي الخطيئة الأصلية لأميركا»، موضحة أن «تفوق البيض ودونية السود منسوجان في وثائقنا ومبادئنا التأسيسية». وأكدت أن «العنصرية كانت ولا تزال تشكل تحدياً يومياً أينما كنا. وبالنسبة إلى الملايين، هذا أكثر من تحدٍ. إنه قاتل»، مشيرة على سبيل المثال إلى ميانمار حيث «يتعرض مواطنو الروهينغا وغيرهم للقمع والانتهاكات وللقتل بأعداد مذهلة»، وإلى الصين حيث «ترتكب الحكومة إبادة جماعية وجرائم ضد الإنسانية ضد الأويغور وأفراد الأقليات العرقية والدينية الأخرى في شينجيانغ» بشمال غربي الصين. وكذلك قدمت توماس غرينفيلد بعض النصائح لمواجهة العنصرية عالمياً، قائلة: «نحن بحاجة إلى تفكيك سيادة البيض في كل منعطف». وأوضحت أن «هذا يعني النظر إلى أنواع أخرى من الكراهية أيضاً»، مشيرة إلى تقارير مكتب التحقيقات الفيدرالي (إف بي آي) عن ارتفاع جرائم الكراهية خلال السنوات الثلاث الماضية، أخيراً إلى مستوى لم نشهده منذ أكثر من عقد، خصوصاً «ضد الأميركيين اللاتينيين والسيخ والأميركيين المسلمين والأميركيين اليهود والمهاجرين». وتطرقت إلى مقتل ثمانية أشخاص، بينهم ستة آسيويون، برصاص مسلح أبيض في أتلانتا (بولاية جورجيا) خلال الأسبوع الماضي. ورأت أن هذا «ليس إلا أحدث مثال على هذا الرعب». وشددت على أنه «من المهم للغاية أن نقف سوية - نقف متحدين - ضد هذه الآفة»، قائلة إن «لدينا عيوباً - عيوباً عميقة وخطيرة. لكننا نتحدث عنها (...) ونحن نعمل على معالجتها».
وما إن انتهت توماس - غرينفيلد من كلمتها، طلب نائب المندوب الصيني داي بينغ، الذي لم يكن مدرجاً في قائمة المتحدثين، حق الرد لرفض ما سماه الادعاءات الأميركية المدفوعة سياسياً، معتبراً أنها «عمل من أعمال الترويج للشائعات مرة تلو الأخرى، وهي كذبة عارية». وإذ اتهم الولايات المتحدة بالتدخل في الشؤون الداخلية للصين، قال إن «الكذب هو الكذب»، وإن «الحقيقة ستنتصر في نهاية المطاف». وأشار إلى ما أوردته المندوبة الأميركية في كلامها حول أصلها الأفريقي، معتبراً أنه «في حال استثنائية، اعترفت بسجل حقوق الإنسان السيئ لبلدها، لكن هذا لا يمنح هذه الدولة ترخيصاً بركوب أعلى ما في خيلها لإبلاغ البلدان الأخرى بما ينبغي القيام به». ونصح الولايات المتحدة بأن «تتخلص من تحيزها الآيديولوجي»، وبأن تتوقف عن استخدام حقوق الإنسان لأغراض سياسية وإثارة المواجهات السياسية، فضلاً عن تعطيل التعاون الدولي في مجال حقوق الإنسان.
وقال: «أقترح عليك اتخاذ إجراءات عملية لوضع حد لسلسلة مستمرة من حوادث التمييز والكراهية، بل وحتى القتل الوحشي للأشخاص المتحدرين من أصل أفريقي وآسيوي». وأضاف أن الولايات المتحدة «ستخدم قضية حقوق الإنسان الدولية بشكل أفضل من خلال بذل المزيد من الجهد في العمل العملي والبناء».
ويسلط هذا الصدام الضوء على التوترات المتزايدة بين الولايات المتحدة والصين، التي برزت بوضوح في أول اجتماع شخصي بين دبلوماسيين أميركيين وصينيين منذ تولي الرئيس جو بايدن منصبه.
كان الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، افتتح هذا الاجتماع بالقول إن «العنصرية جائحة تجتاح العالم»، مشيراً إلى أن «الظلم التاريخي والعنصرية ساهما في الفقر والتهميش والإقصاء المجتمعي وانعدام الاستقرار». وأعاد إلى الأذهان قتل شرطة جنوب أفريقيا 69 شخصاً كانوا يحتجون بشكل سلمي ضد الفصل العنصري وقوانينه عام 1960، قائلاً إنه «على الرغم من تخطي نظام الفصل العنصري، إلا أن العنصرية حول العالم لا تزال قائمة».
وكذلك أقر رئيس الجمعية العامة، فولكان بوزكير، بأنه على الرغم من مضي 55 عاماً على إقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة لليوم الدولي للقضاء على التمييز العنصري، فإن هذا لا يزال قائماً. وحضت المفوضة السامية للأمم المتحدة لحقوق الإنسان ميشال باشيليه الدول الأعضاء على التعجيل بإنشاء منتدى دائم معني بالمتحدرين من أصول أفريقية، وصوغ مشروع إعلان الأمم المتحدة لتعزيز حقوق الإنسان للمتحدرين من أصول أفريقية.
سجال أميركي ـ صيني في الأمم المتحدة حول العنصرية
بكين رفضت «الأكاذيب الأميركية»... وواشنطن اتهمتها بارتكاب «إبادة» بحق الأويغور
سجال أميركي ـ صيني في الأمم المتحدة حول العنصرية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة