استنكار واسع لتحذير نصرالله من «الحرب الأهلية»

نائب في «القوات»: هدفه التملّص من مسؤولية سلاحه عن الانهيار

TT

استنكار واسع لتحذير نصرالله من «الحرب الأهلية»

لاقى تحذير أمين عام «حزب الله» حسن نصرالله من «حرب أهلية» في لبنان ردود فعل مستنكرة، بينما رأى البعض الآخر أنه ليس أكثر من رسالة سياسية. وكان نصرالله قال في خطابه الأخير إن هناك من يعمل على إشعال الاقتتال الداخلي، وتحدث عن معلومات لديه أن هناك جهات خارجية وبعض الجهات الداخلية تدفع بهذا الاتجاه.
ومن أبرز الرافضين لكلام نصرالله كان «حزب الكتائب» و«حزب القوات» اللبنانية، وذهب بعض نوابهما إلى تحميل «حزب الله» مسؤولية ما قد يحصل في البلاد، فيما اعتبر النائب في «الحزب التقدمي الاشتراكي» بلال عبد الله، أن كلام نصرالله هو رسالة سياسية والوضع في لبنان المتأزم اقتصادياً قد يؤدي إلى انفلات أمني، لكنه لن يصل إلى الحرب الأهلية لأسباب مرتبطة بالواقع الحالي.
وقال عبد الله لـ«الشرق الأوسط»: «ليس هناك في لبنان ما يؤشر إلى حرب أهلية بالمعنى السياسي إنما سوء الأوضاع الاقتصادية وما قد يرافقه من تفلت أمني قد يؤدي إلى انهيار البلد، والأرجح أن كلام نصرالله كان يحمل في طياته رسالة سياسية ونوعاً من الضغط على الفرقاء لتشكيل الحكومة، لا سيما رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري بينما بدا داعماً لـ(التيار الوطني الحر) ورئيسه».
ويوضح عبد الله أن «الحرب الأهلية ستكون إما (إسلامية - مسيحية) أو (سنية - شيعية)، لكن المسيحيين اليوم منقسمون، فريق مع (حزب الله) وفريق ضده، وبالمبدأ الفريقان لا يملكان السلاح»، مضيفاً: «وفي الجانب السني - الشيعي، شعار القوة الرئيسية في الطائفة السنية أي تيار المستقبل هو الدولة وهو ليس في وارد الدخول في حرب، والفريق الوحيد الذي يملك السلاح هو حزب الله الذي يقول بدوره، منذ أحداث 7 مايو (أيار) 2008، إنه ليست لديه النية لحمل السلاح في الداخل، ولا أعتقد أنه في حاجة لاستعماله لأسباب أساسية مرتبطة بكونه أساساً يمسك بالقرار والسلطة في الدولة ولديه الأكثرية النيابية في البرلمان وإطلالة أمينه العام الأخيرة الذي أعطى خلالها تعليمات خير دليل على ذلك».
في المقابل، اعتبر النائب السابق أحمد فتفت أنّ «حديث نصرالله عن الحرب الأهليّة غير دقيق وهو الأقدر على السيطرة على بيروت خلال ساعات وعلى لبنان كلّه خلال أسبوع وهو يهدّدنا ويستخدم سلاحه في الداخل»، معتبراً في حديث تلفزيوني أنّ «اللبنانيين بالنسبة إلى نصرالله ورقة لمصلحة إيران وهو مستعدّ للذهاب قدماً خارج إطار الدولة والمؤسسات»، مضيفاً: «(حزب الله) جرّ لبنان إلى حرب في سوريا وأتى بملايين السوريين إلى الداخل اللبناني».
وكان «حزب الكتائب» على لسان رئيسه النائب المستقيل سامي الجميل، شدّد على أن لا أحد في لبنان يريد حرباً إلا «حزب الله»، وتوجه لأمينه العام من مقر البطريركية المارونية يوم أول من أمس، قائلاً: «السيد نصرالله ذكر 10 مرات كلمة الحرب الأهلية، ما هذا الكلام التخويفي عن حرب أهلية؟ لا حرب أهلية في لبنان ولا يوجد أي لبناني يريدها إلا أنت، وإذا كان هناك بعض المهووسين بالحرب ولديهم مصلحة فيها، لكن الأكيد أن الشعب اللبناني من شماله إلى جنوبه لا يحب الحرب بل السلام». وأضاف: «أنت مسيطر على البلد وهذه المنظومة، وتحدد للسياسيين اللبنانيين حدود لعبتهم، وتعتبرون أن ثورة الشعب موجهة ضدكم، كلا هذه الثورة تريد بناء دولة وبلد ومستقبل».
ولا يختلف موقف «القوات» كثيراً، حيث طالب النائب جورج عقيص نصرالله بالإفصاح عما لديه من معلومات عن الجهات التي تدفع باتجاه الحرب الأهلية. وقال في تغريدة له عبر «تويتر»: «هؤلاء الذين يريدون إشعال حرب أهلية في لبنان، من أفرقاء الداخل والخارج، لماذا لا يفضحهم حزب الله، كي نقف كلنا بوجههم؟ ألا يستحق شعب لبنان معرفة من يتربص به؟ فهو يعرف حتى الآن من جوّعه ومن أفقره ومن سرقه ومن دفع شبابه للهجرة. لا ينقصه سوى معرفة من يريد فوق كل ذلك إشعال حرب أهلية».
من جهته، طالب النائب في «القوات» فادي سعد «حزب الله» بتسليم سلاحه، وقال عبر «تويتر»: «أطل علينا (المرشد الأعلى) للجمهورية اللبنانية مهدداً بحرب أهلية ليست موجودة إلا في مفكرته، مستخدماً أساليب غير قانونية وغير دستورية للتملص من مسؤولية سلاحه عن الانهيار. احترم عقولنا والتزم الآليات الدستورية والقانونية واترك للشعب اللبناني يقرر مصيره بإرادته الحرة»، خاتماً بعبارة «سلّم سلاحك».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».