الجائحة تُسهم في ازدهار صناعة نماذج القطارات في ألمانيا

الجائحة تُسهم في ازدهار صناعة نماذج القطارات في ألمانيا
TT

الجائحة تُسهم في ازدهار صناعة نماذج القطارات في ألمانيا

الجائحة تُسهم في ازدهار صناعة نماذج القطارات في ألمانيا

في ربيع العام الماضي، فوجئ المديرون في شركة ماركلين الألمانية العاملة منذ 162 عاماً في صناعة نماذج القطارات، بأمر لم يتوقعوه في تقارير المبيعات.
يقول فلوريان سيبر، أحد مديري الشركة: «بدأنا نلحظ ارتفاعاً كبيراً في الطلبات. واستمرت تلك الزيادة حتى فصل الصيف، وكانت من المفاجآت الأخرى نظراً لأن ذلك يحدث عندما لا يشتري الناس أطقم نماذج القطارات».
ولكنهم قاموا بالشراء. وفي نوفمبر (تشرين الثاني)، ارتفعت الطلبات الشهرية لدى شركة ماركلين بنسبة 70 في المائة مقارنة بالعام الماضي. ولقد حصد فيديو الشركة الذي يصور القطارات والملحقات الجديدة، والمنشور في يناير (كانون الثاني) الماضي، أكثر من 165 ألف مشاهدة.
وإلى جانب أحجيات الصور المقطعة بأنواعها في وقت مبكر من الوباء، تعد نماذج القطارات المصغرة، من بين الهوايات المحببة التي يُعاد اكتشافها لا سيما مع بقاء الناس داخل منازلهم. ولقد أبلغت العديد من الشركات المصنعة لنماذج القطارات عن وثبات ملحوظة في المبيعات. وبالنسبة للعديد من الناس، فإنه يصعب كثيراً مقاومة الفرصة لإيجاد عالم مستقل وأفضل داخل غرفة المعيشة، مع تكوينات الجبال الرائعة، والقطارات الصغيرة ذات الأصوات الصاخبة، ومجتمعات الأشخاص الذين لا يزيد طولهم على بوصة واحدة، ولا يرتدي أي منهم الكمامات الواقية.
يقول ماغنوس هلستروم، 48 عاما، وهو مدرس ثانوي من السويد، عن ولعه الشديد بتلك الهواية أثناء عمله من المنزل بسبب قرارات الإغلاق العام: «هناك فوضى عارمة في الخارج، ولكن في المنزل مع مجموعة القطارات الصغيرة خاصتي، فإن الأجواء هادئة تماماً ورائعة للغاية». وأضاف قائلاً: «إنها قطعة مصغرة من عالم مثالي».
تظهر صورة في الطابق الأرضي من «ماركلينيوم»، وهو متحف ومعرض تابع للشركة يعرض نموذجاً مكبراً من العلامة التجارية إلى جانب طاقم لقطار يبلغ طوله 1000 قدم مربع يمكن استخدامه في ورش العمل أو العروض الترويجية للمنتجات.
يعد هلستروم، أحد العملاء الشغوفين بماركة ماركلين. وكانت الشركة قد تقدمت بطلب الحماية من الإفلاس منذ أكثر من عشر سنوات، وهي الآن وللمرة الأولى منذ سنوات تواصل تعيين المتدربين الجدد لتعلم صناعة نماذج القطارات الدقيقة ذات التفاصيل الفائقة.
تقول ماريا هوتا، 62 عاماً، وهي تعمل في تجميع نماذج القطارات منذ 38 عاماً في المقر الرئيسي لشركة ماركلين في غوبينغن، البلدة الواقعة على مسافة 25 ميلاً جنوب شرقي شتوتغارت، حيث تأسست الشركة أول الأمر: «إننا نمر بطفرة مزدهرة للغاية وصار من الصعوبة مواكبة ذلك».
يرجع عمر مبنى المصنع إلى أكثر من قرن كامل، حيث يعد التجوال بين أروقته كمثل رحلة في الزمن الماضي، حيث يضم المصنع مختلف العمال اليدويين المهرة الذين يواصلون العمل على الطاولات الممتدة أمامهم. وتستعين هوتا رفقة زملائها بالمجاهر أغلب الوقت في الاهتمام بالتفاصيل الدقيقة مثل الأجراس والدرابزين وخلافه. ويعمل لدى الشركة نحو 1170 موظفاً بدوام كامل في موقعين: غوبينغين في ألمانيا، وغيور في المجر.
يقول غيرهارد تاستل، مدير الإنتاج في المصنع، أثناء جولة افتراضية تمت عبر الفيديو: «اعتدنا الحصول على بعض مكونات العمل من الخارج، ولكننا وجدنا أن الأمر لا يستحق هذا العناء، إذ كانت النماذج المصغرة لدينا جيدة للغاية لدرجة لم نعد معها نحتاج إلى الاستيراد».
تخرج قطارات ماركلين من ثلاثة مقاسات، ويعد مقياس (H0) هو الأكثر شعبية بينها. ومن شأن القاطرة فائقة الجودة من مقياس (1)، التي تتكون من عدة آلاف من القطع المفردة الصغيرة، أن يصل سعرها إلى 4200 دولار أميركي (وربما أكثر من ذلك إذا أصبح القطار مهما لهواة التجميع)، رغم أن القاطرات منخفضة التكلفة، والمكونة من 300 قطعة فقط، تُباع بما يصل إلى عُشر السعر المذكور. كما تصنع شركة ماركلين قطارات «إل جي بي»، وهي الأكبر حجماً والمصممة للعرض في الهواء الطلق.
يقول تاستل: «بالنسبة إلى عملائنا، لا يتعلق الأمر بالقول إن المنتج قادم من مصنعنا الوحيد في ألمانيا، بل إنه يتعلق بعلامة ماركلين التجارية على المنتج نفسه»، مشيراً إلى أن بعض الأجهزة الإلكترونية في نماذج القطارات الحديثة ربما تستورد من آسيا.
رغم أن نماذج القطارات التي تغادر أرض المصنع قد تتشابه مع النماذج التي يجري إنتاجها هناك منذ عقود، إلا أنها تعرض مميزات لم تكن معروفة أو متوافرة في ذلك الوقت. إذ إنها تحتوي الآن على مكبرات للصوت صغيرة الحجم والتي تعيد إنتاج عشرات الصوتيات والصفارات الرقمية (المسجلة من المصدر الأصلي كلما أمكن ذلك)، مع الأضواء الداخلية والخارجية التي يسهل التحكم فيها بصورة مستقلة. ومن المميزات الأخرى محاكاة كيفية مغادرة القطارات الحقيقية للمحطات (ببطء شديد ثم تجميع السرعة على نحو تدريجي) ثم التباطؤ التدريجي مرة أخرى قبيل التوقف النهائي.
ومن الميزات الحديثة أيضا، هناك التحكم عن بُعد في رفع أو خفض المنساخ الكهربائي، وهو الجهاز الموجود أعلى القطار والمتصل بالكابلات العلوية. كما كان البخار الحقيقي الخارج من نماذج القاطرات البخارية القديمة من بين المميزات اللافتة للنظر لعدة سنوات.
يقول سيبر، مدير الشركة: «إن التغيير الحقيقي الذي شهدناه خلال العشرين عاماً الماضية يدور حول التركيز الكبير في استنساخ القطارات الأصلية بصورة كاملة».
يمكن التحكم في نماذج القطارات من خلال وحدة التحكم الحاسوبية أو عن طريق تطبيق هاتفي جديد، مع وجود مختلف القطارات على نفس المسار وهي تتحرك بسرعات مختلفة، أو تسير على مسارات مختلفة.
يقول أوي موللر، الذي كان مديراً للإنتاج في شركة ماركلين لمدة 15 عاماً ويشرف الآن على متحف «ماركلينيوم» التابع للشركة: «إنها من الألعاب التقليدية التي صارت تشبه القطارات الحقيقية من خلال الاستعانة بالوظائف الرقمية الحديثة مثل الصوت والضوء».
وتجدر الإشارة إلى أن شركة ماركلين تأسست عام 1859 على أيدي «ثيودور فريدريش فيلهلم ماركلين»، وكانت تعمل على مبيعات إكسسوارات الدمى في أول الأمر. وإثر وفاة المؤسس بعد مرور سبع سنوات، اتسعت أعمال الشركة تحت إدارة أرملته الشابة كارولين ماركلين، التي كانت واحدة من أوائل البائعات المتجولات العاملات في الشركة، حيث عملت على تغطية بعض المناطق في جنوب ألمانيا وسويسرا.
شرعت الشركة في صناعة نماذج القطارات الصغيرة منذ عام 1891، وظلت مملوكة لمختلف أفرع الأسرة حتى عام 2006، تاريخ بيع الشركة لمجموعة «كينغز بريدج كابيتال» الاستثمارية. غير أن الشركة كانت تخسر الأموال واضطرت إلى الاستغناء عن مئات من الموظفين. ثم في عام 2009 تقدمت الشركة بطلب الحماية من الإفلاس. وبعد ذلك، وفي عام 2013، قامت مجموعة «سيمبا ديكي» – وهي شركة ألمانية لصناعة الألعاب مملوكة للقطاع الخاص – بشراء شركة ماركلين، في محاولة منها لإنقاذ ما اعتبرته إحدى العلامات التجارية المهمة.
يقول سيبر، الذي أسس والده شركة «سيمبا ديكي» في عام 1982، وهو الرئيس التنفيذي المشارك للمجموعة: «استغرق الأمر بضع سنوات لمراجعة الموقف المالي الكامل لشركة ماركلين»، لكنه أضاف أن عمال وموظفي الشركة يعتبرون أهم مواردها على الإطلاق.
وتراهن الشركة حالياً على العديد من العملاء الذين اهتموا بشراء نماذج القطارات أثناء فترة الوباء بأن شغفهم بها لن ينقطع. ويقول سيبر عن ذلك: «هي ليست من الهوايات التي تمارسها لفترة من الوقت ثم تسأم منها بعد ذلك».
خدمة «نيويورك تايمز»


مقالات ذات صلة

روسيا تنظم «أكبر احتفال» بالذكرى الثمانين لانتهاء الحرب العالمية الثانية

أوروبا روسيا تعتزم تنظيم أكبر احتفال في تاريخها بمناسبة الذكرى الثمانين لانتهاء الحرب العالمية الثانية (رويترز)

روسيا تنظم «أكبر احتفال» بالذكرى الثمانين لانتهاء الحرب العالمية الثانية

أعلنت روسيا اليوم (الثلاثاء) أنها تعتزم تنظيم «أكبر احتفال في تاريخها» بمناسبة الذكرى الثمانين لانتهاء الحرب العالمية الثانية، في سياق تمجيد القيم الوطنية.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أميركا اللاتينية «لاهوت التحرر» يفقد مؤسّسه الكاهن الكاثوليكي البيروفي غوستافو غوتيرّيس عن 96 عاماً

«لاهوت التحرر» يفقد مؤسّسه الكاهن الكاثوليكي البيروفي غوستافو غوتيرّيس عن 96 عاماً

مطلع العقد السادس من القرن الماضي شهدت أميركا اللاتينية، بالتزامن مع انتشار حركات التحرر التي توّجها انتصار الثورة الكوبية.

شوقي الريّس (هافانا)
أوروبا رجل يلتقط صورة تذكارية مع ملصق يحمل صورة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يقول: «لماذا نريد مثل هذا العالم إذا لم تكن روسيا موجودة فيه؟» (رويترز)

«فليحفظ الرب القيصر»... مؤيدون يهنئون بوتين بعيد ميلاده الثاني والسبعين

وصف بعض المؤيدين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بـ«القيصر»، في عيد ميلاده الثاني والسبعين، الاثنين، وقالوا إنه أعاد لروسيا وضعها، وسينتصر على الغرب بحرب أوكرانيا.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
العالم جندي أوكراني يجلس داخل دبابة ألمانية الصنع من نوع «ليوبارد 2 إيه 5» بالقرب من خط المواجهة (أ.ف.ب)

هل انتهى عصر الدبابات «ملكة المعارك» لصالح الطائرات المسيّرة؟

رغم أن الدبابات ساعدت أوكرانيا في التقدم داخل روسيا، تعيد الجيوش التفكير في كيفية صنع ونشر هذه الآليات القوية بعد أدائها المتواضع خلال الفترة الأخيرة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
أوروبا بوتين يتحدث مع طلاب مدرسة في جمهورية توفا الروسية الاثنين (إ.ب.أ) play-circle 00:45

بوتين يتوعد الأوكرانيين في كورسك ويشدد على استمرار الحرب حتى تحقيق أهدافها

شدد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على أن الهجوم الأوكراني في كورسك لن يوقف تقدم جيشه في منطقة دونباس، متعهداً بمواصلة العمليات الحربية حتى تحقيق أهداف بلاده.

رائد جبر (موسكو)

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».