أهالي القصير يشكون من انقلاب «حزب الله» على «رفاق السلاح»

أشاروا إلى ضغوط لبيع أراضيهم غرب نهر العاصي

سوريون يحملون أعلام سوريا و«حزب الله» في القصير في يونيو 2013 (أ.ف.ب)
سوريون يحملون أعلام سوريا و«حزب الله» في القصير في يونيو 2013 (أ.ف.ب)
TT

أهالي القصير يشكون من انقلاب «حزب الله» على «رفاق السلاح»

سوريون يحملون أعلام سوريا و«حزب الله» في القصير في يونيو 2013 (أ.ف.ب)
سوريون يحملون أعلام سوريا و«حزب الله» في القصير في يونيو 2013 (أ.ف.ب)

«إما نبيع أرضنا بتراب المصاري أو نتحمل مضايقاتهم التي لا تنتهي». هكذا تحدث أحد سكان منطقة القصير في ريف حمص وسط سوريا وقرب حدود لبنان. ويقول إنه طلب من صديق لبناني من أبناء الهرمل، التوسط لدى معارفه من «حزب الله» للكف عن مضايقته.
وقالت مصادر لـ«الشرق الأوسط»، إن هناك شكاوى من ملاك الأراضي الزراعية غرب نهر العاصي في القصير من مضايقات أنصار «حزب الله»، للضغط عليهم لبيع أراضيهم بأبخس الأثمان. وأضافت «أحد المزارعين من عائلة مسيحية عرفت بولائها للنظام، وقتل عدد من أبنائها في معارك القصير، يتعرض اليوم لمضايقات من مناصري (حزب الله)، لرفضه بيع أرضه غرب العاصي التي يكسب من زراعتها. تارة يستوقفه مسلحون وأخرى يداهمون مزرعته ويرهبون عائلته وينتقدون تصرفاته». وقالت المصادر «إن الموالين للنظام الذين قاتلوا إلى جانب النظام ولم يغادروا خلال الحرب، لا سيما المسيحيين يشعرون بأن (حزب الله) انقلب عليهم». ونقلت عن أحد الأهالي «عندما يجتمعون بقياديين من (حزب الله) في القصير لحل مشكلة، يؤكدون لهم أن الحزب عمم على عناصره وأنصاره بعدم المساس بمسحيي القصير، لكن على الأرض نرى العكس تماماً، فهم يطلقون يد أنصارهم للاستيلاء على أراضينا وأرزاقنا».
- النظام غير راضٍ
وأشارت المصادر إلى أن «جماعة النظام الأجهزة الأمنية وحزب البعث في المنطقة لا يزعجون (حزب الله) بشكل واضح، ولكنهم غير راضين عن استيلائه على منطقة غرب العاصي». وأفادت المصادر بوجود تعميم داخلي للبلديات في محافظات حمص تحذّر من عمليات بيع وشراء مناطق غرب العاصي؛ لأنه «ثمة خشية واضحة من تحويل تلك المناطق إلى مناطق موالية لـ(حزب الله)». وأشارت إلى «تدخل الأمن العسكري بطريقة خفية لمنع محاولة (حزب الله) وإيران توطين أهالي بلدتي كفريا والفوعة (من إدلب) في القصير لدى إنجاز اتفاق المدن الأربع عام 2017 الذي نصّ على خروج آمن لكل من أهالي ومسلّحي بلدتي كفريا والفوعة بمحافظة إدلب والزبداني ومضايا بمحافظة ريف دمشق». وقالت «رغم تحضير أماكن للتوطين في غرب وشرق مدينة القصير وبعض القرى، فإن المشروع لم يتم، حيث أوعزت الأجهزة الأمنية للأهالي داخل المدينة بشغل المنازل الفارغة، ليقتصر التوطين على أعداد قليلة في أماكن متفرقة».
بعد استعادة النظام بدعم من «حزب الله» السيطرة على منطقة القصير في 2013، جرى تهجير من تبقى وكان عددهم بإحصاء عام 2011 نحو 111969 نسمة. وكادت تخلو المنطقة من الأهالي، حيث نزح بين عامي 2011 و2012، الموالون للنظام. وفي عام 2013، ضمت القصير نحو عشرة آلاف نسمة، وبعد سحق المعارضة المسلحة لجأ معظم هؤلاء إلى منطقة عرسال الجبلية في لبنان، وبعض قرى البقاع المحاذية للحدود وأقاموا في مخيمات غير شرعية هناك، وقدر عددهم عام 2021 بخمسة عشر ألف لاجئ، يعيشون أوضاعاً إنسانية هي الأصعب مع أنهم يشكلون ما نسبته 30 في المائة من اللاجئين السوريين في مناطق شمال لبنان. وفي عام 2013 وفور استعادة السيطرة على منطقة القصير، سمح بعودة النازحين، وهم نحو ثمانية آلاف نازح رجعوا بين 2013 و2019.
وباتت منطقة القصير تحت سيطرة مشتركة لقوات النظام و«حزب الله»، مع سيطرة أوسع وأقوى للحزب على الأحياء والقرى والأراضي الزراعية الغربية المحاذية للحدود، فبالإضافة إلى وجوده المسلح هناك سمح لأنصاره من أهالي القرى الموالية باستيطان القرى المدمرة والمهجرة، واستثمار الأراضي الزراعية التي باتت محظورة على أصحابها من أهالي القصير، باستثناء قلة لم تغادر خلال الحرب.
- عودة مشروطة
بعد التدخل الروسي العسكري في سوريا عام 2015، وطرح الروس مبادرات لإعادة اللاجئين السوريين، تم فتح ملف عودة اللاجئين من أهالي القصير في مخيم عرسال، حيث وجّه أمين عام «حزب الله» حسن نصر الله صيف 2019 دعوة إلى أهالي القصير للعودة إلى مناطقهم، لكن الأهالي في مخيم عرسال ومعظم من انخرطوا في مناهضة النظام أبدوا تخوفاً من تلك الدعوة، وطالبوا بضمانات دولية لحمايتهم من عمليات انتقامية، ليظل ملف عودتهم معلقاً، لكن مطالبهم قوبلت بتمنع، ترافق مع تجميد المبادرة الروسية التي أثمرت عن عودة نحو 170 ألف لاجئ سوري من لبنان إلى مناطق سورية عدة، ليس بينهم لاجئون من القصير.
في المقابل، عاد النازحون داخل البلاد، وتحديداً الموظفين في الدولة، بعد الحصول على موافقات أمنية وتسوية أوضاعهم، وذلك وفق خطة تدريجية بدئ في تطبيقها في يوليو (تموز) 2019، سمحت بدخول ألف نازح كأول دفعة إلى قرية البويضة، تبعها 3700 نازح في سبتمبر (أيلول) 2019 عادوا على ثلاث دفعات إلى مدينة القصير. وحسب مصادر محلية، فإن معظم نازحي القصير في الداخل عادوا إلى منازلهم بين عامي 2019 و2020، ولا تزال أعداد من العائدين تتوافد مع عودة النشاط إلى المدينة المدمرة، بعد إعادة الدوائر الحكومية إلى المدينة، مثل البلدية والمصالح العقارية والمحكمة والمالية، وتشغيل مدارس ابتدائية وأخرى إعدادية وثانوية وخط مواصلات عامة القصير - حمص بعد انقطاع سبع سنوات. وأشارت المصادر إلى مساعي النظام الواضحة في إعادة الخدمات إلى معظم الأحياء (الماء والكهرباء والاتصالات ومساعدة الأهالي بإزالة الأنقاض من الشوارع)، وذلك رغم الإمكانات الشحيحة جدا والمحسوبيات والفساد.
- معابر شرعية
ويفرض «حزب الله» سيطرته الكاملة على الأراضي الحدودية السورية في منطقة القصير، ويمسك بالمعابر الشرعية وغير الشرعية في المنطقة التي يقطعها نهر العاصي قادماً من الهرمل اللبنانية على طريق حمص - بعلبك الدولية، التي تربط منطقة البقاع اللبناني بمحافظة حمص عبر معبر جوسية، الذي أنشئ عام 1919، وتعتبر تلك المنطقة تاريخياً من أهم مراكز التبادل التجاري بين محافظة حمص وشمال لبنان، يعززه قربها من القلمون بريف دمشق وارتباطه بوادي ربيعة الذي يبدأ في جبال القلمون لينتهي عند نهر العاصي.
وأتاحت جغرافيا هذه المناطق مجالاً واسعاً لنشاط عمليات التهريب بين سوريا ولبنان «لكن بعد استيلاء (حزب الله) عليها حول التهريب من أعمال ارتزاق فردية غير شرعية إلى عمل منظم مرتبط بشبكات إقليمية يتزعهما موالون للحزب و(الفرقة الرابعة) التابعة لقوات النظام»، حسب قول ناشط معارض من القصير. وأفرز هذا التغير ظهور «أمراء حرب» في القصير على مستوى المنطقة، شكلوا طبقة صغيرة من الأثرياء الجدد بالمعايير الريفية، و«يعدّ هؤلاء أحد أهم أدوات الحزب في المنطقة والذين يتولون عمليات تسهيل شراء ملكيات الأراضي العقارات في المنطقة»، حسب قوله.



العليمي يشيد بجهود السعودية والإمارات في خفض التصعيد شرق اليمن

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي (سبأ)
TT

العليمي يشيد بجهود السعودية والإمارات في خفض التصعيد شرق اليمن

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي (سبأ)

أشاد رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني، رشاد محمد العليمي، بجهود السعودية والإمارات في احتواء التصعيد وخفض التوتر بالمحافظات الشرقية، مؤكداً أهمية عدم الانزلاق إلى خطوات أحادية، أو تحركات عسكرية خارج الأطر المرجعية للمرحلة الانتقالية.

وجاءت تصريحات العليمي خلال لقائه، الخميس، في الرياض، رئيس مجلس النواب، سلطان البركاني، وعضوي هيئة رئاسة المجلس، محمد الشدادي ومحسن باصرة، للتشاور حول المستجدات الوطنية، وفي مقدمتها التطورات في محافظتي حضرموت والمهرة، وجهود احتواء تداعياتها السياسية والاقتصادية والخدمية.

وبحسب المصادر الرسمية، استعرض العليمي خلال اللقاء، نتائج الاتصالات الجارية على المستويات المحلية والإقليمية والدولية، مشدداً على ضرورة الحفاظ على التوافق الوطني القائم، وعدم اتخاذ أي إجراءات أحادية قد تعقّد المشهد أو تقوّض مسار الشراكة السياسية، مع التذكير بالمرجعيات الناظمة للمرحلة الانتقالية، وفي مقدمتها إعلان نقل السلطة واتفاق الرياض.

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي (سبأ)

وأشاد رئيس مجلس القيادة الرئاسي بالدور الذي تضطلع به السعودية، ومعها الإمارات، في قيادة مسار تهدئة مسؤول يهدف إلى خفض التصعيد وإعادة تطبيع الأوضاع في المحافظات الشرقية، بما يشمل انسحاب القوات الوافدة من خارج هذه المحافظات، وتمكين أبنائها من إدارة شؤونهم المحلية، بما يعزز الاستقرار ويحافظ على السلم الأهلي.

وجدد العليمي التأكيد على موقف الدولة من القضية الجنوبية، بوصفها «قضية وطنية عادلة»، وجزءاً أصيلاً من أي تسوية سياسية شاملة، تبدأ بمعالجة مظالم الماضي، وتنفتح على الخيارات التي تقررها الإرادة الشعبية في ظروف طبيعية. كما رحب بما صدر عن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش من دعم جهود خفض التصعيد، والتنبيه إلى مخاطر أي توترات على فرص العيش والسلم الأهلي والأمن الإقليمي.

تشييع قتلى ومخاوف حقوقية

ميدانياً، شُيعت في مدينة مأرب، الجمعة، جثامين عدد من قتلى المنطقة العسكرية الأولى في موكب جنائزي رسمي وشعبي، بحضور رئيس هيئة الأركان العامة، قائد العمليات المشتركة الفريق ركن صغير بن عزيز، وقيادات عسكرية وأمنية، وأعضاء مجلس النواب، وشخصيات اجتماعية. وأكد المشيعون، بحسب الإعلام الرسمي، المضي في استكمال ما وصفوه بالأهداف الوطنية، مع التشديد على استعادة مؤسسات الدولة وإنهاء انقلاب الجماعة الحوثية.

تشييع جنود في مأرب قتلوا خلال التصعيد العسكري بوادي حضرموت (سبأ)

من جهتها، أعلنت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات توثيق 312 حالة اعتقال تعسفي وإخفاء قسري، قالت إن عناصر تابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي نفذتها في وادي وصحراء حضرموت خلال الفترة من 2 إلى 18 ديسمبر (كانون الأول) 2025. وأوضحت الشبكة أن الاعتقالات شملت عسكريين ومدنيين من محافظات عدة، بينها حضرموت وتعز وريمة وذمار وحجة وأبين.

وأشارت الشبكة إلى تلقي بلاغات عن حملات اقتحام واعتقال واسعة في مدينة الشحر دون أوامر قضائية، إضافة إلى توثيق حالات اختطاف في مدينة سيئون، من بينها قاصران، معتبرة أن ذلك يمثل انتهاكاً خطيراً للقوانين الوطنية والمواثيق الدولية، لا سيما اتفاقية حقوق الطفل. وطالبت الشبكة بالإفراج الفوري عن جميع المحتجزين وفتح تحقيقات مستقلة، محذرة من مخاطر استمرار هذه الممارسات على السلم المجتمعي وسيادة القانون.

الزبيدي: الوجهة صنعاء

في موازاة ذلك، قال عضو مجلس القيادة الرئاسي ورئيس المجلس الانتقالي الجنوبي عيدروس الزبيدي، إن الهدف المشترك للقوى الوطنية المناهضة للجماعة الحوثية، يتمثل في تحرير مناطق الشمال الخاضعة لسيطرتها، وصولاً إلى العاصمة صنعاء.

وجاءت تصريحاته خلال لقائه، في القصر الرئاسي بمدينة عدن، قيادات جبهة مريس وحجر شمال محافظة الضالع، حيث استعرض مستجدات الأوضاع العسكرية وسبل تنسيق الجهود لمواجهة ما وصفه بالتصعيد الحوثي.

ونقل إعلام المجلس الانتقالي الجنوبي عن الزبيدي قوله إن الإجراءات التي نفذتها القوات التابعة للمجلس أخيراً في محافظتي حضرموت والمهرة، جاءت في سياق «تأمين الجنوب»، ليكون منطلقاً لتحرير مناطق الشمال، مؤكداً أن «الوجهة هي صنعاء»، رغم ما عدّه محاولات بعض القوى «حرف مسار المعركة عبر افتعال صراعات جانبية».

الزُّبيدي مجتمعاً في القصر الرئاسي بعدن مع قيادات عسكرية مرابطة في جبهات الضالع (المجلس الانتقالي الجنوبي)

ودعا الزبيدي إلى عدم الالتفات لما وصفها بـ«حملات التشويش والضجيج الإعلامي» الصادرة عن قوى فقدت تأثيرها السياسي، معتبراً أن الالتزام بالمسؤولية الوطنية والشراكة الصادقة يمثل الطريق الوحيد لتحقيق النصر.

وأضاف أن المجلس الانتقالي والقوات الجنوبية «ماضون على العهد» في مواجهة الحوثيين، مجدداً التأكيد على أن المعركة الأساسية يجب أن تبقى موجهة نحو الجماعة المدعومة من إيران.

وتطرق الزبيدي إلى الأوضاع الإنسانية في المناطق الواقعة تحت سيطرة الحوثيين، معرباً عن أسفه لما يتعرض له السكان هناك من «قتل واضطهاد»، ومحملاً قيادات سابقة مسؤولية ما وصفه بالتخلي عن مسار التحرير والانحراف نحو مصالح خاصة، على حساب المصلحة الوطنية العليا، وفق تعبيره.


«اجتماع ميامي»... لتفادي فجوات المرحلة الثانية لـ«اتفاق غزة»

تجمُّع فلسطينيين نازحين لتلقي حصص غذائية في مطبخ خيري بخان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
تجمُّع فلسطينيين نازحين لتلقي حصص غذائية في مطبخ خيري بخان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

«اجتماع ميامي»... لتفادي فجوات المرحلة الثانية لـ«اتفاق غزة»

تجمُّع فلسطينيين نازحين لتلقي حصص غذائية في مطبخ خيري بخان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
تجمُّع فلسطينيين نازحين لتلقي حصص غذائية في مطبخ خيري بخان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

لقاء جديد للوسطاء في مدينة ميامي، بولاية فلوريدا الأميركية، وسط تعثر في الانتقال للمرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، الذي دخل حيز التنفيذ في 10 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

ذلك الاجتماع الذي قال الوسطاء إنه «سيناقش تصوراً للمرحلة الثانية»، يراه خبير «ضمن تحركات تفادي الفجوات، المتمثلة في كيفية تنفيذ الانسحاب الإسرائيلي، ونشر قوات الاستقرار، ونزع سلاح حماس»، مرجحاً «إمكانية بدء خطوات فعلية الشهر المقبل».

وتشهد مدينة ميامي، في ولاية فلوريدا، لقاء المبعوث الخاص للرئيس الأميركي، ستيف ويتكوف، مسؤولين كباراً من دول الوساطة: قطر ومصر وتركيا؛ لدفع المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار قدماً، وفقما أفاد مسؤول في البيت الأبيض «وكالة الصحافة الفرنسية»، الخميس.

وأعلن رئيس وزراء قطر الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، خلال زيارته، الأربعاء، لواشنطن أنه جارٍ التحضير لاجتماع للوسطاء، الجمعة؛ لبحث تصور للدفع بالمرحلة الثانية من اتفاق غزة. وقبيل انطلاق «اجتماع ميامي»، قال عضو المكتب السياسي لـ«حماس»، باسم نعيم في تصريحات: «يتوقع شعبنا من هذه المحادثات أن يتفق الحاضرون على وقف الخروقات والانتهاكات الإسرائيلية كاة، وأن يُلزموا الاحتلال بمقتضيات اتفاق شرم الشيخ».

المحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، قال إن «اجتماع ميامي» ضمن تحركات تفادي الفجوات، المتمثلة في كيفية تنفيذ الانسحاب الإسرائيلي، ونشر قوات الاستقرار، ونزع سلاح حماس، وحال استمرَّ هذا الزخم قد نرى خطوات فعلية الشهر المقبل.

وأكد لـ«الشرق الأوسط» أهمية أن تكون المقاربات التي يجب أن نراها من واشنطن في «اجتماع ميامي» تصبُّ في تنفيذ الاتفاق وليس بناء رفح جديدة وتقسيم القطاع، مشيراً إلى أن «فجوات المرحلة الثانية مرتبطة بتنفيذ انسحاب إسرائيل، ونشر قوات استقرار، ونزع سلاح حماس، وبالتالي أي حديث يجب أن يكون على حلول تنفيذية، وليس الحديث عن تصورات أميركية تخدم على أفكار إسرائيل».

أفراد من الدفاع المدني الفلسطيني يبحثون عن جثث عائلة سالم في أنقاض مبنى دُمِّر عام 2023 في حي الرمال بغزة (أ.ف.ب)

في حين شدَّد وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، الجمعة، خلال لقاء نظيره الروسي سيرغي لافروف في القاهرة على «ضرورة تنفيذ قرار مجلس الأمن 2803 بشأن تنفيذ اتفاق غزة، وتشغيل معبر رفح من الاتجاهين». وقال لافروف: «يجب استمرار الجهود الدبلوماسية لاستدامة وقف إطلاق النار في غزة».

كما استعرض عبد العاطي مع وزير خارجية الجزائر أحمد عطاف، بالقاهرة الجمعة، الجهود المصرية الجارية لتثبيت وقف إطلاق النار وضمان استدامته، وتنفيذ استحقاقات المرحلة الثانية، مع التأكيد على ضرورة نفاذ المساعدات الإنسانية دون عوائق، وتهيئة الظروف لبدء مسار التعافي المبكر وإعادة الإعمار، ورفض أي إجراءات من شأنها تقويض وحدة الأراضي الفلسطينية أو تصفية القضية الفلسطينية، وفق بيان لـ«الخارجية المصرية».

كما رحَّب «المجلس الأوروبي» في ختام قمة رؤساء دول وحكومات دول الاتحاد الـ27 في بروكسل، بقرار مجلس الأمن الدولي رقم 2803 الداعي إلى إنشاء «مجلس سلام»، و«قوة استقرار دولية» مؤقتة في إطار خطة إنهاء الصراع في غزة. وأكد القادة الأوروبيون ضرورة تنفيذ القرار الدولي كاملاً، وضمان استقرار أمني دائم في غزة، مجددين التزام الاتحاد الأوروبي بـ«حل الدولتين» وبالقانون الدولي.

ويرى الرقب أن الجهود المصرية تراهن على تحقيق انفراجة بجانب جهود قطر وتركيا، والوصول لآليات حقيقية لتنفيذ الاتفاق وسط دعم أوروبي لهذا المسار، مؤكداً أن «أي ترتيبات تنتظر لقاء رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وترمب أواخر الشهر وصفه حاسماً».


موجة اعتقالات حوثية إضافية تطول 10 موظفين أمميين

الحوثيون يُرهِبون المجتمع اليمني بالاعتقالات وتلفيق تهم التجسس (إ.ب.أ)
الحوثيون يُرهِبون المجتمع اليمني بالاعتقالات وتلفيق تهم التجسس (إ.ب.أ)
TT

موجة اعتقالات حوثية إضافية تطول 10 موظفين أمميين

الحوثيون يُرهِبون المجتمع اليمني بالاعتقالات وتلفيق تهم التجسس (إ.ب.أ)
الحوثيون يُرهِبون المجتمع اليمني بالاعتقالات وتلفيق تهم التجسس (إ.ب.أ)

صعّدت الجماعة الحوثية من انتهاكاتها ضد الأمم المتحدة والعاملين في المجال الإنساني، باحتجازها عشرة من موظفي المنظمة اليمنيين في صنعاء، الخميس، في أحدث حلقة من سلسلة توقيفات واعتقالات تعسفية طالت عشرات الموظفين خلال السنوات الماضية.

وأعلنت الأمم المتحدة أن عدد موظفيها المحتجزين لدى سلطات الأمر الواقع الحوثية ارتفع إلى 69 شخصاً، مؤكدة رفضها القاطع للاتهامات التي تروّج لها الجماعة بشأن «التجسس» لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل. وقال نائب المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، فرحان حق، إن المنظمة «تؤكد الاحتجاز التعسفي لعشرة من موظفيها»، مشيراً إلى أن جميع المحتجزين يمنيون. ولفت إلى أن هذه الممارسات تأتي في سياق متواصل من التضييق والاستهداف. وتُعدّ تهمة «التجسس» من أخطر التهم في مناطق سيطرة الحوثيين؛ إذ قد تصل عقوبتها إلى الإعدام، وهو ما ترى فيه الأمم المتحدة ومنظمات حقوقية «ذريعة» لتبرير الاعتقالات الواسعة وإخضاع العاملين في المنظمات الدولية، فضلاً عن المعارضين والصحافيين والأكاديميين.

عنصر حوثي أمام مبنى أممي في صنعاء اقتحمته الجماعة (رويترز)

وجاءت موجة الاعتقالات الأخيرة بعد تحركات دبلوماسية أممية مكثفة، كان أبرزها لقاء الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش بسلطان عُمان هيثم بن طارق آل سعيد، الذي يضطلع بدور وساطة في النزاع اليمني.

وحسب إحاطة أممية، شكر غوتيريش السلطان على دعمه المتواصل لعمل الأمم المتحدة، وتبادل الجانبان وجهات النظر حول القضايا الإقليمية والدولية، وفي مقدمها الوضع في اليمن وملف الموظفين الأمميين والعاملين في البعثات الدبلوماسية والمنظمات غير الحكومية المحتجزين لدى الحوثيين.

توقف العمل الإنساني

في إفادة لاحقة للصحافيين، حذّر غوتيريش من أن عمليات الأمم المتحدة «باتت غير قابلة للاستمرار» في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، خصوصاً في صنعاء وشمال غربي البلاد ذي الكثافة السكانية العالية. ودعا جميع الأطراف إلى ممارسة أقصى درجات ضبط النفس وتهدئة التوتر، وحل الخلافات عبر الحوار، مؤكداً أهمية الانخراط الإقليمي البنّاء لدعم جهود الوساطة الأممية وضمان المصالح الأمنية الجماعية.

وكان الأمين العام قد أعلن، عقب عودته من زيارة إلى السعودية وسلطنة عُمان، أن سلطات الحوثيين أحالت ثلاثة من موظفي الأمم المتحدة إلى محكمة جنائية خاصة، مطالباً بإلغاء هذه الإحالات وإسقاط التهم المرتبطة بأدائهم مهامهم الرسمية. وشدد على أن المنظمة «يجب أن يُسمح لها بأداء عملها دون أي تدخل»، مؤكداً استمرار التزام الأمم المتحدة بتقديم الدعم المنقذ للحياة لملايين اليمنيين، رغم التحديات المتزايدة.

مسلحون حوثيون على متن عربة أمنية في أحد شوارع العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء (إ.ب.أ)

وفي مؤشر على خطورة الوضع، كانت الأمم المتحدة قد نقلت، منتصف سبتمبر (أيلول) الماضي، مقر عمل منسقها للشؤون الإنسانية من صنعاء إلى عدن، الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً، بعد تضييق متصاعد من الحوثيين على أنشطة المنظمة.

ويغرق اليمن، منذ نحو عقد، في واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم، ومع استمرار احتجاز موظفي العمل الإنساني وعرقلة عمل المنظمات الدولية، تتزايد المخاوف من تفاقم الكارثة الإنسانية، في وقت تجدّد فيه الأمم المتحدة مطالبتها بالإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع موظفيها المحتجزين.

مداهمات واعتقالات

على الأرض، كشفت مصادر يمنية عن تفاصيل مداهمات نفذتها الجماعة، الخميس، لاعتقال عدد من الموظفين الأمميين من منازلهم في صنعاء. ومن بين المعتقلين الدكتور محمد عبد اللطيف عبد المغني، طبيب عيادة الأمم المتحدة في برنامج الأمم المتحدة الإنمائي والمسؤول عن التقارير والحالات المرضية للموظفين، حيث داهم الحوثيون شقته في حي فج عطان أثناء وجود أطفاله. ويأتي اعتقاله - حسب المصادر - بعد نحو شهرين من توقيف زوجته، حنان الشيباني، الموظفة في برنامج الغذاء العالمي.

موالون للحوثيين خلال حشد في صنعاء دعا إليه زعيم الجماعة (أ.ف.ب)

كما شملت الاعتقالات ماجد السياغي، وهو سائق في برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، وعماد الشريف، وهو سائق في إدارة السلامة والأمن التابعة للأمم المتحدة، إضافة إلى محمد صالح الضبي، مساعد أمن ميداني في الإدارة نفسها، الذي داهم الحوثيون منزله في منطقة قاع القيضي، وصادروا مقتنيات خاصة قبل اقتياده إلى جهة غير معلومة.

ويأتي هذا التصعيد ضمن توجّه أوسع للجماعة الحوثية لاستخدام القضاء الخاضع لها أداةً لتصفية الخصوم وترهيب المجتمع. ففي مطلع ديسمبر (كانون الأول)، أحالت النيابة الجزائية في صنعاء 12 شخصاً إلى المحكمة الجزائية المتخصصة بتهمة «التخابر» مع وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية.

وهي خطوة قالت منظمات حقوقية إنها امتداد لمحاكمات استهدفت مئات اليمنيين خلال السنوات الماضية بذريعة التجسس. كما أفادت وسائل إعلام تابعة للجماعة بأن محكمة حوثية أصدرت الشهر الماضي أحكاماً بالإعدام رمياً بالرصاص بحق 17 شخصاً بتهم مماثلة.