دعت البعثة الأممية لدى ليبيا، وقبيلة القذاذفة، وجمعيات حقوقية، السلطات القضائية إلى سرعة الإفراج عن المعتقلين منذ سنوات في السجون الرسمية التي تشرف عليها الدولة، أو في أماكن الاحتجاز السرّية الواقعة تحت سيطرة الجماعات المسلحة.
ومنذ تسلم حكومة «الوحدة الوطنية» بقيادة عبد الحميد الدُبيبة، مقاليد الحكم في البلاد، تتصاعد المطالب السياسية والاجتماعية والحقوقية بضرورة فتح ملف المعتقلين والموقوفين، وباقي المسجونين من رموز النظام السابق، من بينهم الساعدي، نجل العقيد الراحل معمر القذافي.
وانتقدت «رابطة شباب قبيلة القذاذفة» في المنطقة الوسطى في ليبيا، «استمرار اعتقال أبناء القبيلة وباقي أبناء الوطن في (سجون الظلام)» على أيدي «الذين يدّعون الإنسانية والوطنية وقيام دولة القانون والمؤسسات والوحدة الوطنية»، حسبما قالت الرابطة. وتابعت أن ذلك «يقتل الأمل في بناء الدولة والمصالحة والتحام النسيج الاجتماعي والسلام».
وطالبت قبيلة القذاذفة في بيان لها، مساء أول من أمس، حكومة «الوحدة الوطنية ومجلس النواب والسلطات الأمنية ومنظمات المجتمع المدني وحقوق الإنسان بالتدخل والإفراج عن (الأسرى) والمعتقلين في الداخل والخارج، والتدخل الفوري لعودتهم إلى أهلهم وذويهم، ليلتئم شمل الوطن، ولطي صفحة الماضي والحروب في خطوة صحيحة وحقيقية للمصالحة الوطنية».
وفيما أعلنت القبيلة أمس، الإفراج عن اثنين من أبنائها هما عطية إمجاهد صالح القذافي وجاد الله الفايدي من سجون مدينة مصراتة بعد ما يقارب 10 سنوات من الاعتقال، دعت إلى «سرعة إطلاق باقي السجناء فوراً».
وانتهت القبيلة بالتساؤل: «أي وطن وأي وحدة وبناء تتحدثون عنها والسجان يستمر باعتقال أبناء الوطن من قبائله وتوجهاته كافة دون أي مبرر بعد التئام الحكومات وتوحد مؤسسات الوطن الواحد؟».
وشهدت العاصمة طرابلس خلال الأعوام العشرة الماضية، عمليات خطف وإخفاء واسعة لسياسيين وقضاة وصحافيين وإعلاميين ومواطنين، وسط تنديد منظمات أممية ودولية.
وسبق للأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، أن رصد في تقرير قدمه إلى مجلس الأمن العام الماضي، وجود نحو 8500 شخص محتجز في 28 سجناً رسمياً تشرف عليها وزارة العدل بحكومة «الوفاق» المنتهية الصلاحية، 60% منهم رهن الاحتجاز السابق للمحاكمة، بينهم عدد من النساء، علماً بأن سلطات طرابلس أطلقت سراح عدد من السجناء خلال الأشهر الماضية.
وطالب أحمد عبد الحكيم حمزة، رئيس «اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان بليبيا»، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، حكومة «الوحدة الوطنية» بـ«إعطاء الأولوية للإفراج عن جميع المحتجزين والمعتقلين قسراً بشكل غير قانوني في عموم البلاد، سواء في مراكز الاحتجاز الرسمية التابعة لوزارة الداخلية أو الأجهزة الأمنية التابعة لرئاسة الوزراء أو في أماكن الاحتجاز السرية التي تديرها جماعات مسلحة».
في السياق ذاته، دخلت البعثة الأممية لدى ليبيا على خط المطالبة بالإفراج عن المعتقلين سواء الذين تم توقيفهم بشكل تعسفي مؤخراً، أو الذين غُيِّبوا عن الحياة، ودعت البعثة، في بيان أصدرته مساء أول من أمس، حكومة «الوحدة الوطنية» إلى «إعطاء الأولوية للإفراج عن جميع الأشخاص المحتجزين بشكل غير قانوني في ليبيا سواء في مراكز الاحتجاز الرسمية أو في أماكن الاحتجاز السرية التي تديرها جماعات مسلحة».
كما عبّرت البعثة الأممية عن قلقها بشأن عبد الخالق محمد مصباح إبراهيم، أحد مسؤولي المصرف الليبي الخارجي، الذي قالت إنه «اعتُقل بشكل تعسفي في وسط طرابلس في التاسع من فبراير (شباط) الماضي، من جماعة مسلحة، حسب مزاعم، ولا يزال مصيره مجهولاً».
وناشدت البعثة السلطات القضائية «التدخل الفوري والإفراج عن إبراهيم، أو تقديمه لمحكمة مختصة دون تأخير تماشياً مع الالتزامات الوطنية لليبيا والتعهدات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان».
كانت وزارة العدل في حكومة «الوحدة الوطنية» قد قالت إنها بصدد تشكيل لجنة لبحث ملف المعتقلين الليبيين في سجون طرابلس قريباً، خصوصاً الموقوفين في سجون سرية خارج إطار الدولة.
في غضون ذلك، أشار تقرير لصحيفة «الإندبندنت» إلى مفاوضات سرّية كان يمكن أن تنقذ حياة العقيد القذافي عام 2011، موضحةً أن جانبَي المفاوضات، من النظام والمعارضة، اتفقا على مقترح ينص على أن يتخلى القذافي عن الحكم ويترك السياسة، على أن تستمر مؤسسات الدولة دون تغيير، إلا أن المفاوضات انهارت وقُتل القذافي خلال فراره من معقله بمدينة سرت.
واتهم وزير الخارجية النرويجي السابق جوناس ستور، وهو الذي توسط في الاتفاق، فرنسا وبريطانيا، بمعارضة الحل التفاوضي، وقال إن «لندن وباريس لم تقبلا الخيار الدبلوماسي الذي كان من الممكن الوصول إليه وتجنب انهيار الدولة الليبية»، حسبما جاء في تقرير لقناة «روسيا اليوم» نقلاً عمّا كشفته «الإندبندنت».
وأشار ستور للصحيفة إلى أن «وزيرة الخارجية الأميركية آنذاك، هيلاري كلينتون، كانت حريصة على التفاوض، ولكن فرنسا وبريطانيا لم تكونا مهتمتين».
على صعيد آخر، تضاربت الأنباء بشأن العثور على 11 جثة في مدينة بنغازي مساء أول من أمس، وُجدت ملقاة في قارعة الطريق إلى جوار مصنع الإسمنت بمنطقة الهواري جنوب المدينة وعليها آثار طلق رصاص في الرأس؛ وفيما تداول مواطنون ليبيون صوراً لعدد من الجثث قالوا إنهم عثروا عليها وبها طلقات رصاص، نفت الغرفة الأمنية المشتركة ببنغازي أمس، هذه الأنباء وعدّتها تستهدف «تضليل الرأي العام لزعزعة استقرار الوضع الأمني في المدينة». وهذه ليست المرة الأولى التي يُعثر فيها على جثث ملقاة في بنغازي، فقد عُثر في يوليو (تموز) 2017 على 14 جثة لأشخاص مقيدي الأيدي، في مكبٍّ للقمامة، إلى جوار مقر صندوق الضمان الاجتماعي ببنغازي، وفي أكتوبر (تشرين الأول) من العام ذاته عُثر على 36 جثة وعليها آثار تعذيب وإطلاق رصاص في شرق بنغازي.
ليبيا: دعوات أممية وقبائلية للإفراج عن المعتقلين في «السجون السرية»
ليبيا: دعوات أممية وقبائلية للإفراج عن المعتقلين في «السجون السرية»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة