أعضاء مجلس الأمن يحذرون من «أزمة أعمق» في لبنان

إجماع على خطورة الوضع وانتقاد لاحتفاظ «حزب الله» بأسلحته

TT

أعضاء مجلس الأمن يحذرون من «أزمة أعمق» في لبنان

وصف أعضاء في مجلس الأمن الوضع في لبنان بأنه «بالغ الهشاشة»، محذرين من انزلاقه إلى «أزمة أعمق» في ظل استحكام الخلافات بين زعمائه السياسيين وعدم تمكنهم من تشكيل حكومة تنقذ البلاد من الأزمة الاقتصادية والمعيشية المتردية.
ولا تزال المشاورات جارية لتعيين منسق خاص جديد للأمم المتحدة في لبنان، فيما ردد دبلوماسيون أن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش ينوي تعيين المندوبة البولندية الدائمة جوانا فيرونيكا في هذا المنصب إذا لم يواجه اعتراضات في مجلس الأمن، وعقد أعضاء المجلس جلسة مغلقة استمعوا فيها إلى إحاطتين، الأولى من القائمة بأعمال المنسق الخاص نجاة رشدي والثانية من وكيل الأمين العام لعمليات حفظ السلام جان بيار لاكروا حول تطبيق القرار 1701 وما تواجهه القوة المؤقتة للأمم المتحدة في لبنان «اليونيفيل» في منطقة عملياتها، في ضوء التقرير الأخير للأمين العام.
ووصف دبلوماسيون غربيون الاجتماع لـ«الشرق الأوسط» بأنه «كان قاتماً» في ضوء المعلومات «المُحبِطة» التي أوردها تقرير غوتيريش وأكدتها رشدي في إحاطتها عبر الفيديو، فضلاً عن «المعلومات الواردة من البعثات الدبلوماسية في لبنان، حيث يبدو أن الوضع يتجه إلى أزمة أعمق بدل أن يتحسن». ولاحظ أحد الدبلوماسيين أن «هناك إجماعاً على خطورة الوضع»، علما بأن عدداً من المشاركين في الاجتماع عبروا بوضوح عن أنهم «ضاقوا ذرعاً بالنهج الذي يعتمده الزعماء السياسيون وعجزهم عن التفاهم على الحدود الدنيا للحفاظ على بلدهم». وقال أحدهم لـ«الشرق الأوسط» إن السياسيين اللبنانيين «يعتقدون مخطئين أن الترياق سيأتي من الخارج».
وسأل العدد الأكبر من أعضاء مجلس الأمن رشدي عن تقييمها للتحقيقات الجارية حول اغتيال الناشط اللبناني ضد «حزب الله» لقمان سليم بعد خطفه في منطقة عمليات القوة المؤقتة للأمم المتحدة في لبنان، (اليونيفيل) وما إذا كانت التحقيقات التي تجريها السلطات اللبنانية توصلت إلى كشف أي ملابسات متعلقة بالجريمة. وكذلك سئلت رشدي عن تقييمها لأسباب عدم امتثال لبنان لموجبات القرار 1701، فكررت ما أورده الأمين العام في تقريره الأخير حيال تكرار «الحوادث» على طول الخط الأزرق، مما «يمكن أن يؤدي إلى تصعيد له عواقب وخيمة». وكررت مطالبة السلطات اللبنانية بالسماح لليونيفيل بالوصول إلى الأنفاق التي تعبر الخط الأزرق. وجددت تحذير غوتيريش من أن استمرار احتفاظ «حزب الله» بأسلحة غير مرخصة خارج سيطرة الدولة «يمثل انتهاكاً خطيراً للقرار 1701».
ورداً على سؤال عما إذا كان مجلس الأمن يستعد لاتخاذ أي موقف من التطورات الجارية على الأراضي اللبنانية، استبعد أحد الدبلوماسيين ذلك، قائلاً: «لنكن صريحين، يعرف الجميع أن روسيا في الوقت الراهن لن تسمح حتى بأي بيان أو موقف، لأن مجلس الأمن ليس في أحسن أحواله للقيام بذلك»، ملاحظاً أن الرئاسة الأميركية لمجلس الأمن خلال الشهر الحالي عكست عبر المندوبة الأميركية الدائمة لدى الأمم المتحدة ليندا توماس غرينفيلد أن الولايات المتحدة «لا تزال عند مواقفها المعلنة الداعية إلى دعم الشعب اللبناني ومحاربة الفساد المستشري بين أفراد الطبقة السياسية في لبنان». وأضاف أن ما ظهر في الاجتماع «يظهر إحباط الولايات المتحدة من عدم إحراز أي تقدم في تنفيذ القرار 1701». وكان مكتب رشدي في بيروت أصدر موجزاً إعلامياً حول جلسة مجلس الأمن جاء فيه أن القائمة بأعمال المنسق الخاص «عبرت عن قلقها العميق» إزاء الأزمة الاقتصادية والاجتماعية والمالية في لبنان، مشيرة إلى أن «الأزمة استمرت في التدهور منذ الاجتماع الأخير للمجلس في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، الأمر الذي كان له تداعيات على أمن البلاد واستقرارها». وشددت على «ضرورة أن تتحرك السلطات اللبنانية بشكل عاجل لوقف الأزمة المتفاقمة وضمان الحكم الرشيد» في ضوء تزايد الاحتجاجات الشعبية والمصاعب التي يشعر بها اللبنانيون. وركزت أيضاً على «الحاجة إلى المحاسبة والعدالة الشاملة عبر تحقيقات ذات مصداقية وشفافة وسريعة في انفجار مرفأ بيروت ومقتل لقمان سليم». وحضت على «استمرار وحدة الموقف الدولي لدعم سيادة واستقرار وأمن لبنان».
وعلى الرغم من أن أعضاء مجلس الأمن لم يتخذوا أي موقف رسمي، نقلت رشدي عنهم أنهم «أجمعوا على أن القوى السياسية اللبنانية يجب أن تسهل فوراً تشكيل حكومة كاملة الصلاحيات لتطبيق الإصلاحات الضرورية لوضع لبنان على طريق التعافي واستعادة ثقة الشعب والمجتمع الدولي»، مرحبين بـ«الدور الذي يضطلع به الجيش اللبناني والقوى الأمنية في الحفاظ على سيادة وأمن واستقرار لبنان في هذه الفترة الحساسة للغاية» على الرغم من وطأة الأزمة الاقتصادية والاجتماعية. كما رحبوا بـ«الدور الذي تضطلع به اليونيفيل في دعم الجيش اللبناني للحفاظ على الأمن والاستقرار في جنوب لبنان».


مقالات ذات صلة

تركيا: استهداف إسرائيل لـ«حماس» و«حزب الله» غايته إجبار الفلسطينيين على الهجرة

شؤون إقليمية وزير الخارجية التركي هاكان فيدان (الخارجية التركية)

تركيا: استهداف إسرائيل لـ«حماس» و«حزب الله» غايته إجبار الفلسطينيين على الهجرة

أكدت تركيا أن هدف إسرائيل الرئيسي من ضرب حركة «حماس» في غزة و«حزب الله» في لبنان هو جعل الفلسطينيين غير قادرين على العيش في أرضهم وإجبارهم على الهجرة.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي جندي من قوات «اليونيفيل» في برج مراقبة قرب قرية مارون الراس اللبنانية (إ.ب.أ)

إصابة 4 من جنود «اليونيفيل» الإيطاليين في لبنان وروما تُحمّل «حزب الله» المسؤولية

أصيب 4 جنود إيطاليين في هجوم على مقر قوة الأمم المتحدة المؤقتة بلبنان «اليونيفيل» ببلدة شمع جنوب لبنان، وفق ما أعلن مصدران حكوميان، الجمعة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
الولايات المتحدة​ مسعفون من جمعية «الهلال الأحمر الفلسطيني» ومتطوعون في الفريق الوطني للاستجابة للكوارث (أ.ب)

الأمم المتحدة: عمال الإغاثة الذين قُتلوا في 2024 أعلى من أي عام آخر

أعلن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية أن عدد عمال الإغاثة والرعاية الصحية الذين قُتلوا في 2024 أعلى من أي عام آخر، بحسب «أسوشييتد برس».

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
المشرق العربي الدخان يتصاعد من موقع غارة جوية إسرائيلية استهدفت حياً في الضاحية الجنوبية لبيروت - 22 نوفمبر 2024 وسط الحرب المستمرة بين إسرائيل و«حزب الله» (أ.ف.ب)

الاتحاد الأوروبي يجدد الدعوة لوقف إطلاق نار فوري في لبنان والالتزام بالقرار «1701»

دعت بعثة الاتحاد الأوروبي إلى لبنان، اليوم (الجمعة)، مجدداً إلى التوصل لوقف فوري لإطلاق النار والالتزام بتنفيذ قرار مجلس الأمن «1701» بشكل كامل.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي هاربون من الحرب بلبنان يعبرون منطقة المصنع التي استهدفتها إسرائيل (أ.ف.ب)

الأمم المتحدة: الغارات على تدمر هي «على الأرجح» الأسوأ في سوريا

قالت نجاة رشدي، نائبة المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا، أمام مجلس الأمن: «ازدادت الغارات الإسرائيلية في سوريا بشكل كبير، سواء من حيث الوتيرة أو النطاق».

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

خطوات يمنية لمحاسبة مسؤولين متهمين بالفساد

الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)
الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)
TT

خطوات يمنية لمحاسبة مسؤولين متهمين بالفساد

الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)
الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)

في خطوة إضافية نحو مكافحة الفساد ومنع التجاوزات المالية، أحال رئيس الوزراء اليمني، الدكتور أحمد عوض بن مبارك، رئيس إحدى المؤسسات النفطية إلى النيابة للتحقيق معه، بعد أيام من إحالة مسؤولين في مصافي عدن إلى المحاكمة بتهمة الفساد.

تأتي الخطوة متزامنة مع توجيه وزارة المالية خطاباً إلى جميع الجهات الحكومية على المستوى المركزي والسلطات المحلية، أبلغتها فيه بالامتناع عن إجراء أي عقود للشراء أو التزامات مالية جديدة إلا بعد الحصول على موافقة مسبقة من الوزارة.

الخزينة اليمنية خسرت نحو 3 مليارات دولار نتيجة توقف تصدير النفط (إعلام محلي)

وقال بن مبارك في حسابه على «إكس» إنه أحال ملفاً جديداً في قضايا الفساد إلى النائب العام، ضمن إجراءات مستمرة، انطلاقاً من التزام الحكومة المطلق بنهج مكافحة الفساد وإعلاء الشفافية والمساءلة بوصفه موقفاً وليس مجرد شعار.

وأكد أن الحكومة والأجهزة القضائية والرقابية ماضون في هذا الاتجاه دون تهاون، مشدداً على أنه لا حماية لمن يثبت تورطه في نهب المال العام أو الفساد المالي والإداري، مهما كان موقعه الوظيفي.

في السياق نفسه، أوضح مصدر حكومي مسؤول أن مخالفات جديدة في قضايا فساد وجرائم تمس المال العام تمت إحالتها إلى النائب العام للتحقيق واتخاذ ما يلزم، من خلال خطاب وجّه إلى النيابة العامة، يتضمن المخالفات التي ارتكبها المدير التنفيذي لشركة الاستثمارات النفطية، وعدم التزامه بالحفاظ على الممتلكات العامة والتصرف بشكل فردي في مباحثات تتعلق بنقل وتشغيل أحد القطاعات النفطية.

وتضمن الخطاب -وفق المصدر- ملفاً متكاملاً بالمخالفات التي ارتكبها المسؤول النفطي، وهي الوقائع التي على ضوئها تمت إحالته للتحقيق. لكنه لم يذكر تفاصيل هذه المخالفات كما كانت عليه الحال في إحالة مسؤولين في مصافي عدن إلى المحاكمة بتهمة التسبب في إهدار 180 مليون دولار.

وجدّد المصدر التزام الحكومة المُطلق بالمحافظة على المال العام، ومحاربة جميع أنواع الفساد، باعتبار ذلك أولوية قصوى. وأشار إلى أن القضاء هو الحكم والفيصل في هذه القضايا، حتى لا يظن أحد أنه بمنأى عن المساءلة والمحاسبة، أو أنه فوق القانون.

تدابير مالية

في سياق متصل بمكافحة الفساد والتجاوزات والحد من الإنفاق، عمّمت وزارة المالية اليمنية على جميع الجهات الحكومية عدم الدخول في أي التزامات مالية جديدة إلا بعد موافقتها على المستويات المحلية والمركزية.

تعميم وزارة المالية اليمنية بشأن ترشيد الإنفاق (إعلام حكومي)

وذكر التعميم أنه، وارتباطاً بخصوصية الوضع الاقتصادي الراهن، واستناداً إلى قرار مجلس القيادة الرئاسي رقم 30 لعام 2022، بشأن وضع المعالجات لمواجهة التطورات في الوضع الاقتصادي والمالي والنقدي، وفي إطار دور وزارة المالية بالموازنة بين النفقات والإيرادات، فإنها تهيب بجميع الجهات المشمولة بالموازنة العامة للدولة والموازنات الملحقة والمستقلة الالتزام بالإجراءات القانونية وعدم الدخول في أي التزامات جديدة أو البدء في إجراءات عملية الشراء إلا بعد أخذ الموافقة المسبقة منها.

وأكد التعميم أن أي جهة تُخالف هذا الإجراء ستكون غير مسؤولة عن الالتزامات المالية المترتبة على ذلك. وقال: «في حال وجود توجيهات عليا بشأن أي التزامات مالية فإنه يجري عرضها على وزارة المالية قبل البدء في إجراءات الشراء أو التعاقد».

دعم صيني للإصلاحات

وناقش نائب محافظ البنك المركزي اليمني، محمد باناجة، مع القائم بالأعمال في سفارة الصين لدى اليمن، تشاو تشنغ، مستجدات الأوضاع المتعلقة بتفاقم الأزمات المالية التي يشهدها اليمن، والتقلبات الحادة في أسعار الصرف التي تُعد نتيجة حتمية للوضع الاقتصادي المتدهور في البلاد، والذي أثر بشكل مباشر على القطاع المصرفي والمالي.

وأعاد المسؤول اليمني أسباب هذا التدهور إلى اعتداء «ميليشيات الحوثي» على منشآت تصدير النفط، ما أدى إلى توقف التصدير، الذي يُعد أهم مصدر لتمويل خزينة الدولة بالنقد الأجنبي، والذي تسبب في مضاعفة العجز في الموازنة العامة وميزان المدفوعات.

نائب محافظ البنك المركزي اليمني خلال لقائه القائم بالأعمال الصيني (إعلام حكومي)

وخلال اللقاء الذي جرى بمقر البنك المركزي في عدن، أكد نائب المحافظ أن إدارة البنك تعمل جاهدة على تجاوز هذه التحديات، من خلال استخدام أدوات السياسة النقدية المُتاحة. وأشار إلى استجابة البنك بالكامل لكل البنود المتفق عليها مع المبعوث الأممي، بما في ذلك إلغاء جميع الإجراءات المتعلقة بسحب «نظام السويفت» عن البنوك التي لم تنقل مراكز عملياتها إلى عدن.

وأعاد المسؤول اليمني التذكير بأن الحوثيين لم يتخذوا أي خطوات ملموسة، ولم يصدروا بياناً يعبرون فيه عن حسن نياتهم، في حين أكد القائم بأعمال السفارة الصينية دعم الحكومة الصينية للحكومة اليمنية في كل المجالات، ومنها القطاع المصرفي، للإسهام في تنفيذ الإصلاحات.