أعضاء مجلس الأمن يحذرون من «أزمة أعمق» في لبنان

إجماع على خطورة الوضع وانتقاد لاحتفاظ «حزب الله» بأسلحته

TT
20

أعضاء مجلس الأمن يحذرون من «أزمة أعمق» في لبنان

وصف أعضاء في مجلس الأمن الوضع في لبنان بأنه «بالغ الهشاشة»، محذرين من انزلاقه إلى «أزمة أعمق» في ظل استحكام الخلافات بين زعمائه السياسيين وعدم تمكنهم من تشكيل حكومة تنقذ البلاد من الأزمة الاقتصادية والمعيشية المتردية.
ولا تزال المشاورات جارية لتعيين منسق خاص جديد للأمم المتحدة في لبنان، فيما ردد دبلوماسيون أن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش ينوي تعيين المندوبة البولندية الدائمة جوانا فيرونيكا في هذا المنصب إذا لم يواجه اعتراضات في مجلس الأمن، وعقد أعضاء المجلس جلسة مغلقة استمعوا فيها إلى إحاطتين، الأولى من القائمة بأعمال المنسق الخاص نجاة رشدي والثانية من وكيل الأمين العام لعمليات حفظ السلام جان بيار لاكروا حول تطبيق القرار 1701 وما تواجهه القوة المؤقتة للأمم المتحدة في لبنان «اليونيفيل» في منطقة عملياتها، في ضوء التقرير الأخير للأمين العام.
ووصف دبلوماسيون غربيون الاجتماع لـ«الشرق الأوسط» بأنه «كان قاتماً» في ضوء المعلومات «المُحبِطة» التي أوردها تقرير غوتيريش وأكدتها رشدي في إحاطتها عبر الفيديو، فضلاً عن «المعلومات الواردة من البعثات الدبلوماسية في لبنان، حيث يبدو أن الوضع يتجه إلى أزمة أعمق بدل أن يتحسن». ولاحظ أحد الدبلوماسيين أن «هناك إجماعاً على خطورة الوضع»، علما بأن عدداً من المشاركين في الاجتماع عبروا بوضوح عن أنهم «ضاقوا ذرعاً بالنهج الذي يعتمده الزعماء السياسيون وعجزهم عن التفاهم على الحدود الدنيا للحفاظ على بلدهم». وقال أحدهم لـ«الشرق الأوسط» إن السياسيين اللبنانيين «يعتقدون مخطئين أن الترياق سيأتي من الخارج».
وسأل العدد الأكبر من أعضاء مجلس الأمن رشدي عن تقييمها للتحقيقات الجارية حول اغتيال الناشط اللبناني ضد «حزب الله» لقمان سليم بعد خطفه في منطقة عمليات القوة المؤقتة للأمم المتحدة في لبنان، (اليونيفيل) وما إذا كانت التحقيقات التي تجريها السلطات اللبنانية توصلت إلى كشف أي ملابسات متعلقة بالجريمة. وكذلك سئلت رشدي عن تقييمها لأسباب عدم امتثال لبنان لموجبات القرار 1701، فكررت ما أورده الأمين العام في تقريره الأخير حيال تكرار «الحوادث» على طول الخط الأزرق، مما «يمكن أن يؤدي إلى تصعيد له عواقب وخيمة». وكررت مطالبة السلطات اللبنانية بالسماح لليونيفيل بالوصول إلى الأنفاق التي تعبر الخط الأزرق. وجددت تحذير غوتيريش من أن استمرار احتفاظ «حزب الله» بأسلحة غير مرخصة خارج سيطرة الدولة «يمثل انتهاكاً خطيراً للقرار 1701».
ورداً على سؤال عما إذا كان مجلس الأمن يستعد لاتخاذ أي موقف من التطورات الجارية على الأراضي اللبنانية، استبعد أحد الدبلوماسيين ذلك، قائلاً: «لنكن صريحين، يعرف الجميع أن روسيا في الوقت الراهن لن تسمح حتى بأي بيان أو موقف، لأن مجلس الأمن ليس في أحسن أحواله للقيام بذلك»، ملاحظاً أن الرئاسة الأميركية لمجلس الأمن خلال الشهر الحالي عكست عبر المندوبة الأميركية الدائمة لدى الأمم المتحدة ليندا توماس غرينفيلد أن الولايات المتحدة «لا تزال عند مواقفها المعلنة الداعية إلى دعم الشعب اللبناني ومحاربة الفساد المستشري بين أفراد الطبقة السياسية في لبنان». وأضاف أن ما ظهر في الاجتماع «يظهر إحباط الولايات المتحدة من عدم إحراز أي تقدم في تنفيذ القرار 1701». وكان مكتب رشدي في بيروت أصدر موجزاً إعلامياً حول جلسة مجلس الأمن جاء فيه أن القائمة بأعمال المنسق الخاص «عبرت عن قلقها العميق» إزاء الأزمة الاقتصادية والاجتماعية والمالية في لبنان، مشيرة إلى أن «الأزمة استمرت في التدهور منذ الاجتماع الأخير للمجلس في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، الأمر الذي كان له تداعيات على أمن البلاد واستقرارها». وشددت على «ضرورة أن تتحرك السلطات اللبنانية بشكل عاجل لوقف الأزمة المتفاقمة وضمان الحكم الرشيد» في ضوء تزايد الاحتجاجات الشعبية والمصاعب التي يشعر بها اللبنانيون. وركزت أيضاً على «الحاجة إلى المحاسبة والعدالة الشاملة عبر تحقيقات ذات مصداقية وشفافة وسريعة في انفجار مرفأ بيروت ومقتل لقمان سليم». وحضت على «استمرار وحدة الموقف الدولي لدعم سيادة واستقرار وأمن لبنان».
وعلى الرغم من أن أعضاء مجلس الأمن لم يتخذوا أي موقف رسمي، نقلت رشدي عنهم أنهم «أجمعوا على أن القوى السياسية اللبنانية يجب أن تسهل فوراً تشكيل حكومة كاملة الصلاحيات لتطبيق الإصلاحات الضرورية لوضع لبنان على طريق التعافي واستعادة ثقة الشعب والمجتمع الدولي»، مرحبين بـ«الدور الذي يضطلع به الجيش اللبناني والقوى الأمنية في الحفاظ على سيادة وأمن واستقرار لبنان في هذه الفترة الحساسة للغاية» على الرغم من وطأة الأزمة الاقتصادية والاجتماعية. كما رحبوا بـ«الدور الذي تضطلع به اليونيفيل في دعم الجيش اللبناني للحفاظ على الأمن والاستقرار في جنوب لبنان».


مقالات ذات صلة

«الصحة العالمية» تخفض موازنتها 20 % بعد انسحاب واشنطن

العالم المدير العام لمنظّمة الصحّة العالمية تيدروس أدهانوم غيبرييسوس (أ.ف.ب)

«الصحة العالمية» تخفض موازنتها 20 % بعد انسحاب واشنطن

اقترحت منظمة الصحة العالمية خفض موازنتها بنسبة 20 في المائة إثر قرار أميركا، أكبر مساهم فيها، الانسحاب، الأمر الذي يستدعي تقليص مهماتها وأفراد طاقمها.

«الشرق الأوسط» (جنيف)
العالم مكتب برنامج الأغذية العالمي في مدينة ميتكينا شمال شرقي ميانمار يوم 19 مارس 2025 (أ.ف.ب)

برنامج الأغذية العالمي يحذّر من أزمة مع تراجع التمويل 40 %

حذّر برنامج الأغذية العالمي، الجمعة، من أنه يواجه أزمة «غير مسبوقة» مع تراجع التمويل بنسبة 40 في المائة هذا العام.

«الشرق الأوسط» (روما)
المشرق العربي الدخان يتصاعد من مخيم البريج وسط غزة بعد غارة إسرائيلية (أ.ف.ب)

الأمم المتحدة: أعمال الحرب الإسرائيلية في غزة تحمل بصمات «جرائم وحشية»

قال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية اليوم (الجمعة) إن الإجراءات الإسرائيلية في غزة والتي تشمل غارات على مناطق مأهولة بالسكان تحمل بصمات «جرائم وحشية»

«الشرق الأوسط» (جنيف)
أوروبا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال فعالية في مدينة مورمانسك الساحلية الواقعة في الدائرة القطبية الشمالية بروسيا... 27 مارس 2025 (أ.ف.ب)

بوتين يقترح وضع أوكرانيا تحت إدارة مؤقتة بإشراف أممي

اقترح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إمكانية إخضاع أوكرانيا لإدارة مؤقتة؛ للسماح بإجراء انتخابات جديدة، وتوقيع اتفاقات رئيسية؛ بهدف التوصُّل إلى تسوية.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
العالم العربي المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (إ.ب.أ)

المبعوث الأممي لليمن: تحقيق الاستقرار والسلام ضرورة ملحّة لليمنيين وللمنطقة

أكد مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى اليمن، هانس غروندبرغ، اليوم (الخميس)، أن تحقيق الاستقرار والسلام في البلاد بات ضرورة ملحة لليمنيين وللمنطقة بأسرها.


تكتُّم حوثي على الخسائر وتكثيف أميركي للضربات

مقاتلة أميركية تنطلق من على متن حاملة طائرات لضرب الحوثيين في اليمن (أ.ب)
مقاتلة أميركية تنطلق من على متن حاملة طائرات لضرب الحوثيين في اليمن (أ.ب)
TT
20

تكتُّم حوثي على الخسائر وتكثيف أميركي للضربات

مقاتلة أميركية تنطلق من على متن حاملة طائرات لضرب الحوثيين في اليمن (أ.ب)
مقاتلة أميركية تنطلق من على متن حاملة طائرات لضرب الحوثيين في اليمن (أ.ب)

في مستهل الأسبوع الثالث من الحملة الأميركية التي أمر بها الرئيس دونالد ترمب ضد الحوثيين، ضربت عشرات الغارات، ليل الجمعة- السبت، مواقع وثكنات محصنة ومستودعات أسلحة مفترضة في صنعاء والجوف وفي صعدة؛ حيث المعقل الرئيسي للجماعة، ضمن منحى تصاعدي للغارات التي طالت حتى الآن معظم المحافظات المختطفة في شمالي اليمن.

ومع اختفاء البيانات العسكرية الحوثية خلال اليومين الأخيرين، بخصوص تبنِّي هجمات جديدة ضد إسرائيل والقوات الأميركية في البحر الأحمر، لا تزال الجماعة المدعومة من إيران تتكتم على حجم خسائرها جرَّاء الغارات التي بلغت نحو 230 غارة جوية وبحرية خلال أسبوعين.

واعترف الإعلام الحوثي بتلقي 14 غارة على محيط مدينة صعدة، وبغارتين على مديرية سحار في محافظة صعدة، وادعت أن إحدى الغارات في محيط المدينة أدت إلى مقتل شخص وإصابة 4 آخرين بعد أن ضربت إحدى المزارع.

وفي محافظة الجوف (شمال شرقي صنعاء) أقرت الجماعة الحوثية باستقبال 8 غارات ضربت مواقع الجماعة في مديرية الحزم؛ حيث مركز المحافظة، دون الحديث عن الأضرار والخسائر.

أما في صنعاء، فقد استهدفت 8 غارات معسكر السواد في جنوبي المدينة؛ حيث يعتقد أن الضربات استهدفت مستودعات للأسلحة وثكنات ومخابئ للقيادة والسيطرة.

وفي حين لم يتحدث الجيش الأميركي عن طبيعة الأهداف المقصوفة ولا عدد الغارات، جاءت هذه الضربات بعد 44 غارة استهدفت صنعاء و5 محافظات يمنية، في ليل الخميس- الجمعة.

وتضاف الضربات إلى نحو ألف غارة وضربة بحرية أميركية وبريطانية استقبلتها الجماعة الحوثية في عهد الرئيس الأميركي جو بايدن، دون أن يحدَّ ذلك من قدرتها على الهجمات في البحر وباتجاه إسرائيل.

وكان ترمب قد أمر الجيش بتنفيذ حملة بدأت في 15 مارس (آذار) الحالي، ضد الحوثيين المدعومين من إيران، لإرغامهم على التوقف عن تهديد الملاحة في البحر الأحمر وخليج عدن، وتوعدهم بـ«القوة المميتة» وبـ«القضاء عليهم تماماً»، دون تحديد سقف زمني لانتهاء الحملة.

وبينما تزعم الجماعة أنها تساند الفلسطينيين في غزة، كانت قد استأنفت هجماتها الصاروخية باتجاه إسرائيل منذ 17 مارس الحالي؛ حيث أطلقت نحو 9 صواريخ باليستية أعلن الجيش الإسرائيلي اعتراضها جميعها دون أضرار.

لا نتائج حاسمة

وعلى الرغم من تصريحات إدارة ترمب بأن هذه الحملة ستكون مختلفة عما كانت عليه الحال في عهد إدارة بايدن، فلا تتوقع الحكومة اليمنية ولا المراقبون العسكريون نتائج حاسمة ضد الحوثيين، بسبب عدم وجود قوة على الأرض يمكنها إنهاء تهديد الجماعة بشكل نهائي.

ويرى مجلس القيادة الرئاسي اليمني أن الحل ليس في الضربات الأميركية لإنهاء التهديد الحوثي، وإنما في دعم القوات الحكومية على الأرض، وتمكينها من تحرير الحديدة وموانيها، وصولاً إلى صنعاء وصعدة، لاستعادة المؤسسات، وإنهاء الانقلاب على الشرعية.

الحوثيون يشيِّعون في صنعاء أحد عناصرهم القتلى (أ.ب)
الحوثيون يشيِّعون في صنعاء أحد عناصرهم القتلى (أ.ب)

ومنذ عودة الجماعة الحوثية للتصعيد، تبنَّت إطلاق 9 صواريخ باليستية باتجاه إسرائيل، كما تبنت مهاجمة القطع العسكرية الأميركية في شمالي البحر الأحمر، بما فيها حاملة الطائرات «ترومان» نحو 10 مرات، دون دلائل عن تأثير هذه الهجمات.

وبعد دخول الهدنة بين إسرائيل وحركة «حماس» حيز التنفيذ في 19 يناير (كانون الثاني) الماضي، أعلنت الجماعة التوقف عن هجماتها البحرية ونحو إسرائيل، قبل أن تقفز مجدداً للانخراط في الصراع مع تعثر المرحلة الثانية من الهدنة.

وتقول الحكومة اليمنية إن هجمات الجماعة الحوثية لا تساند الفلسطينيين؛ بل تضرهم أكثر، متهمة إياها بتنفيذ أجندة إيران في المنطقة، والتهرب من استحقاقات السلام المتعثر.

ودخل الحوثيون على خط التصعيد بعد السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023، وأطلقوا نحو 200 صاروخ وطائرة مُسيَّرة تجاه إسرائيل، دون أن يكون لها أي تأثير عسكري، باستثناء مقتل شخص واحد في 19 يونيو (حزيران) الماضي، حينما انفجرت مُسيَّرة بإحدى الشقق في تل أبيب.

وتبنَّت الجماعة منذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، حتى بدء هدنة غزة، مهاجمة 211 سفينة، وأدَّت الهجمات إلى غرق سفينتين، وقرصنة السفينة «غالاكسي ليدر»، ومقتل 4 بحارة.