الرئيس الأميركي: نصيحتي لمن يخلفني أن {يتحاشى المواضيع التي تفرق}

قال لـ«فوكس» الإلكترونية إن سياسته بين {الواقعي} و{المثالي}

الرئيس الأميركي: نصيحتي لمن يخلفني  أن {يتحاشى المواضيع التي تفرق}
TT

الرئيس الأميركي: نصيحتي لمن يخلفني أن {يتحاشى المواضيع التي تفرق}

الرئيس الأميركي: نصيحتي لمن يخلفني  أن {يتحاشى المواضيع التي تفرق}

بسبب ضغوط وارتفاع صوت الأغلبية الجمهورية الجديدة في الكونغرس، وحرصا على تحقيق إنجازات خلال العامين الباقيين له في البيت الأبيض، لجأ الرئيس باراك أوباما إلى الإعلام الجديد في الإنترنت، وتحدث لساعتين مع موقع «فوكس» (هذا ليس تلفزيون «فوكس». يبدأ الأول بحرف «في»، ويبدأ الثاني بحرف «إف»).
وفي حديث طويل شمل العام والخاص، اشتكى أوباما من كثرة مشاكل الحكم، ومن كثرة المسؤوليات عليه، وهو يحس أحيانا، بمفرده في مكتبه في البيت الأبيض، بأن كل هموم العالم فوق كتفيه. وقال «أتسلم تقريرا مملوءا بأخبار الموت والدمار والفوضى حول العالم كل صباح مع فنجان القهوة». وأضاف «تزيد المسؤولية لأنني، طبعا، أحس أحاسيس الشعب الأميركي. وطبيعي أن يقلق الشعب الأميركي عندما يكون هناك ناس عنيفون، يقطعون الرؤوس، أو يطلقون النار بشكل عشوائي على ناس في باريس».
وتحدث أوباما عن الملف الإيراني، وعن ضغوط في الكونغرس لفرض مزيد من العقوبات على إيران، وقال «يمكن أن نفترض أنه إذا تم التوصل إلى اتفاق فإنه سيكون اتفاقا يمكن للعالم أجمع أن يراه»، يشير هنا إلى اتهامات له من قادة في الحزب الجمهوري في الكونغرس، ومن اللوبي الإسرائيلي عن وجود بنود سرية يبحثها أوباما مع إيران خلال المفاوضات الحالية.
وعندما سئل عن نصيحته للرئيس الذي سيخلفه في البيت الأبيض بعد عامين، قال «يتحاشى المواضيع التي تفرق».
أجرى المقابلة ازرا كلاين، رئيس تحرير صحيفة «فوكس» الإلكترونية، وكان تنقل في صحف أميركية رئيسية، ويعتبر من رواد صحافة الإنترنت،
وكان من بين الأسئلة «لماذا وصلت الولايات المتحدة إلى عصر فيه الشركات تبلي بلاء حسنا، لكن العمال يواجهون المشاكل؟». وأسهب أوباما في الحديث عن تطور التكنولوجيا، و«زوال مهن مثل: وكلاء السفر، وصرافي البنوك، والموظفين في المراتب المتوسطة».. وعن «العولمة، وزيادة المنافسة لنا من دول أخرى» و«انكماش نقابات العمال».
وأسهب أوباما في الحديث، أيضا، عندما سئل إذا كان رئيسا «إيدياليست» (مثاليا)، أو «رياليست» (واقعيا).. وتحدث حديثا فلسفيا عن الاختلافات بين الاثنين. وخلص إلى أن سياسته خليط من هذا وذاك. وأضاف «أعتقد أن أحسن وصف لسياستي الخارجية هو اعتقادي القوي بعدم وجود حلول عسكرية لكل مشكلة في القرن الـ21».
وأسهب أوباما في الحديث، أيضا، عن صحافة الإنترنت. ووصف موقع «فوكس» الذي أجرى معه المقابلة بأنه «برينياك نيرد» (جنون ذكي). وأبدى إعجابه بما سماها «اختراعات لا تصدق، وأشياء لا تصدق» في الإنترنت. وقال إن «الإنترنت هو المستقبل».
وكان أوباما تحدث إلى عدد من رؤساء تحرير «بلوغات» (مواقع آراء) في الإنترنت، وذلك بعد أن ألقى خطاب «حالة الاتحاد» السنوي في الكونغرس. من بين هؤلاء الكوميدي غلو زيل، الذي يتابعه ملايين القراء في الإنترنت.
ووصفت صحيفة «كريستيان سيانس مونيتور»، وهي صحيفة تقليدية، مقابلة أوباما مع موقع «فوكس» بأنها «نوع جديد من المقابلات»، خاصة لأن الأسئلة كانت سياسية واجتماعية وشخصية، ولأن أوباما لم يتردد في الإجابة عنها. وعندما سئل عن أحلامه لتحسين مستوى العمل السياسي في واشنطن، اقترح:
أولا: إلغاء «فليبستار» (حق أي عضو في الكونغرس ليتحدث من دون نهاية وهو يحاول قتل موضوع نقاش معين). واعترف أوباما بأن الكونغرس هو الذي يقدر على تغيير هذه العادة، وليس هو.
ثانيا: منح الرئيس الجديد أول عامين كفرصة له لينفذ برامجه الانتخابية. واعترف أوباما بأن آخرين لا يتفقون معه عندما يقول إن أول عامين له في البيت الأبيض كانا أحسن أول عامين في التاريخ الحديث.
ثالثا: تعديل الدستور لوقف تأثير الأغنياء على العمل السياسي. واعترف أوباما بأن هذا شبه مستحيل.
غير أن أكثر موضوع تعرض لأخذ ورد بين أوباما والصحافي كان موضوع الإرهاب. وجادله الصحافي فقال إن الهجوم على متجر يهودي في باريس الشهر الماضي كان «عشوائيا». وعندما قال إن تنظيم داعش يمثل منظمة إجرامية انتشرت بسبب انعدام القانون والنظام.
وعندما سئل إذا كان الإعلام يضخم من خطر الإرهاب، وافق أوباما بأن وسائل الإعلام «تبالغ في وصف التهديد الذي يشكله» إرهاب المتشددين. وسأل أوباما الصحافي «ما هو القول الشهير وسط الصحافيين عن نشر الأخبار؟»، وأجاب أوباما على سؤاله «إف بليدز، آت ليدرز» (إذا الخبر عن عنف، فيجب أن يكون خبرا رئيسيا).
وأضاف أوباما مخاطبا الصحافي «أنتم تركزون على الأخبار المحلية الخاصة، مثل الجريمة والحرائق، لأن هذا هو ما يشاهده الناس، ولأنه يرفع درجة القناة التلفزيونية. وفي مجال الأخبار العالمية تركزون، لهذا السبب، على الإرهاب، والفساد، والفوضى، إلى جانب تحطم طائرة وعدد قليل من الأشياء الأخرى المثيرة».
وأصر أوباما على أن أخبار الكوارث، وسقوط الطائرات، والإرهاب في أماكن مثل باريس، وأوتاوا، ونيويورك، وبيشاور، وسيدني، هي أخبار مثيرة. لكن، لا يهتم الصحافيون كثيرا بأخبار مثل الانخفاض العالمي في معدلات وفيات الرضع، وتغير المناخ.



بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
TT

بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)

بعد التدهور الأخير في الأوضاع الأمنية التي تشهدها البيرو، بسبب الأزمة السياسية العميقة التي نشأت عن عزل الرئيس السابق بيدرو كاستيو، وانسداد الأفق أمام انفراج قريب بعد أن تحولت العاصمة ليما إلى ساحة صدامات واسعة بين القوى الأمنية والجيش من جهة، وأنصار الرئيس السابق المدعومين من الطلاب من جهة أخرى، يبدو أن الحكومات اليسارية والتقدمية في المنطقة قررت فتح باب المواجهة السياسية المباشرة مع حكومة رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي، التي تصرّ على عدم تقديم موعد الانتخابات العامة، وتوجيه الاتهام للمتظاهرين بأنهم يستهدفون قلب النظام والسيطرة على الحكم بالقوة.
وبدا ذلك واضحاً في الانتقادات الشديدة التي تعرّضت لها البيرو خلال القمة الأخيرة لمجموعة بلدان أميركا اللاتينية والكاريبي، التي انعقدت هذا الأسبوع في العاصمة الأرجنتينية بوينوس آيريس، حيث شنّ رؤساء المكسيك والأرجنتين وكولومبيا وبوليفيا هجوماً مباشراً على حكومة البيرو وإجراءات القمع التي تتخذها منذ أكثر من شهر ضد المتظاهرين السلميين، والتي أدت حتى الآن إلى وقوع ما يزيد عن 50 قتيلاً ومئات الجرحى، خصوصاً في المقاطعات الجنوبية التي تسكنها غالبية من السكان الأصليين المؤيدين للرئيس السابق.
وكان أعنف هذه الانتقادات تلك التي صدرت عن رئيس تشيلي غابرييل بوريتش، البالغ من العمر 36 عاماً، والتي تسببت في أزمة بين البلدين مفتوحة على احتمالات تصعيدية مقلقة، نظراً لما يحفل به التاريخ المشترك بين البلدين المتجاورين من أزمات أدت إلى صراعات دموية وحروب دامت سنوات.
كان بوريتش قد أشار في كلمته أمام القمة إلى «أن دول المنطقة لا يمكن أن تدير وجهها حيال ما يحصل في جمهورية البيرو الشقيقة، تحت رئاسة ديما بولوارتي، حيث يخرج المواطنون في مظاهرات سلمية للمطالبة بما هو حق لهم ويتعرّضون لرصاص القوى التي يفترض أن تؤمن الحماية لهم».
وتوقّف الرئيس التشيلي طويلاً في كلمته عند ما وصفه بالتصرفات الفاضحة وغير المقبولة التي قامت بها الأجهزة الأمنية عندما اقتحمت حرم جامعة سان ماركوس في العاصمة ليما، مذكّراً بالأحداث المماثلة التي شهدتها بلاده إبّان ديكتاتورية الجنرال أوغوستو بينوتشي، التي قضت على آلاف المعارضين السياسيين خلال العقود الثلاثة الأخيرة من القرن الماضي.
وبعد أن عرض بوريتش استعداد بلاده لمواكبة حوار شامل بين أطياف الأزمة في البيرو بهدف التوصل إلى اتفاق يضمن الحكم الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان، قال «نطالب اليوم، بالحزم نفسه الذي دعمنا به دائماً العمليات الدستورية في المنطقة، بضرورة تغيير مسار العمل السياسي في البيرو، لأن حصيلة القمع والعنف إلى اليوم لم تعد مقبولة بالنسبة إلى الذين يدافعون عن حقوق الإنسان والديمقراطية، والذين لا شك عندي في أنهم يشكلون الأغلبية الساحقة في هذه القمة».
تجدر الإشارة إلى أن تشيلي في خضمّ عملية واسعة لوضع دستور جديد، بعد أن رفض المواطنون بغالبية 62 في المائة النص الدستوري الذي عرض للاستفتاء مطلع سبتمبر (أيلول) الفائت.
كان رؤساء المكسيك وكولومبيا والأرجنتين وبوليفيا قد وجهوا انتقادات أيضاً لحكومة البيرو على القمع الواسع الذي واجهت به المتظاهرين، وطالبوها بفتح قنوات الحوار سريعاً مع المحتجين وعدم التعرّض لهم بالقوة.
وفي ردّها على الرئيس التشيلي، اتهمت وزيرة خارجية البيرو آنا سيسيليا جيرفاسي «الذين يحرّفون سرديّات الأحداث بشكل لا يتطابق مع الوقائع الموضوعية»، بأنهم يصطادون في الماء العكر. وناشدت المشاركين في القمة احترام مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى، والامتناع عن التحريض الآيديولوجي، وقالت «يؤسفني أن بعض الحكومات، ومنها لبلدان قريبة جداً، لم تقف بجانب البيرو في هذه الأزمة السياسية العصيبة، بل فضّلت تبدية التقارب العقائدي على دعم سيادة القانون والنصوص الدستورية». وأضافت جيرفاسي: «من المهين القول الكاذب إن الحكومة أمرت باستخدام القوة لقمع المتظاهرين»، وأكدت التزام حكومتها بصون القيم والمبادئ الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون، رافضة أي تدخّل في شؤون بلادها الداخلية، ومؤكدة أن الحكومة ماضية في خطتها لإجراء الانتخابات في الموعد المحدد، ليتمكن المواطنون من اختيار مصيرهم بحرية.
ويرى المراقبون في المنطقة أن هذه التصريحات التي صدرت عن رئيس تشيلي ليست سوى بداية لعملية تطويق إقليمية حول الحكومة الجديدة في البيرو بعد عزل الرئيس السابق، تقوم بها الحكومات اليسارية التي أصبحت تشكّل أغلبية واضحة في منطقة أميركا اللاتينية، والتي تعززت بشكل كبير بعد وصول لويس إينياسيو لولا إلى رئاسة البرازيل، وما تعرّض له في الأيام الأخيرة المنصرمة من هجمات عنيفة قام بها أنصار الرئيس السابق جاير بولسونارو ضد مباني المؤسسات الرئيسية في العاصمة برازيليا.