أميركا تؤسس وكالة لمحاربة الهجمات الإلكترونية

مهمتها جمع معلومات استخباراتية من مختلف الهيئات الحكومية على غرار المركز القومي لمكافحة الإرهاب

أحد موظفي وزارة الأمن الداخلي يتابع خطاب الرئيس الأميركي باراك أوباما عن هجمات الإنترنت في إرلنجتون الشهر الماضي {رويترز}
أحد موظفي وزارة الأمن الداخلي يتابع خطاب الرئيس الأميركي باراك أوباما عن هجمات الإنترنت في إرلنجتون الشهر الماضي {رويترز}
TT

أميركا تؤسس وكالة لمحاربة الهجمات الإلكترونية

أحد موظفي وزارة الأمن الداخلي يتابع خطاب الرئيس الأميركي باراك أوباما عن هجمات الإنترنت في إرلنجتون الشهر الماضي {رويترز}
أحد موظفي وزارة الأمن الداخلي يتابع خطاب الرئيس الأميركي باراك أوباما عن هجمات الإنترنت في إرلنجتون الشهر الماضي {رويترز}

تعتزم إدارة أوباما إنشاء هيئة جديدة لمكافحة التهديد المتنامي المتمثل في هجمات الإنترنت، وستكون مهمتها هي جمع معلومات استخباراتية من مختلف الهيئات الحكومية عند حدوث أزمة. وسيتم إنشاء الهيئة على غرار المركز القومي لمكافحة الإرهاب، الذي تم إنشاؤه في أعقاب هجمات الحادي عشر من سبتمبر (أيلول)، وسط انتقادات لفشل الحكومة في تبادل معلومات استخباراتية كان من شأنها أن تكشف مخطط «القاعدة».
وعلى مدى الأعوام القليلة الماضية، أصابت سلسلة من هجمات الإنترنت الخطيرة شركات وشبكات حكومية أميركية، مما زاد من خطر تلك التهديدات بالنسبة لصناع السياسة والصناعات. ونتيجة لعمليات تعطيل لمواقع إلكترونية لمصارف كبرى، مشكوك في أن تكون لإيران صلة بها، واختراق روسي لشبكات كومبيوتر غير سرية للبيت الأبيض، وعملية اختراق من كوريا الشمالية لشركة «سوني بيكتشرز»، ظهر شبح حدوث عواقب مدمرة في حال تدمير بنية تحتية مهمة.
وقالت ليزا موناكو، مساعدة الرئيس لشؤون الأمن الداخلي ومكافحة الإرهاب، في مقابلة: «يعد خطر هجمات الإنترنت واحد من أكثر الأخطار التي نواجهها. وسوف يستفيد صناع السياسة والشركات من وجود مصدر سريع للمعلومات الاستخباراتية». وأضافت: «سيساعد ذلك في ضمان اتباعنا لنهج متكامل شامل في التعامل مع هجمات الإنترنت مثل الذي اتخذناه في مكافحة الإرهاب».
ومن المقرر أن تعلن موناكو عن إنشاء مركز الاستخبارات المتكامل لمواجهة تهديدات الإنترنت في خطاب بمركز ويلسون في واشنطن.
وقال ريتشارد كلارك، المسؤول السابق في شؤون مكافحة الإرهاب في البيت الأبيض: «إنها فكرة رائعة. وجاءت متأخرة». وهناك تساؤلات أخرى حول سبب الحاجة إلى مثل هذه الهيئة الجديدة في وقت تمتلك فيه الحكومة الكثير من الهيئات المختصة بمراقبة وتحليل بيانات تهديدات الإنترنت. ولدى كل من قسم الأمن الداخلي، ومكتب التحقيقات الفيدرالي، ووكالة الأمن القومي، مراكز تتولى عمليات الإنترنت، ويستطيع كل من مكتب التحقيقات الفيدرالي، ووكالة الأمن القومي، تبادل المعلومات سعيا للتكامل بحسب ما أشارت ميليسا هاثاواي، المنسقة السابقة لأمن الإنترنت في البيت الأبيض ورئيسة شركة «هاثاواي غلوبال ستراتيجيز» الاستشارية. وقالت: «ينبغي ألا ننشئ المزيد من الهيئات ونخلق مزيدا من البيروقراطية. نحن بحاجة إلى دفع الهيئات الموجودة بالفعل لتصبح أكثر فاعلية وكفاءة ومساءلتها».
ولا تعد فكرة إقامة هيئة مركزية لتحليل تهديدات الإنترنت، وتنسيق استراتيجية لمكافحتها، بالفكرة الجديدة، لكن في ظل تزايد تلك التهديدات، ظهرت الفكرة من جديد. وفكرت موناكو، التي لديها خبرة عشر سنوات في مكافحة الإرهاب في الحكومة، في إمكانية تطبيق الدروس المستفادة من مكافحة الإرهاب في مجال أمن الإنترنت. ورأت بصفتها صانعة سياسات أنها تستطيع سريعا تلقي تقييم استخباراتي شامل بشأن أخر تهديد إرهابي من المركز القومي لمكافحة الإرهاب، لكن لا يكون هذا ممكنا في مجال الإنترنت. وأضافت قائلة: «نحن بحاجة إلى إنشاء ذاكرة لقدراتنا المتعلقة بالرد على هجمات الإنترنت كما هو الحال في التعامل مع الإرهاب». وخلال الصيف الماضي وجهت موناكو مايكل دانييل، منسق أمن الإنترنت في البيت الأبيض، نحو معرفة ما إذا كان هناك إمكانية لتطبيق الدروس المستفادة من عالم مكافحة الإرهاب في التعامل مع تهديدات الإنترنت. كذلك أعادت إحياء مجموعة الاستجابة لهجمات الإنترنت من العاملين رفيعي المستوى من هيئات حكومية مختلفة على غرار مجموعة مشابهة تعمل في مجال مكافحة الإرهاب وتعقد اجتماعات أسبوعية وفي وقت الأزمات. وخلص فريق دانييل إلى وجود العيوب، التي أسهمت في وقوع هجمات الحادي عشر من سبتمبر عام 2001، وهي عدم ترابط المعلومات الاستخباراتية والفشل في جمع تحليلات من مختلف الأجهزة الحكومية، في مجال هجمات الإنترنت. وأوصى الفريق بإنشاء المركز القومي لمكافحة الإرهاب لأمن الإنترنت، لكن قاومت بعض الهيئات هذا التوجه في البداية. على الجانب الآخر يرى المؤيدون لهذا التوجه أن المركز الجديد لن يدير عمليات أو يقوم بعمل آخرين نيابة عنهم، بل سيدعم عملهم ويقدم تحليلات مفيدة بحيث يتمكن مكتب التحقيقات الفيدرالي من التركيز على التحقيقات، ويتمكن قسم الأمن الداخلي من التركيز على العمل مع القطاع الخاص، على حد قول مسؤولين. وخلال أسبوع عيد الشكر، انتشرت أنباء عن وقوع عملية اختراق لشركة «سوني بيكتشرز إنترتينمنت»؛ وخلال الأيام التالية أصبح من الواضح أن الاختراق كان كبيرا وخطيرا، حيث باتت أجهزة الكومبيوتر عديمة الفائدة، وتمت سرقة عدد هائل من رسائل البريد الإلكتروني، وبيانات العاملين، ونشرها. وأراد الرئيس أوباما، أن يعرف التفاصيل، ومدى تأثير العملية، ومن يقف وراءها. ودعت موناكو إلى اجتماعات بين الهيئات الأساسية المشاركة في التحقيقات، ومن بينها مكتب التحقيقات الفيدرالي، ووكالة الأمن القومي، والاستخبارات المركزية. وبحسب ما أفاد به أحد المشاركين في الاجتماعات، سألت موناكو قائلة: «من فعل ذلك في اعتقادنا؟». وقال: «كان هناك ستة آراء». وأشار الجميع إلى كوريا الشمالية، لكن تفاوتت درجة يقينهم وتأكدهم من ذلك. وكانت الفجوة الكبرى هي عدم وجود أي طرف مسؤول عن تقديم تحليل يضم كل الآراء التي شاركت بها الهيئات. وفي النهاية طلبت موناكو من مكتب التحقيقات الفيدرالي القيام بمثل هذا التحليل والتنسيق مع الهيئات والأجهزة الأخرى.
وقد يبدو مكتب مدير الاستخبارات القومية، الذي يشرف على المركز القومي لمكافحة الإرهاب، الجهة الطبيعية التي ينبغي أن تقدم مثل هذا التحليل، لكن فريق العمل الصغير المختص بأمن الإنترنت فيه يركز على التحليلات الاستراتيجية طويلة المدى، لا على الجمع السريع للمعلومات الاستخباراتية بشأن مشكلة بعينها من كل المصادر.
وكانت واقعة «سوني» هي الدافع وراء إنشاء المركز الجديد. وبدأت موناكو القيام بجولات في البيت الأبيض بهدف حشد الدعم للمركز بحسب ما أوضح مسؤولون. ولمح أوباما في خطاب حالة الاتحاد بتاريخ 20 يناير (كانون الثاني) إلى المركز بقوله، إن الحكومة سوف تعمل على تحقيق التكامل في المعلومات الاستخباراتية من أجل التصدي إلى تهديدات الإنترنت.. «كما فعلنا في مكافحة الإرهاب». وسوف يصدر أوباما مذكرة بإنشاء هذا المركز، الذي سيكون تابعا لمكتب مدير الاستخبارات القومية. وسوف يبدأ المركز بطاقم عمل قوامه نحو 50 شخصا بميزانية قدرها 35 مليون دولار، على حد قول مسؤولين.
وقال ماثيو أولسن، مدير سابق للمركز القومي لمكافحة الإرهاب، إن جودة تحليل التهديدات ستعتمد على التدفق المستمر للبيانات من القطاع الخاص، الذي يدير الطاقة في البلاد، وأنظمة مالية وغيرها من الأنظمة. وقال أولسن: «سيكون من بين التحديات تحديد طرق العمل عن كثب مع القطاع الخاص الذي يتعرض كثيرا إلى هجمات الإنترنت».
وتحتاج الحكومة والصناعات إلى القيام بالمزيد من الاستثمار في التكنولوجيا، وتبادل المعلومات، وتدريب الأفراد، وكذا في ردع وعقاب منفذي تلك الهجمات، على حد قول مايكل ليتر، مدير سابق للمركز القومي لمكافحة الإرهاب يعمل حاليا كنائب رئيس تنفيذي لدى «ليدوز» للأمن الداخلي. وأضاف ليتر قائلا: «المركز الجديد خطوة جيدة ومهمة، لكنه أبعد من أن يكون حلا».
* خدمة «واشنطن بوست»
خاص بـ {الشرق الأوسط}



بلينكن يبدأ جولة في 3 دول لاتينية يحكمها رؤساء يساريون

وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن (أ.ب)
وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن (أ.ب)
TT

بلينكن يبدأ جولة في 3 دول لاتينية يحكمها رؤساء يساريون

وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن (أ.ب)
وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن (أ.ب)

وصل وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، الاثنين، إلى كولومبيا في مستهل جولة تشمل أيضاً تشيلي والبيرو، في محاولة لترسيخ شراكات الولايات المتحدة في أميركا اللاتينية التي تعد فناءها الخلفي الجيوسياسي، في مواجهة الطموحات الصينية المتزايدة في منطقة شهدت انتخاب عدد من الرؤساء اليساريين أخيراً.
وخلال جولته التي تستمر أسبوعاً في الدول الثلاث، سيحضر كبير الدبلوماسيين الأميركيين أيضاً قمة وزارية. ويقر المسؤولون في واشنطن بأن هناك ضرورة لإظهار اهتمام الولايات المتحدة بجيرانها الجنوبيين، «باعتبارهم أولوية سياسية رغم التركيز على قضايا جيوسياسية كبرى، مثل الحرب الروسية في أوكرانيا، وتهديد الصين لتايوان». وتأمل إدارة الرئيس جو بايدن في أن يحافظ الزعماء اليساريون الجدد في أميركا اللاتينية «على نهج صديق للمشروعات الحرة وتعزيز العلاقات مع الولايات المتحدة، وألا يجنحوا إلى الشغب الآيديولوجي في حكمهم».
وأفاد مساعد وزير الخارجية الأميركي براين نيكولز، في إحاطة للصحافيين، بأن بلينكن يزور ثلاث دول «كانت منذ فترة طويلة شريكة تجارية حيوية للولايات المتحدة، ولديها اتفاقات تجارة حرة مع الولايات المتحدة (…). نحن نركز على تعزيز علاقاتنا مع تلك الحكومات». وأعلنت وزارة الخارجية الأميركية، في بيان، أن بلينكن سيلتقي في بوغوتا الرئيس اليساري غوستافو بيترو، وهو متمرد سابق، ووزير الخارجية ألفارو ليفا لمناقشة الأولويات المشتركة بين البلدين، بما في ذلك «الدعوة إلى ديمقراطيات قوية في كل أنحاء المنطقة، ودعم السلام والمصالحة المستدامين، والتصدي للهجرة غير النظامية كأولوية إقليمية، ومكافحة الاتجار بالمخدرات، وتعزيز حقوق الإنسان وحمايتها، ومعالجة أزمة المناخ».
وأضافت أن بلينكن سيجدد دعم الولايات المتحدة لاتفاق السلام الكولومبي لعام 2016 خلال مناسبة مع نائبة الرئيس فرانسيا ماركيز، على أن يزور مركزاً لدمج المهاجرين في سياق دعم سياسة الوضع المحمي المؤقت في كولومبيا للمهاجرين الفنزويليين، الذي يعد نموذجاً في المنطقة. وكان بيترو، سخر خلال حملته، من الحرب التي تقودها الولايات المتحدة على المخدرات، معتبراً أنها «فاشلة»، علماً بأن هذه الدولة في أميركا الجنوبية هي أكبر منتج للكوكايين في العالم، ولطالما واجهت ضغوطاً من واشنطن للقضاء على محاصيل المخدرات. كما تحرك بيترو لإعادة التعامل دبلوماسياً واقتصادياً مع حكومة الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو، رغم جهود الولايات المتحدة لعزل الدولة العضو في منظمة البلدان المصدرة للنفط (أوبك).
واستخدم مسؤولو إدارة بايدن نبرة تصالحية في الغالب حيال بيترو، مركزين على مجالات الاتفاق في شأن قضايا مثل تغير المناخ واستشهدوا بمناشداته لمادورو للعودة إلى المحادثات مع المعارضة الفنزويلية. وفيما يتعلق بدعوات بيترو لإنهاء الحرب على المخدرات، قال نيكولز إن واشنطن تدعم بقوة «النهج القائم على الصحة والعلم» لمكافحة المخدرات، مضيفاً أن هذا «ينعكس في سياستنا لدعم التنمية الريفية والأمن الريفي في كولومبيا. ونعتقد أن الرئيس بيترو يشارك بقوة في هذا الهدف». لكنّ مسؤولاً أميركياً أكد أن واشنطن تراقب عن كثب، ما إذا كان تواصل كولومبيا مع السلطات في فنزويلا المجاورة يخالف العقوبات الأميركية على حكومة مادورو.
وتأتي جولة بلينكن أيضاً، بعد عملية تبادل أسرى بين الولايات المتحدة وفنزويلا، ما يعكس تحسناً حذراً للعلاقات بين الدولتين، رغم عدم اعتراف واشنطن بإعادة انتخاب مادورو رئيساً لفنزويلا عام 2018... وقال نيكولز: «نحن لا نحكم على الدول على أساس موقعها في الطيف السياسي، بل على أساس التزامها بالديمقراطية وسيادة القانون وحقوق الإنسان».
ويحمل كبير الدبلوماسيين الأميركيين في رحلته هذه، جدول أعمال مثقلاً لمنظمة الدول الأميركية. ويتوجه الأربعاء إلى سانتياغو، حيث سيعقد اجتماعاً مع رئيس تشيلي اليساري غابرييل بوريتش البالغ 36 عاماً من العمر، الذي تولّى منصبه في مارس (آذار) الماضي. وأخيراً، يتوجه إلى ليما الخميس والجمعة، للقاء الرئيس الاشتراكي بيدرو كاستيو الذي ينتمي لليسار الراديكالي والمستهدف بتحقيقات عدة بشبهات فساد واستغلال السلطة منذ وصوله إلى الرئاسة قبل أكثر من عام. وسيشارك في الجمعية العامة السنوية لمنظمة الدول الأميركية. وسيدرس المجتمعون قراراً يطالب بإنهاء «العدوان الروسي على أوكرانيا»، رغم أن بعض الدول الأميركية اللاتينية عبرت عن تحفظها، بالإضافة إلى قرارات بشأن انتهاكات حقوق الإنسان في نيكاراغوا والوضع الاقتصادي والسياسي المتردّي في هايتي.