الوفد العسكري اللبناني إلى المفاوضات مع إسرائيل يطالب الحكومة بـ«موقف قوي»

دعاها إلى إرسال خرائط جديدة لترسيم الحدود إلى الأمم المتحدة

TT

الوفد العسكري اللبناني إلى المفاوضات مع إسرائيل يطالب الحكومة بـ«موقف قوي»

اشترط الوفد اللبناني المفاوض لترسيم الحدود البحرية اللبنانية مع إسرائيل، إصدار السلطات اللبنانية مرسوماً معدلاً عن المرسوم السابق الذي أودع الأمم المتحدة في عام 2010، بالمطالب اللبنانية الجديدة وإيداعه الأمم المتحدة مرة أخرى، مقابل استئناف المفاوضات. وقال رئيس الوفد المفاوض في المفاوضات العميد الركن الطيار بسام ياسين: «نحتاج إلى سياسيين أقوياء، ونحن سنتكفّل بتحصيل الحق». وأضاف: «نحن عسكريون نذهب إلى المعركة بغرض كسبها. المفاوضات هي حرب».
وتوقفت المفاوضات بعد أربع جلسات، إثر رفع الوفدين المفاوضين سقوف مطالبهما. وقدم الوفد اللبناني في الجلسة الثانية خرائط تفيد بأن المنطقة المتنازع عليها تبلغ مساحتها 2290 كيلومتراً بحرياً مربعاً، وفق ما عُرف بالخط الحدودي 29، وليست 860 كيلومتراً مربعاً. وتقتطع هذه الخرائط جزءاً من حقل «كاريش» النفطي الذي تنقب فيه إسرائيل، لصالح لبنان.
وقال العميد الركن الطيار بسام ياسين إن قيادة الجيش اللبناني أبلغت الرئيس ميشال عون منذ انطلاق المفاوضات بخطين أحمرين وضعتهما لقاء ترؤس الوفد اللبناني المفاوض، أولهما أن تكون المفاوضات غير مباشرة، وهذا ما تحقق رغم الضغوط التي مورست على بيروت لتكون مباشرة، أما الخط الثاني فتمثل في حصر المنطقة المتفاوض عليها بالبقعة الجغرافية الواقعة شمال الخط 29. وقال ياسين: «من دون إصدار مرسوم، فلن ننزل إلى المفاوضات».
وأودع لبنان، في 14 يوليو (تموز) 2010، الأمم المتحدة إحداثيات حدود منطقته الاقتصادية الخالصة الجنوبية بشكل منفرد، كذلك أودع لبنان إحداثيات الحدود الشمالية مع سوريا في النقطة 7. وأصبح الطرف الجنوبي هو النقطة الثلاثية 23 جنوب النقطة رقم 1 التي كان لبنان توصل إليها مع قبرص مبدئياً في عام 2007 قبل تعديلها، وبقيت إسرائيل متمسكة بها وتزعم أنها نقطة انطلاق الحدود من خلال اتفاقية ثنائية مع قبرص بمعزل عن لبنان.
ويطالب الوفد المفاوض السلطة اللبنانية الآن بإيداع الأمم المتحدة الإحداثيات الجديدة، مستنداً إلى أن «القانون الدولي يتيح له ذلك»، بحسب ما جاء على لسان أعضائه الأربعة في ندوة عقدت في الجامعة العربية المفتوحة أمس، وشاركت فيها «الشرق الأوسط» عبر تطبيق «زووم». وقال ياسين: «الطرح يُعدّ قوياً من الناحيتين التقنية والقانونية، وقلنا منذ الجلسة الأولى إننا جئنا لنفاوض بنية حسنة، ولا داعي للخوف علينا لأننا أصحاب حق وأقوياء، ما ينقصنا فقط هو إجراء قانوني يتمثل في إيداع الإحداثيات الجديدة الأمم المتحدة». وقال: «ليس هناك أي سبب يمنع السلطة السياسية من أن تأخذ موقفاً جريئاً وتحقق مصلحة شعبها وتحمي مستقبله»، معتبراً أن الإحجام عن توقيع المرسوم «سيكون إساءة لحق الشعب اللبناني»، متحدثاً في الوقت نفسه عن «حملة كبيرة» ضد المرسوم الجديد، و«ضغوط دولية على السلطة السياسية» للإحجام عن إرسال الإحداثيات الجديدة إلى الأمم المتحدة.
وكانت الإحداثيات الأولى في عام 2010 وقّع عليها وزير الأشغال العامة والنقل ورئيس مجلس الوزراء ورئيس الجمهورية، وأرسلت عبر وزارة الخارجية إلى الأمم المتحدة. وقال ياسين: «إننا كوفد عسكري جهزنا مشروع المرسوم منذ 15 يوماً، وأرسلته قيادة الجيش إلى وزارة الدفاع»، لافتاً إلى أنه يحتاج إلى توقيع وزيرة الدفاع ووزير الأشغال ورئيس الحكومة ورئيس الجمهورية. وقال إن المرسوم يتم تعديله بمرسوم، فهو «لا يحتاج إلى موافقة المجلس النيابي، ويمكن لحكومة تصريف الأعمال أن توقعه لأنه لا تترتب عليه أي تبعات مالية أو ضغط على الحكومة المقبلة».
ويعد هذا التصعيد أول اشتباك من نوعه بين الفريق المفاوض والسلطة السياسية. وقال ياسين في رد على سؤال: «نحتاج إلى سياسيين أقوياء يوقعون المرسوم، ونحن سنتكفّل بتحصيل الحق». وأضاف: «نحن عسكريون نذهب إلى المعركة بغرض كسبها. المفاوضات هي حرب، لكننا نحتاج إلى سلاح، والسلاح هو هذا المرسوم»، معتبراً أن «أي طرف لا يوقع على المرسوم، يكون قد طعن الوفد المفاوض».
واتهم ياسين الولايات المتحدة بالعمل لصالح إسرائيل، قائلاً «إنها تسبق تل أبيب بالمطالبة بحقها». وقال: «يعرف الوسيط مدى قوة طرحنا»، لافتاً إلى أن «المفاوضات توقفت لأن موقفنا قوي، ولا حجة قانونية لدى إسرائيل تستطيع مواجهتنا فيها». وقال: «عندما يصبح الوسيط جاهزاً لدور الوساطة العادلة، وعندما يُوقّع المرسوم، فسننزل إلى المفاوضات مرة أخرى. لن ننزل المفاوضات لنخسرها، ونحتاج إلى (سلاح) الإحداثيات الجديدة كي نكسب المعركة».



​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
TT

​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)

انخفض إنتاج وتصدير العسل في اليمن خلال السنوات الخمس الأخيرة بنسبة تصل إلى 50 في المائة بسبب تغيرات المناخ، وارتفاع درجة الحرارة، إلى جانب آثار الحرب التي أشعلها الحوثيون، وذلك طبقاً لما جاء في دراسة دولية حديثة.

وأظهرت الدراسة التي نُفّذت لصالح اللجنة الدولية للصليب الأحمر أنه خلال السنوات الخمس الماضية، وفي المناطق ذات الطقس الحار، انخفض تعداد مستعمرات النحل بنسبة 10 - 15 في المائة في حين تسبب الصراع أيضاً في انخفاض إنتاج العسل وصادراته بأكثر من 50 في المائة، إذ تركت سنوات من الصراع المسلح والعنف والصعوبات الاقتصادية سكان البلاد يكافحون من أجل التكيف، مما دفع الخدمات الأساسية إلى حافة الانهيار.

100 ألف أسرة يمنية تعتمد في معيشتها على عائدات بيع العسل (إعلام محلي)

ومع تأكيد معدّي الدراسة أن تربية النحل ليست حيوية للأمن الغذائي في اليمن فحسب، بل إنها أيضاً مصدر دخل لنحو 100 ألف أسرة، أوضحوا أن تغير المناخ يؤثر بشدة على تربية النحل، مما يتسبب في زيادة الإجهاد الحراري، وتقليل إنتاج العسل.

وأشارت الدراسة إلى أن هطول الأمطار غير المنتظمة والحرارة الشديدة تؤثران سلباً على مستعمرات النحل، مما يؤدي إلى انخفاض البحث عن الرحيق وتعطيل دورات الإزهار، وأن هذه التغييرات أدت إلى انخفاض إنتاج العسل في المناطق الأكثر حرارة، وأدت إلى إجهاد سبل عيش مربي النحل.

تغيرات المناخ

في حين تتفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن، ويعتمد 70 في المائة من السكان على المساعدات، ويعيش أكثر من 80 في المائة تحت خط الفقر، توقعت الدراسة أن يؤدي تغير المناخ إلى ارتفاع درجات الحرارة في هذا البلد بمقدار 1.2 - 3.3 درجة مئوية بحلول عام 2060، وأن تزداد درجات الحرارة القصوى، حيث ستصبح الأيام الأكثر سخونة بحلول نهاية هذا القرن بمقدار 3 - 7 درجات مئوية عما هي عليه اليوم.

شابة يمنية تروج لأحد أنواع العسل في مهرجان بصنعاء (إعلام محلي)

وإذ ينبه معدّو الدراسة إلى أن اليمن سيشهد أحداثاً جوية أكثر شدة، بما في ذلك الفيضانات الشديدة، والجفاف، وزيادة وتيرة العواصف؛ وفق ما ذكر مركز المناخ، ذكروا أنه بالنسبة لمربي النحل في اليمن، أصبحت حالات الجفاف وانخفاض مستويات هطول الأمطار شائعة بشكل زائد. وقد أدى هذا إلى زيادة ندرة المياه، التي يقول مربو النحل إنها التحدي المحلي الرئيس لأي إنتاج زراعي، بما في ذلك تربية النحل.

ووفق بيانات الدراسة، تبع ذلك الوضع اتجاه هبوطي مماثل فيما يتعلق بتوفر الغذاء للنحل، إذ يعتمد مربو النحل على النباتات البرية بصفتها مصدراً للغذاء، والتي أصبحت نادرة بشكل زائد في السنوات العشر الماضية، ولم يعد النحل يجد الكمية نفسها أو الجودة من الرحيق في الأزهار.

وبسبب تدهور مصادر المياه والغذاء المحلية، يساور القلق - بحسب الدراسة - من اضطرار النحل إلى إنفاق مزيد من الطاقة والوقت في البحث عن هذين المصدرين اللذين يدعمان الحياة.

وبحسب هذه النتائج، فإن قيام النحل بمفرده بالبحث عن الماء والطعام والطيران لفترات أطول من الزمن وإلى مسافات أبعد يؤدي إلى قلة الإنتاج.

وذكرت الدراسة أنه من ناحية أخرى، فإن زيادة حجم الأمطار بسبب تغير المناخ تؤدي إلى حدوث فيضانات عنيفة بشكل متكرر. وقد أدى هذا إلى تدمير مستعمرات النحل بأكملها، وترك النحّالين من دون مستعمرة واحدة في بعض المحافظات، مثل حضرموت وشبوة.

برنامج للدعم

لأن تأثيرات تغير المناخ على المجتمعات المتضررة من الصراع في اليمن تشكل تحدياً عاجلاً وحاسماً لعمل اللجنة الدولية للصليب الأحمر الإنساني، أفادت اللجنة بأنها اتخذت منذ عام 2021 خطوات لتوسيع نطاق سبل العيش القائمة على الزراعة للنازحين داخلياً المتضررين من النزاع، والعائدين والأسر المضيفة لمعالجة دعم الدخل، وتنويع سبل العيش، ومن بينها مشروع تربية النحل المتكامل.

الأمطار الغزيرة تؤدي إلى تدمير مستعمرات النحل في اليمن (إعلام محلي)

ويقدم البرنامج فرصة لدمج الأنشطة الخاصة بالمناخ التي تدعم المجتمعات لتكون أكثر قدرة على الصمود في مواجهة تغير المناخ، ومعالجة تأثير الصراع أيضاً. ومن ضمنها معلومات عن تغير المناخ وتأثيراته، وبعض الأمثلة على تدابير التكيف لتربية النحل، مثل استخدام الظل لحماية خلايا النحل من أشعة الشمس، وزيادة وعي النحالين بتغير المناخ مع المساعدة في تحديث مهاراتهم.

واستجابة لارتفاع درجات الحرارة الناجم عن تغير المناخ، وزيادة حالات الجفاف التي أسهمت في إزالة الغابات والتصحر، نفذت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أيضاً برنامجاً لتعزيز قدرة المؤسسات المحلية على تحسين شبكة مشاتل أنشطة التشجير في خمس محافظات، لإنتاج وتوزيع أكثر من 600 ألف شتلة لتوفير العلف على مدار العام للنحل.