الوباء يهز القناعات السياسية لدى يهود متشددين في إسرائيل

رجل يمر أمام ملصق انتخابي يصور رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (إلى اليسار) وأحد منافسيه زعيم حزب «يش عتيد» يائير لابيد في القدس (أ.ف.ب)
رجل يمر أمام ملصق انتخابي يصور رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (إلى اليسار) وأحد منافسيه زعيم حزب «يش عتيد» يائير لابيد في القدس (أ.ف.ب)
TT

الوباء يهز القناعات السياسية لدى يهود متشددين في إسرائيل

رجل يمر أمام ملصق انتخابي يصور رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (إلى اليسار) وأحد منافسيه زعيم حزب «يش عتيد» يائير لابيد في القدس (أ.ف.ب)
رجل يمر أمام ملصق انتخابي يصور رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (إلى اليسار) وأحد منافسيه زعيم حزب «يش عتيد» يائير لابيد في القدس (أ.ف.ب)

يقول أهارون (34 عاماً) الذي ينتمي إلى مجموعة من اليهود المتشددين في إسرائيل، إنه للمرة الأولى لن يصوّت لحزب «يهدوت هتوراه»؛ الحزب السياسي لليهود المتدينين الغربين (أشكيناز)، في الانتخابات التشريعية الإسرائيلية الثلاثاء المقبل، وذلك لسوء تعاملهم مع وباء «كورونا».
ويعيش أهارون في مجتمع صغير من الحريديم، وهو متزوج وأب لثلاثة أطفال. ويقول لوكالة الصحافة الفرنسية طالباً عدم الكشف عن اسم عائلته، إنه تردد في الانتخابات السابقة في التصويت لحزبه، لكن عندما دخل إلى صندوق الاقتراع «ظللت مخلصاً له».
ينتمي أهارون إلى المجتمع اليهودي المتدين المنغلق على نفسه، ويمكن أن يؤدي إخلاله بالولاء السياسي إلى توتر علاقته به. ويوضح: «كل عائلتي وجميع أصدقائي حريديم، لذلك قررت حينها أنه من الأفضل أن أبقى».
ويشغل حزب «يهدوت هتوراه (اليهودية الموحدة من أجل التوراة)» 7 مقاعد في الكنيست الإسرائيلي. ويقول أهارون: «لقد فشلوا».
وكان توقع عند تفشي الوباء أن يشدد «يهدوت هتوراه» على أهمية السلامة، وأن «يتفاعل على الفور ويتحدث بصوت عال ويكون واضحاً، فيعمل مثلاً على إغلاق مدارس تعليم التوراة وحمامات الطهارة، لكنهم لم يفعلوا شيئاً».
وأثار انتشار وباء «كوفيد19» توترات في إسرائيل ضد تيار المتشددين «الحريديم» الذي حمّله البعض جزءاً كبيراً من مسؤولية تفشي الفيروس في البلاد.
وأثار رفض كبار الحاخامات إغلاق المدارس الدينية بينما كان مئات الآلاف من التلاميذ العلمانيين يقبعون في منازلهم، انتقادات. كما أثارت جنازات المتشددين الحاشدة في الشوارع التي تتجاهل القيود المفروضة على التجمعات، غضب الجمهور. وألقي باللوم على المتشددين لتحديهم الإغلاق المطول.
ويقول أهارون: «أثبت أعضاء الكنيست الحريديم أنهم وضعوا المصالح الدينية فوق مصالح المجتمع».
ويقول متابعون للمجموعات اليهودية المتدينة المتشددة إن الوباء، بالإضافة إلى التوتر بين العلمانيين والمتشددين، «أشعل أيضاً نقاشاً داخلياً في أوساط اليهود الحريديم حول ما إذا كان سلوكهم خلال أزمة الوباء مبرراً».
ويقول الحاخام يهوشوع بفيفر، رئيس تحرير مجلة «تساريخ عيون» الإلكترونية الحريدية، لوكالة الصحافة الفرنسية، إن بعض الحريديم كان لهم «رد فعل تقليدي» يتمثل في التنديد بحملة ضدهم من باقي سكان البلاد ومن وسائل الإعلام، بينما آخرون كانوا «أكثر عقلانية» وتساءلوا: «كيف لمجتمع يعدّ نفسه أكثر أخلاقية من غيره، أن يتحوّل إلى المشكلة الأساسية بقضية الوباء في إسرائيل؟».
ويتابع الحاخام: «فشلوا في التعامل مع القيود في مواجهة الوباء، وصاروا منتهكين للقانون. من الواضح أن هناك خطأً ما حدث».
ويتساءل: «هل من المنطقي أن نقيم جنازات جماعية لمن ماتوا بفيروس (كورونا) دون أن يعترض أحد؟»، مضيفاً: «إذا كنا فعلاً مجتمعاً مستقيماً ومتميزاً أخلاقياً وتوراتي التوجه، فعلينا أن نكون قادرين على التعامل مع هذا الموضوع على الأقل مثل أي شخص آخر؛ إن لم يكن أفضل».
ويشير إلى أن الحريديم «يعرفون جيداً كيفية التعامل مع الأشخاص الذين لا يتفقون معهم». ومع ذلك، عندما يتعلق الأمر بالإغلاق ومخالفي القانون، كانت آليات الانضباط الداخلي للمجتمع نائمة».
ويتهم بفيفر زعماء «يهدوت هتوراه» بـ«التحدث بصوتين» عن الوباء، محاولين الظهور كسياسيين مسؤولين يدعمون عمليات الإغلاق، وفي الوقت نفسه يريدون مسايرة الحاخامات الذين يقررون مصيرهم السياسي.
ويرى الخبير في المجتمع الحريدي بالجامعة العبرية، بنيامين براون، أن حزب «يهدوت هتوراه» يرى قاعدته «تزداد شكوكاً» تجاه قادتها، وقد يقتصر هذا الميل اليوم على أقلية، لكن «هذه الهوامش يمكن أن تنمو بشكل أكبر».
وتعمل الناشطة النسوية بنينا فايفر (42 عاماً) التي خرجت من المجتمع الحريدي، وهي مطلقة وأم لطفلين، على تعزيز قيم تقدمية داخل مجموعة أنشأتها باسم «الحريديم الجدد».
وترى بنينا أنه «تم تقويض قدرة حزب (يهدوت هتوراه) على القيادة أثناء الوباء» بسبب «الظروف الموجودة سابقاً». فالمجتمع المتشدد لا يعدّ الحزب قائداً له؛ بل يراه «كخدمة مجتمعية» تابعة للقيادة الحاخامية.
وتقول «إن المشكلة التي سلط الوباء الضوء عليها هي أن الحريديم تحولوا من أقلية صغيرة جداً إلى أقلية كبيرة جداً»؛ إذ تشكل ولادة الأطفال عند العائلات المتدينة المتشددة نحو 40 في المائة من الأطفال المولودين في إسرائيل.
وتشير إلى «أن معدلات البطالة والفقر المرتفعة ورفض التعليم العلماني والعناد خلال الأزمة الصحية في العام الماضي، حقائق حريدية تؤثر على بقية إسرائيل». وتضيف أن الوباء «دعوة للاستيقاظ، وعليهم أن يقرروا ماذا يفعلون في المستقبل».


مقالات ذات صلة

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

شمال افريقيا «الصحة» المصرية تنفي رصد أمراض فيروسية أو متحورات مستحدثة (أرشيفية - مديرية الصحة والسكان بالقليوبية)

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

نفت وزارة الصحة المصرية رصد أي أمراض بكتيرية أو فيروسية أو متحورات مستحدثة مجهولة من فيروس «كورونا».

محمد عجم (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أظهر المسح الجديد تراجعاً في عدد الأطفال الصغار المسجلين في الدور التعليمية ما قبل سن الالتحاق بالمدارس في أميركا من جراء إغلاق الكثير من المدارس في ذروة جائحة كورونا (متداولة)

مسح جديد يرصد تأثير جائحة «كورونا» على أسلوب حياة الأميركيين

أظهر مسح أميركي تراجع عدد الأجداد الذين يعيشون مع أحفادهم ويعتنون بهم، وانخفاض عدد الأطفال الصغار الذين يذهبون إلى الدور التعليمية في أميركا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شمال افريقيا الزحام من أسباب انتشار العدوى (تصوير: عبد الفتاح فرج)

مصر: تطمينات رسمية بشأن انتشار متحور جديد لـ«كورونا»

نفى الدكتور محمد عوض تاج الدين مستشار الرئيس المصري لشؤون الصحة والوقاية وجود أي دليل على انتشار متحور جديد من فيروس «كورونا» في مصر الآن.

أحمد حسن بلح (القاهرة)
العالم رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

«الشرق الأوسط» (فيينا)

تدعو لـ«محاسبة الأسد»... «مجموعة السبع» مستعدة لدعم الانتقال السياسي في سوريا

موظف يشرف على الأعلام الموضوعة في قمة مجموعة السبع في إيطاليا عام 2017 (رويترز)
موظف يشرف على الأعلام الموضوعة في قمة مجموعة السبع في إيطاليا عام 2017 (رويترز)
TT

تدعو لـ«محاسبة الأسد»... «مجموعة السبع» مستعدة لدعم الانتقال السياسي في سوريا

موظف يشرف على الأعلام الموضوعة في قمة مجموعة السبع في إيطاليا عام 2017 (رويترز)
موظف يشرف على الأعلام الموضوعة في قمة مجموعة السبع في إيطاليا عام 2017 (رويترز)

أعلن قادة مجموعة الدول السبع الكبرى في بيان، الخميس، إنهم على استعداد لدعم عملية انتقالية في إطار يؤدي إلى حكم موثوق وشامل وغير طائفي في سوريا، وفقاً لوكالة «رويترز».

وذكرت مجموعة السبع أن الانتقال السياسي بعد نهاية الحكم الاستبدادي، الذي دام 24 عاماً لبشار الأسد، يجب أن يضمن «احترام سيادة القانون وحقوق الإنسان العالمية، بما في ذلك حقوق المرأة، وحماية جميع السوريين، بمن في ذلك الأقليات الدينية والعرقية، والشفافية والمساءلة».

وطالبت المجموعة أيضاً بضرورة «محاسبة نظام الأسد».

وأضاف البيان: «ستعمل مجموعة السبع مع أي حكومة سورية مستقبلية تلتزم بهذه المعايير، وتكون نتاج هذه العملية، وتدعمها بشكل كامل».

كما دعا القادة «كل الأطراف» إلى «الحفاظ على سلامة أراضي سوريا، ووحدتها الوطنية، واحترام استقلالها وسيادتها».