اليونان تختبر ثقة الأسواق الدولية بسندات مدتها 30 عاماً

TT

اليونان تختبر ثقة الأسواق الدولية بسندات مدتها 30 عاماً

تستعد اليونان لطرح سندات مدتها 30 عاما، لأول مرة منذ الأزمة المالية في 2008 لتستكمل عودتها إلى الاقتراض من أسواق المال الدولية التي كانت قد توقفت عن الاقتراض منها لسنوات طويلة أثناء تنفيذ برنامج الإنقاذ المالي في أعقاب الأزمة المالية.
ومن المقرر أن تبيع اليونان السندات الثلاثينية من خلال البنوك والتي ستكون فرصة للمستثمرين للحصول على عائد مرتفع، حيث من المتوقع أن يكون العائد على السندات الثلاثينية اليونانية الأعلى في منطقة اليورو.
وتسعى اليونان مثل العديد من الدول للاستفادة من انخفاض أسعار الفائدة في أسواق المال، للحصول على احتياجاتها المالية لتمويل إجراءات التعافي من تداعيات جائحة فيروس «كورونا» المستجد.
ومن شأن هذا الطرح أن يمثل إشارة إلى حجم ثقة الأسواق الذي استعادته اليونان خلال السنوات العشر الماضية. ففي ذروة أزمة ديون منطقة اليورو عام 2012 وصل العائد على السندات اليونانية ذات العشر سنوات إلى أكثر من 44 في المائة. والآن يبلغ العائد على هذه السندات أقل من 1 في المائة وهو ما يعطي الحكومة اليونانية فرصة لطرح سندات ذات أجل أطول.
وتمتلك اليونان حاليا احتياطيا بقيمة 30 مليار يورو (35.7 مليار دولار) وهو ما يعني أنها ليست في عجلة من أمرها لطرح سندات قصيرة الأجل.
كما تسعى الحكومة في الوقت نفسه لتعزيز مستويات السيولة النقدية لديها؛ نظرا لأن التداعيات الاقتصادية لجائحة فيروس «كورونا» المستجد جاءت أكبر من التوقعات الأولية.
وبالفعل تعتزم الحكومة رصد 11.6 مليار يورو لتمويل إجراءات مكافحة تداعيات الجائحة في حين كانت التقديرات الأولية لهذه المخصصات تبلغ حوالي 7.6 مليار يورو.
يأتي هذا في الوقت الذي ذكر فيه تقرير لاتحاد الأسواق المالية في أوروبا أمس الأربعاء، أن حجم تداول سندات الحكومات الأوروبية زاد لأعلى مستوى في خمسة أعوام في 2020.
وتابع أن متوسط حجم التداول السنوي زاد 0.9 في المائة على أساس سنوي إلى 71.7 مليار يورو العام الماضي وهو الأعلى منذ 2015.
ويأتي هذا فيما سجلت إصدارات الحكومات الأوروبية مبلغا قياسيا عند 3.675 تريليون يورو من خلال سندات وأذونات، تواجه احتياجات تمويل أعلى بكثير بسبب أزمة فيروس «كورونا».
وعلى صعيد آخر، أظهر تقرير اقتصادي مؤخرا، انكماش نشاط قطاع التصنيع في اليونان خلال أبريل (نيسان) الماضي.
وبحسب تقرير مؤسسة آي إتش إس ماركيت للبيانات الاقتصادية، تراجع مؤشر مديري مشتريات قطاع التصنيع في اليونان إلى 49.4 نقطة في فبراير (شباط) الماضي، مقابل 50 نقطة في يناير (كانون الثاني) الماضي.
يذكر أن قراءة المؤشر أقل من 50 نقطة تشير إلى انكماش النشاط الاقتصادي للقطاع، وتشير قراءة أكثر من 50 نقطة إلى حدوث نمو.
وتراجع الإنتاج والطلبيات الجديدة في قطاع التصنيع اليوناني خلال الشهر الماضي، حيث استمر تراجع الصادرات، ولكن وتيرة التراجع كانت الأبطأ منذ سبتمبر (أيلول) عام 2020.
واستمر ارتفاع أسعار مستلزمات الإنتاج للشهر السابع على التوالي، لتسجل أعلى ارتفاع لها منذ شهر أكتوبر (تشرين الأول) عام 2000. في الوقت نفسه وصل معدل تضخم أسعار مستلزمات الإنتاج خلال الشهر الماضي إلى أعلى مستوى منذ يوليو (تموز) 2008.
وتزايدت قائمة الأعمال المتراكمة خلال فبراير الماضي بحدة، في حين ارتفع عدد العمال في القطاع بنسبة بسيطة.



انهيار الائتلاف الحاكم في ألمانيا يزيد الضغوط على الاقتصاد

الرئيس الألماني فرانك فالتر شتاينماير يسلم شهادة الإقالة لوزير المالية كريستيان ليندنر بعد عزله من قِبَل المستشار أولاف شولتز (رويترز)
الرئيس الألماني فرانك فالتر شتاينماير يسلم شهادة الإقالة لوزير المالية كريستيان ليندنر بعد عزله من قِبَل المستشار أولاف شولتز (رويترز)
TT

انهيار الائتلاف الحاكم في ألمانيا يزيد الضغوط على الاقتصاد

الرئيس الألماني فرانك فالتر شتاينماير يسلم شهادة الإقالة لوزير المالية كريستيان ليندنر بعد عزله من قِبَل المستشار أولاف شولتز (رويترز)
الرئيس الألماني فرانك فالتر شتاينماير يسلم شهادة الإقالة لوزير المالية كريستيان ليندنر بعد عزله من قِبَل المستشار أولاف شولتز (رويترز)

من المتوقع أن يؤدي انهيار الائتلاف الحاكم في ألمانيا إلى زيادة معاناة الاقتصاد في الأشهر المقبلة. ورغم ذلك، هناك بصيص أمل في إمكانية تشكيل حكومة جديدة أقل تشتتاً قادرة على تقديم سياسات أكثر انسجاماً قد تعيد الزخم للاقتصاد الألماني.

وجاء هذا الانهيار في وقت بالغ الحساسية بالنسبة للاقتصاد الأكبر في أوروبا، بعد ساعات فقط من فوز دونالد ترمب في الانتخابات الرئاسية الأميركية، مما أثار احتمالية نشوب حرب تجارية بين الولايات المتحدة وألمانيا، وهو ما يزيد القلق على مستوى السوق العالمية، وفق «رويترز».

أزمة داخلية تزيد من الضغط الاقتصادي

ويوم الأربعاء، أقال المستشار أولاف شولتز وزير المالية، مما يمهد الطريق لإجراء انتخابات مبكرة بعد شهور من المشاحنات داخل ائتلافه المكون من ثلاثة أحزاب، ما أثر سلباً على الثقة في الاقتصاد الذي يعاني من ارتفاع تكاليف الطاقة وتآكل القدرة التنافسية.

ويُتوقع أن ينكمش الاقتصاد الألماني للسنة الثانية على التوالي في 2024، مما يجعله الأسوأ أداءً بين اقتصادات مجموعة السبع الكبرى. كما يُحتمل أن يتسبب انهيار الائتلاف في مزيد من الضرر للاستهلاك والاستثمار في الأشهر المقبلة التي من المتوقع أن تشهد تراجعاً، حيث أشار ثلث الشركات الألمانية في استطلاع حديث إلى خطط لتقليص الإنفاق.

وقال رئيس الاقتصاد الكلي في بنك «آي إن جي»، كارستن برزيكي: «بالإضافة إلى فوز ترمب، من المرجح أن تتراجع الثقة الاقتصادية بشكل كبير، مما يجعل الانكماش في الربع الرابع أكثر احتمالاً». لكنه أشار إلى أن هناك أيضاً إمكانية للحصول على دفعة جديدة إذا تم تشكيل حكومة أكثر استقراراً.

وأوضح برزيكي أنه مع اقتراب الانتخابات في مارس (آذار)، يُتوقع أن تكون الحكومة الجديدة قادرة على إنهاء حالة الركود الاقتصادي وتقديم توجيه سياسي اقتصادي أكثر وضوحاً. ويخطط شولتز لإجراء تصويت على الثقة في حكومته في 15 يناير (كانون الثاني)، ما قد يؤدي إلى انتخابات مبكرة في نهاية مارس. وحتى ذلك الحين، من المتوقع أن يرأس حكومة أقلية تضم الحزب الاشتراكي الديمقراطي وحزب الخضر، مع الاعتماد على تحالفات مؤقتة في البرلمان لتمرير التشريعات.

وهناك مَن يرى أنه يمكن لحكومة جديدة أن تمنح الاقتصاد بعض الزخم. وقال كبير الاقتصاديين في بنك «بيرنبرغ»، هولغر شميدينغ: «بمجرد أن تستقر الأوضاع ويتسلم الحكومة الجديدة التي تحمل أجندة جديدة زمام الأمور بعد الانتخابات المبكرة، من المحتمل أن يكون التأثير إيجابياً».

وقد يسمح رحيل وزير المالية كريستيان ليندنر بتخصيص مزيد من الأموال لدعم الاقتصاد الضعيف. وكان ليندنر، من الحزب الديمقراطي الحر، يعارض خطط شولتز لتعليق «فرامل الديون» التي تحد من الدين العام.

وبحسب شولتز، فإن ألمانيا لديها مجال كافٍ للإنفاق دون التأثير على صحة ماليتها العامة. وقال: «من بين جميع الديمقراطيات الاقتصادية الكبرى، لدينا أقل دين بنسبة بعيدة». وأضاف: «هناك حلول لكيفية تمويل مؤسساتنا العامة ومسؤولياتنا بشكل سليم».

ترمب يشكل تهديداً إضافياً للاقتصاد

الأزمة الداخلية في ألمانيا تتزامن مع وصول ترمب إلى البيت الأبيض مجدداً، مما يضيف مزيداً من الضغط على الاقتصاد الألماني. فقد أشار تقرير صادر عن معهد الاقتصاد الألماني «آي دبليو» إلى أن فرض إدارة ترمب رسوماً جمركية بنسبة 20 في المائة على السلع الأوروبية، كما لمح خلال حملته الانتخابية، قد يتسبب في تقلص الاقتصاد الألماني المعتمد على الصادرات بنسبة تصل إلى 1.5 في المائة بحلول عامي 2027 و2028.

وتشير التوقعات الحالية إلى أن الاقتصاد الألماني في طريقه إلى الركود أو مزيد من الانكماش في العام المقبل، ما يجعله يشهد أطول فترة من دون نمو اقتصادي منذ إعادة توحيد ألمانيا في عام 1990.