لافروف وأشكنازي يبحثان «منع تموضع إيران» في سوريا

وزير الدفاع الروسي يؤكد وجود «اتصالات عملياتية» مع الأميركيين

وزيرا الخارجية الروسي سيرغي لافروف والإسرائيلي غابي أشكنازي في موسكو أمس (أ.ب)
وزيرا الخارجية الروسي سيرغي لافروف والإسرائيلي غابي أشكنازي في موسكو أمس (أ.ب)
TT

لافروف وأشكنازي يبحثان «منع تموضع إيران» في سوريا

وزيرا الخارجية الروسي سيرغي لافروف والإسرائيلي غابي أشكنازي في موسكو أمس (أ.ب)
وزيرا الخارجية الروسي سيرغي لافروف والإسرائيلي غابي أشكنازي في موسكو أمس (أ.ب)

أكدت مصادر سياسية في تل أبيب لـ«الشرق الأوسط»، أن ما تداول به وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف ونظيره الإسرائيلي غابي أشكنازي في موسكو أمس، هو مشروع روسي لوضع ترتيبات جديدة في سوريا تأخذ المصالح الإسرائيلية بالاعتبار. وقالت، إن لافروف، كان قد عرض على أشكنازي مقترحات وأفكاراً بهذا الخصوص خلال اجتماعه به في اليونان في أواخر شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، ومنذ ذلك الوقت تجري محادثات بين البلدين على مستويات مختلفة حول هذه الترتيبات. وقد أجرت موسكو تعديلات على مقترحاتها وفقاً للمطالب الإسرائيلية، وقد تم استدعاء أشكنازي إلى لقاء آخر في موسكو، أمس (الأربعاء)، بعد أن حصل تقدم ما في قبول هذه الترتيبات أو جزء منها لدى الأطراف الأخرى.
ومع أن المصادر لم تستطع تحديد ماهية هذه الترتيبات بشكل دقيق، إلا أنها أشارت إلى ما اعتبرته «مصالح مشتركة» في سوريا للبلدين. فالمعروف أن إسرائيل تطالب بإخراج إيران وميليشياتها تماماً من سوريا، بما في ذلك «حزب الله»، وتهدد بمواصلة غاراتها وتصعيدها وتطالب بوقف نقل السلاح إلى «حزب الله» اللبناني. وتمارس عقوبات على جيش النظام السوري، في المناطق التي يتيح فيه لإيران أو ميليشياتها العمل من مواقعه.
وقالت المصادر، إن روسيا وافقت مع إسرائيل على وقف تموضع إيران في سوريا ومنع تسرب الأسلحة الثقيلة والأسلحة الدقيقة إلى أيدي «حزب الله» في لبنان. لكنها لم تستبعد بلورة مشروع تهدئة بين إسرائيل من جهة و«حزب الله» وسوريا من جهة ثانية. وقد تبين أن وفداً من «حزب الله» غادر موسكو لدى قدوم أشكنازي، وذلك بعد أن أجرى محادثات تتعلق بالموضوع. وأكدت المصادر، أن روسيا أبدت استعدادها للعمل ضد النشاطات التي تقوم بها إيران أو ميليشياتها في سوريا، إذا أبلغتنها بها إسرائيل. ونقلت على لسان لافروف قوله «إذا رصدتم مثل هذه التهديدات، فيرجى تزويدنا بالمعلومات المعنية كي تتصرف روسيا، قبل أن تباشروا أنتم بضرب الأهداف وشن العمليات. فنحن، عندما تبلغوننا بأن تهديداً لدولتكم ينطلق من الأراضي السورية، فأبلغونا فوراً وسنتخذ جميع الإجراءات لتحييد هذا التهديد».
المعروف أن إسرائيل تسير بغاية الحذر في هذه المحادثات مع روسيا. فهي تخشى من غضب أميركي عليها؛ إذ إن إدارة الرئيس جو بايدن، وعلى عكس إدارة دونالد ترمب السابقة، تتخذ موقفاً عدائياً فظاً من روسيا والرئيس فلاديمير بوتين، وهي تتوقع ألا ترتبط إسرائيل معه باتفاقيات مريحة له في سوريا. لكن إسرائيل في الوقت ذاته، تجد مصلحة في علاقاتها المتينة مع موسكو خلال السنوات الماضية. وتعتبر هذه العلاقة سبباً في تخفيف علاقات موسكو بطهران. وتقيم جهاز تنسيق عسكرياً مع القوات الروسية المرابطة في سوريا. وتخشى إسرائيل من الموقف الأميركي الجديد إزاء الأزمة السورية، خصوصاً بعد النشر عن مبادرة أميركية لحل هذه الأزمة لا تنسجم مع المصالح الإسرائيلية، وتذهب بعيداً إلى اتفاق مع إيران بشأن النووي وغيره.
وتحرص تل أبيب على علاقاتها الاستراتيجية مع واشنطن، خصوصاً في الجانب العسكري. ومع أن الحكومة الإسرائيلية لم تعلق على نبأ الغارات في سوريا، الليلة الماضية، إلا أن خبراء اعتبروها جزءاً من التظاهر أمام الأميركيين بأنها ما زالت مصممة على ضرب سوريا. وفي الإطار نفسه، أعلن الناطق بلسان الجيش الإسرائيلي، أمس، أن سفن سلاح البحرية، أجرت يوم الاثنين الماضي، دوريات أمنية مشتركة مع الأسطول السادس التابع لسلاح البحرية الأميركي، شرقي البحر الأبيض المتوسط. واعتبر ذلك «فرصة لتعزيز التعاون بين سلاحي البحرية الاستراتيجي». وقال إنه «خلال الدورية، أجرت الطواقم تبادل للموظفين والأدوات».
إلى ذلك، حمل المؤتمر الصحافي للوزيرين، أول رد من لافروف على الأفكار التي قدمها المبعوث الدولي إلى سوريا غير بيدرسن أخيراً، وأشار فيها إلى ضرورة تنشيط «آلية دولية واسعة» لدفع مسار التسوية. وأكد لافروف بأن «الهدف من اقتراحات بيدرسن هو جمع أطراف (مسار آستانة) و(المجموعة المصغرة) حول سوريا، التي تضم بلداناً غربية وعربية».
وقال لافروف، إن بلاده مستعدة «للبحث بأي صيغة تهدف لتهيئة الظروف الخارجية التي ستسمح للسوريين أنفسهم بتقرير مصيرهم بناءً على القرار 2254». ودعا الوزير المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى «عرض مقترحاته بشكل تفصيلي».
وكان بيدرسن أكد قبل يومين في إفادة على ضرورة إنشاء «مثل هذه الصيغة الدولية الجديدة بطريقة تجعلنا نشرك جميع الأطراف المختلفة التي لها تأثير على الصراع. بالطبع، يجب أن تشمل بطريقة أو بأخرى الولايات المتحدة وروسيا وإيران وتركيا والدول العربية والاتحاد الأوروبي، كما أشرت إلى أن هناك حاجة إلى جميع أعضاء مجلس الأمن الدولي».
وأشار بيدرسن إلى أنه من السابق لأوانه الحديث عن إطلاق التنسيق لتأسيس هذه الصيغة حالياً، لافتاً إلى أنه من المهم الآن أن تعمل الأطراف لتطوير سياسة تعتمد على آلية لا تسمح لأحد بإملاء شروط التسوية السورية ونتائجها.
وذكر لافروف أمس، أن بلاده لا ترى مؤشرات إلى أن أطراف «المجموعة المصغرة» التي يريد بيدرسن إشراكها في عملية التسوية «متمسكة بالمبادئ نفسها، التي أكدتها مجموعة آستانة»، مشيراً إلى أن خطوات الدول الغربية، وتحديدا الولايات المتحدة وألمانيا وفرنسا وبريطانيا، تظهر أنها «لا تنطلق من المبادئ التي تؤكد حتمية منح السوريين إمكانية التوصل إلى اتفاق فيما بينهم، بعيداً عن أي تدخل خارجي في شؤونهم»، وزاد أنه «يبدو أنه ينبغي هنا توضيح ما هو الأساس الذي يريد السيد بيدرسن أن يختبر عليه فعالية هذه الصيغة الجديدة».
وكان لافتاً أن لافروف تجنب التعليق على الغارات الإسرائيلية الجديدة التي استهدفت مواقع قرب دمشق أول من أمس.
وتطرق لافروف تحضيرات عقد جولة جديدة للمفاوضات في إطار اللجنة الدستورية السورية، لافتاً إلى «مؤشرات إلى إمكانية تحقيق تقدم خلال الجلسة السادسة للجنة الصياغة التابعة للجنة الدستورية».
في غضون ذلك، أعرب وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو عن ثقته بمواصلة العمل المشترك مع تركيا، على الرغم من «الصعوبات الكثيرة التي تعترض تعاوننا في سوريا». وقال في مقابلة صحافية، إن روسيا والولايات المتحدة تحافظان على اتصالات وثيقة في سوريا على المستويين العملياتي والتكتيكي. وأضاف، أنه بعد وصول الإدارة الأميركية الجديدة إلى السلطة «انتقل الطرف الأميركي من طرح مطالب ومقترحات غير قابلة للتحقيق، إلى إقامة حوار طبيعي وبنّاء».
إلى ذلك، أعلن لافروف، أن المحكمة الجنائية الدولية فقدت مصداقيتها بإظهار تحيزها السياسي وعدم مهنيتها. وردا على تصريحات المحكمة الجنائية الدولية التي أعلنت مؤخرا أنها تعتبر مؤسسة مستقلة ولا خطط لها لتسييس نشاطاتها، قال لافروف «أظن أن المحكمة الجنائية الدولية وللأسف الشديد جدا، فقدت مصداقيتها ومصداقية الرسالة التي أنيطت بها بحسن نية».



الجيش الأميركي: مقاتلات «إف-35» شاركت في ضرب الحوثيين

مقاتلة أميركية تستعد للإقلاع لتوجيه ضربة إلى مواقع الحوثيين (الجيش الأميركي)
مقاتلة أميركية تستعد للإقلاع لتوجيه ضربة إلى مواقع الحوثيين (الجيش الأميركي)
TT

الجيش الأميركي: مقاتلات «إف-35» شاركت في ضرب الحوثيين

مقاتلة أميركية تستعد للإقلاع لتوجيه ضربة إلى مواقع الحوثيين (الجيش الأميركي)
مقاتلة أميركية تستعد للإقلاع لتوجيه ضربة إلى مواقع الحوثيين (الجيش الأميركي)

كشف الجيش الأميركي عن مشاركة مقاتلات من طراز «إف-35 سي» في الضربات الأخيرة على مواقع الحوثيين، مؤكداً استهداف منشآت لتخزين الأسلحة التقليدية المتقدمة، في سياق الحد من قدرات الجماعة المدعومة من إيران على مهاجمة السفن التجارية والعسكرية في البحر الأحمر وخليج عدن.

ويأتي استخدام الجيش الأميركي لطائرات «إف-35 سي» في ضرباته على الحوثيين بعد أن استخدم الشهر الماضي القاذفة الشبحية «بي-2» لاستهداف مواقع محصنة تحت الأرض في صعدة وصنعاء.

وأوضحت القيادة المركزية الأميركية في بيان، أن قواتها نفذت سلسلة من الغارات الجوية الدقيقة على عدد من منشآت تخزين الأسلحة الحوثية الواقعة داخل الأراضي التي يسيطر عليها الحوثيون في اليمن، يومي 9 و10 نوفمبر (تشرين الثاني).

وبحسب البيان تضمنت هذه المرافق مجموعة متنوعة من الأسلحة التقليدية المتقدمة التي يستخدمها الحوثيون المدعومون من إيران لاستهداف السفن العسكرية والمدنية الأميركية والدولية التي تبحر في المياه الدولية في البحر الأحمر وخليج عدن. كما أفاد بأن أصولاً تابعة للقوات الجوية والبحرية الأميركية بما في ذلك طائرات «إف-35 سي» شاركت في الضربات.

وطبقاً لتقارير عسكرية، تمتلك مقاتلة «إف-35» قدرات شبحية للتخفي تفوق مقاتلتي «إف-22» و«إف-117»، وقاذفة «بي-2»، ولديها أجهزة استشعار مصممة لاكتشاف وتحديد مواقع رادارات العدو وقاذفات الصواريخ، إضافة إلى تزويدها بحجرات أسلحة عميقة مصممة لحمل الأسلحة وتدمير صواريخ المنظومات الدفاعية الجوية من مسافة بعيدة.

وجاءت الضربات -وفق بيان الجيش الأميركي- رداً على الهجمات المتكررة وغير القانونية التي يشنها الحوثيون على الملاحة التجارية الدولية، وكذلك على السفن التجارية الأميركية وقوات التحالف في البحر الأحمر ومضيق باب المندب وخليج عدن. وهدفت إلى إضعاف قدرة الحوثيين على تهديد الشركاء الإقليميين.

تصد للهجمات

أوضحت القيادة المركزية الأميركية أن المدمرتين «يو إس إس ستوكديل» و«يو إس إس سبروانس» إلى جانب طائرات القوات الجوية والبحرية الأمريكية، نجحت في التصدي لمجموعة من الأسلحة التي أطلقها الحوثيون أثناء عبور المدمرتين مضيق باب المندب.

وطبقاً للبيان الأميركي، اشتبكت هذه القوات بنجاح مع ثمانية أنظمة جوية من دون طيار هجومية أحادية الاتجاه، وخمسة صواريخ باليستية مضادة للسفن، وأربعة صواريخ كروز مضادة للسفن؛ مما ضمن سلامة السفن العسكرية وأفرادها.

مقاتلات «إف-35» الأميركية تمتلك قدرات حربية غير مسبوقة (أ.ب)

وإذ أكدت القيادة المركزية الأميركية عدم وقوع أضرار في صفوفها أو معداتها، وقالت إن إجراءاتها تعكس التزامها المستمر بحماية أفرادها والشركاء الإقليميين والشحن الدولي، مع الحفاظ على الأمن والاستقرار في المنطقة.

وأضافت أنها «ستظل يقظة في جهودها لحماية حركة الملاحة البحرية في البحر الأحمر وخليج عدن، وستواصل اتخاذ الخطوات المناسبة لمعالجة أي تهديدات للاستقرار الإقليمي».

ويزعم الحوثيون أنهم يشنون هجماتهم البحرية لمنع ملاحة السفن المرتبطة بإسرائيل والولايات المتحدة وبريطانيا، في سياق مساندتهم للفلسطينيين في غزة، وأخيراً لمساندة «حزب الله» في لبنان.

22 غارة

وكان إعلام الحوثيين أفاد بتلقي الجماعة نحو 22 غارة بين يومي السبت والثلاثاء الماضيين، إذ استهدفت 3 غارات، الثلاثاء، منطقة الفازة التابعة لمديرية التحيتا الواقعة في جنوب محافظة الحديدة الساحلية التي تتخذ منها الجماعة منطلقاً لشن الهجمات البحرية، واستقبال الأسلحة الإيرانية المهربة.

ويوم الاثنين، اعترفت الجماعة أنها تلقت 7 غارات وصفتها بـ«الأميركية والبريطانية»، استهدفت منطقة حرف سفيان شمال محافظة عمران، إلى جانب غارتين استهدفتا منطقة الرحبة في مديرية الصفراء التابعة لمحافظة صعدة، حيث المعقل الرئيسي للجماعة.

كما أقرت بتلقي 4 غارات استهدفت منطقة جربان في الضواحي الجنوبية لصنعاء، إلى جانب غارة استهدفت معسكر «الحفا» في صنعاء نفسها، وغارتين ضربتا منطقة حرف سفيان في محافظة عمران، يوم الأحد.

طوربيد بحري استعرضه الحوثيون أخيراً زاعمين أنه بات ضمن أسلحتهم (إعلام حوثي)

وبدأت الموجة الجديدة من الضربات الغربية المتتابعة، مساء السبت الماضي؛ إذ استهدفت 3 غارات معسكرات الجماعة ومستودعات أسلحتها في منطقتي النهدين والحفا في صنعاء.

وبلغت الغارات الغربية التي استقبلها الحوثيون نحو 800 غارة، بدءاً من 12 يناير الماضي (كانون الثاني)؛ كما لجأت واشنطن إلى استخدام القاذفات الشبحية لأول مرة، في 17 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، في استهداف المواقع المحصّنة للجماعة في صنعاء وصعدة.

يشار إلى أنه منذ نوفمبر 2023، تبنّت الجماعة الحوثية قصف أكثر من 200 سفينة، وأدت الهجمات في البحر الأحمر إلى غرق سفينتين وقرصنة ثالثة، ومقتل 3 بحارة، وإصابة آخرين في هجوم ضد سفينة ليبيرية.

وتقول الحكومة اليمنية إن الضربات الغربية ضد الجماعة غير مجدية، وإن الحل الأنجع هو دعم القوات الشرعية لاستعادة الحديدة وموانيها، وصولاً إلى إنهاء الانقلاب الحوثي، واستعادة العاصمة المختطفة صنعاء.