ظريف ينتقد «التدخلات الدولية» في المنطقة

فرنسا: إحياء الاتفاق النووي نقطة بداية لمناقشة الوضع الإقليمي والبرنامج الصاروخي الإيراني

وزير الخارجية الإيراني يتحدث عبر شاشة قناة «برس تي وي» الناطقة بالإنجليزية في منتدى طهران للحوار أمس
وزير الخارجية الإيراني يتحدث عبر شاشة قناة «برس تي وي» الناطقة بالإنجليزية في منتدى طهران للحوار أمس
TT

ظريف ينتقد «التدخلات الدولية» في المنطقة

وزير الخارجية الإيراني يتحدث عبر شاشة قناة «برس تي وي» الناطقة بالإنجليزية في منتدى طهران للحوار أمس
وزير الخارجية الإيراني يتحدث عبر شاشة قناة «برس تي وي» الناطقة بالإنجليزية في منتدى طهران للحوار أمس

انتقد وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف «التدخلات الدولية» في منطقة الشرق الأوسط، في رد ضمني على جهود أميركية - أوروبية، لقيادة إجماع دولي، يعالج الأنشطة الإيرانية المزعزعة للاستقرار، في حال تقدم المسار الدبلوماسي لإحياء الاتفاق النووي.
واعتبر ظريف «التدخلات الدولية» سبب زعزعة الاستقرار وانعدام الأمن في المنطقة، قبل أن يلقي باللوم على الولايات المتحدة وحدها، قائلاً، إن «التدخل الأميركي أدى إلى أكبر قدر من انعدام الأمن وزعزعة الاستقرار في المنطقة». ونقلت وكالة «إرنا» الرسمية عن الوزير الإيراني قوله في كلمة أمام منتدى طهران للحوار، إن «الأعمال التخريبية الأميركية في منطقتنا لا تقتصر على التدخل العسكري، إنما الحرب الاقتصادية الأميركية ضد الشعب الإيراني كانت لها تبعات، منها مشكلات مواجهة جائحة (كورونا) في إيران»، وأضاف «لا يوجد فرق بين الرئيس السابق والحالي الأميركي في متابعة سياسة الضغوط القصوى المهزومة».
وبدا أن خطاب ظريف نسخة «دبلوماسية» من مواقف كبار المسؤولين الإيرانيين، الذين تناوبوا خلال الأيام الأخيرة، على تبرير التدخلات الإقليمية الإيرانية. وكانت قد بدأت بخطاب «المرشد» الإيراني، علي خامنئي، الخميس الماضي، والذي تكرر مضمونه في خطابات منفصلة لقائد «الحرس الثوري» ومسؤول الذراع الإقليمية للحرس، المسمى «فيلق القدس»، اتسمت بعبارات تحريضية لميليشيا مسلحة تربطها صلات أيدلوجية بطهران.
ولجأ ظريف إلى تكرار مواقف سابقة، ضد الانتقادات الدولية للدور الإقليمي الإيراني، وقال في هذا الصدد، إن «إيران مستعدة للحوار مع جميع الجيران، ولا حاجة إلى الأجانب لرسم مستقبل المنطقة».
وأفصح ظريف عن رغبة بلاده في «بناء منطقة جديدة»، و«اتخاذ طريقة التنمية الإنسانية والاجتماعية والاقتصادية»، عبر «الحوار والدبلوماسية». وعاد لطرح «مبادرة هرمز» التي أثارها في صيف 2019، أثناء تصاعد التوتر في المنطقة، عقب تعرض ناقلات النفط ومنشأتي «أرامكو» لهجمات ما أثار انتقادات دولية ضد إيران.
وأعاد ظريف مشكلات المنطقة إلى جذور ثلاثة: «التدخلات الدولية، والأجواء الأمنية، ومشكلة الأولويات». وقال «لا يوجد شك أن التدخلات الدولية الطويلة، والخطيرة في منطقتنا هي أحد الأسباب الرئيسية للمشاكل القائمة»، ورأى أن المنطقة «كانت موضوع مخططات جيوسياسية من قبل جهات فاعلة من خارج المنطقة، على مدى العقود الخمسة الماضية». واتهم الولايات المتحدة بأنها تسعى وراء «فرض» الأجواء الأمنية (العسكرية) على المنطقة بسبب «تفوقها العسكري»، مضيفاً أنه «تنظر إلى كل شيء بعدسة أمنية وعسكرية، ولديها نظرة عسكرية للمنطقة».
جاءت تصريحات ظريف غداة إعلان «الحرس الثوري»، تزويد قواته البحرية في الخليج العربي، بـ«مدينة صاروخية»، هي الثانية منذ مطلع العام الحالي، التي يعلن الحرس الثوري، تدشينها قبالة الخليج، في تعزيز لترسانة الصواريخ الباليستية.
وفي كلمة أمام مركز دراسات السياسة الأوروبية، أول من أمس، كان ظريف قد دعا الولايات المتحدة، إلى التحرك سريعاً لإحياء الاتفاق النووي، إذ إنه مع انطلاق فترة انتخابات الرئاسة في إيران سيكون من المستبعد أن يحدث الكثير هذا العام. وقال: «هناك ضيق في الوقت وبمجرد أن نتوجه إلى انتخاباتنا فستكون الحكومة بطة عرجاء (بلا نفوذ حقيقي) ولن يكون بمقدورها فعل أي شيء».
وقال وزير الخارجية الفرنسي، جان إيف لو دريان، أمس، إن الجهود الرامية لإحياء المحادثات النووية الإيرانية تواجه صعوبات بسبب مشكلات تكتيكية والوضع الداخلي في إيران قبيل الانتخابات.
وقال لو دريان في كلمة أمام مجلس الشيوخ الفرنسي، إن إحياء الاتفاق النووي «سيكون نقطة البداية لمناقشة الوضع الإقليمي وبرنامج الصواريخ الباليستية الإيراني».
والأسبوع الماضي، أكد وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، أن الإدارة الأميركية، تريد أن تتخذ من أي عودة محتملة للاتفاق النووي، نقطة انطلاق للتوصل إلى اتفاق أشمل يتضمن الأنشطة الإيرانية المزعزعة للاستقرار، ويقيد تطوير الصواريخ الباليستية وانتشارها. وتتواصل الإدارة الأميركية مع طهران عبر قنوات اتصال دبلوماسية غير مباشرة من خلال أوروبيين وآخرين، لتوضيح موقفها فيما يخص منهج الالتزام مقابل الامتثال للاتفاق، حسب ما أبلغ مستشار الأمن القومي للبيت الأبيض، جيك سوليفان، الصحافيين، الجمعة.
وقال سوليفان، إن «الدبلوماسية مع إيران مستمرة، لكن ليست بطريقة مباشرة في الوقت الراهن»، وقال أيضاً «نستمع إلى موقفهم (الإيرانيين)».
ورغم أن المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، سعيد خطيب زاده، لم يتطرق مؤتمره الصحافي أول من أمس، إلى تصريحات سوليفان، لكن قناة «برس تي وي» الإيرانية الناطقة بالإنجليزية، والمقربة من الأجهزة الأمنية، أفادت، أمس، عن مسؤول أمني رفيع، لم تذكر أسمه، بأنه «ينفي» ما ذكره سوليفان عن وجود دبلوماسية غير مباشرة. وقال المصدر الأمني الإيراني، إن تصريحات المسؤولين الأميركيين حول الدبلوماسية غير المباشرة مع إيران «تهدف فقط لإخراج بايدن من الأزمة».
وأشار المصدر إلى أنه لن تجري محادثات بين طهران وواشنطن حتى الرفع الكامل للعقوبات.
بدوره، وجّه الرئيس الإيراني، انتقادات مماثلة إلى الإدارة الأميركية، خلال دفاعه عن أداء حكومته في الملف الاقتصادي خلال العام الماضي.
ورأى روحاني أن الإدارة الأميركية الحالية تواصل نهج الإدارة السابقة في «المشروع الإرهابي»، وهي التسمية التي يستخدمها على العقوبات التي فرضتها إدارة دونالد ترمب بعد الانسحاب من الاتفاق النووي. وقال «جمدوا الأصول الإيرانية، وعرقلوا أنشطتنا، وتسببوا بالمشكلات لصادراتنا، واجهنا مشكلات عديدة حتى في شراء لقاح (كورونا)». وتابع «لم نسمح لأوضاع إيران بأن تصبح مثل فنزويلا»، وشبّه أداء حكومته بفريق «سجل ثلاثة أهداف وتلقى هدفاً واحداً»، في «الحرب لاقتصادية».
وقال إن «الحكومة الأميركية الحالية التي تزعم أن الحكومة السابقة ارتكبت أخطاء واختارت الطريق الخطأ، وأنها تريد التعويض، مضى عليها شهران ولم نرَ شيئاً». وأضاف «ما يهمنا هو العمل، وإذا أقدموا على شيء ليس في صالح الإيرانيين، أو لا يصب في مصلحتهم ومصلحة إيران والمنطقة، والمنظمات الدولية...».



تصريحات ميتسوتاكيس تُعيد إشعال التوتر بين أثينا وأنقرة بعد أشهر من الهدوء

إردوغان مستقبلاً ميتسوتاكيس خلال زيارته لأنقرة في مايو الماضي (الرئاسة التركية)
إردوغان مستقبلاً ميتسوتاكيس خلال زيارته لأنقرة في مايو الماضي (الرئاسة التركية)
TT

تصريحات ميتسوتاكيس تُعيد إشعال التوتر بين أثينا وأنقرة بعد أشهر من الهدوء

إردوغان مستقبلاً ميتسوتاكيس خلال زيارته لأنقرة في مايو الماضي (الرئاسة التركية)
إردوغان مستقبلاً ميتسوتاكيس خلال زيارته لأنقرة في مايو الماضي (الرئاسة التركية)

أشعل رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس توتراً جديداً مع تركيا، بعد أشهر من الهدوء تخللتها اجتماعات وزيارات متبادلة على مستويات رفيعة للبناء على الأجندة الإيجابية للحوار بين البلدين الجارين.

وأطلق ميتسوتاكيس، بشكل مفاجئ، تهديداً بالتدخل العسكري ضد تركيا في ظل عدم وجود إمكانية للتوصل إلى حل بشأن قضايا المنطقة الاقتصادية الخالصة والجرف القاري.

تلويح بالحرب

نقلت وسائل إعلام تركية، السبت، عن ميتسوتاكيس قوله، خلال مؤتمر حول السياسة الخارجية عُقد في أثينا، إن «الجيش يمكن أن يتدخل مرة أخرى إذا لزم الأمر». وأضاف: «إذا لزم الأمر، فسيقوم جيشنا بتنشيط المنطقة الاقتصادية الخالصة. لقد شهدت أوقاتاً تدخّل فيها جيشنا في الماضي، وسنفعل ذلك مرة أخرى إذا لزم الأمر، لكنني آمل ألا يكون ذلك ضرورياً».

رئيس الوزراء اليوناني ميتسوتاكيس (رويترز - أرشيفية)

ولفت رئيس الوزراء اليوناني إلى أنه يدرك أن وجهات نظر تركيا بشأن «الوطن الأزرق» (سيطرة تركيا على البحار التي تطل عليها) لم تتغير، وأن اليونان تحافظ على موقفها في هذه العملية. وقال ميتسوتاكيس: «في السنوات الأخيرة، زادت تركيا من نفوذها في شرق البحر المتوسط. قضية الخلاف الوحيدة بالنسبة لنا هي الجرف القاري في بحر إيجه وشرق البحر المتوسط. إنها مسألة تعيين حدود المنطقة الاقتصادية الخالصة، وعلينا أن نحمي جرفنا القاري».

من ناحية أخرى، قال ميتسوتاكيس إن «هدفنا الوحيد هو إقامة دولة موحّدة في قبرص... قبرص موحّدة ذات منطقتين ومجتمعين (تركي ويوناني)، حيث لن تكون هناك جيوش احتلال (الجنود الأتراك في شمال قبرص)، ولن يكون هناك ضامنون عفا عليهم الزمن (الضمانة التركية)».

ولم يصدر عن تركيا رد على تصريحات ميتسوتاكيس حتى الآن.

خلافات مزمنة

تسود خلافات مزمنة بين البلدين الجارين العضوين في حلف شمال الأطلسي (ناتو) حول الجرف القاري، وتقسيم الموارد في شرق البحر المتوسط، فضلاً عن النزاعات حول جزر بحر إيجه.

وتسعى اليونان إلى توسيع مياهها الإقليمية إلى ما هو أبعد من 6 أميال، والوصول إلى 12 ميلاً، استناداً إلى «اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار» لعام 1982 التي ليست تركيا طرفاً فيها.

وهدّد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان من قبل، مراراً، بالرد العسكري على اليونان إذا لم توقف «انتهاكاتها للمياه الإقليمية التركية»، وتسليح الجزر في بحر إيجه. وأجرت تركيا عمليات تنقيب عن النفط والغاز في شرق البحر المتوسط في عام 2020 تسبّبت في توتر شديد مع اليونان وقبرص، واستدعت تحذيراً وعقوبات رمزية من الاتحاد الأوروبي، قبل أن تتراجع تركيا وتسحب سفينة التنقيب «أوروتش رئيس» في صيف العام ذاته.

سفن حربية تركية رافقت سفينة التنقيب «أوروتش رئيس» خلال مهمتها في شرق المتوسط في 2020 (الدفاع التركية)

وتدخل حلف «الناتو» في الأزمة، واحتضن اجتماعات لبناء الثقة بين البلدين العضوين.

أجندة إيجابية وحوار

جاءت تصريحات رئيس الوزراء اليوناني، بعد أيام قليلة من تأكيد وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، في كلمة له خلال مناقشة البرلمان، الثلاثاء، موازنة الوزارة لعام 2025، أن تركيا ستواصل العمل مع اليونان في ضوء الأجندة الإيجابية للحوار.

وقال فيدان إننا «نواصل مبادراتنا لحماية حقوق الأقلية التركية في تراقيا الغربية، ونحمي بحزم حقوقنا ومصالحنا في بحر إيجه وشرق البحر المتوسط، ​​سواء على الأرض أو في المفاوضات».

وعُقدت جولة جديدة من اجتماعات الحوار السياسي بين تركيا واليونان، في أثينا الأسبوع الماضي، برئاسة نائب وزير الخارجية لشؤون الاتحاد الأوروبي، محمد كمال بوزاي، ونظيرته اليونانية ألكسندرا بابادوبولو.

جولة من اجتماعات الحوار السياسي التركي - اليوناني في أثينا الأسبوع الماضي (الخارجية التركية)

وذكر بيان مشترك، صدر في ختام الاجتماع، أن الجانبين ناقشا مختلف جوانب العلاقات الثنائية، وقاما بتقييم التطورات والتوقعات الحالية؛ استعداداً للدورة السادسة لمجلس التعاون رفيع المستوى، التي ستُعقد في تركيا العام المقبل.

ولفت البيان إلى مناقشة قضايا إقليمية أيضاً خلال الاجتماع في إطار العلاقات التركية - الأوروبية والتطورات الأخيرة بالمنطقة.

وجاء الاجتماع بعد زيارة قام بها فيدان إلى أثينا في 8 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أكد البلدان خلالها الاستمرار في تعزيز الحوار حول القضايا ذات الاهتمام المشترك.

لا أرضية للتوافق

وقال ميتسوتاكيس، في مؤتمر صحافي عقده بعد القمة غير الرسمية للاتحاد الأوروبي في بودابست في 9 نوفمبر، إن الحفاظ على الاستقرار في العلاقات بين بلاده وتركيا سيكون في مصلحة شعبيهما.

وأشار إلى اجتماع غير رسمي عقده مع إردوغان في بودابست، مؤكداً أن هدف «التطبيع» يجب أن يكون الأساس في العلاقات بين البلدين، وتطرق كذلك إلى المحادثات بين وزيري خارجية تركيا واليونان، هاكان فيدان وجيورجوس جيرابيتريتيس، في أثنيا، قائلاً إنه جرى في أجواء إيجابية، لكنه لفت إلى عدم توفر «أرضية للتوافق بشأن القضايا الأساسية» بين البلدين.

وزير الخارجية اليوناني يصافح نظيره التركي في أثينا خلال نوفمبر الماضي (رويترز)

وسبق أن التقى إردوغان ميتسوتاكيس، في نيويورك على هامش مشاركتهما في أعمال الدورة 79 للجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر (أيلول) الماضي، وأكد أن تركيا واليونان يمكنهما اتخاذ خطوات حازمة نحو المستقبل على أساس حسن الجوار.

وزار ميتسوتاكيس تركيا، في مايو (أيار) الماضي، بعد 5 أشهر من زيارة إردوغان لأثينا في 7 ديسمبر (كانون الأول) 2023 التي شهدت عودة انعقاد مجلس التعاون الاستراتيجي بين البلدين، بعدما أعلن إردوغان قبلها بأشهر إلغاء المجلس، مهدداً بالتدخل العسكري ضد اليونان بسبب تسليحها جزراً في بحر إيجه.