مرة جديدة، تفضل باريس إبقاء ملف مواطنيها الذين يحتجزون في إيران بعيدا عن الأضواء. هذا ما حصل في ملف الباحثة الأكاديمية مزدوجة الجنسية، فريبا عادلخواه، التي خرجت من السجن إلى الإقامة الجبرية، مع حمل إسوارة إلكترونية تسجل كافة تحركاتها. والأمر نفسه، تكرر مع رفيق دربها، رولان مارشال، حيث لم تعترف الخارجية الفرنسية باعتقالهما إلا بعد عدة أشهر. أما بخصوص السائح الفرنسي، بنجامين بريير، فقد انتظرت الخارجية الفرنسية تسعة أشهر، أي حتى 24 فبراير (شباط) الماضي، قبل أن تقر بالقبض عليه.
ووفق تقارير صحافية، فإن الأخير الذي كان يتنقل سائحا في إيران على متن حافلة صغيرة من طراز {رينو}، أوقف في منطقة صحراوية قريبا من الحدود الإيرانية مع تركمانستان، وإنه ألقي القبض عليه وهو بصدد تشغيل طائرة صغيرة مسيرة مزودة بآلة تصوير يمكن شراؤها في فرنسا من أي مخزن للإلكترونيات. وبحسب السلطات الإيرانية، فإن التصوير ممنوع في المنطقة المذكورة.
لقد خبرت فرنسا جيدا نهج إيران في التعاطي في مسائل احتجاز الأجانب، ومنهم مزدوجو الجنسية، مثل فريبا عادلخواه. وبحسب باريس، فإن الأفضل هو إبقاء مسائل كهذه رهن الاتصالات البعيدة عن الإعلام، في مرحلة أولى. وثمة قناعة فرنسية ثانية، مفادها أن ما تعمد إليه طهران يندرج إجمالا في إطار البحث عن مقايضات، كما حصل في مسألة رولان مارشال الذي أفرج عنه في شهر مارس (آذار) الماضي، مقابل الإفراج عن المهندس الإيراني روح الله نجاد، الذي كانت الولايات المتحدة تطالب بتسلمه من فرنسا.
وبحسب عدة تقارير، فإن طهران ترمي جانبا كبيرا من المسؤولية على فرنسا في القبض على الدبلوماسي الإيراني، أسد لله أسدي، وإدانته أمام محكمة بلجيكية في قضية التحضير لاعتداء إرهابي في ضاحية فيبلبانت الواقعة على مدخل باريس الشمالي بمناسبة مؤتمر واسع للمعارضة الإيرانية نهاية يونيو (حزيران) 2019.
لذا، فإن الاعتقاد السائد أن طهران بحاجة إلى مواطنين أوروبيين من أجل استرجاع أسدي، وأن مصير بنجامين ريبيير مرهون بمصير الأخير، الذي حكم عليه بالسجن عشرين عاما بعد إدانته بالضلوع في مخطط إرهابي.
برز ملف ريبيير مجددا عقب تغريدة، أمس، لمحاميه سعيد دهقان، الذي يبدو أنه {متخصص} في ملف {الرهائن}، لأنه أيضا محامي عادلخواه وقبلها محامي مارشال وآخرين... وفي تغريدته الأخيرة التي أرفقها بصورة لريبيير، كشف دهقان عن اسم الأخير، الذي بقي مكتوما حتى أمس، وأكد أن يواجه تهمتين: التجسس من جهة، والدعاية ضد النظام الإيراني، من جهة ثانية، بحسب تغريدة دهقان. وفيما لم يعلن دهقان عن الجهة التي يتهم ريبيير بالتجسس لصالحها، فقد فهم أن تهمة الدعاية ضد النظام مردها لتغريدة سأل فيها عن سبب إلزام ارتداء الحجاب في إيران فيما هو طوعي في بلدان إسلامية أخرى.
وأفاد دهقان بأن مرافعة الدفاع قد تمت، ما يعني عمليا أن المرحلة اللاحقة ستكون النطق بالحكم القابل بعدها للاستئناف. ويتوقع أن يصدر عليه حكم بالسجن لفترة طويلة. وأضاف دهقان: {أنا وزملائي في فريق الدفاع نعتقد أن هذه الاتهامات باطلة ولا أساس لها، لكن علينا أن ننتظر حتى يجري القاضي تحقيقا كاملا في الأيام القليلة المقبلة ويعلن حكمه}.
وسبق للمحامي أن أعلن أواخر الشهر الماضي أن الاتهامات المسوقة ضد موكله {متناقضة وخاطئة}. وإذا كان معروفا أن ريبيير موجود في سجن وكيل آباد، في مدينة مشهد، فإن الجهة التي تقدمت بشكوى ضده في القضاء الإيراني، لم يشر إلى هويتها.
وأمس، قالت الخارجية الفرنسية في بيان عبر موقعها الإلكتروني: {نتابع باهتمام وضع مواطننا الذي يستفيد من الرعاية القنصلية المنصوص عليها في اتفاقية فيينا لعام 1963، وهناك اتصالات متواصلة معه عبر سفارتنا في طهران}.
وسبق لها أن أكدت نهاية الشهر الماضي أن دوائرها في باريس وطهران {تتابع باهتمام} مسألة بريير، الذي يحظى بالحماية القنصلية، وفق معاهدة فيينا، وأن موظفين من السفارة الفرنسية قاموا بزيارته رغم التدابير الخاصة بوباء كوفيد، فيما تتواصل الوزارة في باريس مع عائلته. وتتيح الحماية القنصلية التحقق من ظروف سجن أي فرنسي موقوف في الخارج ووضعه الصحي وحصوله على محام. وتأتي هذه المسألة لتفاقم الأجواء بين باريس وطهران، فيما تسعى فرنسا، إلى جانب ألمانيا وبريطانيا، إلى لعب دور الوسيط في الملف النووي الإيراني بين إيران والولايات المتحدة الأميركية.
{رهينة} فرنسية جديدة بيد إيران وترجيح استخدامها لمقايضة سجناء
{رهينة} فرنسية جديدة بيد إيران وترجيح استخدامها لمقايضة سجناء
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة