«صدام» غربي ـ روسي جديد حول سوريا في مجلس الأمن

مجلس الأمن
مجلس الأمن
TT

«صدام» غربي ـ روسي جديد حول سوريا في مجلس الأمن

مجلس الأمن
مجلس الأمن

ظهر «صدام» جديد بين دول غربية وروسيا حول سوريا في مجلس الأمن أمس؛ إذ أخفق أعضاؤه، في الذكرى السنوية العاشرة للحرب السورية، في التعبير عن موقف موحد حيال المقاربة التي ينبغي اعتمادها لتفعيل العملية السياسية التي يقودها وسيط الأمم المتحدة غير بيدرسن. وألقت المندوبة الأميركية، ليندا توماس غرينفيلد، تبعات المأساة على نظام الرئيس السوري بشار الأسد؛ الذي «آن له أن يواجه الأسباب الجذرية للنزاع»، فيما رأى نظيرها الروسي فاسيلي نيبينزيا أن محاولات «قلب نظام الحكم» أوصلت إلى «الفوضى»، مطالباً بـ«إنهاء الاحتلال الأجنبي» وبعودة دمشق إلى «الأسرة العربية».
ونظمت الرئاسة الأميركية لمجلس الأمن خلال مارس (آذار) الحالي انعقاد جلسة عبر الفيديو للمجلس في ظل نقاشات جارية في أروقة الأمم المتحدة والعواصم بشأن الطريقة المثلى للمضي نحو «عملية سياسية مجدية وذات مغزى هدفها إنهاء الحرب السورية».
وفي ضوء هذه المناسبة، أجرت المندوبة الأميركية سلسلة مشاورات سعياً إلى انعاش الجهود التي يقوم بها غير بيدرسن، مع ظهور توافق على ما قاله الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش لجهة أن «الخطوة الأولى» في الحل السياسي التفاوضي المبني على القرار «2254» تتمثل في إحراز «تقدم ملموس» في اجتماعات اللجنة الدستورية. غير أن مشاركة كل أطياف المجتمع السوري في هذه العملية تحتاج أيضاً إلى انخراط أطراف المجتمع الدولي في «حوار دبلوماسي متواصل وقوي» بهدف التغلب على الانقسامات الخاصة بها والعمل معاً للمساعدة في إحلال السلام بسوريا.
وتلقى بيدرسن دعماً واضحاً من إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن لتنشيط العملية السياسية، بعدما عزا عدم إحراز تقدم على المسار السياسي إلى «الافتقار إلى دبلوماسية دولية بناءة» ترمي إلى «جسر الانقسامات القائمة»، فضلاً عن «اتخاذ خطوات متبادلة» من كل الأطراف.
وكانت الجولة الخامسة من اجتماعات اللجنة الدستورية «أخفقت في تحقيق أي تقدم ملحوظ»، مما دفع بعدد من الدبلوماسيين إلى اعتماد «مقاربة جديدة» في اجتماعات اللجنة. وعلمت «الشرق الأوسط» أن بيدرسن طالب بـ«العمل بحسن نية» في اتجاه صوغ دستور سوري جديد، منبهاً إلى أن عدم عقد جولة سادسة خلال النصف الأول من أبريل (نيسان) المقبل، سيؤدي إلى تأجيلها حتى أواخر الصيف بسبب عطلة رمضان من منتصف أبريل إلى منتصف مايو (أيار) المقبلين، حين يبدأ العد العكسي للانتخابات الرئاسية السورية المقررة بين أواخر مايو وأوائل يونيو (حزيران) المقبلين.
وقالت المندوبة الأميركية: «لا يغرنكم تنظيم انتخابات رئاسية جديدة في سوريا»؛ لأنها «لا تمتثل للمعايير التي وضعها القرار (2254)». وأكدت أن «الوصول الإنساني مطلوب بشكل أكبر»، موضحة أنه «ينبغي تعزيز وصول المساعدات عبر الحدود تحديداً كي تصل إلى كل من يحتاجون إليها في كل مكان في سوريا». ورأت أن «السبب الوحيد لعرقلة الحل السياسي هو رفض نظام الأسد الخوض في هذه العملية»، مطالبة روسيا بـ«الضغط على نظام الأسد» الذي «آن له أن يواجه الأسباب الجذرية للنزاع». وإذ طالبت بـ«تحديد مصير المحتجزين، لا سيما الذين يحملون الجنسية الأميركية»، شددت على أن «الذكرى السنوية الحادية عشرة لا يمكن أن تشبه الذكرى العاشرة».
وعبر نيبينزيا عن مقاربة مختلفة عما حصل في سوريا عام 2011، لكنه اعترف بأنه «لا حل عسكرياً للنزاع في سوريا»، عادّاً أن «السوريين وحدهم سيقررون ما سيحصل في بلدهم». واتهم المعارضة السورية بأنها «تستنزف قوة هذا البلد». وعبر عن اعتقاده بأن سوريا «تحتاج إلى العودة للأسرة العربية، ولجامعة الدول العربية»، داعياً إلى «عدم عرقلة تطبيع العلاقات بين سوريا والدول العربية». ورأى أن «الشرط المسبق لإنهاء الأزمة هو إنهاء الاحتلال الأجنبي وإنهاء الأعمال العسكرية التي لا تتم بموافقة حكومة البلد المعني».



القضاء العراقي يواجه أزمة بعد فوز ترمب لصدور مذكرة قبض بحقه

ترمب خلال مشاركته بتجمّع انتخابي (أ.ف.ب)
ترمب خلال مشاركته بتجمّع انتخابي (أ.ف.ب)
TT

القضاء العراقي يواجه أزمة بعد فوز ترمب لصدور مذكرة قبض بحقه

ترمب خلال مشاركته بتجمّع انتخابي (أ.ف.ب)
ترمب خلال مشاركته بتجمّع انتخابي (أ.ف.ب)

في الوقت الذي هنأ الرئيس العراقي الدكتور عبد اللطيف جمال رشيد، ومحمد شياع السوداني، رئيس الوزراء العراقي، دونالد ترمب بمناسبة فوزه في الانتخابات الرئاسية الأميركية، بدأت لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان العراقي تبحث عن كيفية التعامل مع ترمب المرحلة المقبلة في ظل وجود مذكرة صادرة من مجلس القضاء الأعلى في العراق بالقبض على ترمب بتهمة اغتيال قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس.

الرئيس العراقي الدكتور عبد اللطيف جمال رشيد

وقال عضو اللجنة مختار الموسوي في تصريح صحافي إن «ترمب بالنسبة للعراق وحسب القوانين العراقية هو مجرم، لكن العراق سيتعامل معه بشكل طبيعي، فهناك مصلحة للعراق بذلك، ووصول ترمب إلى البيت الأبيض لن يؤثر على العلاقات بين بغداد وواشنطن». ورأى الموسوي، وهو نائب عن «الإطار التنسيقي الشيعي» الحاكم أن «أميركا دولة مؤسسات ولا تتأثر كثيراً برؤساء في التعاملات الخارجية المهمة». وأضاف: «ترمب لا يعترف بالحكومة العراقية ولا يحترم السلطات في العراق»، لافتاً إلى أن «زيارته للعراق أثناء ولايته السابقة اختصرت فقط على زيارة الجنود الأميركان في قاعدة (عين الأسد) بمحافظة الأنبار، لكن العراق سيتعامل مع ترمب بشكل طبيعي».

الجنرال الإيراني قاسم سليماني (أ.ب)

وختم عضو لجنة العلاقات الخارجية البرلمانية تصريحه قائلاً: «في حال زار ترمب العراق خلال المرحلة المقبلة، فهناك صعوبة في تنفيذ مذكرة القبض بحقه، فهناك مصلحة للدولة العراقية وهي تتقدم على جميع المصالح الأخرى، فهي تمنع أي تنفيذ لتلك المذكرة بشكل حقيقي بحق ترمب».

أبو مهدي المهندس (أ.ف.ب)

يشار إلى أن رئيس مجلس القضاء الأعلى في العراق فائق زيدان أعلن صدور أوامر قبض بحق ترمب على خلفية أوامر أصدرها لقتل سليماني والمهندس في السابع من يناير (كانون الثاني) عام 2021. وأوضح بيان رسمي، صدر في ذلك الوقت أن «القرار يستند إلى أحكام المادة 406 من قانون العقوبات العراقي النافذ»، مؤكداً أن «إجراءات التحقيق لمعرفة المشاركين الآخرين في تنفيذ هذه الجريمة سوف تستمر سواء كانوا من العراقيين أو الأجانب».

القضاء العراقي وأزمة تطبيق القانون

قانونياً، وطبقاً لما أكده الخبير القانوني العراقي، علي التميمي، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» فإأن «القضاء العراقي تحرك بناءً على الشكوى المقدمة من الطرف المشتكي، وبالتالي فإن القضاء ملزم وفق القانون باتخاذ الإجراءات القانونية بحق أي شخص سواء كان في الداخل العراقي أو الخارج العراقي».

وأضاف التميمي: «ولأن الجريمة التي ارتُكبت داخل العراق واستهدفت شخصيات في العراق وأدت إلى مقتلهم؛ فإن الولاية القضائية هنا هي التي تطبق وهي ولاية القضاء العراقي»، مبيناً أن «إصدار أمر قبض بحق ترمب في وقتها وفق مذكرة القبض الصادرة من القضاء العراقي وفق المادة 406 من قانون العقوبات العراقي وهي القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد لكونه شريكاً في هذه العملية؛ ولذلك يعدّ الإجراء من الناحية القانونية صحيحاً».

مركبة محترقة في مطار بغداد أصابها أحد الصواريخ الثلاثة (خلية الإعلام الأمني)

ورداً على سؤال بشأن تنفيذ المذكرة، يقول التميمي إن «التنفيذ يكون عن طريق الإنتربول الدولي بعد تقديم طلب عبر وزارة الخارجية، وهو أمر صعب من الناحية الواقعية، والثانية هي انضمام العراق إلى اتفاقية روما للمحكمة الجنائية الدولية لعام 1948 وهي تحاكم الأشخاص بمختلف الجرائم، ومنها جرائم العدوان التي تنطبق على عملية الاغتيال التي نُفذت بأمر ترمب وفقاً للمادة 6 من قانون هذه المحكمة التي تتطلب دخول العراق فيها أولاً». وأوضح التميمي أنه «مع كل هذه الإجراءات القانونية، لكن ترمب في النهاية أصبح رئيس دولة وهو يتمتع بالحصانة وفقاً اتفاقية فيينا».

أول المهنئين لترمب

وفي الوقت الذي تبدو عودة ترمب رئيساً للولايات المتحدة الأميركية مقلقة لبعض الأوساط العراقية، إلا أن العراق الرسمي كان من أول المهنئين؛ إذ هنأ الرئيس العراقي عبد اللطيف جمال رشيد ترمب، وتطلع إلى أن «تعمل الإدارة الأميركية الجديدة على تعزيز الاستقرار الذي تشتد الحاجة إليه والحوار البنَّاء في المنطقة»، كما هنَّأ رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني دونالد ترمب بفوزه في الانتخابات الرئاسية الأميركية لولاية جديدة، معرباً عن أمله في «تعزيز العلاقات الثنائية» خلال «المرحلة الجديدة». وكتب السوداني على منصة «إكس»: «نؤكد التزام العراق الثابت بتعزيز العلاقات الثنائية مع الولايات المتحدة، ونتطلع لأن تكون هذه المرحلة الجديدة بداية لتعميق التعاون بين بلدينا في مجالات عدة، بما يسهم في تحقيق التنمية المستدامة ويعود بالنفع على الشعبين الصديقين». كما أن رئيس إقليم كردستان نيجرفان بارزاني ورئيس حكومة إقليم كردستان مسرور بارزاني كانا أول المهنئين لترمب؛ نظراً للعلاقة الجيدة التي تربط الأكراد مع الجمهوريين. وكتب نيجرفان بارزاني على منصة «إكس» قائلاً: «أتقدم بأحرّ التهاني إلى الرئيس ترمب ونائب الرئيس المنتخب فانس على فوزهما في الانتخابات». وأضاف: «نتطلع إلى العمل معاً لتعزيز شراكتنا وتعميق العلاقات الثنائية بين إقليم كردستان والعراق والولايات المتحدة».

أما رئيس حكومة إقليم كردستان مسرور بارزاني، فقد عبّر من جهته إلى أهمية «تعميق الشراكة بين إقليم كردستان والولايات المتحدة، والعمل معاً لتعزيز السلام والاستقرار في المنطقة».

اقرأ أيضاً