«كوفيد ـ 19» قفز من الخفافيش إلى البشر من دون تغيير كبير

دراسة تدعو إلى التلقيح السريع لوقف التحورات

أحد مراكز التطعيم ضد «كوفيد - 19» في كاليفورنيا (أ.ب)
أحد مراكز التطعيم ضد «كوفيد - 19» في كاليفورنيا (أ.ب)
TT

«كوفيد ـ 19» قفز من الخفافيش إلى البشر من دون تغيير كبير

أحد مراكز التطعيم ضد «كوفيد - 19» في كاليفورنيا (أ.ب)
أحد مراكز التطعيم ضد «كوفيد - 19» في كاليفورنيا (أ.ب)

هل انتقل فيروس كورونا المستجد من الخفاش إلى البشر مباشرة؟ أم أنه انتقل من الخفاش إلى البشر عبر بعض الحيوانات الوسيطة مثل آكل النمل الحرشفي؟ حتى وقت قريب لم تكن هناك إجابة حاسمة على هذين السؤالين، ولكن فريقاً بحثياً دولياً من المملكة المتحدة والولايات المتحدة وبلجيكا، يزعم أنه توصل إلى ترجيح السيناريو الأول، وهو «الانتقال المباشر من الخفاش إلى البشر».
وخلال الدراسة التي نشرت في العدد الأخير من دورية «بلوس بيولوجي»، وجد الباحثون أن أحد فيروسات الخفافيش، وهو«RmYN02» له بنية جينوم مكونة من مقاطع شبيهة بفيروس كورونا المستجد، وتحمل مادته الوراثية توقيعات تكوين مميزة (المرتبطة بعمل المناعة المضادة للفيروسات المضيفة)، ودعم ذلك من وتيرة الانتقال من الخفافيش إلى البشر «دون الحاجة إلى أنواع حيوانية وسيطة».
وعادة ما تستغرق الفيروسات التي تقفز إلى نوع مضيف جديد بعض الوقت لاكتساب تكيفات لتكون قادرة على الانتشار، ومعظمهم لا يتجاوز تلك المرحلة أبداً، مما يؤدي إلى تداعيات مسدودة أو فاشيات محلية غير واسعة الانتشار، ولكن ذلك لم يحدث مع فيروس كورونا المستجد.
ومن خلال دراسة الطفرات في فيروس كورونا والفيروسات ذات الصلة (فيروس كورونا المرتبط بالمتلازمة التنفسية الحادة الشديدة)، وجد الباحثون دليلاً على حدوث تغيير كبير إلى حد ما في «كورونا المستجد»، أعطاه قدرة جاهزة على إصابة البشر والثدييات الأخرى، وذهبوا إلى أنه ربما تكون هذه القدرة قد تطورت في الخفافيش قبل انتقال الفيروس إلى البشر.
ومنذ انتقل الفيروس إلى البشر، لاحظ الباحثون منذ ديسمبر (كانون الأول) 2019، ولأول 11 شهراً من جائحة «كورونا المستجد»، القليل جداً من التغير الجيني في مئات الآلاف من جينومات الفيروس المتسلسلة، ويمكن أن يُعزى ذلك إلى عدم مواجهة الفيروس لأي مشكلات في الانتشار بسبب الطبيعة الحساسة للغاية للبشر لهذا العامل الممرض الجديد، مع ضغوط محدودة من مناعة السكان، مما يؤدي إلى أن كل فيروس تقريباً كان قادراً على العدوى، ولكن مع تغير المظهر المناعي للسكان مع نهاية 2020، بدأت تحدث التحورات بشكل كبير ومؤثر على سلوك الفيروس في الانتشار.
ويقول ديفيد روبرتسون، من مركز أبحاث الفيروسات بجامعة جلاسكو باسكوتلندا، وأحد الباحثين المشاركين بالدراسة في تقرير نشره الموقع الإلكتروني للمكتبة العامة للعلوم (بلوس) يوم 12 مارس (آذار)، «بحلول نهاية عام 2020، كان الفيروس يتلامس بشكل متزايد مع مناعة المضيف الحالية، حيث إن أعداد المصابين سابقاً أصبحت مرتفعة الآن، مما أكسبهم مناعة ضد الفيروس، وهو ما زاد من الصعوبات التي يواجهها الفيروس في سعية نحو الانتشار، فأنتج ذلك ضغوطاً انتقائية تسببت في التحورات التي حدثت بالفيروس».
ويوضح روبرتسون أنه من المهم تقدير أن الفيروس لا يزال فيروساً حاداً، يتم مواجهته من خلال الاستجابة المناعية التي تشكلت من خلال الإصابة، ومع ذلك، فإنه «يبتعد الآن بشكل أسرع عن متغيره الأصلي الذي ظهر في يناير (كانون الثاني) 2020، والمستخدم في جميع اللقاحات الحالية لرفع المناعة الوقائية، وستستمر اللقاحات الحالية في العمل ضد معظم المتغيرات المتداولة، ولكن كلما مر الوقت، وكلما زاد الفرق بين عدد الأشخاص الذين تم تطعيمهم وغير الملقحين، زادت فرصة الهروب من اللقاح».
ويضيف: «السباق الأول كان تطوير لقاح، أما السباق الآن هو تلقيح سكان العالم بأسرع ما يمكن».


مقالات ذات صلة

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

شمال افريقيا «الصحة» المصرية تنفي رصد أمراض فيروسية أو متحورات مستحدثة (أرشيفية - مديرية الصحة والسكان بالقليوبية)

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

نفت وزارة الصحة المصرية رصد أي أمراض بكتيرية أو فيروسية أو متحورات مستحدثة مجهولة من فيروس «كورونا».

محمد عجم (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أظهر المسح الجديد تراجعاً في عدد الأطفال الصغار المسجلين في الدور التعليمية ما قبل سن الالتحاق بالمدارس في أميركا من جراء إغلاق الكثير من المدارس في ذروة جائحة كورونا (متداولة)

مسح جديد يرصد تأثير جائحة «كورونا» على أسلوب حياة الأميركيين

أظهر مسح أميركي تراجع عدد الأجداد الذين يعيشون مع أحفادهم ويعتنون بهم، وانخفاض عدد الأطفال الصغار الذين يذهبون إلى الدور التعليمية في أميركا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شمال افريقيا الزحام من أسباب انتشار العدوى (تصوير: عبد الفتاح فرج)

مصر: تطمينات رسمية بشأن انتشار متحور جديد لـ«كورونا»

نفى الدكتور محمد عوض تاج الدين مستشار الرئيس المصري لشؤون الصحة والوقاية وجود أي دليل على انتشار متحور جديد من فيروس «كورونا» في مصر الآن.

أحمد حسن بلح (القاهرة)
العالم رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

«الشرق الأوسط» (فيينا)

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».