أثار إعلان مؤسسة «السحاب»، الذراع الإعلامية لتنظيم «القاعدة»، عن إصدار جديد لزعيم التنظيم أيمن الظواهري، اهتماماً واسعاً ليلة الجمعة – السبت، كونه يأتي بعد أسابيع طويلة من إشاعات عن وفاته، ومن شأنه بالتالي أن يزيل الغموض المحيط بمصيره. لكن الإصدار لم يحمل جواباً شافياً يحسم الجدل في هذا الشأن.
كانت مؤسسة «السحاب» قد أعلنت بعد ظهر أول من أمس (الجمعة)، عن إصدار جديد للظواهري حول أقلية الروهينغا المسلمة في ميانمار بعنوان «الروهينغا جرح الأمة كلها»، قائلة إنه سيصدر «قريباً بإذن الله»، مع ترجمة باللغة الإنجليزية. وبدا الظواهري في الإعلان وهو جالس أمام مكتبة ضخمة ويتحدث من خلال شاشة تلفزيونية محاطة من الجانبين بصور تلفزيونية من محطة البث البريطاني «بي بي سي» عن الاحتجاجات التي تعم ميانمار (بورما) في أعقاب الانقلاب الذي قاده العسكر ضد الحكومة المدنية. وأعطى الإعلان بالتالي مؤشراً إلى أن حديث الظواهري عن معاناة «الروهينغا» في ميانمار لا بد أنه صدر حديثاً كون الانقلاب العسكري وقع في الأول من فبراير (شباط) الماضي، وبالتالي فإن ظهور زعيم «القاعدة» سيعني نفياً لكل الإشاعات التي راجت عن وفاته.
لكن بعد ساعات من الترقب، وزعت «السحاب» إصدار الظواهري وفيه يتحدث لقرابة 5 دقائق فقط عن معاناة الروهينغا ولكن ضمن شريط فيديو يدوم 21 دقيقة. وسرعان ما تبيّن أن كلامه لا يدل على صدوره بعد الانقلاب في ميانمار، بعكس الإصدار نفسه الذي صدر بالتأكيد بعد ذلك، حسبما توضح مشاهده. وتشير الصحافية الأردنية المتابعة لشؤون الجماعات المتشددة نهاد جريري، إلى أن الظواهري قال في كلمته عن الروهينغا: «أما حكومة ميانمار الديمقراطية –التي أثنى الغرب عليها لنجاحها في تطبيق ديمقراطيته العوراء– فلم تُفرض عليها العقوبات، ولم تُشن ضدها الحملات، ولم تُحشد ضدها التحالفات. رغم أن الجريمة ثابتة بالصورة والأصوات والأشلاء والدماء. كل هذا لأن الضحية مسلمون»، في إشارة إلى أن قمع الروهينغا يتم رغم وجود حكومة مدنية في البلاد بقيادة أونغ سان سو تشي التي أطاحها الانقلاب العسكري الشهر الماضي. وقالت جريري في تغريدة علّقت بها على كلام الظواهري: «هذا الإصدار ليس دليلاً على الحياة». وأدلت ريتا كاتز، مديرة مجموعة «سايت» للاستخبارات والمتخصصة في مراقبة مواقع المتشددين، بموقف مماثل، إذا قالت في تغريدة: «فيديو السحاب صدر، وهو لا يقدّم أي تأكيد على أن الظواهري ما زال حياً. هذه المقتبسات من الظواهري –إدانة معاملة ميانمار للمسلمين والدعوة إلى استهداف «مصالح» هذه الدولة– يمكن حرفياً أن يكون قد أدلى بها قبل عام من الآن».
ويقود الظواهري تنظيم «القاعدة» منذ مقتل زعيمه السابق أسامة بن لادن، بغارة لقوات الكوماندوز الأميركية على مخبئه في أبوت آباد عام 2011. لكن منذ شهور تروج إشاعات تتعلق بوضعه الصحي ذهب بعضها إلى الحديث عن وفاته. ولم يعلّق تنظيم «القاعدة» على هذه الإشاعات، ما زاد التكهنات حول صحة الظواهري، علماً بأن غيابه الطويل ليس بالأمر الجديد، فقد حصل سابقاً في أواسط تسعينات القرن الماضي عندما كان في طريقه من أفغانستان إلى الشيشان لكنّ الأمن الداغستاني احتجزه من دون أن يعرف هويته الحقيقية. وقضى الظواهري وقتها شهوراً في الاحتجاز، إلى أن تمكن أسامة بن لادن من إرسال مبلغ من المال لرشوة محتجزي القيادي المصري وتأمين الإفراج عنه وإعادته إلى أفغانستان. وكتبت مجلة «سي تي سي سنتينال» الصادرة عن مركز مكافحة الإرهاب بقاعدة «وست بوينت» الأميركية، في عددها لشهر فبراير، «بروفايلاً» طويلاً عن سيف العدل، الرجل الثالث المفترض في «القاعدة»، مرجحةً أنه سيكون الزعيم الجديد للتنظيم، إذا ما تأكدت وفاة الظواهري. لكنّ متابعين لشؤون «القاعدة» يقولون إن غياب الظواهري قد يكون مرتبطاً بالإجراءات الخاصة بأمنه، خصوصاً بعد «الاختراق» الواضح الذي حصل داخله وسمح لعملاء إسرائيليين «وربما للولايات المتحدة» بالوصول إلى القيادي الكبير في «القاعدة» أبو محمد المصري الذي قُتل مع ابنته في العاصمة الإيرانية صيف العام الماضي. وسيف العدل بدوره مقيم في إيران، مثله مثل كثير من قياديي «القاعدة». وربما يخشى هؤلاء أن يكون مصيرهم ورقة تفاوض عليها إيران مع الإدارة الأميركية الجديدة.
شريط فيديو «جديد» للظواهري لا يحسم «إشاعات وفاته»
خبراء: الإصدار لا يقدّم أي تأكيد على أنه ما زال حياً
شريط فيديو «جديد» للظواهري لا يحسم «إشاعات وفاته»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة