وفد سياسي كردي في بغداد لبحث الموازنة

قبل يوم من عرضها للتصويت في البرلمان

TT
20

وفد سياسي كردي في بغداد لبحث الموازنة

بعد فشل كل جولات المباحثات السابقة التي امتدت لأكثر من سنة بين وفد حكومة إقليم كردستان والحكومة الاتحادية في بغداد حول النفط والرواتب والموازنة، أرسلت أربيل وفداً سياسياً هذه المرة بشأن إمكانية التوصل إلى حل للخلافات بين الطرفين، قبل يوم من عرض الموازنة للتصويت غداً. وطبقاً لما أعلنه القيادي في الحزب الديمقراطي الكردستاني علي الفيلي، فإن وفداً سياسياً كردياً وصل إلى بغداد أمس السبت؛ لبحث ملف الموازنة وحسم الجدل بشأن حصة الإقليم.
الفيلي قال، في تصريحات، إن «الوفد سيبحث مع الكتل السياسية إمكانية الاتفاق والوصول إلى نتائج في مشروع الموازنة للتصويت عليها وتمريرها داخل مجلس النواب». وأضاف أن «استمرار الخلاف على حصة الإقليم ما زال قائماً وهو اعتراض سياسي بحت كون أن هناك اتفاقاً بين الكتل السياسية حول الأرقام  المثبتة والمحددة في وقت سابق». ولفت إلى أن «موقف الحكومة ثابت، ولكن الكتل السياسية تحاول أن تعرقل تمريره لعدم توفر الإرادة الوطنية».
وفيما لم تعلن رئاسة البرلمان عن إدراج الموازنة للتصويت خلال جلسة يوم غد، فإن العديد من الكتل السياسية أعلنت أن الموازنة سوف تعرض للتصويت خلال جلسة الاثنين بالأغلبية، في حال لم يتم التوصل إلى اتفاق مع إقليم كردستان، فيما تستبعد كتل أخرى إمكانية التصويت عليها ليس بسبب الخلاف مع إقليم كردستان، وإنما بسبب محاولات الربط بين تمرير الموازنة والتصويت على قانون المحكمة الاتحادية.
بدوره، قلل زعيم الحراك الجديد المعارض في الإقليم شاسوار عبد الواحد من أهمية الاتفاق بين بغداد وأربيل حول الموازنة، ومنها حصة إقليم كردستان. عبد الواحد، خلال مؤتمر صحافي عقده في السليمانية، أكد أن «أربيل وبغداد سواء اتفقتا أم لم تتفقا فإنه لا يمكن التعويل على إرسال حصة إقليم كردستان من الموازنة، لأنهما سابقاً اتفقتا ولم تُرسل الأموال ولم تتفقا وأُرسلت الأموال»، معللاً بأن «المشكلة التي يواجهها الطرفان أنه لا يوجد فريق مؤسساتي بينهما».
من جهته، أكد عضو برلمان إقليم كردستان عن الاتحاد الوطني الكردستاني، عثمان كريم، أنه «حتى الآن لم يتم التوصل إلى اتفاق بخصوص حصة إقليم كردستان من الموازنة». وأضاف أن «هناك مشكلة تتعلق بالفقرة 11 من قانون الموازنة، حيث يوجد اعتراض من بعض الكتل السياسية على المضي بالتصويت على الموازنة، بما في ذلك حصة الإقليم دون موافقة الإقليم، حيث هناك رفض لمقترحات نيابية على حكومة الإقليم»، مبيناً أن «الكرد سوف يحضرون جلسة الاثنين، لكن إذا تم الاعتماد على مبدأ الأغلبية في التصويت على الموازنة سوف ينسحبون».
إلى ذلك، كشف تحالف «سائرون» المدعوم من زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، أن الخلاف حول حصة إقليم كردستان في موازنة 2021 ليس السبب في تأخر التصويت عليها من قبل البرلمان. وقال النائب عن التحالف، رياض المسعودي، إن «هناك خلافات فنية ومنها قضية سعر صرف الدينار مقابل الدولار، وكذلك قضية تضمين درجات وظيفية في القانون، بالإضافة إلى المبالغ الفائضة مع ارتفاع أسعار النفط، وغيرها». وأضاف: «حتى الساعة لا يوجد أي توافق على تمرير قانون موازنة 2021 خلال جلسة يوم الاثنين»، موضحاً أن «إدراج القانون للتصويت عليه لا يعني تمريره أو حصول موافقة على ذلك».
وفيما أعلن رئيس البرلمان محمد الحلبوسي، الأسبوع الماضي، إدراج الموازنة للتصويت خلال جلسة غد الاثنين، فإن النائب الثاني لرئيس البرلمان بشير حداد أعلن من أربيل أنه من «الصعوبة بمكان تمرير الموازنة المالية في جلسة يوم الاثنين، لأن قانون المحكمة الاتحادية لم يتم إقراره إلى الآن»، مشدداً على أنه «يتعين تحديد جلسة أخرى خاصة للموازنة».
الخبير القانوني طارق حرب عدّ أن «اشتراط التصويت على قانون الموازنة بالتصويت على قانون المحكمة الاتحادية إنما هو ابتزاز سياسي يتعارض مع الأحكام البرلمانية». وقال حرب، لـ«الشرق الأوسط»، إن «الدستور منح النواب الحرية في التصويت على ما يتخذه البرلمان من تشريعات وقرارات، وبالتالي فإنه لا يجوز إكراه النائب عند التصويت، لأن ذلك لا تقبله مبادئ الحرية التي يجب أن يكون عليها النائب عند التصويت». وأوضح أن «هناك محاولات من قبل بعض الكتل السياسية للتأثير على قناعات النواب بشكل ربما غير مباشر، عن طريق ربط التصويت على قانون الموازنة بالموافقة على قانون المحكمة الاتحادية العليا، حيث إن القناعة لدى النائب ينبغي ألا تكون موضعاً للتغيير»، مبيناً أن «هناك مَن يريد المقايضة بين القانونين وهذا غير مقبول دستورياً وقانونياً».



تجدد القتال في «سول»... هل يفاقم الصراع بين «أرض الصومال» و«بونتلاند»؟

رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
TT
20

تجدد القتال في «سول»... هل يفاقم الصراع بين «أرض الصومال» و«بونتلاند»؟

رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)

تجدد القتال في «إقليم سول» يُحيي نزاعاً يعود عمره لأكثر من عقدين بين إقليمي «أرض الصومال» الانفصالي و«بونتلاند»، وسط مخاوف من تفاقم الصراع بين الجانبين؛ ما يزيد من تعقيدات منطقة القرن الأفريقي.

وبادر رئيس أرض الصومال، عبد الرحمن عرو، بالتعهد بـ«الدفاع عن الإقليم بيد ويد أخرى تحمل السلام»، وهو ما يراه خبراء في الشأن الأفريقي، لن يحمل فرصاً قريبة لإنهاء الأزمة، وسط توقعات بتفاقم النزاع، خصوصاً مع عدم وجود «نية حسنة»، وتشكك الأطراف في بعضها، وإصرار كل طرف على أحقيته بالسيطرة على الإقليم.

وأدان «عرو» القتال الذي اندلع، يوم الجمعة الماضي، بين قوات إدارتي أرض الصومال وإدارة خاتمة في منطقة بوقداركاين بإقليم سول، قائلاً: «نأسف للهجوم العدواني على منطقة سلمية، وسنعمل على الدفاع عن أرض الصومال بيد، بينما نسعى لتحقيق السلام بيد أخرى»، حسبما أورده موقع الصومال الجديد الإخباري، الأحد.

وجاءت تصريحات «عرو» بعد «معارك عنيفة تجددت بين الجانبين اللذين لهما تاريخ طويل من الصراع في المنطقة، حيث تبادلا الاتهامات حول الجهة التي بدأت القتال»، وفق المصدر نفسه.

ويعيد القتال الحالي سنوات طويلة من النزاع، آخرها في فبراير (شباط) 2023، عقب اندلاع قتال عنيف بين قوات إدارتي أرض الصومال وخاتمة في منطقة «بسيق»، وفي سبتمبر (أيلول) من العام نفسه، نشرت إدارة أرض الصومال مزيداً من قواتها على خط المواجهة الشرقي لإقليم سول، بعد توتر بين قوات ولايتي بونتلاند وأرض الصومال في «سول» في أغسطس (آب) 2022.

كما أودت اشتباكات في عام 2018 في الإقليم نفسه، بحياة عشرات الضحايا والمصابين والمشردين، قبل أن يتوصل المتنازعان لاتفاق أواخر العام لوقف إطلاق النار، وسط تأكيد ولاية بونتلاند على عزمها استعادة أراضيها التي تحتلها أرض الصومال بالإقليم.

ويوضح المحلل السياسي الصومالي، عبد الولي جامع بري، أن «النزاع في إقليم سول بين أرض الصومال وبونتلاند يعود إلى عام 2002، مع تصاعد الاشتباكات في 2007 عندما سيطرت أرض الصومال على لاسعانود (عاصمة الإقليم)»، لافتاً إلى أنه «في فبراير (شباط) 2023، تفاقم القتال بعد رفض زعماء العشائر المحلية حكم أرض الصومال، وسعيهم للانضمام إلى الحكومة الفيدرالية الصومالية؛ ما أدى إلى مئات القتلى، ونزوح أكثر من 185 ألف شخص».

ويرى الأكاديمي المختص في منطقة القرن الأفريقي، الدكتور علي محمود كلني، أن «الحرب المتجددة في منطقة سول والمناطق المحيطة بها هي جزء من الصراعات الصومالية، خصوصاً الصراع بين شعب إدارة خاتمة الجديدة، وإدارة أرض الصومال، ولا يوجد حتى الآن حل لسبب الصراع في المقام الأول»، لافتاً إلى أن «الكثير من الدماء والعنف السيئ الذي مارسه أهل خاتمة ضد إدارة هرجيسا وجميع الأشخاص الذين ينحدرون منها لا يزال عائقاً أمام الحل».

ولم تكن دعوة «عرو» للسلام هي الأولى؛ إذ كانت خياراً له منذ ترشحه قبل شهور للرئاسة، وقال في تصريحات نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي إن «سكان أرض الصومال وإقليم سول إخوة، ويجب حل الخلافات القائمة على مائدة المفاوضات».

وسبق أن دعا شركاء الصومال الدوليون عقب تصعيد 2023، جميع الأطراف لاتفاق لوقف فوري وغير مشروط لإطلاق النار، ووقتها أكد رئيس أرض الصومال الأسبق، موسى بيحي عبدي، أن جيشه لن يغادر إقليم سول، مؤكداً أن إدارته مستعدة للتعامل مع أي موقف بطريقة أخوية لاستعادة السلام في المنطقة.

كما أطلقت إدارة خاتمة التي تشكلت في عام 2012، دعوة في 2016، إلى تسوية الخلافات القائمة في إقليم سول، وسط اتهامات متواصلة من بونتلاند لأرض الصومال بتأجيج الصراعات في إقليم سول.

ويرى بري أن «التصعيد الحالي يزيد من التوترات في المنطقة رغم جهود الوساطة من إثيوبيا وقطر وتركيا ودول غربية»، لافتاً إلى أن «زعماء العشائر يتعهدون عادة بالدفاع عن الإقليم مع التمسك بالسلام، لكن نجاح المفاوضات يعتمد على استعداد الأطراف للحوار، والتوصل إلى حلول توافقية».

وباعتقاد كلني، فإنه «إذا اشتدت هذه المواجهات ولم يتم التوصل إلى حل فوري، فمن الممكن أن يؤدي ذلك إلى حدوث اشتباك بين قوات إدارتي أرض الصومال وبونتلاند، الذين يشككون بالفعل في بعضهم البعض، ولديهم العديد من الاتهامات المتبادلة، وسيشتد الصراع بين الجانبين في منطقة سناغ التي تحكمها الإدارتان، حيث يوجد العديد من القبائل المنحدرين من كلا الجانبين».

ويستدرك: «لكن قد يكون من الممكن الذهاب إلى جانب السلام والمحادثات المفتوحة، مع تقديم رئيس أرض الصومال عدداً من المناشدات من أجل إنهاء الأزمة»، لافتاً إلى أن تلك الدعوة تواجَه بتشكيك حالياً من الجانب الآخر، ولكن لا بديل عنها.