وفد سياسي كردي في بغداد لبحث الموازنة

قبل يوم من عرضها للتصويت في البرلمان

TT

وفد سياسي كردي في بغداد لبحث الموازنة

بعد فشل كل جولات المباحثات السابقة التي امتدت لأكثر من سنة بين وفد حكومة إقليم كردستان والحكومة الاتحادية في بغداد حول النفط والرواتب والموازنة، أرسلت أربيل وفداً سياسياً هذه المرة بشأن إمكانية التوصل إلى حل للخلافات بين الطرفين، قبل يوم من عرض الموازنة للتصويت غداً. وطبقاً لما أعلنه القيادي في الحزب الديمقراطي الكردستاني علي الفيلي، فإن وفداً سياسياً كردياً وصل إلى بغداد أمس السبت؛ لبحث ملف الموازنة وحسم الجدل بشأن حصة الإقليم.
الفيلي قال، في تصريحات، إن «الوفد سيبحث مع الكتل السياسية إمكانية الاتفاق والوصول إلى نتائج في مشروع الموازنة للتصويت عليها وتمريرها داخل مجلس النواب». وأضاف أن «استمرار الخلاف على حصة الإقليم ما زال قائماً وهو اعتراض سياسي بحت كون أن هناك اتفاقاً بين الكتل السياسية حول الأرقام  المثبتة والمحددة في وقت سابق». ولفت إلى أن «موقف الحكومة ثابت، ولكن الكتل السياسية تحاول أن تعرقل تمريره لعدم توفر الإرادة الوطنية».
وفيما لم تعلن رئاسة البرلمان عن إدراج الموازنة للتصويت خلال جلسة يوم غد، فإن العديد من الكتل السياسية أعلنت أن الموازنة سوف تعرض للتصويت خلال جلسة الاثنين بالأغلبية، في حال لم يتم التوصل إلى اتفاق مع إقليم كردستان، فيما تستبعد كتل أخرى إمكانية التصويت عليها ليس بسبب الخلاف مع إقليم كردستان، وإنما بسبب محاولات الربط بين تمرير الموازنة والتصويت على قانون المحكمة الاتحادية.
بدوره، قلل زعيم الحراك الجديد المعارض في الإقليم شاسوار عبد الواحد من أهمية الاتفاق بين بغداد وأربيل حول الموازنة، ومنها حصة إقليم كردستان. عبد الواحد، خلال مؤتمر صحافي عقده في السليمانية، أكد أن «أربيل وبغداد سواء اتفقتا أم لم تتفقا فإنه لا يمكن التعويل على إرسال حصة إقليم كردستان من الموازنة، لأنهما سابقاً اتفقتا ولم تُرسل الأموال ولم تتفقا وأُرسلت الأموال»، معللاً بأن «المشكلة التي يواجهها الطرفان أنه لا يوجد فريق مؤسساتي بينهما».
من جهته، أكد عضو برلمان إقليم كردستان عن الاتحاد الوطني الكردستاني، عثمان كريم، أنه «حتى الآن لم يتم التوصل إلى اتفاق بخصوص حصة إقليم كردستان من الموازنة». وأضاف أن «هناك مشكلة تتعلق بالفقرة 11 من قانون الموازنة، حيث يوجد اعتراض من بعض الكتل السياسية على المضي بالتصويت على الموازنة، بما في ذلك حصة الإقليم دون موافقة الإقليم، حيث هناك رفض لمقترحات نيابية على حكومة الإقليم»، مبيناً أن «الكرد سوف يحضرون جلسة الاثنين، لكن إذا تم الاعتماد على مبدأ الأغلبية في التصويت على الموازنة سوف ينسحبون».
إلى ذلك، كشف تحالف «سائرون» المدعوم من زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، أن الخلاف حول حصة إقليم كردستان في موازنة 2021 ليس السبب في تأخر التصويت عليها من قبل البرلمان. وقال النائب عن التحالف، رياض المسعودي، إن «هناك خلافات فنية ومنها قضية سعر صرف الدينار مقابل الدولار، وكذلك قضية تضمين درجات وظيفية في القانون، بالإضافة إلى المبالغ الفائضة مع ارتفاع أسعار النفط، وغيرها». وأضاف: «حتى الساعة لا يوجد أي توافق على تمرير قانون موازنة 2021 خلال جلسة يوم الاثنين»، موضحاً أن «إدراج القانون للتصويت عليه لا يعني تمريره أو حصول موافقة على ذلك».
وفيما أعلن رئيس البرلمان محمد الحلبوسي، الأسبوع الماضي، إدراج الموازنة للتصويت خلال جلسة غد الاثنين، فإن النائب الثاني لرئيس البرلمان بشير حداد أعلن من أربيل أنه من «الصعوبة بمكان تمرير الموازنة المالية في جلسة يوم الاثنين، لأن قانون المحكمة الاتحادية لم يتم إقراره إلى الآن»، مشدداً على أنه «يتعين تحديد جلسة أخرى خاصة للموازنة».
الخبير القانوني طارق حرب عدّ أن «اشتراط التصويت على قانون الموازنة بالتصويت على قانون المحكمة الاتحادية إنما هو ابتزاز سياسي يتعارض مع الأحكام البرلمانية». وقال حرب، لـ«الشرق الأوسط»، إن «الدستور منح النواب الحرية في التصويت على ما يتخذه البرلمان من تشريعات وقرارات، وبالتالي فإنه لا يجوز إكراه النائب عند التصويت، لأن ذلك لا تقبله مبادئ الحرية التي يجب أن يكون عليها النائب عند التصويت». وأوضح أن «هناك محاولات من قبل بعض الكتل السياسية للتأثير على قناعات النواب بشكل ربما غير مباشر، عن طريق ربط التصويت على قانون الموازنة بالموافقة على قانون المحكمة الاتحادية العليا، حيث إن القناعة لدى النائب ينبغي ألا تكون موضعاً للتغيير»، مبيناً أن «هناك مَن يريد المقايضة بين القانونين وهذا غير مقبول دستورياً وقانونياً».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.