«أوريون».. مركبة أميركية جديدة للرحلات الفضائية البعيدة

ستنطلق على رأس أقوى صاروخ صنع حتى اليوم في مشروع يماثل برنامج «أبولو»

«أوريون».. مركبة أميركية جديدة للرحلات الفضائية البعيدة
TT

«أوريون».. مركبة أميركية جديدة للرحلات الفضائية البعيدة

«أوريون».. مركبة أميركية جديدة للرحلات الفضائية البعيدة

فجأة وجدت وكالة الفضاء والطيران الأميركية (ناسا) نفسها مقيدة على الأرض، فمنذ أن أحيل أسطول مكوك الفضاء الخاص بها إلى التقاعد في عام 2011، توجب عليها إرسال روادها إلى محطة الفضاء الدولية عن طريق الصواريخ والمركبات الروسية.
ويبدو أن «ناسا» تضع عينها على أهداف تتعدى مدارات الأرض المنخفضة، إذ ستقوم في الخريف المقبل بخطوتها الأولى نحو إرسال رواد إلى تلك الأهداف، مع عملية إطلاقها الأولى لكبسولة «أوريون»، التي هي من وحي مشروع «أبولو».
الخطوة الأولى هذه لن تؤدي إلى نقل رواد، أو حتى تصميم مقاعد للملاحين، بل لإثبات أن برنامج الوكالة للاستكشافات البشرية لا يزال حيا. والأمل أن «أوريون» والصاروخ الثقيل الجديد الحامل لها، الذي لا يزال أيضا قيد التطوير، سيكونان جاهزين لإرسال رواد إلى مدار القمر في حلول عام 2021. وهذا سيكون تقريبا بالذكرى الخمسين لإطلاق «أبولو 17» آخر الرحلات القمرية المأهولة.

* مشروع طموح
ومشروع «أوريون» من أوجه كثيرة يتتبع خطوات مشروع «أبولو» على صعيد الكبسولة التي تقبع على رأس الصاروخ، وبشكل شبيه أيضا بالمشاريع الروسية والصينية المماثلة. كذلك فإن منطقة الهبوط عند العودة، ستكون في مياه المحيط، أما الاختلاف فهو في الحجم والقياس. فقد كان مشروع «أبولو» يدعم ثلاثة رواد فضاء لرحلة تدوم أسبوعين، بينما «أوريون» ستكون أكبر حجما بنسبة 30 في المائة، مع سعة تدعم أربعة رواد لرحلة تدوم ثلاثة أسابيع، أو رحلة تدوم أطول بعدد أقل من الرواد.
سيتألف الجدول الزمني لرحلة «أوريون» في العام الجديد هذا من رحلة اختبارية أولى من دون طاقم بشري، عندما ستدور الكبسولة حول الأرض مرتين، تتبعها رحلة أخرى في عام 2017 عندما تقترن المركبة «أوريون» مع الصاروخ الحامل الجديد الثقيل. وستكون الرحلة أيضا خالية من الملاحين عندما تدور حول القمر قبل عودتها إلى الأرض.
وفي عام 2018 سيجري اختبار غطاء بدفع صاروخي مصمم لفصل المركبة عن صاروخها الحامل على ارتفاعات شاهقة لاختبار إمكانية إنقاذ الرواد في الحالات الطارئة، قبل إطلاق مركبة فضائية روبوتية إلى أعماق الفضاء لملاقاة صخرة فضائية واحتجازها وإعادتها إلى مدار قرب القمر.
وفي عام 2021 تقوم «أوريون» بنقل الطاقم الأول من الرواد إلى الفضاء، وربما إلى القمر بغية التحري عن صخور فضائية بغرض دراستها.
واستنادا إلى مخطط أثار جدلا كبيرا كان قد أعلن عنه في أبريل (نيسان) الماضي، فقد يتوجه الرواد إلى مدار القمر للاستقصاء عن مثل هذه الصخور الفضائية الصغيرة قبل أن تتلاحم «أوريون» مع وحدات فضائية أخرى لم يجر بناؤها بعد، من شأنها أن تؤمن مزيدا من قدرة الدفع وحيزا إضافيا للعيش، بغية نقل ملاحي «أوريون» إلى المريخ. «وهذا من جمال التصميم الموضوع لهذه الغاية الذي سيكون مرنا وطواعا للغاية» كما يقول مدير برنامج «أوريون» مارك غايير، الذي يقع مقره في مركز جونسون الفضائي التابع لـ«ناسا» في هيوستن.

* تصميم متين
ومن شأن مثل هذه الرحلات أن تترك آثارها الكبيرة على المعدات، فالمركبة الفضائية العائدة من مدار حول الأرض تضرب الغلاف الجوي الخارجي بسرعة 28 ألف كيلومتر في الساعة، بيد أن تلك العائدة من القمر تصل بسرعة تبلغ 40 ألف كيلومتر في الساعة، رافعة درجة الحرارة خارج المركبة إلى نحو 2700 درجة مئوية. وأحد الأهداف الرئيسة للرحلة الأولى لمركبة «أوريون» هو اختبار طبقة «إيبوكسي» التي تبلغ سماكتها خمسة سنتميترات، والتي تعمل كدرع عازلة للحرارة.
وسيجيء إطلاق كبسولة «أوريون» من فلوريدا على متن صاروخ «دلتا 4» الثقيل، ليدور حول الأرض مرتين، ليصل إلى ارتفاع 5800 كيلومتر، أي أعلى من مدار محطة الفضاء الدولية بـ15 ضعفا، قبل أن تعود ثانية منقضة على الأرض بسرعة تتجاوز الـ32 ألف كيلومتر في الساعة، أي بسرعة تبلغ 84 في المائة من سرعة العودة من القمر. ولدى رحلة العودة ستبلغ حرارة سطح المركبة الخارجي أكثر من 2200 درجة مئوية، أي بنحو 500 درجة أبرد من رحلة العودة من القمر.
وخلال الرحلة سيجري أيضا اختبار مظلات الكبسولة التي ستبطئ من عملية هبطها، قبل أن تضرب سطح الماء خارج سواحل كاليفورنيا. وكانت هذه المظلات قد جرى قذفها من متن طائرة لاختبارها في جو الأرض. وسيجري أيضا كما ذكرنا أنفا اختبار آلية لإنقاذ طاقم الرواد في الحالات الطارئة، التي كانت مركبة «أبولو» مزودة بها، ولكن ليس مكوك الفضاء، وهي عبارة عن غطاء صاروخي يطلق «أوريون» بعيدا عن الصاروخ الحامل. وسيولد النظام الفضائي الجديد هذا «إس إل إس» قوة دفع تفوق قوة دفع صاروخ «ساترن 5» في برنامج «أبولو» بمقدار 10 في المائة، والأخير كان أقوى صاروخ صنع حتى اليوم.



الذكاء الاصطناعي... الثورة القادمة في طب الأسنان الجنائي

الذكاء الاصطناعي... الثورة القادمة في طب الأسنان الجنائي
TT

الذكاء الاصطناعي... الثورة القادمة في طب الأسنان الجنائي

الذكاء الاصطناعي... الثورة القادمة في طب الأسنان الجنائي

لطالما كان مجال طب الأسنان العدلي أو الجنائي ميداناً حيوياً في علم الطب الشرعي، إذ يقدم الأدلة الأساسية التي تساعد في كشف الجرائم وحل الألغاز القانونية.

الأسنان لتحديد الهوية

وتجرى التحقيقات الجنائية لحل الألغاز القانونية من خلال:

> تحديد الهوية: يتم استخدام الأسنان وبصمات الأسنان لتحديد هوية الأفراد في حالات الكوارث الطبيعية، الحوادث، أو الجرائم، خصوصاً عندما تكون الجثث مشوهة أو متحللة.

> تحليل علامات العضّ: يساعد تحليل علامات العض الموجودة على الأجساد أو الأشياء في تحديد الجناة أو الضحايا من خلال مقارنة العلامات مع أسنان المشتبه بهم.

> تقييم العمر: يمكن لطب الأسنان الجنائي تقدير عمر الأفراد بناءً على تطور الأسنان وتركيبها، مما يساعد في قضايا مثل الهجرة غير الشرعية وحالات الاستغلال للأطفال.

> فحص الجثث المجهولة: يتم استخدام تقنيات طب الأسنان لفحص الجثث المجهولة والتعرف عليها من خلال السجلات الطبية للأسنان.

> الأدلة الفموية: يمكن للأدلة المستخرجة من الفم والأسنان أن توفر معلومات حول نمط حياة الأفراد، مثل النظام الغذائي والعادات الصحية، التي قد تكون ذات صلة بالقضايا الجنائية.

> الكشف عن التزوير والتزييف: يمكن تحليل التركيبات السنية والأسنان المزيفة لتحديد التزوير والتزييف في الأدلة الجنائية.

> التشخيص المسبق: يستخدم طب الأسنان العدلي في تشخيص الإصابات الفموية وتحليلها لتحديد ما إذا كانت ناتجة عن أعمال جنائية أو غيرها.

دور الذكاء الاصطناعي

ومع التقدم السريع في التكنولوجيا، يلعب الذكاء الاصطناعي دوراً متزايداً في تعزيز هذا المجال وجعله أكثر دقة وفاعلية. وسنستعرض كيف يغير الذكاء الاصطناعي ملامح طب الأسنان العدلي ودوره المحوري في تحسين عملية التشخيص وتقديم الأدلة الجنائية.

> الذكاء الاصطناعي في تحليل الأدلة، يتيح الذكاء الاصطناعي تحليل البيانات الضخمة بسرعة ودقة، وهو ما كان يستغرق أياماً أو حتى أسابيع لفرق من الأطباء والمختصين. أما الآن، فباستخدام خوارزميات التعلم الآلي، يمكن تحليل الصور الفموية والأشعة السينية وتحديد الهوية من خلال بصمات الأسنان بوقت قياسي قد لا يتجاوز الساعة.

> التشخيص الدقيق، يسهم الذكاء الاصطناعي في رفع مستوى الدقة في التشخيص من خلال تحليل البيانات الفموية مثل تحديد هوية العضات والعمر والجنس للضحايا من خلال الأسنان وعظم الفك وتحديد الأنماط غير المرئية بالعين المجردة. ويساعد هذا الأطباء في تمييز الحالات العادية من الحالات الحرجة التي قد تكون ذات صلة بالجرائم أو الحوادث.

> تحديد الهوية، يُعد تحديد الهوية من خلال الأسنان من أهم تطبيقات طب الأسنان العدلي، خصوصاً في حالات الكوارث أو الجثث غير معروفة الهوية. وبفضل الذكاء الاصطناعي، يمكن مقارنة البيانات الفموية بسرعة مع قواعد بيانات السجلات الطبية الرقمية، مما يسهل عملية التعرف على الضحايا بدقة عالية. كما مكنت خوارزميات الذكاء الاصطناعي من إعادة بناء الوجه بعد حوادث الغرق أو الحريق أو الطائرات لسهولة التعرف على الضحايا.

ومع استمرار تطور تقنيات الذكاء الاصطناعي، نتوقع أن يصبح طب الأسنان العدلي أكثر تطوراً وفاعلية، فالذكاء الاصطناعي لا يقلل من الوقت والجهد فحسب، بل يساهم أيضاً في تقليل الأخطاء البشرية وتحقيق نتائج أكثر دقة ومصداقية. بفضل التعاون بين الخبراء في مجالات التكنولوجيا والطب الشرعي، يتم تطوير تطبيقات جديدة لتحديد العمر والجنس وحتى الأصل العرقي بناءً على تحليل الأسنان.

وعلى الرغم من الفوائد العديدة للذكاء الاصطناعي في طب الأسنان العدلي، هناك تحديات يجب التغلب عليها. ومن بين هذه التحديات ضرورة تحسين دقة الخوارزميات وتجنب التحيزات التي قد تؤثر على النتائج. بالإضافة إلى ذلك، هناك حاجة لضمان الخصوصية وحماية البيانات الشخصية للمرضى.

وتنفيذ الذكاء الاصطناعي بشكل فعال في طب الأسنان العدلي، يجب على المؤسسات التعليمية توفير التدريب اللازم للأطباء والمختصين في هذا المجال. يشمل ذلك تعليمهم كيفية استخدام الأدوات التكنولوجية الجديدة، وفهم كيفية تفسير النتائج التي تنتج عن الخوارزميات الذكية.

وتبرز تطبيقات الذكاء الاصطناعي في هذا السياق بوضوح أهمية التقنية في تحسين حياتنا وجعل مجتمعاتنا أكثر أماناً وعدالةً.