الأمم المتحدة تحذّر من «جرائم ضد الإنسانية» في ميانمار

لندن تطالب رعاياها بالمغادرة وسيول تعلق اتفاقاتها الدفاعية وموسكو تشدد لهجتها

محتجون في شوارع مدينة مندلاي بالدروع الواقية (إ.ب.أ)
محتجون في شوارع مدينة مندلاي بالدروع الواقية (إ.ب.أ)
TT

الأمم المتحدة تحذّر من «جرائم ضد الإنسانية» في ميانمار

محتجون في شوارع مدينة مندلاي بالدروع الواقية (إ.ب.أ)
محتجون في شوارع مدينة مندلاي بالدروع الواقية (إ.ب.أ)

حذرت الأمم المتحدة أمس من ارتكاب الجيش، الذي سيطر على السلطة في ميانمار في الأول من فبراير (شباط) الماضي، جرائم ضد الإنسانية، فيما يتزايد الضغط الدولي على المجموعة العسكرية التي تتجاهل الإدانات حتى الآن والدعوات إلى ضبط النفس، وتواصل قمع المتظاهرين بعنف.
وطالبت بريطانيا من رعاياها مغادرة البلاد وقررت كوريا الجنوبية تعليق تعاونها الدفاعي مع ميانمار، وعبرت روسيا عن قلقها من تزايد عدد الضحايا المدنيين منذ الانقلاب العسكري ضد الحكومة المدنية المنتخبة ديمقراطيا.
وقدم مقرر الأمم المتحدة الخاص حول حقوق الإنسان في ميانمار توماس أندروز تقييما قاتما عن الأزمة. وقال أندروز أمام مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في جنيف إن البلاد «خاضعة لسيطرة نظام قاتل وغير شرعي» يرجح أنه يرتكب «جرائم ضد الإنسانية». وأضاف أندروز كما نقلت عنه الصحافة الفرنسية، أن هذه الجرائم تشمل على الأرجح «أعمال قتل واختفاء قسريا واضطهادا وتعذيبا» تجري «بعلم من القيادة العليا» بما يشمل رئيس المجموعة العسكرية مين أونغ هلينغ. فيما شدد على أن جرائم كهذه لا يمكن إثباتها إلا أمام المحاكم قال إن ثمة أدلة واضحة على أن جرائم المجموعة العسكرية «واسعة الانتشار» وجزء من «حملة منسقة». ونظم الناشطون المزيد من الاحتجاجات ضد المجلس العسكري أمس الجمعة. وجاءت احتجاجات أمس بعدما ذكرت جماعات حقوقية أن قوات الأمن قتلت 12 محتجا. وقالت جمعية مساعدة السجناء السياسيين المدافعة عن حقوق الإنسان إن عدد قتلى الاحتجاجات تجاوز السبعين منذ الانقلاب. وقتل تسعة متظاهرين على الأقل الخميس في مناطق مختلفة من البلاد.
وأصدرت منظمة العفو الدولية الخميس تقريرا حول الأزمة اتهمت فيه المجموعة العسكرية بتنفيذ «عمليات الإعدام خارج نطاق القضاء» واللجوء إلى استعمال أسلحة حربية. وقالت المنظمة غير الحكومية في بيان إنها حللت 55 شريط فيديو، صورها مواطنون ووسائل إعلام بين 28 فبراير و8 مارس، وتظهر «استعمال القوة المميتة بطريقة مخططة ومدبرة ومنسقة».
ودفعت هذه الاضطرابات بريطانيا، القوة المستعمرة سابقا للبلاد، إلى حض رعاياها على مغادرة ميانمار محذرة من «انتشار التوتر السياسي والاضطرابات منذ تولي الجيش السلطة فيما مستويات العنف ترتفع».
وقالت كوريا الجنوبية إنها ستعلق التبادلات الدفاعية معها ردا على الحملة العنيفة التي ينفذها الجيش ضد المحتجين وذكرت وزارة خارجية كوريا الجنوبية في بيان، كما نقلت عنها رويترز «رغم مطالب المجتمع الدولي، بما في ذلك كوريا الجنوبية، هناك عدد متزايد من الضحايا في ميانمار بسبب أعمال العنف من قبل سلطات الجيش والشرطة». واعتقلت قوات الأمن صحافيا بولنديا يعمل لصالح وكالة الأنباء الألمانية في ميانمار. وذكرت بوابة «ميانمار ميكس» الإخبارية ووكالة «كيت تيت ميديا» للأنباء ومستخدمون عديدون لمواقع التواصل الاجتماعي أنه جرى اعتقال الصحافي روبرت بوتشاجا من قبل جنود في مدينة تاونجي، عاصمة ولاية شأن. وكتب مراسل من «كيت تيت ميديا» على «فيسبوك» أن الصحافي البولندي، 30 عاما، تعرض للضرب والإصابة خلال عملية اعتقاله.
وأظهرت صور كيف أحاط رجال يرتدون الزي العسكري ببوتشاجا وهو يعقد يديه فوق رأسه ليحمي نفسه. وليس لدى وكالة الأنباء الألمانية حاليا اتصال مع بوتشاجا.
وقالت سيول إنها ستعلق التبادلات الدفاعية وستحظر صادرات السلاح وستقلص صادرات السلع الاستراتيجية الأخرى وستعيد النظر في مساعدات التنمية. وعبر الكرملين الجمعة عن قلقه من «العدد المتزايد» للضحايا المدنيين. وقال الناطق باسم الكرملين ديمتري بيسكوف في تصريح صحافي «نحن قلقون إزاء المعلومات الآتية من هناك والتي تشير إلى عدد متزايد من الضحايا في صفوف المدنيين». وقال إن «الوضع مقلق» في بعد مقتل تسعة متظاهرين الخميس. وتمثل هذه التصريحات تشددًا في لهجة روسيا بعد يومين من إدانة مجلس الأمن الدولي العنف ضد المتظاهرين المناهضين للانقلاب وانتقاد الصين العسكريين الذين تولوا السلطة بعد الانقلاب.
وعقد الجيش الذي يبرر انقلابه بتأكيد حصول عمليات تزوير واسعة النطاق خلال الانتخابات التشريعية التي جرت في نوفمبر وحقق فيها حزب الرابطة الوطنية من أجل الديمقراطية بزعامة سو تشي فوزا كبيرا، مؤتمرا صحافيا نادرا الخميس اتهم فيه سو تشي بالفساد. وقال الناطق باسم المجموعة العسكرية زاو مين تون إن رئيس وزراء رانغون المحتجز اعترف بمنح سو تشي 600 ألف دولار نقدا بالإضافة إلى أكثر من 11 كيلوغراما من الذهب (ما يوازي 680 ألف دولار). وأضاف «علمنا أن داو أونغ سان سو تشي أخذت مبلغ 600 ألف دولار و11.2 كيلوغراما من الذهب. لجنة مكافحة الفساد تحقق في هذا الأمر».
وتواجه سو تشي، العديد من التهم الجنائية من بينها امتلاك أجهزة اتصال لا سلكية غير مرخصة وانتهاك قيود فيروس كورونا من خلال تنظيم حدث انتخابي خلال انتخابات العام الماضي. وإضافة اتهامات بالفساد إلى الاتهامات الأخرى الموجهة إلى سو تشي (75 عاما) يعني أنها قد تواجه عقوبة أشد. وتواجه سو تشي أربع اتهامات أخرى مثل استيراد ستة
أجهزة لا سلكية بصورة تنافي القانون وتخفيف قيود مكافحة فيروس كورونا. والخميس نشرت صحيفة «ذي ميرور» التابعة للدولة إعلانا بأن جيش أراكان الذي يقاتل من أجل مزيد من الحكم الذاتي لسكان ولاية راخين في شمال الولاية، لم يعد مصنفا منظمة إرهابية. ويرى مراقبون أن هذه الخطوة تدل على أن الجيش يحاول تجنب التحرك على عدة جبهات والتركيز على الاحتجاجات. ويخوض جيش أراكان معركة مع الجيش ميانمار منذ حوالي عامين في صراع خلف مئات القتلى وأجبر نحو 200 ألف مدني على الفرار.


مقالات ذات صلة

الأمم المتحدة تطلب 4.2 مليار دولار لمواجهة الأزمة الإنسانية في السودان

شمال افريقيا لاجئون سودانيون في تشاد يوم 6 أكتوبر 2024 (أ.ب)

الأمم المتحدة تطلب 4.2 مليار دولار لمواجهة الأزمة الإنسانية في السودان

أطلقت الأمم المتحدة خطة لمواجهة الاحتياجات الإنسانية الأكثر إلحاحاً في السودان، خلال العام الجديد، تتطلب توفير 4.2 مليار دولار، لتلبية طلبات 21 مليون سوداني.

أحمد يونس (كمبالا)
المشرق العربي فلسطينيون يتفقدون الأضرار بعد قصف إسرائيلي على مستشفى الوفاء وسط الحرب بقطاع غزة (رويترز)

الأمم المتحدة: الهجمات الإسرائيلية على مستشفيات غزة قد تشكل جرائم حرب

كشفت مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان اليوم (الثلاثاء) أن الهجمات الإسرائيلية على المستشفيات في قطاع غزة قد تشكل جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي مسعفون بالقرب من مستشفى «كمال عدوان» في بيت لاهيا بشمال قطاع غزة (أرشيفية- أ.ف.ب)

تقرير أممي: مستشفيات غزة صارت «مصيدة للموت»

قالت مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، إن نمط الاعتداءات الإسرائيلية المميتة على مستشفيات غزة، دفع بنظام الرعاية الصحية إلى شفير الانهيار التام.

«الشرق الأوسط» (جنيف)
المشرق العربي فلسطينيون يتفقدون موقع غارة إسرائيلية على مستشفى «الوفاء» حسب الدفاع المدني الفلسطيني وسط الصراع المستمر بين إسرائيل و«حماس» في مدينة غزة 29 ديسمبر 2024 (رويترز)

الأمم المتحدة: النظام الصحي في غزة «على شفير الانهيار التام»

خلص تقرير للأمم المتحدة نُشر الثلاثاء، إلى أن الضربات الإسرائيلية على المستشفيات أو قربها في قطاع غزة تركا النظام الصحي في القطاع الفلسطيني على حافة الانهيار.

«الشرق الأوسط» (جنيف)
بيئة منطقة سكنية غارقة بالمياه جرّاء فيضان في بتروبافل بكازاخستان 13 أبريل (رويترز)

الأمم المتحدة: التغير المناخي تسبّب في ظواهر مناخية قصوى عام 2024

أعلنت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية أن التغير المناخي تسبّب في أحوال جوية قصوى وحرارة قياسية خلال عام 2024، داعيةً العالم إلى التخلي عن «المسار نحو الهلاك».

«الشرق الأوسط» (جنيف)

الصين تفرض عقوبات على شركات دفاع أميركية رداً على بيع أسلحة لتايوان

علما الولايات المتحدة والصين في منتزه جنتنغ الثلجي 2 فبراير 2022 في تشانغجياكو بالصين (أ.ب)
علما الولايات المتحدة والصين في منتزه جنتنغ الثلجي 2 فبراير 2022 في تشانغجياكو بالصين (أ.ب)
TT

الصين تفرض عقوبات على شركات دفاع أميركية رداً على بيع أسلحة لتايوان

علما الولايات المتحدة والصين في منتزه جنتنغ الثلجي 2 فبراير 2022 في تشانغجياكو بالصين (أ.ب)
علما الولايات المتحدة والصين في منتزه جنتنغ الثلجي 2 فبراير 2022 في تشانغجياكو بالصين (أ.ب)

فرضت الصين عقوبات على 10 شركات دفاعية أميركية، اليوم (الخميس)، على خلفية بيع أسلحة إلى تايوان، في ثاني حزمة من نوعها في أقل من أسبوع تستهدف شركات أميركية.

وأعلنت وزارة التجارة الصينية، الخميس، أن فروعاً لـ«لوكهيد مارتن» و«جنرال داينامكس» و«رايثيون» شاركت في بيع أسلحة إلى تايوان، وأُدرجت على «قائمة الكيانات التي لا يمكن الوثوق بها».

وستُمنع من القيام بأنشطة استيراد وتصدير أو القيام باستثمارات جديدة في الصين، بينما سيحظر على كبار مديريها دخول البلاد، بحسب الوزارة.

أعلنت الصين، الجمعة، عن عقوبات على سبع شركات أميركية للصناعات العسكرية، من بينها «إنستيو» وهي فرع لـ«بوينغ»، على خلفية المساعدات العسكرية الأميركية لتايوان أيضاً، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

مركبات عسكرية تايوانية مجهزة بصواريخ «TOW 2A» أميركية الصنع خلال تدريب على إطلاق النار الحي في بينغتونغ بتايوان 3 يوليو 2023 (رويترز)

وتعد الجزيرة مصدر خلافات رئيسي بين بكين وواشنطن. حيث تعد الصين أن تايوان جزء من أراضيها، وقالت إنها لن تستبعد استخدام القوة للسيطرة عليها. ورغم أن واشنطن لا تعترف بالجزيرة الديمقراطية دبلوماسياً فإنها حليفتها الاستراتيجية وأكبر مزود لها بالسلاح.

وفي ديسمبر (كانون الأول)، وافق الرئيس الأميركي، جو بايدن، على تقديم مبلغ (571.3) مليون دولار، مساعدات عسكرية لتايوان.

وعدَّت الخارجية الصينية أن هذه الخطوات تمثّل «تدخلاً في شؤون الصين الداخلية وتقوض سيادة الصين وسلامة أراضيها».

كثفت الصين الضغوط على تايوان في السنوات الأخيرة، وأجرت مناورات عسكرية كبيرة ثلاث مرات منذ وصل الرئيس لاي تشينغ تي إلى السلطة في مايو (أيار).

سفينة تابعة لخفر السواحل الصيني تبحر بالقرب من جزيرة بينغتان بمقاطعة فوجيان الصينية 5 أغسطس 2022 (رويترز)

وأضافت وزارة التجارة الصينية، الخميس، 28 كياناً أميركياً آخر، معظمها شركات دفاع، إلى «قائمة الضوابط على التصدير» التابعة لها، ما يعني حظر تصدير المعدات ذات الاستخدام المزدوج إلى هذه الجهات.

وكانت شركات «جنرال داينامكس» و«شركة لوكهيد مارتن» و«بيونغ للدفاع والفضاء والأمن» من بين الكيانات المدرجة على تلك القائمة بهدف «حماية الأمن والمصالح القومية والإيفاء بالتزامات دولية على غرار عدم انتشار الأسلحة»، بحسب الوزارة.