سامر برقاوي: عندي شغف باكتشاف النجوم

يعتبر عام 2020 من الأصعب في صناعة الدراما

سامر برقاوي
سامر برقاوي
TT

سامر برقاوي: عندي شغف باكتشاف النجوم

سامر برقاوي
سامر برقاوي

قال المخرج السوري سامر برقاوي إن عام 2020 كان من أصعب السنوات على صناعة الدراما. ويضيف في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «نأمل أن يحمل عام 2021 الحل، فتخف الصعوبات التي واجهناها في زمن الوباء والتباعد الاجتماعي. فعلى قدر للصناعة التلفزيونية بشكل عام، كان هناك في المقابل صعوبات حقيقية، تمثلت في الحركة وفي الخيارات وفي التنفيذ بشكل عام».
وعن مدى إسهام هذه الحالة الاستثنائية في تكثيف أعمال الدراما وتوليدها قاعدة متابعين أكبر لها في فترة الحجر المنزلي يقول: «هذه الحالة سادت الكرة الأرضية بمجملها، وكذلك تأثرت بها صناعات ونشاطات تجارية عديدة. فأخذها البعد الاجتماعي إلى أفق وبعد مختلفين، يصب في قالب فني مغاير، يجوز أيضاً على السينما والمسرح وفنون غيرها. من هنا لمسنا أعباء أخرى، إذ لم تعد هذه الصناعة مجرد وسيلة ترفيه، بل صارت تهدف أيضاً إلى إيصال المعلومة في محتوى جيد. هذا الأمر استحدث معادلات جديدة لم تكن موجودة بكثرة في الصناعات الفنية التلفزيونية».
وعما إذا ارتفاع نسبة متابعة المنصات الإلكترونية ولّد تراجعاً في المقابل لمتابعي الشاشات الصغيرة يقول: «كنا نتوقع هذا السيناريو، ولكن ليس بهذه السرعة. كنا مهيئين لهذه النقلة حتى إننا كنا أول من قدم منتجاً خاصا بمنصة (نتفلكس) حمل يومها عنوان (دولار) لعادل كرم وأمل بشوشة وإنتاج (الصباح إخوان). وكنا نعي محدودية الحلقات وشروط العرض، ولكن زمن الوباء سرع في حصولها».
وعما إذا الدراما العربية اليوم أصبحت قريبة بمستواها من تلك العالمية يقول: «نحن مطالبون بهذه الميزة والمشاهد العربي يتمنى متابعة منتج درامي عربي على هذا المستوى يرضي متطلباته. فعدم تقديم دراما بهذا بالمستوى قد يخسرنا هذا المشاهد. ولذلك نصب اهتمامنا اليوم بشكل أكبر على الموضوعات والجودة وتطور هذه الصناعة. ونحاول بذلك مواكبة الصناعات العالمية، لا سيما أن لدينا المقومات اللازمة. هذه المقومات ترتكز على تعريف المشاهد غير العربي على خصوصيات مجتمعاتنا، فهو لا ينتظر منا أن ننافسه في أعمال تشبهه بل تشبهنا. ولذلك يجب أن نحرص على هذه المعادلة في إنتاجاتنا».
وعما إذا سيحضر زمن الوباء في موضوعات الدراما قريبا يرد: «حتى الآن استطعنا تجاوزه وعدم ذكره، لا من بعيد ولا من قريب. من الصعب أن يطل الممثل وهو يضع القناع على وجهه، فتغيب تعابير وجهه وملامحه. ولكن إذا ما طالت فترة الوباء، قد لا يعود في إمكاننا تجاهله. عندها يجب أن نقدم معالجات درامية تتعلق بخصوصية هذا الفيروس، وتأثيره على المجتمع وعلى جيل بأكمله عاشه».
سامر برقاوي الذي تابعه المشاهد العربي في أكثر من دراما سورية وأخرى مختلطة، لم يمر أي منها مرور الكرام على الشاشة. فكان دائماً يترك بصمته عليها المصبوغة بحرفية عالية وعين ثاقبة. فكما «بقعة ضوء» و«شبابيك» و«مطلوب رجال»، تابعه المشاهد بحماس في أعمال أخرى طبعت ذاكرته كـ«لو» و«تشيللو» و«نص يوم» و«الهيبة» في أجزائه الأربعة، إضافة إلى أحدثها «أنا» الذي يعرض عبر منصة «شاهد» الإلكترونية.
واستطاع في هذا الأخير أن يقدم منتجاً درامياً متجدداً بمحتواه وبأبطاله. وعما إذا وجد صعوبة في إخراج تيم حسن من شخصية جبل شيخ الجبل ليتحول إلى كرم، الرجل المتأقلم مع الحداثة يقول: «لقد رافقت تيم حسن في مشوار طويل بدءاً من أدواره في (لو) و(نص يوم) وصولاً إلى (الهيبة) في أجزائه الأربعة. قد تكون شخصية جبل هي الأصعب، ولكن تحول الممثل من شخصية إلى أخرى فكرة يستمتع فيها المخرج والممثل معاً، فتكون مغامرة بحد ذاتها. وعندما توضع الشخصية في إطارها الصحيح، ويجري التحضير لها كما هو مطلوب، تصبح رحلة فيها الكثير من الشغف والتحدي، وهو ما واجهناه تيم وأنا في مسلسل (أنا)».
تحاول الدراما العربية اليوم مواكبة أجيال الشباب بموضوعاتها وفي أسلوب تنفيذها. واستطاعت أعمال عرضت مؤخراً جذب هذه الشريحة. فهل تأخر صناع الدراما في استدراك ذلك؟ يوضح برقاوي في سياق حديثه: «محاولاتنا بدأناها منذ فترة وهي ليست حديثة. ولكن الوصول إلى جيل الشباب يلزمه الجهد. فصحيح أنه يحضر معنا جسدياً ولكنه يتجول ويسافر في عقله مع وسائل التواصل الاجتماعية والمنصات الإلكترونية. ليس من السهل إرضاؤه لأن الحواجز بالنسبة له تكسرت من زمان. وكي نستطيع إرضاءه علينا أن نفهمه جيداً ونتعرف إلى مشكلاته وهمومه عن كثب». تتحدث وكأن المخرج يجب أن يتمتع بخلفية علمية شبيهة بالطبيب النفسي.
يرد سامر برقاوي: «قد يكون هناك تقاطع إلى حد ما بين المخرج والطبيب من حيث تشخيص الحالة. فالاثنان يستطيعان تقديم العلاج المناسب عندما ينجحان في تشخيص الحالة التي يعاني منها الشخص. فإن يتفهم المخرج حاجات شخصية معينة وتفاصيلها يكون في ذلك يمارس عملا يقارب العلم».
ينجح سامر برقاوي في ترك الانطباع الإيجابي المطلوب لدى مشاهد أعماله الدرامية. فتاريخه طويل في عالم الإخراج وأحرز خطوات مهمة. اليوم أصبح المتفرج يعرف مسبقاً العمل الذي يوقعه برقاوي ومنذ اللحظة الأولى. فمهاراته لا تنحصر في التقنية رفيعة المستوى التي يتميز بها، بل أيضا في كيفية تفاعله مع العمل. فيسكب مشاعر وأحاسيس المشاهد تلقائياً ويخطفه إلى عالمه طوعاً.
فهل يراجع برقاوي اليوم إنجازاته ويقيمها؟ يرد: «لم أكن من قبل أقوم بذلك، وأنظر إلى الوراء. حالياً وبعد أكثر من 20 مسلسلاً ورحلة طويلة، تمكنت من أخذ استراحة المحارب، كي أتطلع إلى المنجز بشكل عام. فهذه القراءات ترد على أسئلة تراودني وتترافق مع تكثيف اطلاعاتي على علاقتي مع المشاهد. وأعتقد أنني استطعت أن أولد علاقة وجدانية مع متابع أعمالي، على أمل أن أبقى عند حسن ظنه في المستقبل». وعما إذا كانت لديه الرغبة في التعاون مع ممثل معين لم يسبق أن عمل معه يقول: «أحلامي مرتبطة بمشاريعي التي تأخذني صوب الممثل وليس العكس. وهذا هو المعيار الذي التزمته في مشواري، بحيث شكل الممثلون الذين تعاونت معهم ضرورة وليس تحقيق رغبة».
برهن سامر برقاوي، مؤخراً، أنه صانع نجوم ولا سيما في مسلسل «أنا». فكشف خلاله عن طاقات تمثيلية لدى رولا بقسماتي. كما وضع رزان جمال في المكان المناسب في أول دراما رومانسية عربية لها. فهل يوافق على هذا القول؟ يعلق: «برأيي العمل الفني هو الأساس، ومن يشارك فيه يكون جزءاً من منتج فني يصنع النجوم. لا شك أن لي شغفاً كبيراً تجاه اكتشاف مهارات وقدرات تمثيلية جديدة، وهو أمر يدغدغ تفكيري كأي مخرج غيري. فهي متعة بحد ذاتها، ومن النجاحات التي أضيفها إلى مشواري. وبرأيي أن هذه الاكتشافات يجب أن تستمر دائماً».
وعن مسلسل «الهيبة 5» الذي ينتظره المشاهد بحماس يقول: «نعمل حالياً على تحضيره ونحاول قدر الإمكان استطلاع مواقع التصوير التي سنستخدمها. ونتمنى لهذا الجزء الذي سيشكل الموسم الأخير لهذه السلسلة أن يحمل الأفضل».
في الجزء الرابع من «الهيبة» وعكس ما توقعه البعض، حمل تجدداً في قصة مشوقة ومثيرة، فهل الجزء الخامس سيفاجئ المشاهد؟ يرد سامر برقاوي: «إن الرهان يحضر دائما في هذا المسلسل، حيث إن كل جزء جديد، يتحدى الذي سبقه على جميع المستويات. فأنا وتيم حسن وشركة الإنتاج (الصباح إخوان) قبلنا التحدي».
وعن الأجواء التي ستسوده يقول: «هناك فرضية لصراع جديد يتناوله العمل لأول مرة. وهذا الصراع سيشكل الفرق والاختلاف بينه وبين سابقيه». هل تعني أن الحبكة سترتكز على صراع سياسي كما تردد؟ يوضح: «قد يصب في هذا الإطار ولكنه يميل نحو الإطار الثقافي والمنطقي».
وعما إذا هو يتوقع للدراما العربية ولادة جديدة في الغد القريب توصلها إلى الانتشار المطلوب يقول: «أعتقد أننا يجب أن نبحث عن الجرأة عندنا فتعكسها أعمالنا وموضوعاتها. وعلى المسؤولين التقنيين والفنيين أن يحافظوا على هذا البحث الفني البصري، ليأخذنا إلى مساحات درامية جديدة، تحقق المتعة للمشاهد وتلبي رغباته وشغفه المتعلق بمضمون جيد».



موسوعة لتوثيق أعمال سعيد العدوي مؤسس جماعة التجريبيين بمصر

أعمال سعيد العدوي اتسمت بالتجريد والأفكار الشعبية (الشرق الأوسط)
أعمال سعيد العدوي اتسمت بالتجريد والأفكار الشعبية (الشرق الأوسط)
TT

موسوعة لتوثيق أعمال سعيد العدوي مؤسس جماعة التجريبيين بمصر

أعمال سعيد العدوي اتسمت بالتجريد والأفكار الشعبية (الشرق الأوسط)
أعمال سعيد العدوي اتسمت بالتجريد والأفكار الشعبية (الشرق الأوسط)

تأتي موسوعة الفنان سعيد العدوي (1938-1973) لترصد مسيرة مؤسس جماعة التجريبيين المصريين وأحد أبرز فناني الحفر والجرافيك في النصف الثاني من القرن العشرين.

وتتضمن الموسوعة، حسب قول المشرف عليها والباحث في شؤون الحركة الفنية المصرية الدكتور حسام رشوان، المئات من أعمال العدوي ويومياته ومذكراته واسكتشاته، مدعومة بعدد كبير من الدراسات التي تم إعداد بعضها خصوصاً من أجل هذه الموسوعة، ومعها دراسات أخرى نشرها أصحابها في صحف ومجلات ومطبوعات خاصة بالفن في مصر والوطن العربي.

وقال لـ«الشرق الأوسط»: «إن مقدمة الدكتورة أمل نصر تتناول جميع المقالات، والزاوية التي نظر منها الناقد لأعمال العدوي موضع الدراسة، كما تقوم بقراءتها وتحليلها وبسط عناصرها أمام الباحثين ومحبي فنه».

موسوعة العدوي تضمنت اسكتشاته ورسوماته (الشرق الأوسط)

وتأتي موسوعة العدوي التي نشرتها مؤسسة «إيه آر جروب» التي يديرها الفنان أشرف رضا، في صورة مونوغراف جامع لكل أعماله، التي تعبق برائحة الماضي، وعالم الموشحات، وحلقات الذكر والمشعوذين، وعربات الكارو والحنطور، وتجمعات الموالد والأسواق والأضرحة، فضلاً عن لوحة «الجنازة» بعد رحيل عبد الناصر. وجمعت الموسوعة كل كراساته واسكتشاته بالكامل، ومذكراته الخاصة التي كتبها وتعتبر دراسات نفسية قام بكتابتها، وقد ساعدت هذه المذكرات النقاد والباحثين في فن العدوي على تناول أعماله بصورة مختلفة عن سابقيهم الذين تصدوا لفنه قبل ظهورها، وفق رشوان.

ولأعمال العدوي طابع خاص من الحروفيات والزخارف والرموز ابتكرها في إبداعاته وهي تخصه وحده، وتخرّج العدوي ضمن الدفعة الأولى في كلية الفنون الجميلة بالإسكندرية عام 1962، وأسس مع زميليه محمود عبد الله ومصطفى عبد المعطي جماعة التجريبيين. وتأتي الموسوعة باللغة العربية في قطع كبير بالألوان، تزيد على 600 صفحة، من تصميم وتجهيز وإنتاج طباعي «إيه آر جروب» للتصميم والطباعة والنشر.

الموسوعة ضمت العديد من الأعمال الفنية ودراسات عنها (الشرق الأوسط)

وتتضمن الموسوعة، وفق رشوان، دراستين جديدتين للدكتور مصطفى عيسى، ودراسة لكل من الدكتورة ريم حسن، وريم الرفاعي، والدكتورة أمل نصر، ودراسة للدكتورة ماري تيريز عبد المسيح باللغة الإنجليزية، وجميعها تم إعدادها خصوصاً للموسوعة، وهناك دراسات كانت موجودة بالفعل للدكتور أحمد مصطفى، وكان قد جهّزها للموسوعة لكن عندما أصدرت مجلة فنون عدداً خاصاً عن فن العدوي قام بنشرها ضمن الملف، وإلى جانب ذلك هناك بحث عن أعمال العدوي للراحلين الدكتور شاكر عبد الحميد والفنان عز الدين نجيب وأحمد فؤاد سليم ومعهم عدد كبير من النقاد والفنانين الذي اهتموا برائد التجريبيين المصري وأعماله.

والتحق سعيد العدوي بمدرسة الفنون بالإسكندرية سنة 1957، وقبلها بعام كان في كلية الفنون بالزمالك، وقضى خمس سنوات لدراسة الفن في عروس البحر المتوسط، أما الأعمال التي تتضمنها الموسوعة وتوثق لها فتغطي حتى عام 1973؛ تاريخ وفاته. وهناك عدد من رسوم الكاريكاتير كان قد رسمها وقت عمله بالصحافة، وهذه الأعمال اهتمت بها الموسوعة ولم تتجاهلها لأنها تكشف عن قدرات كبيرة للعدوي وسعيه للدخول في مجالات عديدة من الفنون التشكيلية، وفق كلام رشوان.

من أعمال العدوي (الشرق الأوسط)

ولفت إلى أن «تراث العدوي بكامله بات متاحاً من خلال الموسوعة للباحثين في فنه والمهتمين بأعماله وتاريخ الفن التشكيلي المصري، وقد توفر لدى كتّاب الموسوعة عدد مهول بالمئات من اللوحات الكراسات والاسكتشات، فأي ورقة كان يرسم عليها اعتبرناها وثيقة وعملاً فنياً تساعد في الكشف عن رؤية العدوي التشكيلية وعالمه الخَلَّاق».

ولا تعتمد الموسوعة فكرة التسلسل الزمني، لكنها توثق عبر المقالات كل الأعمال التي تناولتها، من هنا بنى رشوان رؤيته وهو يرسم الخطوط الرئيسية لفن العدوي على الدراسات البانورامية التي تشتغل بحرية كاملة على الأعمال دون التقيد بتاريخها.

وسبق أن أصدر الدكتور حسام رشوان، بالاشتراك مع الباحثة والناقدة الفرنسية فاليري هيس، موسوعة فنية عن رائد التصوير المصري محمود سعيد عن دار «سكيرا» الإيطالية عام 2017 بمناسبة مرور 120 عاماً على ميلاد محمود سعيد، وتضمنت الموسوعة في جزئها الأول أكثر من 500 لوحة و11 مقالاً ودراسة نقدية.