سينما آسيا تلتقي في هوليوود للمرّة السادسة

مهرجان خاص بها يعرض جديدها

«2000 أغنية لفريدة»
«2000 أغنية لفريدة»
TT

سينما آسيا تلتقي في هوليوود للمرّة السادسة

«2000 أغنية لفريدة»
«2000 أغنية لفريدة»

- بالم سبرينغز (كاليفورنيا): محمد رُضا
المهرجان الذي وُلد قبل ست سنوات كتظاهرة لجمع أفلام من دول آسيا المختلفة وعرضها للجمهور الأميركي في مدينة لوس أنجليس بات سريعاً واحداً من أهم المناسبات السنوية التي تشهدها المدينة.
وفي عالم مكتظ بالمناسبات والمهرجانات فإن خروج مهرجان ما من منطقة الظل إلى منطقة النور، ومن مجرد لقاء بين شغوفين بالسينما عموماً والسينما الآسيوية على وجه التحديد إلى مهرجان قائم بالحرفية والمهنية المطلوبة لمثل هذه النشاطات، فإن الأمر يتطلب خبرة وتصميما والكثير من الجهد، وهذا ما ثابر عليه مدير المهرجان جورج شمشوم وفريق عمله.
هذا العام سينطلق المهرجان مرّتين. الأولى بدأت بالفعل قبل يومين (في العاشر من الشهر) والثانية في نوفمبر قبيل نهاية السنة وكم هو مفرح قرار إعادة فتح الصالات الأميركية للروّاد لأنها تعني عودة الطبيعة لحياة المهرجانات والمناسبات السنوية ومنها هذا المهرجان.

- من لبنان إلى روسيا
آسيا قارة شاسعة وكبيرة تضم خمسين دولة من حدود البحر المتوسط حتى آخر اليابان ومن جزر المالديف في الجنوب وصولاً صعوداً إلى شمال روسيا. والمتعدد هنا ليس أسماء الدول بطبيعة الحال بل مشاربها الثقافية والاجتماعية والسياسية والدينية. آسيا هي أكثر القارات تعدداً في الثقافات والتضاريس السياسية من أي قارة أخرى. هناك الدول العربية ودول الشرق الأوسط عموماً، ثم المجموعة الهندية وجوارها ثم منطقة الشرق (حيث الصين وكوريا واليابان) والجنوب الشرقي (حيث تقع إندونيسيا وماليزيا والفلبين بين أخرى) ثم الجزء المتوسط من آسيا (كازاخستان وأوزبكستان ومنغوليا وسواها) التي تحاذيها روسيا الممتدة من أقصى الشرق إلى أقصى الغرب حيث تلتقي بالجزء الأوروبي من البلاد.
الدورة السادسة التي بدأت في العاشر من هذا الشهر وتنتهي في الخامس عشر منه، احتوت على 15 فيلماً طويلاً في المسابقة الرسمية من 13 دولة يجاورها اثنا عشر فيلما قصيرا. في قسم العروض الخاصة ستة أفلام طويلة أخرى في قسم يسمح للمهرجان باستقبال أفلام من خارج القارة الآسيوية. لذلك نجد الفيلم التونسي «الرجل الذي باع ظهره» لكوثر بن هنية والفيلمين الأميركيين «شيكاغو: الحرب الأميركية الخفية» و«معاكس» جنباً إلى جنب مع الفيلم اللبناني «أرز أكتوبر» والصيني «أغنية الحب» والروسي «أليكس إن روسيا لاند».
ليس بالعدد الكبير طبعاً، لكن لا يجب أن ننسى أن المهرجان في نسخته الحالية هو افتراضي البث على عكس دوراته السابقة التي ارتفع فيها عدد الأفلام إلى ما هو ضعف هذا الرقم.
تتماوج المواضيع المطروحة بطبيعة الحال تبعاً لكل العوامل الثقافية والاجتماعية لكل منطقة آسيوية ومن ثم لكل بلد منها.
«أليكس إن روسيا لاند» هو فيلم تسجيلي كحال الفيلم اللبناني «أرز أكتوبر» لسليم صعب وكلاهما يقع على مسافة بعيدة عن الآخر حين يأتي الأمر لمقارنة اهتمامات كل منهما وأسلوبه. في الفيلم اللبناني، وكما ورد معنا هنا حين خصصنا للفيلم المساحة التي يستحقها، اقتراب من القضايا التي أثارتها انتفاضة الجيل الشبابي من اللبنانيين قبل عامين. المخرج سليم صعب يلتقط لا المظاهرات وحدها بل وسائل التعبير عن الانتفاضة من غناء وأناشيد ورسومات غرافيتي ومقابلات.
في «أليكس إن روسيا لاند» محاولة ذاتية للمغني أليكس كارلِن للحديث عن نفسه وحفلاته الموسيقية من باب أنه تحوّل في سبع سنوات إلى ظاهرة. مغني الروك آند رول وفرقته جابوا ربوع البلاد من أقصاها إلى أقصاها وعلى نحو مستمر بلا كلل (100 حفلة في السنة) وكاميرا الفيلم تجوب مع الفريق كل تلك الربوع.
هناك غناء من نوع آخر في فيلم «2000 أغنية لفريدة» من المخرج الأوزبكستاني يالكين تويشييف. دراما عن رجل مسن متزوّج من ثلاثة وها هي الزوجة الرابعة تصل إلى بيت الرجل النائي في بعض الجبال. الحياة حول النساء- الزوجات قاحلة كالطبيعة القاسية التي تحيط بالمكان، وهناك خطر تقدم قوّات الحكومة الجديدة (تقع الأحداث في العقد الأول من القرن الماضي) وضرورة ترحيل النساء سريعاً. كميل سيبقى وحيداً والقوات الحكومية ستصل وتهدم منزله وحياته. لكن فحوى الفيلم بجمالياته وأسلوب تنفيذه المدروس بعناية، يكمن في تلك العلاقة الذكورية ومفاهيمها القديمة وكل ما ينتج عنها من معاملات مع المرأة وسلوكيات.

- بيئات متناقضة
فيلمان يلجآن إلى سينما الرعب لتمرير رسائل اجتماعية وملاحظة سلوكيات البشر تبعاً لثقافاتهم. لدينا الفيلم الماليزي «روح» لأمير إزوان (امرأة تصل إلى بيت مهجور في غابة مسكونة) و«إمبتغور» لجوكو أنوَر (صنع أفلام رعب سابقة) وفيه تصل امرأة إلى منزل ورثته يقع في القرية لتجد أن هناك من يرغب في دفعها للعودة من حيث جاءت مهدداً حياتها بالموت.
يكشف الفيلمان عن جهد ملحوظ لدى صانعيهما لاتباع الدليل الكوري - الياباني في صياغة أفلام الرعب لكن اللافت هو تشابه الحكايتين إلى حد بعيد.
الجامع بين هذه الأفلام الآتية من آسيا الوسطى هو الاعتناء بالمكان كبيئة، وهذا ما نجده كذلك في فيلم من قرغيزيا عنوانه «البحيرة». هنا، وكما الحال في بعض تلك الأفلام أيضاً، يلجأ الفيلم إلى ثنائية الأسطورة والتاريخ. الأولى تبدو أكثر سرمدية من التاريخ نفسه.
هذا كله يختفي من فيلم Jallikattu الآتي من الهند (أخرجه ليجو جوزيه بيليسيري) الذي يحتوي على ألوف اللقطات في مدى ساعة ونصف من عرضه. إذ يتمحور حول ثور هائج في بعض قرى ولاية كيراتا واندفاع أهل القرية للبحث عنه وقتله بعدما دمّر أسواقاً وأصاب أشخاصاً، لا يتوقف الفيلم عن لهاث الكاميرا ولا عن كلام الممثلين (نحو مائة) المسترسل. لكن هذا ليس هباء. في معالجة المخرج لهذه القصّة نبع من الأفكار تتمحور حول علاقة هؤلاء بالكنيسة (أي المسيحيين) وعلاقة كل منهم بالآخر قبل أن ترتد المطاردات العشوائية لقتل الثور الهائج إلى القائمين بها وتنتهي إلى عنف شديد.
السينما الآتية من اليابان وكوريا والصين وهونغ كونغ تختلف بشدّة عما هو آت من تلك البيئات الآسيوية في منتصف القارّة.
على سبيل المثال فإن «أيام أفضل» لديريك تسانغ (هونغ كونغ) هو عن الطالبة التي تتعرض للاضطهاد والتعنيف من قِبل رفيقاتها. الدور يأتي عليها عندما يؤدي ذلك الاضطهاد إلى مقتل طالبة سابقة. لكن بطلة الفيلم نيان تلجأ إلى شاب غير مثقف، يفهم لغة الحياة السفلى للمدينة، للدفاع عنها.
«أمهات حقيقيات» لليابانية ناوومي كواسي يهدف (في 140 دقيقة) لبحث مفهوم الأمومية عندما يلجأ زوجان لم ينجبا إلى تبني طفل في المهد ودفع تعويض مرضٍ لأمه الحقيقية. بعد حين تعود تلك الأم لطلب استعادة ابنها. ليس أفضل أفلام المخرجة المعروفة (عرضت معظم أفلامها في مهرجان كان سابقاً) وذلك تبعاً لصياغة فرضت على الفيلم سردا جانبيا ذلك المفهوم على نحو منفصل كل عن الآخر.
الموضوع العاطفي متوفر كذلك في فيلم سينغافوري من إخراج أنطوني تشن بعنوان «فصل مبلل» وفيه حكاية معلّمة مدرسة تحمل على كاهلها متاعب حياتها الخاصة تستجيب لرغبة أحد طلابها فيها ما يرمي مستقبلها كمعلّمة في غياهب المجهول.
«قفزة» من الصين و«الرجل التالي» من كوريا يختلفان. الأول (لبيتر هو - صن تشان) محاكاة لأفلام الرياضة بأسلوب مستورد من هوليوود. الثاني، وقد تناولناه سابقاً أيضاً، لوو - من نو يتناول اغتيال الرئيس الكوري الجنوبي سنة 1979. وهو في الواقع أفضل فيلم شوهد في هذه الدورة من هذا المهرجان.


مقالات ذات صلة

«سينما 70» تطلق عروضاً في «مهرجان التلال العجيبة» شرق السعودية

يوميات الشرق تتيح العروض للزوار مشاهدة الأفلام تحت السماء المفتوحة (الشرق الأوسط)

«سينما 70» تطلق عروضاً في «مهرجان التلال العجيبة» شرق السعودية

أطلقت «سينما 70» عروضها السينمائية المفتوحة في الهواء الطلق ضمن فعاليات «مهرجان التلال العجيبة» في مدينة الجبيل الصناعية (شرق السعودية).

«الشرق الأوسط» (الجبيل الصناعية)
يوميات الشرق جانب من العرض الخاص للفيلم بالقاهرة (الشركة المنتجة)

فيلم «الحريفة 2» يراهن على نجاح الجزء الأول بشباك التذاكر

احتفل صناع فيلم «الحريفة 2» بالعرض الخاص للفيلم في القاهرة مساء الثلاثاء، قبل أن يغادروا لمشاهدة الفيلم مع الجمهور السعودي في جدة مساء الأربعاء.

أحمد عدلي (القاهرة )
يوميات الشرق فيصل الأحمري يرى أن التمثيل في السينما أكثر صعوبة من المنصات (الشرق الأوسط)

فيصل الأحمري لـ«الشرق الأوسط»: لا أضع لنفسي قيوداً

أكد الممثل السعودي فيصل الأحمري أنه لا يضع لنفسه قيوداً في الأدوار التي يسعى لتقديمها.

أحمد عدلي (القاهرة)
يوميات الشرق يتيح الفرصة لتبادل الأفكار وإجراء حواراتٍ مُلهمة تتناول حاضر ومستقبل صناعة السينما العربية والأفريقية والآسيوية والعالمية (واس)

«البحر الأحمر السينمائي» يربط 142 عارضاً بصناع الأفلام حول العالم

يربط مهرجان البحر الأحمر 142 عارضاً من 32 دولة هذا العام بصناع الأفلام حول العالم عبر برنامج «سوق البحر الأحمر» مقدماً مجموعة استثنائية من الأنشطة.

لقطة من فيلم «عيد الميلاد» (أ.ب)

فيلم «لاف أكتشلي» من أجواء عيد الميلاد أول عمل لريتشارد كيرتس

بعد عقدين على النجاح العالمي الذي حققه الفيلم الكوميدي الرومانسي «لاف أكتشلي» المتمحور حول عيد الميلاد، يحاول المخرج البريطاني ريتشارد كورتس تكرار هذا الإنجاز.

«الشرق الأوسط» (لندن)

«وين صرنا؟»... التجربة الإخراجية الأولى للتونسية درة تلفت الأنظار

الممثلة التونسية درة وعلى يمينها حسين فهمي رئيس مهرجان القاهرة السينمائي مع أبطال فيلم «وين صرنا؟» خلال عرضه الأول في المهرجان أمس (إكس)
الممثلة التونسية درة وعلى يمينها حسين فهمي رئيس مهرجان القاهرة السينمائي مع أبطال فيلم «وين صرنا؟» خلال عرضه الأول في المهرجان أمس (إكس)
TT

«وين صرنا؟»... التجربة الإخراجية الأولى للتونسية درة تلفت الأنظار

الممثلة التونسية درة وعلى يمينها حسين فهمي رئيس مهرجان القاهرة السينمائي مع أبطال فيلم «وين صرنا؟» خلال عرضه الأول في المهرجان أمس (إكس)
الممثلة التونسية درة وعلى يمينها حسين فهمي رئيس مهرجان القاهرة السينمائي مع أبطال فيلم «وين صرنا؟» خلال عرضه الأول في المهرجان أمس (إكس)

لم تكن الحياة في غزة سهلة أو حتى طبيعية قبل حرب السابع من أكتوبر (تشرين الأول)، لكن حتى هذه الأيام يحن لها الآن الناجون من القطاع ويتمنون استعادتها، ومنهم نادين وعائلتها أبطال الفيلم الوثائقي «وين صرنا؟» الذي يمثل التجربة الإخراجية والإنتاجية الأولى للممثلة التونسية درة زروق، والذي لفت الأنظار خلال العرض في مهرجان القاهرة السينمائي الدولي.

يستعرض الفيلم على مدى 79 دقيقة رحلة نزوح نادين وطفلتيها التوأمتين وإخوتها وأمها من حي تل الهوى بمدينة غزة يوم 13 أكتوبر 2023 وصولاً إلى مصر بعد ثلاثة أشهر من بدء الحرب.

ويعتمد في مجمله على سرد أفراد العائلة في القاهرة لذكريات حياتهم في غزة قبل الحرب ومغادرتهم منزلهم قسراً بناء على أمر إخلاء من القوات الإسرائيلية، حاملين معهم أبسط المتعلقات الشخصية على أمل العودة قريباً وانتقالهم إلى مخيم النصيرات، ثم رفح.

وفي مقابل ارتياح مؤقت بالنجاة من قصف مكثف حصد آلاف الأرواح من بينهم جيرانها وأصدقاؤها، يعتصر الخوف قلب نادين بسبب زوجها عبود الذي لم يستطع الخروج مع العائلة وظل عالقاً في غزة.

ويظهر عبود في لقطات من غزة معظمها ملتقط بكاميرا الهاتف الجوال وهو يحاول تدبير حياته بعيداً عن الأسرة، محاولاً إيجاد سبيل للحاق بهم في القاهرة حتى يكلل مسعاه بالنجاح.

وفي رحلة العودة يمر عبود بشواطئ غزة التي اكتظت بالخيام بعدما كانت متنفساً له ولأسرته، والأحياء والشوارع التي دُمرت تماماً بعدما كان يتسوق فيها ويعمل ويعيل عائلته رغم الحصار المفروض على القطاع منذ سنوات، ويتساءل قائلاً: «يا الله... وين كنا ووين صرنا؟!».

وقالت الممثلة درة زروق مخرجة الفيلم قبل عرضه العالمي الأول، أمس (الجمعة)، في دار الأوبرا المصرية ضمن الدورة الخامسة والأربعين للمهرجان: «أبطال الفيلم ناس حقيقية من فلسطين... كلنا عملنا الفيلم بحب وإيمان شديد بالقضية الإنسانية اللي بنتكلم عنها».

وأضافت حسبما نقلت وكالة «رويترز» للأنباء: «حبيت أقرب منهم من الجانب الإنساني، المشاعر؛ لأنهم عمرهم ما هيبقوا أرقام، هما ناس تستحق كل تقدير، وشعب عظيم».

وينافس الفيلم ضمن مسابقة «آفاق السينما العربية» في المهرجان الذي يختتم عروضه يوم 22 نوفمبر (تشرين الثاني).