دعوات إلى «نفير عام» غداة مقتل والد ناشط عراقي مخطوف

السلطات تتحدث عن «أسباب جنائية وعشائرية»... وعائلة الضحية تطالب الكاظمي بالتدخل

جاسب الهليجي ممسكاً بصورة ابنه المخطوف علي في منزله بالعمارة الصيف الماضي (أ.ب)
جاسب الهليجي ممسكاً بصورة ابنه المخطوف علي في منزله بالعمارة الصيف الماضي (أ.ب)
TT

دعوات إلى «نفير عام» غداة مقتل والد ناشط عراقي مخطوف

جاسب الهليجي ممسكاً بصورة ابنه المخطوف علي في منزله بالعمارة الصيف الماضي (أ.ب)
جاسب الهليجي ممسكاً بصورة ابنه المخطوف علي في منزله بالعمارة الصيف الماضي (أ.ب)

أثار مقتل والد ناشط عراقي مختطف في محافظة ميسان الجنوبية صدمة وغضباً شديدين، ما دفع بعض أوساط الحراك إلى إعلان «النفير العام» والخروج بمظاهرات حاشدة ومستنكرة في بغداد ومحافظات وسط البلاد وجنوبها، رغم تأكيد السلطات أن الجريمة لها «أسباب جنائية وعشائرية».
وهاجم مسلحان على دراجة نارية جاسب الهليجي في مدينة العمارة، مركز محافظة ميسان، وأردياه قتيلاً لدى عودته، مساء أول من أمس، من مجلس عزاء أقيم لإحياء الذكرى السنوية الأولى لاغتيال الناشط عبد القدوس قاسم على يد عناصر مسلحة في المدينة.
والهليجي هو والد المحامي والناشط المدني علي جاسب الذي لا يزال مصيره مجهولاً منذ اختطف مطلع أكتوبر (تشرين الأول) 2019 رغم المناشدات المتكررة التي درج والده على توجيهها للسلطات والجهات الدينية للكشف عن مصير ولده، وآخرها المناشدة التي وجهها إلى بابا الفاتيكان فرنسيس الذي زار العراق الأسبوع الماضي.
ورفض ذوو القتيل تصريحات أدلى بها قائد شرطة ميسان حول ظروف مقتل الهليجي قال فيها إن «أسباباً جنائية وعشائرية» تقف خلف الحادث. وفي تسجيل مصور، اتهم ذوو القتيل، أمس، قائد شرطة ميسان بـ«الافتراء» بعد قوله إن الجاني يمت بصلة قرابة للمجني عليه.
وقال أقارب الهليجي، وضمنهم أحد أشقائه، إن «ذنب الراحل كان المطالبة بالكشف عن مصير ابنه المختطف منذ سنة ونصف السنة». وذكر أحد أقرباء الضحية خلال الفيديو أن «محافظ ميسان وقيادة الشرطة والأمن الوطني وجهات أمنية أخرى على علم بالجهة التي خطفت علي جاسب، وهي التي قتلت والده». وطالبوا رئيس الوزراء بالقدوم إلى المحافظة «والتحقيق مع الجهة المتورطة بخطف المحامي واغتيال والده».
وأعلن المركز الإعلامي لمجلس القضاء الأعلى، أمس، عن مصادقة محكمة تحقيق العمارة على اعترافات المتهم بجريمة القتل. وذكر المركز في بيان أن «محكمة تحقيق العمارة صدقت على اعترافات المتهم بجريمة قتل المجني عليه جاسب حطاب الهليجي والد المحامي المختطف بعد إلقاء القبض عليه من قبل السلطات الأمنية في غضون ساعات من وقوع الجريمة».
وأضاف أن «المتهم أفاد باعترافاته أن المجني عليه (زوج عمته) كان يتهمه باختطاف ابنه ما أدى إلى حدوث خلافات وصلت لتقديم شكوى ضده والتنازل عنها وأن الضغوطات التي تعرض لها دفعته إلى قتل المجني عليه».
وخرج مئات من جماعات الحراك في بغداد ومحافظات وسط وجنوب العراق، أمس، في مظاهرات غاضبة على خلفية الحادث، وهتفوا بشعارات منددة بالسلطة وأحزابها والميليشيات. وصدرت دعوات واسعة لإعلان «النفير العام» وتجديد الحراك الاحتجاجي.
وشهدت مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة حملة تنديد وانتقادات واسعة بالجريمة وبالسلطات على حد سواء. وأطلق مثقفون وناشطون هاشتاغ «العمارة قندهار العراق» في إشارة إلى سيطرة الميليشيات المتشددة على مركز محافظة ميسان التي وقع فيها الحادث. كما أطلقوا هاشتاغ «افضحوا ميليشيات الموت».
ويسود اعتقاد في أوساط الناشطين بأن الميليشيات ستوغل في ملاحقتهم، حتى لو التزم الحراك الصمت وتخلى عن الشارع. وقال الناشط مهند باش: «بعد أن شاهدنا رسائل الفاسدين المستمرة بالقمع والقتل والاعتقال وعدم الرضوخ لصوت العقل وآخرها اغتيال الشهيد جاسب... صار لا بد من إعادة زخم الثورة وإلا قُتلنا الواحد تلو الآخر».
وصدرت دعوات للخروج اليوم بتظاهرات حاشدة تحت اسم «جمعة الشهيد جاسب»، كما هددت بعض جماعات الحراك التي اختارت العمل السياسي بمقاطعة الانتخابات المقبلة والتركيز على المعارضة عبر الاحتجاجات الشعبية. ولم تصدر مواقف رسمية أو سياسية باستثناء بيان القضاء وتغريدة لزعيم «تيار الحكمة» عمار الحكيم قال فيها إن «حوادث الخطف والتغييب والاغتيال ضد الناشطين وأصحاب الرأي التي ما زلنا نشهدها بين الحين والآخر، فضلاً عن كونها جرائم بشعة ومستنكرة فإنها تبعث رسائل مشوهة عن حرية التعبير عن الرأي وتقف عائقاً بوجه الدعوة إلى حوار وطني شامل».



مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
TT

مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)

أكدت مصر خلال زيارة وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي للكويت، على دعم القاهرة الكامل للأمن الخليجي بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري، وسط لقاءات ومباحثات تناولت مجالات التعاون، لا سيما الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة.

تلك الزيارة، بحسب خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، تأتي تأكيداً على مساعي مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي بوتيرة أكبر ونشاط أوسع، خصوصاً في ضوء علاقات البلدين التاريخية، وكذلك حجم الاستثمارات بين البلدين الكبيرة، مشددين على أهمية التنسيق بين بلدين مهمين في المنطقة.

واستهل عبد العاطي زيارته إلى الكويت بلقاء ولي العهد الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح، الأحد، مؤكداً «عمق العلاقات التاريخية والروابط الأخوية التي تجمع البلدين الشقيقين، وتوافر الإرادة السياسية لدى قيادتي البلدين من أجل تطوير العلاقات لآفاق أرحب»، مبدياً «الحرص على تعزيز التعاون والتنسيق مع دولة الكويت وزيادة وتيرته»، وفق بيان صحافي لـ«الخارجية المصرية».

وأبدى الوزير المصري «تطلُّع مصر لتعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري بين البلدين، أخذاً في الحسبان ما اتخذته الحكومة المصرية من خطوات طموحة لجذب الاستثمارات، وتنفيذ خطة الإصلاح الاقتصادي»، مشدداً على «دعم مصر الكامل للأمن الخليجي، بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري».

وفي مايو (أيار) الماضي، قال سفير الكويت بالقاهرة، غانم صقر الغانم، في مقابلة مع «القاهرة الإخبارية» إن الاستثمارات الكويتية في مصر متشعبة بعدة مجالات، وتبلغ أكثر من 15 مليار دولار، بينها 10 مليارات دولار للقطاع الخاص.

كما اجتمع عبد العاطي مع الشيخ فهد يوسف سعود الصباح، رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي، مؤكداً «الحرص على الارتقاء بعلاقات التعاون إلى آفاق أرحب، بما يحقق طموحات ومصالح الشعبين الشقيقين»، وفق بيان ثانٍ لـ«الخارجية المصرية».

وزير الخارجية المصري يجتمع مع رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي الشيخ فهد يوسف سعود الصباح (الخارجية المصرية)

فرص استثمارية

عرض الوزير المصري «الفرص الاستثمارية العديدة التي تذخر بها مصر في شتى القطاعات، والتي يمكن للشركات الكويتية الاستفادة منها، فضلاً عن الاتفاق على تبادل الوفود الاقتصادية، وتشجيع زيادة الاستثمارات الكويتية في مصر»، مبدياً «ترحيب مصر ببحث مجالات التعاون الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة».

كما بحث الوزير المصري في لقاء مع وزيرة المالية ووزيرة الدولة للشؤون الاقتصادية والاستثمار، نوره الفصام، الفرص الاستثمارية المتاحة في مصر بشتى القطاعات، وسط تأكيد على حرص الجانب المصري على تعزيز الاستثمارات الكويتية في مصر وإمكانية تعزيز نشاط الشركات المصرية لدعم عملية التنمية في الكويت.

ووفق خبير شؤون الخليج في «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» بالقاهرة، الدكتور محمد عز العرب، فإن الزيارة تحمل أبعاداً عديدة، أبرزها الحرص المصري على تطوير العلاقات المصرية العربية، ومنها العلاقات مع الكويت لأسباب ترتبط بالتوافقات المشتركة بين البلدين والتعاون ليس على المستوى السياسي فحسب، بل على المستوى الأمني أيضاً.

التنسيق المشترك

البعد الثاني في الزيارة مرتبط بالاستثمارات الكويتية التي تستحوذ على مكانة متميزة وسط استثمارات خليجية في مصر، وفق عز العرب، الذي لفت إلى أن الزيارة تحمل بعداً ثالثاً هاماً مرتبطاً بالتنسيق المشترك في القضايا الإقليمية والدولية خاصة وهناك إدراك مشترك على أولوية خفض التصعيد والتعاون الثنائي بوصفه صمام أمان للمنطقة.

تحديات المنطقة

يرى الكاتب والمحلل السياسي الكويتي، طارق بروسلي، أن زيارة عبد العاطي «خطوة مهمة في إطار العلاقات التاريخية الوطيدة بين البلدين، وتعكس عمق التفاهم والاحترام المتبادل بين قيادتي البلدين والشعبين الشقيقين».

وتحمل الزيارة قدراً كبيراً من الأهمية، وفق المحلل السياسي الكويتي ورئيس «المنتدى الخليجي للأمن والسلام» فهد الشليمي، خصوصاً وهي تأتي قبيل أيام من القمة الخليجية بالكويت، مطلع الشهر المقبل، وما سيتلوها من ترأس الكويت مجلس التعاون الخليجي على مدار عام، فضلاً عن تحديات كبيرة تشهدها المنطقة، لا سيما في قطاع غزة وحربها المستمرة منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وأفادت وكالة الأنباء الكويتية الرسمية، الأحد، بأن أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح تلقى رسالة شفهية من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي تتعلق بالعلاقات الأخوية المتميزة بين البلدين والشعبين الشقيقين وآخر المستجدات الإقليمية والدولية، خلال استقبال ولي العهد لوزير الخارجية المصري.

كما نوهت بأن عبد العاطي التقى رئيس الوزراء بالإنابة، و«جرى خلال اللقاء استعراض العلاقات الثنائية وسبل تعزيز التعاون بين البلدين إضافة إلى بحث آخر المستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية».

تطوير العمل الدبلوماسي

وتهدف الزيارة، وفق بروسلي، إلى «تعميق التعاون في عدة مجالات والتنسيق المشترك في المواقف على الصعيدين الإقليمي والدولي، لا سيما في قضايا فلسطين وسوريا ولبنان واليمن»، مرجحاً أن تسهم المباحثات المصرية الكويتية في «زيادة فرص التعاون الاقتصادي والتجاري وتعزيز الاستثمارات وزيادة التنسيق الأمني ومواجهة التحديات الأمنية المشتركة».

ويعتقد بروسلي أن الزيارة «ستكون فرصة لبحث تطوير العمل الدبلوماسي، ودعم البرامج التعليمية المتبادلة بين البلدين والخروج بمذكرات تفاهم تكون سبباً في تحقيق التكامل الإقليمي، وتعزيز التعاون في ظل التحديات المشتركة بالمنطقة».

بينما يؤكد الشليمي أن الزيارة لها أهمية أيضاً على مستوى التعاون الاقتصادي والتجاري، خصوصاً على مستوى تعزيز الاستثمارات، إضافة إلى أهمية التنسيق بين وقت وآخر بين البلدين، في ظل حجم المصالح المشتركة الكبيرة التي تستدعي التعاون المستمر.