عمل رقمي مشفّر يقلب معايير المزادات بـ70 مليون دولار

«كل الأيام... أول 5000 يوم» لـ«بييبل» بدأت المزايدة عليه في موقع كريستيز بـ100 دولار

TT

عمل رقمي مشفّر يقلب معايير المزادات بـ70 مليون دولار

2007 بدأ الفنان مايك وينكلمان في رحلة فنية مميزة استغرقت 13 عاماً، حيث بدأ بنشر لوحة رقمية كل يوم بلا انقطاع ليصبح لديه اليوم عمل رقمي متكامل يحمل عنوان «كل الأيام (إيفريدايز): أول 5000 يوم». ولم يتوقع وينكلمان الذي يعرف باسم «بييبل» أن يصبح عمله الرقمي علامة فارقة في أسواق بيع وشراء الفن العالمية. العمل طرحته كريستيز للبيع على الموقع الإلكتروني ضمن مزاد مخصص لعمل واحد، ولم تحدد له سعراً تقديرياً، وبدأت المزايدة على العمل بمبلغ بسيط وهو 100 دولار، وبالأمس في اليوم الختامي للمزاد انتهت المزايدات على مبلغ فاق كل التوقعات تجاوز 69 مليون دولار. قال الفنان المعروف باسم «بييبل» لموقع «سي إن إن» تعليقاً على ذلك «الأمر سوريالي بالفعل؛ لأني لم أتوقع أن يحدث ذلك خلال حياتي، فكرة بيع الأعمال الرقمية، ولكن هذا التطور جاء من حيث لا أدري». ولكنه أطلق وصفاً على الأمر كله بأنه يمثل «فصلاً جديداً في تاريخ الفن».
فهل الأمر كذلك بالفعل؟ يمكن القول بأن سوق الأعمال الفنية شهدت تطورات كثيرة، مثل إدراج الأعمال المنفذة على الكومبيوتر في السنوات الأخيرة، واستمر هذا الاتجاه في النمو المستمر، وظهرت شركات ومنصات رقمية متعددة تخصصت في التجارة باستخدام العملات المشفرة مثل «بيتكوين» أو «إثيريوم»، ودخلت شركات عالمية المجال، مثل شركة «نايكي» التي حصلت على براءة اختراع لتمييز الأحذية عبر «بلوكتشين» وهي تقنية للتحقق من بيانات المعاملات..
وبالعودة للأعمال الفنية الرقمية والتي اكتسبت قيمة مادية ضخمة خلال السنوات الأخيرة ووصلت إلى أعلى مستويات في القيمة المادية في العام الماضي فيمكننا ملاحظة أنها سوق متشعبة، تبدأ من الصور والرموز التي يمكن اقتناؤها عبر منصات الألعاب الإلكترونية مروراً باللوحات الفنية الرقمية التي يمكن بيعها كقطع فريدة تحمل سجلاً إلكترونياً وشهادة ملكية.
ويشير البيان الخاص بالدار إلى التطور الحالي الذي سيغير من شكل السوق الفنية في الفترة المقبلة بالتوضيح أن الفن الرقمي يمتلك بالفعل تاريخاً راسخاً كوسيلة فنية، ولكن حتى إدخال تقنيات NFT وblockchain مؤخراً، كان من المستحيل تعيين قيمة للأعمال الفنية الرقمية نظرا لسهولة النسخ. ومع ذلك، عندما يتم الحصول على إنشاء رقمي قائم على NFT اليوم، يتلقى المشتري ملف العمل الفني الذي يحتوي على توقيع رقمي من الفنان وجميع التفاصيل الحيوية، بما في ذلك وقت الإنشاء وحجم الإصدار وسجل أي مبيعات سابقة. يتم إرفاق هذه التفاصيل بشكل دائم بالعمل الفني، مما يوفر ضماناً دائماً للقيمة.
وقد أدى النجاح المستمر في بيع الأعمال الرقمية المعتمدة على الرموز غير قابلة للاستبدال (NFT) ، إلى بداية حقبة جديدة للفنانين الرقميين وحالة من الانتعاش في السوق الفنية، فعلى سبيل المثال بيعت الشهر الماضي لوحة رقمية للقط الطائر نيان عبر موقع «فاونديشن» الإلكتروني المتخصص في بيع وشراء السلع الرقمية بمبلغ 580 ألف دولار، بينما يعرض موقع «نيفتي غيتواي» لوحات رقمية للفنان تريفور جونز الذي حققت رسوماته «ثور بيكاسو» مبالغ ضخمة عند بيعها على المنصة.
ومن جانب دار كريستيز فقد عبر نوا ديفيز، الخبير في الفن المعاصر عن سعادة الدار بالعمل مع الفنان بييبل لتقديم أول عمل رقمي معتمد على الرموز غير قابلة للاستبدال (NFT) تقدمه دار مزادات عالمية. وقال «نرى أن ذلك يمثل نقطة محورية في عملية الاقتناء نفسها. إن عمل (كل الأيام... أول 5000 يوم) عمل ضخم مكون من 5000 صورة يمنح الناظر الفرصة لـ(الزووم) والنظر لكل صورة ألفها بييبل، ومن ثم معاينة تطور الفنان. القدرة على تمثيل 13 عاماً من حياة الفنان المهنية في عمل واحد بشكل الطبيعة اللامحدودة لهذه الوسيلة. فالفن المعتمد على الرموز غير القابلة للتداول (NFT) على وشك أن يصبح القوة القادمة في سوق الفن».
وعلق الفنان «بييبل» على المزاد بقوله «سعيد جداً بأن يكون لي عمل رقمي بالكامل في مزاد كريستيز، أعتقد أنها لحظة تاريخية حقيقية ليس فقط للفن الرقمي، ولكن أيضاً للعالم الفني بأكمله. التقنية الحديثة الآن يمكنها توثيق ملكية وندرة الأعمال الفنية؛ ولهذا أعتقد أننا سنرى انفجاراً ليس فقط لأعمال فنية جديدة ولكن أيضاً لظهور مقتنين جدد، أنا فخور جداً؛ لأن أكون جزءاً من هذه الحركة».
بدأ بييبل عمله «كل الأيام... أول 5000 يوم» في عام 2007 بهدف نشر عمل فني جديد كل يوم ولم يفته يوم واحد منذ 13 عاماً. العمل يضم كل صورة نشرها الفنان في تلك الفترة تم دمجها لتصبح تكويناً واحداً غنياً بالرمزية في تصويره للتناقضات والتفاهات الاجتماعية باستخدام أسلوبه الرقمي ليعالج مواضيع، مثل الخوف والشغف في آن واحد بالتكنولوجيا، الرفض والرغبة في الثراء وبالتأكيد الاضطرابات السياسية في الأعوام الأخيرة. «أول 5000 يوم» عمل رقمي بالخالص معتمد على رموز غير قابلة للتداول NFT ، وهي رموز رقمية فريدة مشفرة بتوقيع الفنان، وموثقة بتقنية بلوكتشين التي توثق المالك الحقيقي ومصدر العمل الرقمي الأصلي.



«من القلب إلى اليدين»... معرض يطير من ميلانو إلى باريس

حوار صامت بين الفنّ والموضة (إعلانات المعرض)
حوار صامت بين الفنّ والموضة (إعلانات المعرض)
TT

«من القلب إلى اليدين»... معرض يطير من ميلانو إلى باريس

حوار صامت بين الفنّ والموضة (إعلانات المعرض)
حوار صامت بين الفنّ والموضة (إعلانات المعرض)

للمرّة الأولى، تجتمع في باريس، وفي مكان واحد، 200 قطعة من تصاميم الإيطاليَيْن دومنيكو دولتشي وستيفانو غبانا، الشريكَيْن اللذين نالت أزياؤهما إعجاباً عالمياً لعقود. إنه معرض «من القلب إلى اليدين» الذي يستضيفه القصر الكبير من 10 يناير (كانون الثاني) حتى نهاية مارس (آذار) 2025.

تطريز فوق تطريز (إعلانات المعرض)

وإذا كانت الموضة الإيطالية، وتلك التي تنتجها ميلانو بالتحديد، لا تحتاج إلى شهادة، فإنّ هذا المعرض يقدّم للزوار المحطّات التي سلكتها المسيرة الجمالية والإبداعية لهذين الخيّاطَيْن الموهوبَيْن اللذين جمعا اسميهما تحت توقيع واحد. ونظراً إلى ضخامته، خصَّص القصر الكبير للمعرض 10 صالات فسيحة على مساحة 1200 متر مربّع. وهو ليس مجرّد استعراض لفساتين سبقت رؤيتها على المنصات في مواسم عروض الأزياء الراقية، وإنما وقفة عند الثقافة الإيطالية واسترجاع لتاريخ الموضة في ذلك البلد، وللعناصر التي غذّت مخيّلة دولتشي وغبانا، مثل الفنون التشكيلية والموسيقى والسينما والمسرح والأوبرا والباليه والعمارة والحرف الشعبية والتقاليد المحلّية الفولكلورية. هذه كلّها رفدت إبداع الثنائي ومعها تلك البصمة الخاصة المُسمّاة «الدولتشي فيتا»، أي العيشة الناعمة الرخية. ويمكن القول إنّ المعرض هو رسالة حبّ إلى الثقافة الإيطالية مكتوبة بالخيط والإبرة.

للحفلات الخاصة (إعلانات المعرض)

عروس ميلانو (إعلانات المعرض)

هذا المعرض الذي بدأ مسيرته من مدينة ميلانو الساحرة، يقدّم، أيضاً، أعمالاً غير معروضة لعدد من التشكيليين الإيطاليين المعاصرين، في حوار صامت بين الفنّ والموضة، أي بين خامة اللوحة وخامة القماش. إنها دعوة للجمهور لاقتحام عالم من الجمال والألوان، والمُشاركة في اكتشاف المنابع التي استمدَّ منها المصمّمان أفكارهما. دعوةٌ تتبع مراحل عملية خروج الزيّ إلى منصات العرض؛ ومنها إلى أجساد الأنيقات، من لحظة اختيار القماش، حتى تفصيله وتزيينه بالتطريزات وباقي اللمسات الأخيرة. كما أنها مغامرة تسمح للزائر بالغوص في تفاصيل المهارات الإيطالية في الخياطة؛ تلك التجربة التي تراكمت جيلاً بعد جيل، وشكَّلت خزيناً يسند كل إبداع جديد. هذه هي باختصار قيمة «فيتو آمانو»، التي تعني مصنوعاً باليد.

دنيا من بياض (إعلانات المعرض)

رسمت تفاصيل المعرض مؤرّخة الموضة فلورنس مولر. فقد رأت في الثنائي رمزاً للثقافة الإيطالية. بدأت علاقة الصديقين دولتشي وغبانا في ثمانينات القرن الماضي. الأول من صقلية والثاني من ميلانو. شابان طموحان يعملان معاً لحساب المصمّم كوريجياري، إذ شمل دولتشي صديقه غبانا برعايته وعلّمه كيف يرسم التصاميم، وكذلك مبادئ مهنة صناعة الأزياء وخفاياها؛ إذ وُلد دولتشي في حضن الأقمشة والمقصات والخيوط، وكان أبوه خياطاً وأمه تبيع الأقمشة. وهو قد تكمَّن من خياطة أول قطعة له في السادسة من العمر. أما غبانا، ابن ميلانو، فلم يهتم بالأزياء إلا في سنّ المراهقة. وقد اعتاد القول إنّ فساتين الدمى هي التي علّمته كل ما تجب معرفته عن الموضة.

الخلفية الذهبية تسحر العين (إعلانات المعرض)

الأحمر الملوكي (إعلانات المعرض)

عام 1983، ولدت العلامة التجارية «دولتشي وغبانا»؛ وقد كانت في البداية مكتباً للاستشارات في شؤون تصميم الثياب. ثم قدَّم الثنائي أول مجموعة لهما من الأزياء في ربيع 1986 بعنوان «هندسة». ومثل كل بداية، فإنهما كانا شبه مفلسين، جمعا القماش من هنا وهناك وجاءا بعارضات من الصديقات اللواتي استخدمن حليهنّ الخاصة على منصة العرض. أما ستارة المسرح، فكانت شرشفاً من شقة دولتشي. ومع حلول الشتاء، قدَّما مجموعتهما التالية بعنوان «امرأة حقيقية»، فشكَّلت منعطفاً في مسيرة الدار. لقد أثارت إعجاب المستثمرين ونقاد الموضة. كانت ثياباً تستلهم الثقافة الإيطالية بشكل واضح، وكذلك تأثُّر المصمّمين بالسينما، لا سيما فيلم «الفهد» للمخرج لوتشينو فيسكونتي. كما أثارت مخيّلة الثنائي نجمات الشاشة يومذاك، مثيلات صوفيا لورين وكلوديا كاردينالي. وكان من الخامات المفضّلة لهما الحرير والدانتيل. وهو اختيار لم يتغيّر خلال السنوات الـ40 الماضية. والهدف أزياء تجمع بين الفخامة والحسّية، وأيضاً الدعابة والجرأة والمبالغة.

جمال الأزهار المطرَّزة (إعلانات المعرض)

اجتمعت هذه القطع للمرّة الأولى في قصر «بالازو ريالي» في ميلانو. ومن هناك تنتقل إلى باريس لتُعرض في واحد من أبهى قصورها التاريخية. إنه القصر الكبير الواقع على بُعد خطوات من «الشانزليزيه»، المُشيَّد عام 1897 ليستقبل المعرض الكوني لعام 1900. وعلى مدى أكثر من 100 عام، أدّى هذا القصر دوره في استضافة الأحداث الفنية الكبرى التي تُتقن العاصمة الفرنسية تقديمها.