خروج يوفنتوس من دوري الأبطال يضع مستقبل المدرب بيرلو في مهب الريح

النرويجي هالاند يواصل أرقامه القياسية بثنائية في شباك إشبيلية قادت دورتموند إلى ربع النهائي

تشيسني حارس يوفنتوس يعجز عن التصدي لتسديدة أوليفيرا نجم بورتو (رقم 27) (أ.ب)
تشيسني حارس يوفنتوس يعجز عن التصدي لتسديدة أوليفيرا نجم بورتو (رقم 27) (أ.ب)
TT

خروج يوفنتوس من دوري الأبطال يضع مستقبل المدرب بيرلو في مهب الريح

تشيسني حارس يوفنتوس يعجز عن التصدي لتسديدة أوليفيرا نجم بورتو (رقم 27) (أ.ب)
تشيسني حارس يوفنتوس يعجز عن التصدي لتسديدة أوليفيرا نجم بورتو (رقم 27) (أ.ب)

رغم النقص العددي في صفوفه منذ الدقيقة 54. قضى بورتو البرتغالي على حلم مضيفه يوفنتوس الإيطالي بإحراز لقب دوري أبطال أوروبا للمرة الأولى منذ 1996. وأقصاه من الدور ثمن النهائي للموسم الثاني توالياً، وذلك رغم الخسارة أمامه إياباً 2 - 3 بعد وقت إضافي في تورينو، فيما واصل المهاجم الدولي النرويجي إرلينغ هالاند تألقه وقاد بوروسيا دورتموند الألماني إلى ربع النهائي بتسجيله هدفي فريقه أمام ضيفه إشبيلية 2 - 2.
وكان الفريق البرتغالي، بطل المسابقة لعامي 1987 و2004، فاز ذهاباً على أرضه 2 - 1. فحسم بطاقة تأهله إلى ربع النهائي بفضل الهدفين اللذين سجلهما سيرجيو أوليفيرا في الدقيقتين 19 من ركلة جزاء و115، مما عقد مهمة يوفنتوس الذي ودع المسابقة من الدور ذاته الموسم الماضي بخسارته ذهاباً خارج ملعبه أمام ليون الفرنسي صفر - 1 قبل أن يفوز إياباً 2 - 1، لتكون البطاقة من نصيب منافسه لتسجيله هدفاً خارج ملعبه.
وبعدما أنهى الشوط الأول متخلفاً بهدف أوليفيرا، عاد يوفنتوس إلى أجواء المواجهة بفضل فيديريكو كييزا الذي سجل هدفين في الشوط الثاني بالدقيقتين 49 و63. وفرض شوطين إضافيين مع أفضلية عددية لفريقه بعد طرد الإيراني مهدي طارمي في الدقيقة 54. لكن أوليفيرا وجه ضربة قاضية لأصحاب الأرض بإدراكه التعادل في الدقيقة 115 ليكون الهدف الثالث لبطل إيطاليا عبر الفرنسي أدريان رابيو في الدقيقة 117 من دون فائدة.
ووضع هذا الخروج المخيب مستقبل أندريا بيرلو مدرب يوفنتوس في مهب الريح، خاصة أن بطل إيطاليا مهدد بقوة لفقدان لقبه المحلي بعد تراجعه أمام إنتر ميلان المتصدر بفارق 10 نقاط في سباق القمة.
ويذكر أن إدارة يوفنتوس أقالت المدرب ماوريتسيو ساري في نهاية الموسم الماضي بسبب فشلة في التتويج باللقب الأوروبي ورغم إحرازه لقب الدوري الإيطالي. ويحتاج يوفنتوس بشدة إلى المجد الأوروبي، لأنه رغم سيطرته المحلية الواضحة ما زال سجله ينحسر في الفوز بدوري الأبطال مرتين فقط مقابل سبع مرات لغريمه المحلي ميلان.
ويصر بيرلو على أنه ما زال الرجل المناسب لإكمال مشروع تجديد فريق يوفنتوس، وأنه لا يزال في بداية مسيرته، وقال عقب اللقاء: «لا أعرف إذا كان ساري أقيل بسبب الخروج من دوري أبطال أوروبا، أنا مدرب يوفنتوس في الوقت الحالي سأعمل على مشروع أكبر ويسري ذلك على ما بعد هذا الموسم». وأضاف: «هذا الموسم هو مجرد بداية لهذا المشروع. نملك لاعبين شباناً يتطور مستواهم من مباراة إلى أخرى. أدى اللاعبون اللقاء بقوة وبرغبة في الفوز وإنكار للذات لقد فعلوا كل شيء».
وأشار بيرلو إلى أن توقف المسابقة الأوروبية لأسابيع طويلة قبل العودة من ثمن النهائي أثر على فريقه وأوضح: «لست سعيداً بالعمل لأسابيع عديدة دون مباريات أوروبية. كنت أفضل التأهل والاستمرار في دوري الأبطال، حتى ننسى هذا الخروج سنحتاج إلى عدة أيام، لكن بعد ذلك يجب علينا المضي قدماً ومحاولة التقدم في جدول ترتيب الدوري الإيطالي، نحن لا نزال في مارس (آذار)».
وسيضطر يوفنتوس إلى الانتظار لموسم آخر من أجل محاولة الفوز باللقب الذي يلهث خلفه منذ تتويجه الثاني والأخير عام 1996، علماً بأنه خسر خمس مباريات نهائية من وقتها أعوام 1997 و1998 و2003 و2015 و2017.
وعلق قلب الدفاع الهولندي ماتيس دي ليخت الذي دخل في الشوط الثاني، على خروج يوفنتوس قائلاً: «إنه أمر صعب حقاً. عندما تلعب ضد فريق بعشرة لاعبين لمباراة بأكملها تقريباً، فمن الصعب تقبل الخروج بهذه الطريقة».
وتابع: «بورتو تقدم 1 - صفر ثم بدأنا نحن باللعب، وهذا كان متأخراً. قمنا بعمل جيد في الشوط الثاني من ناحية السرعة، وصناعة الفرص وسجلنا هدفين، لكن في النهاية رفضت الكرة أن تدخل الشباك. من المؤكد أن هذه المباراة ستغير موسمنا لأننا أردنا الفوز بدوري الأبطال والآن أصحبنا خارجه ومن مرحلة مبكرة، هذا أمر صعب جداً علينا».
ولم يشفع التاريخ ليوفنتوس في مواجهاته مع بورتو في تورينو على صعيد المسابقة القارية العريقة، إذ تغلب على الفريق البرتغالي 3 - 1 في دور المجموعات عام 2001، ثم 1 - صفر في إياب ثمن النهائي عام 2017. وهما نتيجتان كانتا ستمنحانه بطاقة ربع النهائي لو نجح في تحقيق أي منهما، لكنه فشل ما سيزيد الضغط على بيرلو وأيضاً العديد من النجوم أصحاب الخبرة الكبيرة بالفريق أمثال البرتغالي كريستيانو رونالدو والإسباني ألفارو موراتا الذي تعاقد معهما النادي الإيطالي من أجل اللقب الأوروبي.
وفي المباراة الثانية وصل إرلينغ هالاند تألقه وقاد دورتموند إلى ربع النهائي بتسجيله هدفي فريقه أمام ضيفه إشبيلية 2 - 2. بعدما كان «العملاق» النرويجي الشاب سجل أيضاً هدفين من ثلاثية انتصار فريقه ذهاباً 3 - 2.
ورد المهاجم المغربي يوسف النصيري على هالاند بثنائية في الدقيقتين 69 من ركلة جزاء وفي الدقيقة السادسة من الوقت المحتسب بدل الضائع (90+6)، ولم يشفع الوقت لفريقه لتسجيل هدف ثالث كان سيجر اللقاء لوقت إضافي. وأصبح هالاند أسرع لاعب يصل إلى 20 هدفاً في دوري أبطال أوروبا لكرة القدم، إلى جانب أنه أصغر من حقق ذلك سناً. ويعيش المهاجم النرويجي البالغ عمره 20 عاماً حالة تألق واحتاج فقط إلى 14 مباراة للوصول إلى 20 هدفاً في المسابقة، وهو ما يقل بعشر مباريات عن الرقم القياسي السابق لهاري كين مهاجم توتنهام هوتسبير. كما أن هالاند أصغر بأكثر من عام واحد عن الفرنسي كيليان مبابي مهاجم باريس سان جيرمان عندما وصل إلى هذا الرقم قبل عيد ميلاده 22. وسجل هالاند عشرة أهداف في ست مباريات بدوري الأبطال هذا الموسم.
وقال هالاند عقب المباراة: «لقد كانت مواجهة صعبة. أشعر بالإرهاق الآن، لكن تنتابني مشاعر رائعة بضمان الوجود في الدور التالي. كانت مباراة مجنونة وحققنا فوزاً رائعاً».
وأضاف: «كنا ندرك أن المنافس سيلعب بمنتهى القوة لكن عندما سجلنا هدفاً احتاج المنافس إلى ثلاثة أهداف... كان التقدم 1 - صفر مع الوصول إلى الاستراحة يمثل شيئاً رائعاً وسجلت هدفاً جميلاً».
وتحدث عن ركلة الجزاء التي أهدرها قائلاً: «أهدرت ركلتي الأولى، ولو بقي الحارس عند خط المرمى لكنت سجلت، لكنه قرر أن يغش. كنت عصبياً لإعادة تنفيذ الركلة ولكن كنت أعرف أنه من الجيد تسجيل الهدف الثاني».
وتأهل النادي الألماني للدور ربع النهائي للمرة الأولى منذ موسم 2016 - 2017 بقيادة مدربه السابق وتشيلسي الإنجليزي الحالي توماس توخيل. ولم يذق دورتموند طعم الخسارة في عقر داره في مبارياته الثماني الأخيرة في دوري الأبطال (5 انتصارات مقابل 3 تعادلات)، كما لم يخسر سوى مباراة واحدة من مبارياته الـ12 الأخيرة على ملعبه في المسابقة الأوروبية، كانت أمام توتنهام صفر - 1 في موسم 2018 - 2019. في طريق الأخير للوصول إلى المباراة النهائية التي خسرها أمام مواطنه ليفربول بهدفين نظيفين.


مقالات ذات صلة

مورينيو يزرع جهاز تسجيل للحكم خلال تعادل روما

الرياضة مورينيو يزرع جهاز تسجيل للحكم خلال تعادل روما

مورينيو يزرع جهاز تسجيل للحكم خلال تعادل روما

استعان جوزيه مورينيو مدرب روما بفكرة مستوحاة من روايات الجاسوسية حين وضع جهاز تسجيل على خط جانبي للملعب خلال التعادل 1 - 1 في مونزا بدوري الدرجة الأولى الإيطالي لكرة القدم أمس الأربعاء، مبررا تصرفه بمحاولة حماية نفسه من الحكام. وهاجم مورينيو، المعروف بصدامه مع الحكام دائما، دانييلي كيفي بعد المباراة، قائلا إن الحكم البالغ من العمر 38 عاما «أسوأ حكم قابله على الإطلاق». وقال المدرب البرتغالي «لست غبيا، اليوم ذهبت إلى المباراة ومعي مكبر صوت، سجلت كل شيء، منذ لحظة تركي غرفة الملابس إلى لحظة عودتي، أردت حماية نفسي».

«الشرق الأوسط» (روما)
الرياضة نابولي يؤجل فرصة التتويج بالدوري الإيطالي بنقطة ساليرنيتانا

نابولي يؤجل فرصة التتويج بالدوري الإيطالي بنقطة ساليرنيتانا

أهدر نابولي فرصة حسم تتويجه بلقب الدوري الإيطالي لكرة القدم للمرة الأولى منذ 33 عاماً، بتعادله مع ضيفه ساليرنيتانا 1 - 1 في منافسات المرحلة الثانية والثلاثين، الأحد، رغم خسارة مطارده لاتسيو على أرض إنتر 1 - 3. واحتاج نابولي الذي يحلّق في صدارة جدول ترتيب الدوري إلى الفوز بعد خسارة مطارده المباشر، ليحقق لقبه الثالث في «سيري أ» قبل 6 مراحل من اختتام الموسم. لكن تسديدة رائعة من لاعب ساليرنيتانا، السنغالي بولاي ديا، في الشباك (84)، أجّلت تتويج نابولي الذي كان متقدماً بهدف الأوروغوياني ماتياس أوليفيرا (62). ولم يُبدِ مدرب نابولي، لوتشيانو سباليتي، قلقاً كبيراً بعد التعادل قائلاً: «يشعر (اللاعبون) ب

«الشرق الأوسط» (نابولي)
الرياضة إرجاء مباراة نابولي وساليرنيتانا إلى الأحد لدواعٍ أمنية

إرجاء مباراة نابولي وساليرنيتانا إلى الأحد لدواعٍ أمنية

أُرجئت المباراة المقررة السبت بين نابولي المتصدر، وجاره ساليرنيتانيا في المرحلة الثانية والثلاثين من الدوري الإيطالي لكرة القدم إلى الأحد، الساعة 3 بعد الظهر بالتوقيت المحلي (13:00 ت غ) لدواعٍ أمنية، وفق ما أكدت رابطة الدوري الجمعة. وسبق لصحيفة «كورييري ديلو سبورت» أن كشفت، الخميس، عن إرجاء المباراة الحاسمة التي قد تمنح نابولي لقبه الأول في الدوري منذ 1990. ويحتاج نابولي إلى الفوز بالمباراة شرط عدم تغلب ملاحقه لاتسيو على مضيفه إنتر في «سان سيرو»، كي يحسم اللقب قبل ست مراحل على ختام الموسم. وكان من المفترض أن تقام مباراة نابولي وساليرنيتانا، السبت، في الساعة 3 بالتوقيت المحلي (الواحدة ظهراً بتو

«الشرق الأوسط» (نابولي)
الرياضة نابولي لوضع حد لصيام دام ثلاثة عقود عن التتويج بلقب الدوري الإيطالي

نابولي لوضع حد لصيام دام ثلاثة عقود عن التتويج بلقب الدوري الإيطالي

بدأت جماهير نابولي العد التنازلي ليوم منشود سيضع حداً لصيام دام ثلاثة عقود عن التتويج في الدوري الإيطالي في كرة القدم، إذ يخوض الفريق الجنوبي مواجهة ساليرنيتانا غدا السبت وهو قادر على حسم الـ«سكوديتو» حسابياً. وسيحصل نابولي الذي يتصدر الدوري متقدماً بفارق 17 نقطة عن أقرب مطارديه لاتسيو (78 مقابل 61)، وذلك قبل سبع مراحل من نهاية الموسم، على فرصته الأولى لحسم لقبه الثالث في تاريخه. ويتوجب على نابولي الفوز على ساليرنيتانا، صاحب المركز الرابع عشر، غدا السبت خلال منافسات المرحلة 32، على أمل ألا يفوز لاتسيو في اليوم التالي في سان سيرو في دار إنتر ميلان السادس.

«الشرق الأوسط» (روما)
الرياضة كأس إيطاليا: مواجهة بين إنتر ويوفنتوس في خضم جدل بسبب العنصرية

كأس إيطاليا: مواجهة بين إنتر ويوفنتوس في خضم جدل بسبب العنصرية

سيكون إياب نصف نهائي كأس إيطاليا في كرة القدم بين إنتر وضيفه يوفنتوس، الأربعاء، بطعم المباراة النهائية بعد تعادلهما ذهاباً بهدف لمثله، وفي خضمّ أزمة عنوانها العنصرية. ولا يزال يوفنتوس يمني نفسه بالثأر من إنتر الذي حرمه التتويج بلقب المسابقة العام الماضي عندما تغلب عليه 4 - 2 في المباراة النهائية قبل أن يسقطه في الكأس السوبر 2 - 1. وتبقى مسابقة الكأس المنقذ الوحيد لموسم الفريقين الحالي على الأقل محلياً، في ظل خروجهما من سباق الفوز بلقب الدوري المهيمن عليه نابولي المغرّد خارج السرب. لكن يوفنتوس انتعش أخيراً بتعليق عقوبة حسم 15 نقطة من رصيده على خلفية فساد مالي وإداري، وبالتالي استعاد مركزه الثال

«الشرق الأوسط» (ميلانو)

بعد فرارها من «طالبان»... أفغانية سترقص مع فريق اللاجئين في «أولمبياد باريس»

 الافغانية مانيزها تالاش في فريق اللاجئين في اولمبياد باريس (حسابها الشخصي-انستغرام)
الافغانية مانيزها تالاش في فريق اللاجئين في اولمبياد باريس (حسابها الشخصي-انستغرام)
TT

بعد فرارها من «طالبان»... أفغانية سترقص مع فريق اللاجئين في «أولمبياد باريس»

 الافغانية مانيزها تالاش في فريق اللاجئين في اولمبياد باريس (حسابها الشخصي-انستغرام)
الافغانية مانيزها تالاش في فريق اللاجئين في اولمبياد باريس (حسابها الشخصي-انستغرام)

حققت الأفغانية مانيزها تالاش حلمها بالأداء خلال مسابقات «أولمبياد باريس 2024» المقامة في العاصمة الفرنسية، ضمن فريق اللاجئين، بعد هروبها من قبضة «طالبان».

وترقص تالاش (21 عاماً) «بريك دانس»، وكانت أول راقصة معروفة في موطنها الأصلي (أفغانستان)، لكنها فرَّت من البلاد بعد عودة «طالبان» إلى السلطة في عام 2021. ومع ظهور رقص «البريك دانس» لأول مرة في الألعاب الأولمبية في باريس، ستصعد تالاش إلى المسرح العالمي لتؤدي ما هي شغوفة به.

وتقول تالاش في مقابلة أُجريت معها باللغة الإسبانية: «أنا أفعل ذلك من أجلي، من أجل حياتي. أفعل ذلك للتعبير عن نفسي، ولأنسى كل ما يحدث إذا كنت بحاجة إلى ذلك»، وفقاً لما ذكرته صحيفة «واشنطن بوست».

ترقص تالاش «بريك دانس» وهي في عمر السابعة عشرة (حسابها الشخصي - إنستغرام)

شبح «طالبان»

يرفض العديد من الأفغان المحافظين الرقص، وفكرة مشاركة النساء محظورة بشكل خاص. وفي ظل حكم «طالبان»، مُنعت النساء الأفغانيات فعلياً من ممارسة العديد من الأنشطة الرياضية. منذ عودة الجماعة إلى السلطة قبل 3 سنوات، أغلقت الحكومة مدارس البنات، وقمعت التعبير الثقافي والفني، وفرضت قيوداً على السفر على النساء، وحدَّت من وصولهن إلى المتنزهات وصالات الألعاب الرياضية.

مقاتل من «طالبان» يحرس نساء خلال تلقي الحصص الغذائية التي توزعها مجموعة مساعدات إنسانية في كابل (أ.ب)

وقال تقرير للأمم المتحدة عن حقوق الإنسان هذا العام إن «عدم احترام (طالبان) للحقوق الأساسية للنساء والفتيات لا مثيل له في العالم». منذ اليوم الذي بدأت فيه تالاش الرقص، قبل 4 سنوات، واجهت العديد من الانتقادات والتهديدات من أفراد المجتمع والجيران وبعض أفراد الأسرة. وقالت إنها علمت بأنها إذا أرادت الاستمرار في الرقص، فليس لديها خيار إلا الهروب، وقالت: «كنت بحاجة إلى المغادرة وعدم العودة».

فريق اللاجئين

سيضم الفريق الذي ظهر لأول مرة في ألعاب «ريو دي جانيرو 2016»، هذا العام، 36 رياضياً من 11 دولة مختلفة، 5 منهم في الأصل من أفغانستان. وسيتنافسون تحت عَلَم خاص يحتوي على شعار بقلب محاط بأسهم، للإشارة إلى «التجربة المشتركة لرحلاتهم»، وستبدأ الأولمبياد من 26 يوليو (تموز) الحالي إلى 11 أغسطس (آب). بالنسبة لتالاش، التي هاجرت إلى إسبانيا، تمثل هذه الألعاب الأولمبية فرصة للرقص بحرية، لتكون بمثابة رمز الأمل للفتيات والنساء في أفغانستان، ولإرسال رسالة أوسع إلى بقية العالم.

انتقلت إلى العيش في إسبانيا بعد هروبها من موطنها الأصلي (حسابها الشخصي - إنستغرام)

وفي فبراير (شباط) الماضي، تدخلت صديقة أميركية لتالاش، تُدعي جواركو، بالتقديم إلى عناوين البريد الإلكتروني الأولمبي لمشاركة الفتاة الأفغانية، وفي اليوم التالي، تلقت رداً واحداً من مدير فريق اللاجئين الأولمبي، غونزالو باريو. وكان قد تم إعداد فريق اللاجئين المتوجّه إلى باريس، لكن المسؤولين الأولمبيين تأثروا بقصة تالاش وسارعوا إلى تنسيق الموارد. وافقت اللجنة الأولمبية الإسبانية على الإشراف على تدريبها، وكان المدربون في مدريد حريصين على التطوع بوقتهم.

وقال ديفيد فينتو، المدير الفني للمنتخب الإسباني: «شعرت بأنه يتعين علينا بذل كل ما في وسعنا. في شهر مارس (آذار)، حصلت تالاش على منحة دراسية، مما سمح لها بالانتقال إلى مدريد والتركيز على الاستراحة. وبعد بضعة أسابيع فقط، وصلت الأخبار بأنها ستتنافس في الألعاب الأولمبية». يتذكر جواركو: «لقد انفجرت في البكاء، وكانت تبتسم».

وقالت تالاش: "كنت أبكي بدموع الفرح والخوف".وجزء من مهمة الألعاب الأولمبية المعلنة هو "دعم تعزيز المرأة في الرياضة على جميع المستويات" وتشجيع "مبدأ المساواة بين الرجل والمرأة". ولهذا السبب، كانت العلاقة بين الحركة الأولمبية وأفغانستان مشحونة منذ فترة طويلة. وقامت اللجنة الأولمبية الدولية بتعليق عمل اللجنة الأولمبية في البلاد في عام 1999، وتم منع أفغانستان من المشاركة في دورة الألعاب الأولمبية في سيدني.

شغفها حقق هدفها

لم يغِب عن تالاش أن موسيقى «البريك» و«الهيب هوب»، المحظورة في موطنها، أعطتها هدفاً لحياتها، وساعدت أيضاً في إنقاذ عائلتها. وقالت: «هذا أكبر بكثير من أي حلم حلمت به من قبل أو حتى يمكن أن أفكر فيه»، مضيفة: «إذا قالت (طالبان) إنها ستغادر في الصباح، فسوف أعود إلى منزلي بعد الظهر».

ويحكي جواد سيزداه، صديق تالاش وزعيم مجتمع «الهيب هوب» في كابل: «إذا سألت الأجانب عن أفغانستان، فإن الشيء الوحيد الذي يتخيلونه هو الحرب والبنادق والمباني القديمة. لكن لا، أفغانستان ليست كذلك». وأضاف: «أفغانستان هي تالاش التي لا تنكسر. أفغانستان هي التي أقدم فيها بموسيقى الراب، ليست الحرب في أفغانستان وحدها».

وعندما كانت تالاش في السابعة عشرة من عمرها، عثرت على مقطع فيديو على «فيسبوك» لشاب يرقص «بريك دانس» ويدور على رأسه، في مشهد لم يسبق لها أن رأت شيئاً مثله. وقالت: «في البداية، اعتقدت أنه من غير القانوني القيام بهذا النوع من الأشياء». ثم بدأت تالاش بمشاهدة المزيد من مقاطع الفيديو، وأصابها الذهول من قلة الراقصات. وأوضحت: «قلتُ على الفور: سأفعل ذلك. أنا سوف أتعلم».

وقامت بالتواصل مع الشاب الموجود في الفيديو (صديقها سيزداه) الذي شجعها على زيارة النادي المحلي الذي تدرب فيه، والذي كانت لديه محاولة لتنمية مجتمع «الهيب هوب» في كابل، ولجأ إلى وسائل التواصل الاجتماعي لدعوة جميع الأعمار والأجناس للرقص وموسيقى الراب. كان هناك 55 فتى يتدربون هناك. كانت تالاش الفتاة الأولى.

وقال سيزداه (25 عاماً): «إذا رقص صبي، فهذا أمر سيئ في أفغانستان وكابل. وعندما ترقص فتاة، يكون الأمر أسوأ. إنه أمر خطير جداً. رقص الفتاة أمر غير مقبول في هذا المجتمع. لا توجد إمكانية لذلك.

انتقلت إلى العيش في إسبانيا بعد هروبها من موطنها الأصلي (حسابها الشخصي - إنستغرام)

كنا نحاول أن نجعل الأمر طبيعياً، لكنه كان صعباً للغاية. لا يمكننا أن نفعل ذلك في الشارع. لا يمكننا أن نفعل ذلك، كما تعلمون، في مكان عام»، وفقا لما ذكرته صحيفة «واشنطن بوست».

كانت تالاش أول فتاة تنضم إلى نادي الرقص «Superiors Crew» في كابل.

تهديدات بالقتل

بعد استيلاء «طالبان» على السلطة، فرَّ أعضاء النادي إلى باكستان. وفي أحد الأحداث الجماعية الأولى للفريق في النادي الصغير، انفجرت سيارة مفخخة في مكان قريب. ووقعت إصابات في الشارع، لكن الراقصين بالداخل لم يُصابوا بأذى. ومع انتشار أخبار بأن تالاش كانت ترقص، بدأت تتلقى تهديدات بالقتل.

مقاتل من «طالبان» يقف في الحراسة بينما تمر امرأة في العاصمة كابل يوم 26 ديسمبر 2022... وشجب مفوض حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة القيود المزدادة على حقوق المرأة بأفغانستان (أ.ب)

كان من المفترض أن يكون النادي مكاناً آمناً، ولكن في أحد الأيام دخل رجل مدعياً أنه راقص يريد التعلم. وبدا مريباً لباقي الأعضاء، ووفقاً لتالاش وسيزداه، سرعان ما داهمت قوات إنفاذ القانون النادي، وألقت القبض على الرجل الذي كان يحمل قنبلة. قال سيزده: «إنهم قالوا إنه عضو في (داعش). لقد أراد فقط أن يفجِّر نفسه».

رحلة الهروب للنجاة!

وبعد بضعة أشهر من الواقعة، غادرت قوات «حلف شمال الأطلسي» والجيش الأميركي أفغانستان، وعادت «طالبان» إلى السلطة في 2021، وقال سيزداه إن مالك العقار اتصل به وحذره من العودة، وإن الناس كانوا يبحثون عن أعضاء الفريق، وقال سيزداه: «هناك أسباب كثيرة» للمغادرة. «الأول هو إنقاذ حياتك».

وقام العشرات من أعضاء نادي «الهيب هوب» بتجميع ما في وسعهم وتحميلهم في 3 سيارات متجهة إلى باكستان. أخذت تالاش شقيقها البالغ من العمر 12 عاماً، وودعت والدتها وأختها الصغرى وأخاً آخر.

وقالت تالاش: «لم أكن خائفة، لكنني أدركت أنني بحاجة إلى المغادرة وعدم العودة. كان هذا مهماً بالنسبة لي. لم أغادر قط لأنني كنت خائفة من (طالبان)، أو لأنني لم أتمكن من العيش في أفغانستان، بل لأفعل شيئاً، لأظهر للنساء أننا قادرون على القيام بذلك؛ أنه ممكن». اضطرت تالاش إلى ترك والدتها في أفغانستان، وتحقق الحلم الأولمبي ولم شمل الأسرة.

لمدة عام تقريباً، عاشوا بشكل غير قانوني في باكستان دون جوازات سفر وأمل متضائل. لم يشعروا بالأمان في الأماكن العامة، لذلك قضى 22 شخصاً معظم اليوم محشورين معاً في شقة. لم يكن هناك تدريب أو رقص. تلقت تالاش كلمة مفادها أن مسؤولي «طالبان» اتصلوا بوالدتها في كابل للاستفسار عن مكان وجود الفتاة الصغيرة. وقالت: «أحياناً أتمنى أن أنسى كل ذلك»، ثم تواصل أعضاء نادي «الهيب هوب» مع السفارات ومجموعات المناصرة والمنظمات غير الحكومية للحصول على المساعدة. وأخيراً، وبمساعدة منظمة إسبانية للاجئين تدعى People HELP، تم منحهم حق اللجوء في إسبانيا.

انقسم الفريق، وتم نقل تالاش وشقيقها إلى هويسكا، وهي بلدة صغيرة في شمال شرقي إسبانيا. كانت لديها وظيفة تنظيف في صالون محلي، ورغم عدم وجود استوديو أو نادٍ مخصص للاستراحة، فقد وجدت صالة ألعاب رياضية تسمح لها بالرقص بعد ساعات العمل. بعد سنوات من الانفصال، تم لم شمل تالاش وعائلتها أخيراً حيث يعيشون الآن في نزل للاجئين بمدريد.