قالت صحيفة «ساوث تشاينا مورنينغ بوست» الصادرة في هونغ كونغ إن مدينة صينية تمثل لغزا للعلماء الصينيين بسبب انخفاض معدلات الإصابة بفيروس «كورونا» المستجد، حيث وصلت إلى 6 حالات لكل 100 ألف شخص بينما كانت المقاطعة التى تقع بها تلك المدينة تسجل معدلات إصابة تتراوح بين ضعفين و20 ضعفًا.
وأضافت الصحيفة أن العلماء لم يكن لديهم أي تفسير لانخفاض الإصابات بمدينة إنشي حتى ظهرت تكهنات العام الماضي بأن السر قد يكون في أراضيها، حيث تدعم دراسة أجراها علماء صينيون نشرت هذا الأسبوع نظرية تقول إن «عنصر السيلينيوم قد يساهم في التأثيرات المضادة للأكسدة والالتهابات والمناعة بالنسبة لفيروس (كورونا)».
وأوضحت «ساوث تشاينا مورنينغ بوست» أن مدينة إنشي تمتلك أكبر مخزون من عنصر السيلينيوم في العالم، لدرجة أنه تسبب في فقدان بعض سكانها لشعرهم أو أظافرهم.
وقال الفريق البحثي الصيني بقيادة البروفيسور ما جين في المختبر الرئيسي للمعايير البيئية وتقييم المخاطر في أكاديمية البحوث الصينية للعلوم البيئية في بكين، في الدراسة التى نشرتها مجلة Environmental Research ، يوم الأحد، إن تناول السيلينيوم يمكن أن يعزز مناعة الإنسان ويساهم في مقاومة الفيروس.
ووجد الباحثون عبر البيانات التي تم جمعها من مدن المقاطعة أن معدلات الإصابة بفيروس «كورونا» كان مرتفعا مع انخفاض مستويات السيلينيوم، فعلى سبيل المثال، كانت الإصابات مرتفعة في مدينتي Suizhou وXiaogan اللتين بهما أسوأ نقص في السيلينيوم.
وأشارت الدراسة إلى أن معدلات الإصابة في المدينتين كانت الأعلى خارج مدينة ووهان، عاصمة المقاطعة، موطن أول تفش للوباء.
ويعتقد الباحثون أن السيلينيوم ربما قد لعب دورًا رئيسيًا في تعزيز المناعة لدى سكان مدينة إنشي.
وتشير بعض الدراسات إلى أن السيلينيوم يمكن أن يكون له تأثير إيجابي على الوقاية من بعض الفيروسات أو علاجها، بما في ذلك «الإيدز» والإيبولا والإنفلونزا، لكن الآلية لا تزال غير معروفة إلى حد كبير.
وتم ربط مجموعة واسعة من المشكلات الصحية غير الفيروسية، بدءا من أمراض القلب والسرطان إلى الشيخوخة، بالسيلينيوم، وأظهرت بعض الدراسات أن المرضى الذين يعانون من عدة أنواع من السرطان لديهم نسبة أقل من السيلينيوم مقارنة بالأشخاص الأصحاء.
لكن العديد من الدراسات التي ترصد تناول الناس للسيلينيوم فشلت في إيجاد رابط نهائي، بل وجد أن التناول المفرط لهذا العنصر يمكن أن يؤدي أيضًا إلى مشاكل صحية خطيرة، بما في ذلك تلف الدماغ.
وقالت الصحيفة إن هناك ظواهر مماثلة لما شهدته المدينة الصينية حدثت في أماكن أخرى، وإن دراسات أجريت من قبل قالت إن معدلات علاج فيروس «كورونا» لها علاقة إيجابية بتركيز السيلينيوم، ومنها دراسة نُشرت في يونيو (حزيران)، وفي ألمانيا، وجدت دراسة أجراها مستشفى هايدلبرغ الجامعي أن مرضى الفيروس الذين يعانون من انخفاض مستويات السيلينيوم لديهم مخاطر أعلى للوفاة.
ونقلت الصحيفة عن أستاذ علوم التغذية في جامعة شنشي نورمال الصينية لي جيانك قوله إن «هذه الاكتشافات دفعت إلى بعض المناقشات الحيوية لكن المجتمع البحثي لا يزال حذرا بشأن النتائج».
وتابع: «نحن بحاجة إلى المزيد من الأدلة القوية، فحتى الآن لا توجد بيانات من تجربة محكمة لإثبات أن هناك رابطا بين الفيروس وهذا العنصر».
وأضاف: «فعلى سبيل المثال، يجب على متطوعين تناول السيلينيوم ومقارنتهم مع أولئك الذين لا يفعلون ذلك في المناطق التي ينتشر فيها الوباء وبخلاف ذلك، قد تعزى بعض العوامل الأخرى عن طريق الخطأ إلى السيلينيوم».
وأوضح أن أحد هذه العوامل قد يكون ديموغرافيا، حيث إن متوسط العمر المتوقع في مدينة إنشي يزيد على 80 عاما، أي أعلى بأربع سنوات من المتوسط العام في الصين.
وقال لي: «لا ينصح بتناول السيلينيوم للوقاية من فيروس (كورونا) دون إشراف الأطباء».