علماء يكشفون سر لغز سحابة بطول 1800 كيلومتر في المريخ

صورة نشرها المرصد الأوروبي الجنوبي للسحابة التي ظهرت علي سطح المريخ (أ.ف.ب)
صورة نشرها المرصد الأوروبي الجنوبي للسحابة التي ظهرت علي سطح المريخ (أ.ف.ب)
TT
20

علماء يكشفون سر لغز سحابة بطول 1800 كيلومتر في المريخ

صورة نشرها المرصد الأوروبي الجنوبي للسحابة التي ظهرت علي سطح المريخ (أ.ف.ب)
صورة نشرها المرصد الأوروبي الجنوبي للسحابة التي ظهرت علي سطح المريخ (أ.ف.ب)

بدأ العلماء يفهمون منشأ سحابة غريبة يبلغ طولها حوالى 1800 كيلومتر اكتُشفَت في سبعينات القرن العشرين على كوكب المريخ، حيث تظهر يومياً على مدى أشهر عدة انطلاقاً من أحد أكبر البراكين على الكوكب الأحمر.
ورصدت أجهزة المسبار الأوروبي «مارس إكسبرس» هذه السحابة الطويلة في سبتمبر (أيلول) 2018، وكان مسبار روسي صوّرها في سبعينات القرن الفائت، فأثارت اهتمام العلماء، على ما ذكّر بيان أصدرته وكالة الفضاء الأوروبية، أمس الثلاثاء. لكنّ مراقبتها كانت صعبة، إذ إن موقعها على الكوكب كان يحول دون أن ترصدها أجهزة المسبار إلا لفترات قصيرة جداً.
ونقل بيان الوكالة الأوروبية عن خورخي هرنانديس برنال من جامعة إقليم الباسك في بيلباو قوله إن الفريق الذي يدرس سحب المريخ تمكن من العثور على الغيمة باستخدام «أداة سرية من مارس إكسبرس»، وهي كاميرا مراقبة بصرية تسمى «في إم سي».
واقتصر تشغيل هذه الكاميرا، التي تعادل دقتها دقة كاميرا الويب العادية، على فترة وجيزة في العام 2003، بعد وقت قصير من إطلاق «مارس إكسبرس»، ثم أوقف تشغيلها ولم تُستخدَم إلاّ بوتيرة متقطعة في بعض المهام التعليمية. ويدور المسبار حول المريخ منذ نهاية العام 2003.
إلا أن ما يميّز كاميرا «في إم سي» عن الأجهزة العلمية الأكثر تطوراً في المسبار كونها تتمتع «بمجال رؤية كبير وهي مناسبة تمامًا لرصد تطور ظاهرة»، على ما أوضح برنال الذي شارك في إعداد دراسة عن الموضوع نُشرت في العدد الأخير من مجلة «جيوفيزيكل ريسيرتش».
وبيّنت مراقبة السحابة أن السحابة تتشكل قبل شروق الشمس كل صباح على الجانب الداخلي لبركان أرسيا مونس، على مدى أشهر عدة من الأشهر الأرضية الاثني عشر التي يتألف منها ربيع المريخ وصيفه.
وتتكون السحابة من بخار الماء الجليدي، وترتفع مع بدء شروق الشمس إلى علو نحو أربعين كيلومتراً، أي أعلى بكثير من قمة البركان القديم التي يبلغ ارتفاعها نحو 17 كيلومتراً. وعندها، تمددها الرياح باتجاه الغرب بسرعة تصل إلى 600 كيلومتر في الساعة على طول 1800 كيلومتر. ولا تدوم هذه الظاهرة أكثر من ساعتين ونصف الساعة قبل أن تختفي السحابة تحت أشعة الشمس.
وإضافة إلى ما رصدته كاميرا «في إم سي»، سرعان ما استُعين بالكاميرا المجسمة العالية الدقة والمصور الطيفي الفرنسي «اوميغا» لدرس خصائص هذه السحابة. وشرحت بريجيت غونديه من معهد الفيزياء الفلكية في جامعة باريس ساكلي لوكالة الصحافة الفرنسية أن «أوميغا» أتاح «معرفة مما تتكون السحابة، أي الماء».


مقالات ذات صلة

هل يخضع رواد الفضاء إلى تعديلات جينية بهدف استعمار المريخ؟

علوم رسم تخيلي لمستعمرة على كوكب المريخ

هل يخضع رواد الفضاء إلى تعديلات جينية بهدف استعمار المريخ؟

يبدو هذا السؤال افتراضياً، إذ ليس بمقدورنا أن نعرف ماهية الخصائص المثلى للحياة على المريخ، لذا فإن الجواب عليه: لا.

بات فرينش ومايك فولوز وسيمون ديلز (لندن)
علوم يتميز كوكب المريخ بلونه الأحمر (رويترز)

دراسة تكشف السبب وراء اللون الأحمر للمريخ

يتميز كوكب المريخ بلونه الأحمر المميز، حيث يطلق عليه اسم الكوكب الأحمر. والآن يقول بعض العلماء إنهم اكتشفوا المصدر المحتمل لهذا اللون المميز.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
يوميات الشرق اكتشاف خليج قديم على كوكب المريخ (ناسا)

أدلة جديدة على وجود «خليج المريخ»

كشف فريق دولي من العلماء عن أدلة جديدة على وجود «خليج المريخ»، الذي يُعتقد أنه كان موطناً لشواطئ رملية مشمسة ذات أمواج متلاطمة، تماماً كما نعرفها على الأرض.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الولايات المتحدة​ الصاروخ الذي يحمل مهمة «أرتيميس 1» في منصة الإطلاق ويظهر بجواره شعارا وكالة «ناسا» وبرنامج «أرتيميس» الفضائي (ناسا) play-circle

الوصول إلى المريخ قد يحجب القمر في برامج الفضاء الأميركية

بعد مرور شهر على تولي دونالد ترمب رسمياً منصبه كرئيس للولايات المتحدة، تسود حالة من الغموض بشأن مستقبل برنامج «أرتيميس» الفضائي الشهير.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق صورة نشرتها شركة «آكا» للهيكل البيضاوي

كيف يمكن أن يبدو شكل المنازل على القمر أو المريخ؟

طوّر رواد فضاء هنود هيكلاً بيضاوياً قالوا إنه يمثّل إلى حد كبير ما قد يبدو عليه شكل المنازل على القمر أو المريخ.

«الشرق الأوسط» (نيودلهي)

مصطفى الرزاز يستحضر الذكريات والفولكلور المصري عبر «رزق البحر»

جانب من معرض «رزق البحر» يُظهر مجموعة أعمال (إدارة الغاليري)
جانب من معرض «رزق البحر» يُظهر مجموعة أعمال (إدارة الغاليري)
TT
20

مصطفى الرزاز يستحضر الذكريات والفولكلور المصري عبر «رزق البحر»

جانب من معرض «رزق البحر» يُظهر مجموعة أعمال (إدارة الغاليري)
جانب من معرض «رزق البحر» يُظهر مجموعة أعمال (إدارة الغاليري)

استحضر الفنان المصري مصطفى الرزاز عناصر ورموزاً من الأساطير والفولكلور الشعبي المصري، واستدعى مَشاهد وذكريات مرَّ بها لسنوات طويلة، ثم مزج ذلك كله بفرشاته وخطوطه وخاماته المختلفة على مسطح أعماله؛ ليقدم مجموعة جديدة من اللوحات، والمنحوتات تنبض بالحياة، وتدعو إلى الاستمتاع بها.

في معرضه «رزق البحر» المُقام في «قاعة الزمالك للفن»، يترك الرزاز للمتلقي الفرصة للانغماس مع عالمه الذي جسَّده في أعماله، متنقلاً ما بين البحر والصيد والمرأة والأسماك؛ وخلال ذلك تتشبَّع عين الزائر بجماليات أعماله، ويتزوَّد وجدانه بدفء حكاياته.

الصياد وشِباك السمك (إدارة الغاليري)
الصياد وشِباك السمك (إدارة الغاليري)

يضمّ المعرض نحو 60 لوحة كبيرة، و64 لوحة صغيرة، فضلاً عن 45 قطعة نحتية، تتميّز بأنَّ «البطولة المطلقة» فيها للأسماك في المقام الأول؛ فهي ليست مجرّد عنصر رمزي، أو مفردة من البيئة تزدان بها الأعمال، لكنها ذات حضور طاغٍ، فتلتقيها على مسطّح اللوحات محمولة بعناية بين الأيدي، أو عروس للبحر، أو في صورة فرس البحر الذي يبدو صديقاً حميماً للإنسان، ورمزاً لحمايته، كما جاء في الحضارة المصرية القديمة، وغير ذلك من مَشاهد تُعزّز مكانتها.

عمل نحتي برونزي يُبرز احتفاء الإنسان بالسمك (إدارة الغاليري)
عمل نحتي برونزي يُبرز احتفاء الإنسان بالسمك (إدارة الغاليري)

اللافت أنَّ الفنان لم يتخلَّ عن احتفائه بعناصر العصفورة والهدهد والنبات في أعماله؛ في رمز للسلام والنماء، والتماهي مع البيئة المصرية. وبدا واضحاً أنّ لإقامته طويلاً في حي المنيل المطلّ على النيل بالقاهرة بالغ الأثر في أعماله بالمعرض؛ فقد قدَّم مَشاهد حياتية يومية عن قرب لمناظر الصيد والمراكب. يقول الفنان لـ«الشرق الأوسط»: «عندما تُشرق الشمس في صباح كل يوم، أحبُّ النظر إلى نهر النيل حيث جمال المنظر والحضارة والتاريخ».

ومن أكثر المَشاهد التي استوقفته في الصباح الباكر، حركة المراكب والاستعداد للصيد. لذلك استخدم «النظارة المُعظمة» ليتأمّلها عن قرب، فإذا به يكتشف أنَّ مَن يقُمن بالصيد في هذه المنطقة نساء.

لوحة المرأة الفلسطينية ترمز إلى نضال غزة (إدارة الغاليري)
لوحة المرأة الفلسطينية ترمز إلى نضال غزة (إدارة الغاليري)

يواصل الفنان المصري حديثه: «وجدتُ أنهن قبل الصيد يُحضّرن الفطور، ويتناولنه مع أطفالهن وجاراتهن بشكل جماعي يومياً قبل التوجه إلى العمل».

أثار ذلك اهتمام الرزاز، فتوجَّه إلى نقطة تجمعهن، والتقى معهن، ومن خلال حديثه معهن، اكتشف أنّ الرجال لا يشاركونهن الصيد في هذا المكان؛ فيقتصر الأمر عليهن لانشغال أزواجهن بالعمل في مجالات أخرى.

كما اكتشف الفنان أنّ المراكب التي يخرجن للصيد بها هي بيوتهن الدائمة؛ حيث يقمن بها، ولا مكان آخر يؤوي هذه الأسر.

«عروس البحر»... حلم قد يراود الصياد (إدارة الغاليري)
«عروس البحر»... حلم قد يراود الصياد (إدارة الغاليري)

استهوته هذه الحكايات الإنسانية، وفجَّرت داخله الرغبة في تجسيد هذا العالم بفرشاته. يقول: «كانت تجربة غنية ومفيدة جداً بالنسبة إليّ؛ مثلت منبعاً للإلهام. من هنا جاء اهتمامي بتناول البحر والأسماك والصيد في عدد من معارضي؛ منها هذا المعرض الجديد، ولا أعني هنا البحر والصيد فيه وحده، إنما نهر النيل كذلك؛ إذ إنَّ كلمة البحر في اللغة المصرية الدارجة تشير إليهما معاً».

واتخذ الرزاز قراراً بتخصيص المعرض كله للصيد، من دون الاقتصار على تجربة الصيادات الإنسانية؛ فثمة قصص أخرى للصيد في الوجه القبلي، وفي المناطق الساحلية حيث يقتصر الصيد على الرجال.

من أعمال الفنان في المعرض (إدارة الغاليري)
من أعمال الفنان في المعرض (إدارة الغاليري)

ويتابع: «سافرت إلى الإسكندرية (شمال مصر) وشاركتهم رحلة للصيد، وتأثّرت جداً بعملهم، فتشرَّبت تفاصيل حياتهم، وطريقة عملهم، وصوَّرتهم فوتوغرافياً، إلا أنني تركتها جانباً، ورسمت التكوينات من خيالي، حتى تختلف عن الرؤية المباشرة أو التسجيل».

لقطة من معرض «رزق البحر» (إدارة الغاليري)
لقطة من معرض «رزق البحر» (إدارة الغاليري)

ويرى الرزاز أنه عندما يرسم الفنان الواقع كما هو، يُفقده جمالياته وحرّيته في التعبير. لكن لماذا يمثّل البحر والصيد كل هذا الاهتمام من جانب الدكتور مصطفى الرزاز؟ يجيب: «البحر بالمفهوم الذي أشرت إليه هو نصف الدنيا، وهو مختلف تماماً عن اليابسة، وأكثر غموضاً، وسحراً، بالإضافة إلى اختلاف الكائنات التي تعيش فيه عن الأرض».

ويؤكد الفنان المصري أنّ «لمهنة الصيد خصوصيتها؛ ونموذج حقيقي لسعي الإنسان؛ فالصياد يتوجَّه إلى البحر على وجه الكريم، من دون أن يحظى براتب، ولا يمكن أن يعرف حجم أرباحه التي سيجنيها، ويرمي نفسه في البحر طوال النهار، وربما لأيام، وقد يعود بما يرضيه، وقد لا يرجع بشيء على الإطلاق».

علاقة الإنسان بالبحر تشغل الفنان (إدارة الغاليري)
علاقة الإنسان بالبحر تشغل الفنان (إدارة الغاليري)

ومن هنا، فإن حلم الصياد أن يجني سمكة ضخمة، أو سمكة تُكلّمه، أو تكون في صورة امرأة جميلة، أو داخلها «خاتم سليمان) يحقّق له كل ما يتمناه. لذلك أيضاً، كان للسمك نصيب كبير في الأساطير والحكايات الشعبية؛ فكانت هناك «أم الشعور»، و«عروسة البحر»، وغيرهما مما يُعدّ فانتازيا علاقة الإنسان بالسمك، وفق الرزاز الذي يرى أن هذه العلاقة هي مصدر إلهام للفنان، ومنبع حكايات تحفّز أي شخص على الانطلاق والسعي في الحياة.

الفنان لم يتخلَّ عن احتفائه بالمرأة والعصفورة رمزاً للجمال والسلام (إدارة الغاليري)
الفنان لم يتخلَّ عن احتفائه بالمرأة والعصفورة رمزاً للجمال والسلام (إدارة الغاليري)

وربما لم تُنافس الأسماك في أعمال المعرض -المستمر حتى 15 مارس (آذار) الحالي- سوى المرأة الجميلة بعيونها الواسعة وملابسها المزدانة بالموتيفات والنقوش الشعبية؛ انعكاساً لاهتمام الفنان بمكانتها والفولكلور المصري في أعماله من جهة، ومن جهة أخرى تعبيراً عن قوة الوطن.

فتأتي على سبيل المثال لوحة المرأة الفلسطينية التي تطلّ علينا بزيها التقليدي، حاملة صينية الأسماك الطازجة فوق رأسها، كأنها جاءت للتوّ من رحلة للصيد، تضامناً مع أهل غزة. يقول الرزاز: «يرمز هذا العمل إلى أنّ أهل القطاع المعروفين بالصيد سيستمرّون في مهنتهم، وسيبقون في مدينتهم، ولن يستطع أحد أن يغيّر شيئاً من هذا الواقع».