عودة الحراك على خط الحكومة وطرح مستجد لحل خلاف عون ـ الحريري

البحث في تشكيلة من 18 وزيراً بينهم 6 لرئيس الجمهورية

البطريرك الراعي مستقبلاً اللواء إبراهيم أمس (الوطنية)
البطريرك الراعي مستقبلاً اللواء إبراهيم أمس (الوطنية)
TT

عودة الحراك على خط الحكومة وطرح مستجد لحل خلاف عون ـ الحريري

البطريرك الراعي مستقبلاً اللواء إبراهيم أمس (الوطنية)
البطريرك الراعي مستقبلاً اللواء إبراهيم أمس (الوطنية)

عاد الحراك على خط مشاورات تشكيل الحكومة من باب البطريركية المارونية التي استمرت المواقف الداعمة لها، وسجلت أمس لقاءات عدة مع البطريرك بشارة الراعي، شمل البحث خلالها الأزمة الحكومية، ومبادرته المرتبطة بحياد لبنان، وعقد مؤتمر دولي برعاية الأمم المتحدة.
وفي ظل الجمود الذي يطغى على مسار التشكيل نتيجة تمسك كل طرف بشروطه وتبادل الاتهامات بالعرقلة، لا سيما بين رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري من جهة ورئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل من جهة أخرى، برزت «نافذة أمل» بإمكانية التوصل إلى حلّ، انطلاقاً من حراك مدير عام الأمن العام اللواء عباس إبراهيم الذي التقى أمس الراعي، وربطاً بالمبادرة التي سبق أن طرحها رئيس البرلمان نبيه بري عبر توزيع الحقائب الـ18 مثالثة: 6 وزراء للمسيحيين، و6 للحريري، وستة للثنائي الشيعي (حزب الله وحركة أمل).
وفي حين لم يدل إبراهيم بأي تصريح بعد اللقاء، وصف مسؤول الإعلام في بكركي وليد غياض أجواء لقاء الراعي وإبراهيم بـ«الإيجابية»، قائلاً: «الأمل موجود بتشكيل الحكومة في وقت ليس ببعيد، والضغط يجب أن يتركز في كل الاتجاهات حالياً من أجل التأليف».
وبينما تجتمع مصادر مختلفة التوجهات على القول بأن الطرح الذي يتم التداول به ينطلق من حكومة من 18 وزيراً، لا ثلث معطل فيها لأي طرف، يسود الترقب لما سيكون عليه موقف الحريري بعد عودته من الخارج. وتقول مصادر من «التيار الوطني الحر» مطلعة على الاتصالات لـ«الشرق الأوسط» إن «اللواء إبراهيم يعمل على تحريك مبادرة تحظى بموافقة الثنائي الشيعي، ونقلها إلى الراعي الذي له دور أيضاً مع الحريري، على أن تتألف من 18 وزيراً، بينهم 6 للرئيس عون، من بينهم حصة حزب الطاشناق الأرمني بوزير واحد، وبينهم وزير الداخلية الذي يفترض أن يتم التوافق عليه من قبل الطرفين». وفيما تلفت إلى أنه لن يكون هناك مشكلة في عدم منح كتلة «التيار» الثقة للحكومة، ترى أن هذه الصيغة هي الأمثل، ويفترض إذا سار بها الأفرقاء اللبنانيون أن تلقى أيضاً الدعم الخارجي، وعلى رأسه باريس.
كذلك، لا تختلف المعلومات التي تشير إليها مصادر مقربة من الثنائي الشيعي، لافتة لـ«الشرق الأوسط» إلى أن ما يتم البحث به اليوم، وحمله اللواء إبراهيم إلى الراعي، ينطلق من مبادرة بري التي توزع الوزارات بين 3 أطراف، لا ثلث معطل فيها لأي طرف، ولا شخصيات حزبية أو مستفزة، فيما التركيز يتم على حل عقدة وزارتي العدل والداخلية التي يفترض أن يتم التوافق عليها بين عون والحريري. وتلفت المصادر إلى أن الساعات المقبلة يفترض أن تكون حاسمة، لا سيما مع عودة الحريري، وعما إذا سيسجل أي اتصال أو لقاء بينه وبين عون، أو بين ممثلين لهما.
ويأتي ذلك في وقت سجلت لقاءات عدة في بكركي التي زارها، إضافة إلى إبراهيم، رئيس الجمهورية السابق أمين الجميل، والنائبان طوني فرنجية وفريد هيكل الخازن، ووفد من الرابطة المارونية، حيث كان تأكيد من الجميع على دعم مواقف الراعي.
وقال الجميل بعد لقائه الراعي: «إذا طلبنا التدويل، لا يعني ذلك عودة نوع من الوصاية على لبنان، إنما هو مساعدة المجتمع الدولي الذي سبق أن التزم ببعض القرارات الدولية لجهة التقيد بها، والتي هي أساسية وتحمي لبنان، أكان من مشكلات الخارج أو من الممكن أن تعزز الوحدة الداخلية».
وعد الجميل أن مواقف الراعي هي «البوصلة في ظل الظروف التي نعيشها، ونأمل أن تكون مفيدة، ويلتزم بها جميع اللبنانيين، لأنها تدل إلى طريق الخلاص، لذلك نحن في مرحلة جديدة، والبطريرك أكد الثوابت الوطنية، وكل المسلمات التي بني عليها لبنان. نأمل أن تتضافر كل الجهود لتحقيق هذا الهدف والشعارات التي طرحت، وتترجم عملياً على الأرض».
ووصف النائب فرنجية زيارته إلى بكركي بـ«المثمرة الصريحة الإيجابية»، مشيراً إلى أن ملف الحكومة استحوذ على الجزء الأكبر من اللقاء، وقال: «من باب الحرص على المصلحة الوطنية، في ظل انهيار وتفكك مؤسسات الدولة والنسيج الاجتماعي والاقتصادي، هناك هواجس محقة عند البطريرك الراعي لناحية مصير هذا البلد».
وقال: «تبادلنا الهواجس والمخاوف حيال ما نسمع من مبادرات»، والمدخل إلى كل حل يبقى في تشكيل حكومة، حيث الإمعان في الحياد في هذا الموضوع هو جريمة موصوفة بحق هذا الوطن».



بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
TT

بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)

على الرغم من ابتلاع مياه البحر نحو 500 مهاجر من القرن الأفريقي باتجاه السواحل اليمنية، أظهرت بيانات أممية حديثة وصول آلاف المهاجرين شهرياً، غير آبهين لما يتعرضون له من مخاطر في البحر أو استغلال وسوء معاملة عند وصولهم.

ووسط دعوات أممية لزيادة تمويل رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي، أفادت بيانات المنظمة الدولية بأن ضحايا الهجرة غير الشرعية بلغوا أكثر من 500 شخص لقوا حتفهم في رحلات الموت بين سواحل جيبوتي والسواحل اليمنية خلال العام الحالي، حيث يعد اليمن نقطة عبور رئيسية لمهاجري دول القرن الأفريقي، خاصة من إثيوبيا والصومال، الذين يسعون غالباً إلى الانتقال إلى دول الخليج.

وذكرت منظمة الهجرة الدولية أنها ساعدت ما يقرب من 5 آلاف مهاجر عالق في اليمن على العودة إلى بلدانهم في القرن الأفريقي منذ بداية العام الحالي، وقالت إن 462 مهاجراً لقوا حتفهم أو فُقدوا خلال رحلتهم بين اليمن وجيبوتي، كما تم توثيق 90 حالة وفاة أخرى للمهاجرين على الطريق الشرقي في سواحل محافظة شبوة منذ بداية العام، وأكدت أن حالات كثيرة قد تظل مفقودة وغير موثقة.

المهاجرون الأفارقة عرضة للإساءة والاستغلال والعنف القائم على النوع الاجتماعي (الأمم المتحدة)

ورأت المنظمة في عودة 4.800 مهاجر تقطعت بهم السبل في اليمن فرصة لتوفير بداية جديدة لإعادة بناء حياتهم بعد تحمل ظروف صعبة للغاية. وبينت أنها استأجرت لهذا الغرض 30 رحلة طيران ضمن برنامج العودة الإنسانية الطوعية، بما في ذلك رحلة واحدة في 5 ديسمبر (كانون الأول) الحالي من عدن، والتي نقلت 175 مهاجراً إلى إثيوبيا.

العودة الطوعية

مع تأكيد منظمة الهجرة الدولية أنها تعمل على توسيع نطاق برنامج العودة الإنسانية الطوعية من اليمن، مما يوفر للمهاجرين العالقين مساراً آمناً وكريماً للعودة إلى ديارهم، ذكرت أن أكثر من 6.300 مهاجر من القرن الأفريقي وصلوا إلى اليمن خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وهو ما يشير إلى استمرار تدفق المهاجرين رغم تلك التحديات بغرض الوصول إلى دول الخليج.

وأوضح رئيس بعثة منظمة الهجرة في اليمن، عبد الستار إيسوييف، أن المهاجرين يعانون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء والرعاية الصحية والمأوى الآمن. وقال إنه ومع الطلب المتزايد على خدمات العودة الإنسانية، فإن المنظمة بحاجة ماسة إلى التمويل لضمان استمرار هذه العمليات الأساسية دون انقطاع، وتوفير مسار آمن للمهاجرين الذين تقطعت بهم السبل في جميع أنحاء البلاد.

توقف رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي بسبب نقص التمويل (الأمم المتحدة)

ووفق مدير الهجرة الدولية، يعاني المهاجرون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء، والرعاية الصحية، والمأوى الآمن. ويضطر الكثيرون منهم إلى العيش في مأوى مؤقت، أو النوم في الطرقات، واللجوء إلى التسول من أجل البقاء على قيد الحياة.

ونبه المسؤول الأممي إلى أن هذا الضعف الشديد يجعلهم عرضة للإساءة، والاستغلال، والعنف القائم على النوع الاجتماعي. وقال إن الرحلة إلى اليمن تشكل مخاطر إضافية، حيث يقع العديد من المهاجرين ضحية للمهربين الذين يقطعون لهم وعوداً برحلة آمنة، ولكنهم غالباً ما يعرضونهم لمخاطر جسيمة. وتستمر هذه المخاطر حتى بالنسبة لأولئك الذين يحاولون مغادرة اليمن.

دعم إضافي

ذكر المسؤول في منظمة الهجرة الدولية أنه ومع اقتراب العام من نهايته، فإن المنظمة تنادي بالحصول على تمويل إضافي عاجل لدعم برنامج العودة الإنسانية الطوعية للمهاجرين في اليمن.

وقال إنه دون هذا الدعم، سيستمر آلاف المهاجرين بالعيش في ضائقة شديدة مع خيارات محدودة للعودة الآمنة، مؤكداً أن التعاون بشكل أكبر من جانب المجتمع الدولي والسلطات ضروري للاستمرار في تنفيذ هذه التدخلات المنقذة للحياة، ومنع المزيد من الخسائر في الأرواح.

الظروف البائسة تدفع بالمهاجرين الأفارقة إلى المغامرة برحلات بحرية خطرة (الأمم المتحدة)

ويقدم برنامج العودة الإنسانية الطوعية، التابع للمنظمة الدولية للهجرة، الدعم الأساسي من خلال نقاط الاستجابة للمهاجرين ومرافق الرعاية المجتمعية، والفرق المتنقلة التي تعمل على طول طرق الهجرة الرئيسية للوصول إلى أولئك في المناطق النائية وشحيحة الخدمات.

وتتراوح الخدمات بين الرعاية الصحية وتوزيع الأغذية إلى تقديم المأوى للفئات الأكثر ضعفاً، وحقائب النظافة الأساسية، والمساعدة المتخصصة في الحماية، وإجراء الإحالات إلى المنظمات الشريكة عند الحاجة.

وعلى الرغم من هذه الجهود فإن منظمة الهجرة الدولية تؤكد أنه لا تزال هناك فجوات كبيرة في الخدمات، في ظل قلة الجهات الفاعلة القادرة على الاستجابة لحجم الاحتياجات.