بعدما قطعت إيران الشهر الماضي خدمة الإنترنت في محافظة سيستان-بلوشستان في جنوب شرقي البلاد عدة أيام للتعتيم على احتجاجات، يفيد ناشطون بأن الحكومة تلجأ إلى هذا التكتيك بشكل متكرر عند حدوث أي تحرك.
وحسب منظمات مدافعة عن حقوق الإنسان، قُتل عشرة أشخاص على الأقل عندما فتحت قوات الأمن النار في 22 فبراير (شباط) على ناقلات وقود قرب مدينة سراوان في محافظة سيستان-بلوشستان، ما أثار مظاهرات أطلقت خلالها قوات الأمن الرصاص الحيّ، حسبما ذكرت وكالة الصحافة الفرنسية.
إلا أن معلومات قليلة تسرّبت عن الأحداث بسبب قطع السلطات بشكل شبه كامل خدمة الإنترنت على مدى أيام اعتباراً من 22 فبراير في هذه المحافظة، وهي من بين تلك الأكثر حرماناً في البلاد ويعيش فيها أفراد أقلية البلوش ذات الغالبية السُّنية، في بلد غالبية سكانه شيعة.
وتقع محافظة سيستان-بلوشستان على الحدود مع باكستان وأفغانستان وقد شهدت انعدام استقرار بين عامي 2005 و2010 جراء تمرد قادته مجموعة من أقلية البلوش، ولا تزال تحصل فيها بشكل متكرر هجمات واشتباكات بين قوات الأمن وجماعات مسلّحة. وتنسب طهران أعمال العنف هذه إلى جماعات إرهابية أو انفصالية تتهم إسلام آباد بدعمها.
ووفق معلومات جمعتها منظمة العفو الدولية من ناشطين بلوش، قُتل عشرة أشخاص على الأقل بينهم شاب عمره 17 عاماً، في 22 فبراير عندما «استخدم الحرس الثوري الإيراني بشكل غير قانوني القوة المفرطة ضد ناقلي وقود غير مسلحين بالقرب من مدينة سراوان».
وقالت الباحثة في منظمة العفو الدولية راها بحريني، لوكالة الصحافة الفرنسية، إن هذه الحصيلة «تقدير منخفض»، وقد وثّقها الناشطون البلوش بعد تأكيد أسماء الضحايا.
وأكدت منظمة العفو والمنظمات المدافعة عن حرية التعبير «أكسس ناو» و«المادة 19» و«ميان غروب» في بيان مشترك أن قطع الإنترنت هو «تدبير تستخدمه السلطات على ما يبدو كوسيلة لإخفاء انتهاكات حقوق الإنسان وجرائم محتملة مثل إعدامات خارج نطاق القضاء».
وحسب هذه المنظمات، فإن قطع خدمة الإنترنت -الذي يذكّر بما حصل في الأشهر الأخيرة في أثناء اضطرابات في بيلاروسيا وميانمار والنيجر- له هدف مزدوج: منع المواطنين من استخدام خدمات تبادل الرسائل على مواقع التواصل الاجتماعي للتعبئة وتنسيق التظاهرات، بالإضافة إلى عرقلة جمع المعلومات حول أي جريمة ارتكبتها قوات الأمن ويمكن أن تُستخدم لتحريك الرأي العام.
وقالت الباحثة في منظمة «المادة 19» مهسا عليمرداني، لوكالة الصحافة الفرنسية، إن «ذلك يهدف إلى إلحاق الضرر بجمع الأدلة على انتهاكات (مصوّرة خصوصاً) ونشرها، وكذلك بقدرة السكان على التعبئة والتنسيق».
وفي نوفمبر (تشرين الثاني) 2019 منعت السلطات الإيرانية الوصول إلى خدمة الإنترنت على أراضيها في وقت كانت البلاد تشهد تظاهرات غير مسبوقة احتجاجاً على ارتفاع أسعار الوقود، قمعتها السلطات بعنف. ويخشى المدافعون عن حقوق الإنسان استخدام الحيل نفسها مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية المقررة في الصيف والتي من المرجح أن تكون متوترة.
في سيستان-بلوشستان، قطعت السلطات خدمة الإنترنت على الهواتف المحمولة ما تسبب بقطع الوصول إلى الإنترنت في هذه المنطقة حيث تمثل الهواتف الجوّالة أكثر من 95% من استخدام الإنترنت.
وبخلاف أقليات أخرى في إيران، ليس لدى أفراد أقلية البلوش تمثيل قوي ومنظم في العالم الغربي يمكن أن ينوب عنهم ويندد بانتهاكات حقوق الإنسان المنسوبة إلى السلطات.
وأفادت وسائل إعلام إيرانية رسمية عن هجمات على مبانٍ حكومية في سراوان وعن مقتل شرطي في هجوم على مركز للشرطة في عاصمة المحافظة زاهدان. ووصف حاكم مقاطعة زاهدان أبو ذر مهدي نخعي، المعلومات التي تفيد عن مقتل أشخاص خلال مظاهرات بأنها «مضللة».
وأوضحت الباحثة في منظمة العفو الدولية راها بحريني، أن قطع الإنترنت «قلّص بشكل كبير كمية المعلومات التي تمكَّن المدافعون عن حقوق الإنسان من الوصول إليها من خلال اتصالاتهم أو شهود عيان».
واعتبرت أن «السلطات تدرك تماماً أنها تمنع العالم الخارجي من أن يكون على علم بحجم الانتهاكات على الأرض وخطورتها». ورأت أن قطع الإنترنت أصبح «نمطاً» في إيران.
في مارس (آذار)، نددت مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان بهذه الأحداث التي «ربما تسببت بمقتل 12 شخصاً على الأقل»، معربةً عن «قلقها العميق» حيال قطع الإنترنت المعمم.
وقال هادي قائمي، المدير التنفيذي لمركز حقوق الإنسان في العراق وإيران ومقره نيويورك، إن «قوات الأمن قتلت مئات المتظاهرين في نوفمبر 2019، وتفعل ذلك مجدداً اليوم».
إيران تستخدم قَطع الإنترنت لاحتواء الاحتجاجات وإخفاء انتهاكات حقوق الإنسان
إيران تستخدم قَطع الإنترنت لاحتواء الاحتجاجات وإخفاء انتهاكات حقوق الإنسان
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة