ترحيب واسع بمبادرة الكاظمي للحوار الوطني الشامل

بايدن يشيد بزيارة البابا «التاريخية» إلى العراق: تبعث برسالة مهمة

البابا يتحدث للصحافيين على متن الطائرة التي أقلته من بغداد إلى روما أمس (إ.ب.أ)
البابا يتحدث للصحافيين على متن الطائرة التي أقلته من بغداد إلى روما أمس (إ.ب.أ)
TT

ترحيب واسع بمبادرة الكاظمي للحوار الوطني الشامل

البابا يتحدث للصحافيين على متن الطائرة التي أقلته من بغداد إلى روما أمس (إ.ب.أ)
البابا يتحدث للصحافيين على متن الطائرة التي أقلته من بغداد إلى روما أمس (إ.ب.أ)

ودعت بغداد، أمس (الاثنين)، البابا فرنسيس، بابا الفاتيكان، بعد زيارة للعراق استمرت 4 أيام، كان العراق خلالها قبلة العالم، بصفته خبراً أول في كل وسائل الإعلام العربية والعالمية. القادة العراقيون، وفي مقدمتهم رئيسا الجمهورية برهم صالح والوزراء مصطفى الكاظمي، كسبوا الجولة لصالحهم حيال ما تحقق من رسائل خلال زيارة البابا. فالرئيس صالح هو صاحب الدعوة التي لباها البابا، بينما الكاظمي هو من نجح في وضع الترتيبات الكاملة للزيارة التي أظهرت وجهاً آخر للعراق شاهده العالم للمرة الأولى.
الرئيس صالح غرد باللغة الإيطالية، بعد وداعه بابا الفاتيكان في مطار بغداد، قائلاً: «نودع قداسة البابا فرنسيس الذي كان ضيفاً عزيزاً في بغداد والنجف وأور وأربيل ونينوى»، مبيناً أن «زياته تمثل رسالة تضامن إنسانية كبيرة، ووجوده بيننا إشارة سلام ومحبة، وسيبقى ذلك في قلوب جميع العراقيين».
إلى ذلك، لقيت دعوة الكاظمي إلى حوار وطني شامل استجابة سريعة من معظم القوى السياسية العراقية. وكان الكاظمي قد دعا، أمس (الاثنين)، القوى السياسية والمعارضين إلى حوار وطني مفتوح صريح مع الحكومة العراقية على أساس المصلحة الوطنية. وقال الكاظمي، في خطاب متلفز: «إننا ندعو جميع المختلفين، من قوى سياسية وفعاليات شعبية وشبابية احتجاجية ومعارضي الحكومة، إلى طاولة الحوار المسؤول أمام شعبنا وأمام التاريخ».
وأضاف: «ندعو قوانا وأحزابنا السياسية إلى تغليب مصلحة الوطن، والابتعاد عن لغة الخطاب المتشنج والتسقيط السياسي، والتهيئة لإنجاح الانتخابات المبكرة، ومنح شعبنا فرصة الأمل والثقة بالدولة والنظام الديمقراطي».
وأكد الكاظمي أن زيارة بابا الفاتيكان مثلت نقطة مضيئة جسدت جوهر الشعب العراقي المُحب الصادق الحضاري المؤمن بقيم العدالة والسلام، مشيراً إلى أن «رسالة البابا فرنسيس وصلت إلى كل أنحاء العالم وهو يجول بقلبٍ مفعمٍ بروح الأمل في مدن العراق، ووصلت رسالة شعبنا إلى كل شعوب الأرض، لتقول: نحن شعب العراق... شعب التاريخ والحضارة».
ودعا الكاظمي إلى حوار وطني حقيقي عميق، وعلى كل المستويات الرسمية والحزبية والشعبية، للتوصل إلى إطار الاتفاق النهائي للعلاقة بين الحكومة المركزية وإقليم كردستان، بما يحفظ وحدة الأراضي العراقية، ويعالج المشكلات المتراكمة جذرياً.
وعبرت كثير من القوى السياسية والشخصيات البرلمانية والأكاديمية عن ترحيبها بهذه الدعوة. ورئيس إقليم كردستان، نيجيرفان بارزاني، كان أول المرحبين بدعوة الكاظمي للحوار الوطني، وقال في تغريدة على «تويتر»: «أدعم دعوة رئيس الوزراء السيد الكاظمي من أجل عقد حوار وطني بين الأطراف العراقية المختلفة، وإجراء حوار حقيقي عميق بغية الوصول إلى اتفاق نهائي، ووضع حلول جذرية لمشكلات إقليم كردستان مع الحكومة العراقية الاتحادية بموجب الدستور».
ومن جهته، أكد برهان المعموري، عضو البرلمان العراقي عن تحالف «سائرون» المدعوم من زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، دعم تحالفه لمبادرة الكاظمي، قائلاً: «نؤيد ونساند هذه الدعوة للشروع بحوار وطني شامل، حيث نعتقد أنها جاءت في الوقت المناسب، بعد أن أكسبت زيارة البابا فرنسيس إلى العراق وهو يحمل رسائل محفوفة بالخير والسلام زخماً إضافياً».
وأضاف المعموري: «في الوقت الذي نبدي فيه دعمنا لطرح رئيس مجلس الوزراء لأجل فتح صفحة جديدة من العمل الوطني المخلص، فإننا نؤكد على محاسبة كل الفاسدين المتورطين بضياع ثروات البلاد، وتبديد أحلام أبنائه، ونشدد على أن يكون الحوار المقبل مع كل من يؤمن بالعراق الواحد الذي يتساوى فيه جميع أبنائه بالحقوق والواجبات».
أما عضو البرلمان العراقي عن تحالف القوى العراقية عبد الله الخربيط، فقد أكد في حديثه لـ«الشرق الأوسط» دعم تحالفه هو الآخر لهذه الدعوة، قائلاً: «تحالفنا (تحالف القوى العراقية)، وكذلك حزب تقدم (بزعامة محمد الحلبوسي)، ندعم هذه الدعوة، ونتفاعل معها بكل جدية»، مبيناً أن «العراقيين هم في الواقع بحاجة إلى حوار حقيقي منذ ما بعد عام 2003 حتى اليوم لأن كل الحوارات التي حصلت لم تكن بالمستوى المطلوب».
وأوضح الخربيط أن «الحديث عن الأقلمة مثلاً أصبح حديثاً معلناً في المحافظات الغربية، والسبب في ذلك يعود إلى الإشكاليات التي عانينا -وما زلنا نعاني- منها».
لكن النائب السابق في البرلمان العراقي حيدر الملا يقول في حديثه لـ«الشرق الأوسط» إن «أزمة العراق ليست أزمة حوار، بل أزمة إرادة، حيث سبق أن عقدت كثير من المؤتمرات والندوات وسواها»، مبيناً أن «مشكلتنا تبقى بالدرجة الأولى مشكلة إرادة، حيث إنه مثلما قدم الكاظمي كثيراً من التمنيات، هل يستطيع على مستوى الإرادة تحقيق شيء طبقاً لما سبق أن قدمه من وعود، سواء على صعيد الكشف عن قتلة المتظاهرين أو كشف مزوري انتخابات 2018؟».
وأوضح الملا أن «على الحكومة تطبيق برنامجها الحكومي، سواء في إجراء الانتخابات في موعدها أو الكشف عن قتلة المتظاهرين».
ومن جهته، يرى الدكتور حسين علاوي، أستاذ الأمن الوطني في كلية النهرين رئيس مركز «أكد» للشؤون الاستراتيجية والدراسات المستقبلية، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أن «مبادرة الكاظمي هي فرصة كبيرة، ومنصة للحوار على مستويات سياسية واجتماعية».
إلى ذلك، أشاد الرئيس الأميركي جو بايدن، أمس، بزيارة البابا فرنسيس «التاريخية» إلى العراق، معتبراً أنها بعثت رسالة أخوة وسلام «مهمة». وكتب بايدن: «إن رؤية البابا فرنسيس وهو يزور المواقع الدينية، مثل مسقط رأس النبي إبراهيم، وقضاء بعض الوقت مع آية الله علي السيستاني، والصلاة في الموصل -المدينة التي عانت قبل بضع سنوات من العنف وتطرف جماعة مثل تنظيم داعش- يشكل رمزاً للأمل للعالم بأسره».



غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

بعد غياب عن صنعاء دام أكثر من 18 شهراً وصل المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى العاصمة اليمنية المختطفة، الاثنين، في سياق جهوده لحض الحوثيين على السلام وإطلاق سراح الموظفين الأمميين والعاملين الإنسانيين في المنظمات الدولية والمحلية.

وجاءت الزيارة بعد أن اختتم المبعوث الأممي نقاشات في مسقط، مع مسؤولين عمانيين، وشملت محمد عبد السلام المتحدث الرسمي باسم الجماعة الحوثية وكبير مفاوضيها، أملاً في إحداث اختراق في جدار الأزمة اليمنية التي تجمدت المساعي لحلها عقب انخراط الجماعة في التصعيد الإقليمي المرتبط بالحرب في غزة ومهاجمة السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

وفي بيان صادر عن مكتب غروندبرغ، أفاد بأنه وصل إلى صنعاء عقب اجتماعاته في مسقط، في إطار جهوده المستمرة لحث الحوثيين على اتخاذ إجراءات ملموسة وجوهرية لدفع عملية السلام إلى الأمام.

وأضاف البيان أن الزيارة جزء من جهود المبعوث لدعم إطلاق سراح المعتقلين تعسفياً من موظفي الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية.

صورة خلال زيارة غروندبرغ إلى صنعاء قبل أكثر من 18 شهراً (الأمم المتحدة)

وأوضح غروندبرغ أنه يخطط «لعقد سلسلة من الاجتماعات الوطنية والإقليمية في الأيام المقبلة في إطار جهود الوساطة التي يبذلها».

وكان المبعوث الأممي اختتم زيارة إلى مسقط، التقى خلالها بوكيل وزارة الخارجية وعدد من كبار المسؤولين العمانيين، وناقش معهم «الجهود المتضافرة لتعزيز السلام في اليمن».

كما التقى المتحدث باسم الحوثيين، وحضه (بحسب ما صدر عن مكتبه) على «اتخاذ إجراءات ملموسة لتمهيد الطريق لعملية سياسية»، مع تشديده على أهمية «خفض التصعيد، بما في ذلك الإفراج الفوري وغير المشروط عن المعتقلين من موظفي الأمم المتحدة والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية باعتباره أمراً ضرورياً لإظهار الالتزام بجهود السلام».

قناعة أممية

وعلى الرغم من التحديات العديدة التي يواجهها المبعوث الأممي هانس غروندبرغ، فإنه لا يزال متمسكاً بقناعته بأن تحقيق السلام الدائم في اليمن لا يمكن أن يتم إلا من خلال المشاركة المستمرة والمركزة في القضايا الجوهرية مثل الاقتصاد، ووقف إطلاق النار على مستوى البلاد، وعملية سياسية شاملة.

وكانت أحدث إحاطة للمبعوث أمام مجلس الأمن ركزت على اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، مع التأكيد على أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام ليس أمراً مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وأشار غروندبرغ في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

الحوثيون اعتقلوا عشرات الموظفين الأمميين والعاملين في المنظمات الدولية والمحلية بتهم التجسس (إ.ب.أ)

وقال إن العشرات بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

يشار إلى أن اليمنيين كانوا يتطلعون في آخر 2023 إلى حدوث انفراجة في مسار السلام بعد موافقة الحوثيين والحكومة الشرعية على خريطة طريق توسطت فيها السعودية وعمان، إلا أن هذه الآمال تبددت مع تصعيد الحوثيين وشن هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

ويحّمل مجلس القيادة الرئاسي اليمني، الجماعة المدعومة من إيران مسؤولية تعطيل مسار السلام ويقول رئيس المجلس رشاد العليمي إنه ليس لدى الجماعة سوى «الحرب والدمار بوصفهما خياراً صفرياً».