تغريد البقشي: المرأة في لوحاتي معطاءة مثل نخيل الأحساء

نساؤها شامخات «باسقات» مثل النخلة، يحملن الكثير من القوة والعزم في عيونهن السوداء الواسعة، يحلمن ويعملن ويحققن الكثير، لا يقتصر المشهد عليهن، بل إن هناك النصف الآخر، الرجل موجود دائماً فهو أحياناً في اللوحات، وفي أحيانٍ أخرى كثير خارجها ولكن وجوده مثبت ومشجع. هذا هو عالم الفنانة السعودية تغريد البقشي التي أصبحت من الأسماء الفنية اللامعة في المملكة، لها 18 معرضاً شخصياً ومشاركات في أكثر من 200 معرض محلي وعالمي ومثلت المملكة في أكثر من محفل فني.
أحاورها عن أعمالها وعن المرأة في لوحاتها، وعن آخر معارضها الشخصية الذي تعمل لتحضيره.
نبدأ الحوار عن المرأة ويومها العالمي، ترى أن المرأة «قادرة على أن تثبت نفسها في أي مكان وأي مجال، الله أعطاها القدرة على التكيف». بالنسبة لها النساء يشبهن نخلات مدينتها الأحساء في عطائها، في أحد أعمالها امرأة تمسك بسعفة نخيل والمصحف وترفع بيدها شعلة العلم، تقول إن السعفة بالنسبة لها تمثل «رمزاً للعطاء والكرم، كل جزء في النخلة سخي، عطاؤها ممتد ولا ينضب تماماً مثل المرأة». عطاء المرأة يتنوع فهي أم وزوجة وسيدة عاملة،، تضرب المثل بنفسها: «أنا موظفة وأم ولدي وظيفة وأرسم ولي نشاط اجتماعي».
غير أنها لا تجحف الرجل حقه في أعمالها الفنية: «الأعمال الفنية فيها توازن وتعبر عن الإنسان ككائن بشكل عام، فحتى لو كان الرجل غير موجود في اللوحة فهو موجود ضمنياً، الحياة بها امرأة ورجل».
ما الذي يشغل تفكير تغريد البقشي؟ ما الذي تعبر عنه في لوحاتها؟ تقول: «في عملي أركز على الأشياء التي أحتاجها في الحياة. تكلمت كثيراً عن قيادة المرأة للسيارة، وعندما سمح للمرأة بالقيادة أصبحت أعمالي التي رسمتها عن القيادة حديث الموسم. (عندما صدر القرار بالقيادة غردت المغنية العالمية ريهانا برسم لتغريد البقشي عن امرأة تجلس على مقدمة سيارتها، وانتشر الرسم بشكل كبير في وسائل التواصل الاجتماعي».
ترى أن دور الفن هو توثيق الأحداث التاريخية بصور تحكي ما حدث وتظل مرتبطة بالحدث ولو بعدد 100 سنة، ترفض أن تكون لوحاتها مكملات جمالية من دون مضمون وتقول: «شغلي ليس فقط لزينة الجدران، فهو يحفر على ذاكرة الزمن. وتهمني التغيرات التي تحدث حالياً، وتتحدث بفخر عن «عهد تمكين المرأة»، وعن الثقة التي منحتها المملكة للنساء والتي أهلتهن لشغل مناصب قيادية.
تتميز النساء في لوحات البقشي بالسمو البادي في استطالة الرقبة والأنف، ترجع ذلك لحبها للطبيعة وللنخيل الذي يتميز بالسمو والشموخ كما تعكس ألوانها شغفاً واضحاً بالطبيعة، تعلق قائلة: «رقعة ألواني أختارها بعناية بحيث تبرز الفكرة، أميل لألوان الطبيعة، تشدني أكثر». أحب التركواز لون البحر، وألوان الرمل. تقول إن الألوان الصريحة لا تستهويها كثيراً: «أحب أن تكون لدي الباليتة (رقعة الألوان) الخاصة بي. الألوان الأساسية موجودة ولكن لا أحب أن أستخدمها بصراحة، الأحمر والأصفر والأزرق أساس الألوان لكن أحب أن تكون الباليتة خاصة بي». وترى أن تطور ألوانها المفضلة إنما هو «جزء من تكويني الفني، مع كل مرحلة عندي تتغير الباليتة».
للبقشي أسلوب مميز معروف، تفخر بأنه يدرس في بعض الورش الفنية والمدارس. ترسم الوجوه بملامح متفردة، وتقول: «أول ما بدأت كنت أرسم الوجوه وطورت الملامح وكان لي أسلوبي الخاص». عن شخصياتها الحالمة ترى أنها تعكس شخصية الفنان عموماً «شخصية الفنان خيالية وحالمة، من المفردات التي أستخدمها العصافير والغيوم وهي من المفردات القريبة جداً لشخصيتي أنا».