المصوّرة تسنيم السلطان: المرأة هي الأقدر على التقاط التفاصيل

عاصرت مسيرة تطور المرأة السعودية من خلال صورها، وانتقالها إلى أفق جديد عنوانه الصبر والقوة، مستلهمةً قصصها من بساطة الشارع السعودي، في حكايات مصوَّرة تعكس صعوبة البدايات ولذة الإنجازات.
المصورة السعودية تسنيم السلطان، بدأت حكايتها مع الكاميرا حين كانت طفلة في التاسعة من عمرها، في إحدى حدائق الحيوان في لندن، عندما التقطت صوراً عفوية، أظهرت موهبة وشغفاً. لكن، بسبب متطلبات الحياة الجادة، تفرغت تسنيم للتعليم، وأحالت التصوير إلى زاوية الهواية.
ومرت السنوات، من دون أن تنسى تسنيم هوايتها المحببة، وكانت تشعر بإلحاح داخلي، دفعها، منذ عشر سنوات، للانتقال إلى التصوير الاحترافي، لتتخذ منه مهنة لم يعتدها المجتمع السعودي مهنة نسائية، ولتجعل من التصوير مساحة للإبداع والتفاخر.
مواضيع صور تسنيم الأولى كانت تعابير العائلة والأصدقاء، لكن هدفها كان منذ البداية الوصول إلى العالمية. وهكذا اتسعت الدائرة، إلى أن أصبحت من أبرز المصورات العربيات في مجلة «ناشيونال جيوغرافيك».
تسنيم السلطان أُمٌّ لثلاث بنات، نشأت في بيئة يسودها التعاون والتشارك في المسؤوليات والمهام العائلية بين الوالدين. وتروي تسنيم لـ«الشرق الأوسط» أنه في أثناء انشغال والدتها بالدراسة لمرحلة الدكتوراه، كان والدها أحد مصادر التشجيع لها، وكان يشاركها رعاية الأطفال والاهتمام بهم، معتبرةً أن «الرجل يستطيع خلق التوازن بين حياته المهنية والاجتماعية، وكذلك المرأة».
وترى تسنيم أن المرأة السعودية واحدة من أقوى النساء في العالم، بسبب ما كانت تواجهه سابقاً من صعوبات في حياتها، ولغياب التسهيلات المساعدة، مضيفةً أن مثابرة المرأة وإصرارها كفيلان بتغيير وضعها وتحقيق مبتغاها، معتبرة أن هذا هو مسار التطور الطبيعي، وأن المجتمع السعودي ليس مجتمعاً «غريب الأطوار كما يحلو لبعض العالم الغربي أن يراه»، «وأن المجتمعات بطبيعتها تريد نشر ثقافاتها والتعرف على الثقافات المختلفة».
وأَوْلت تسنيم المرأة السعودية النصيب الأكبر من اهتمامها، وأشارت إلى أن المرأة العربية عموماً، تستطيع إيصال حكايات الأسرة والبيوت وتفاصيلها بقدر أكبر من الرجل، لأنها الأقدر على التقاط تفاصيلها والتعبير عنها، خصوصاً أن المصورة العربية يُسمح لها بتصوير المناسبات والتجمعات الخاصة، كحفلات الزواج التي جعلتها تسنيم جزءاً من اهتمامها.
وشاركت تسنيم في تنظيم دورة تدريبية للتصوير الفوتوغرافي، كونها سفيرة لشركة «كانون» لمعدات التصوير في المملكة، واختارت العلا موقعاً للتدريب، تتشارك فيه خبراتها مع السعوديات الراغبات في ممارسة التصوير.
وخلال فترة جائحة «كورونا»، زارت تسنيم عدداً من المناطق السعودية لأول مرة، ووجدت الكثير من الحكايات التي تشاركها مع متابعيها في حسابات التواصل الاجتماعي الخاصة بها. وهي تخطط حالياً لزيارة تبوك وجزر فرسان لأول مرة أيضاً، وينتابها الحماس للتعرف إلى المناطق السياحية في المملكة، متطلعة لصياغة القصص المصورة.
وحكت المصورة تجربتها في الذهاب من جدة إلى قرية رجال ألمع التاريخية، جنوب المملكة، في رحلة امتدت سبع ساعات بالسيارة، خاضتها بعد أسبوع من تسلمها رخصة القيادة في 2019 لتنطلق وحيدة في السهول والجبال، تلتقط صورها.
واعتبرت تسنيم السلطان أن «كل شيء يبدأ بتحدٍّ ينتهي بإنجاز»، وأن مصدر قوتها يكمن في بناتها وعائلتها، وأن لكل امرأة نقاط قوة مختلفة عن الأخرى تعود عيها بما يليق بها وبطموحاتها.