هل يتم استدراج المدربين البريطانيين إلى الولايات المتحدة بذرائع كاذبة؟

ما مدى رغبة فرق الشباب لكرة القدم في الولايات المتحدة في التعاقد مع مدربين أجانب؟ وما مدى رغبة المدربين البريطانيين في الحصول على وظائف في الولايات المتحدة، في ظل الرواتب الجيدة هناك؟ الإجابة عن كلا السؤالين هي كالتالي: هناك رغبة كبيرة من كلا الطرفين لدرجة أن نادياً واحداً، وهو نادي غلوبال بريمير سوكر - الذي كان يعمل في عشرات المواقع بجميع أنحاء الولايات المتحدة - لديه خطة معقدة لإحضار المدربين الأجانب إلى الولايات المتحدة بمساعدة الفرق المحترفة. وقد جذبت هذه الخطة اهتمام كثير من المديرين الفنيين، وكذلك سلطات إنفاذ القانون.
لقد قدم موظفان سابقان في نادي «غلوبال بريمير سوكر» إقراراً بالذنب - أحدهما للتآمر بتزوير تأشيرات، والآخر لعرقلة العدالة - في محكمة بولاية ماساتشوستس. وكانت الشركة الأم لهذا النادي، وهي شركة «ليغاسي غلوبال سبورتس»، قد أجبرت على إعلان إفلاسها، وأصدر الرئيس التنفيذي السابق للشركة، ستيفن غريفين، كتاباً يكشف فيه حقيقة كل شيء.
وكانت الاتهامات الموجهة ضد نادي «غلوبال بريمير سوكر»، والمنصوص عليها في اتهامات الاحتيال لتزوير التأشيرات ضد رئيس العمليات السابق بالنادي، جاستن كابيل، الذي وافق على الاعتراف بالذنب، تقع في اتجاهين. أولاً، كان يتم إحضار بعض المدربين المساعدين إلى الولايات المتحدة بتأشيرات «بي - 1» المخصصة للرياضيين وموظفي الدعم في كرة القدم على المستوى الاحترافي، قائلين إنهم سيعملون ككشافة لنادٍ محترف على الرغم من تعيينهم مدربين بنادي «غلوبال بريمير سوكر»، وهو نادٍ للشباب.
وقد أظهر ويل ويلسون، أحد المدربين السابقين بنادي «غلوبال بريمير سوكر»، لصحيفة «بوسطن غلوب» الأميركية وثيقة تطلب منه هو وغيره من المتقدمين للحصول على تأشيرة، عدم أخذ عقودهم مع نادي «غلوبال بريمير سوكر» أثناء إجراء مقابلات في السفارة الأميركية للحصول على التأشيرة. وقال ويلسون لصحيفة «بوسطن غلوب»: «لقد طلب منا نادي غلوبال بريمير سوكر ألا نقول أبداً إننا نعمل في مجال التدريب، على الرغم من أن التدريب كان هو وظيفتنا بدوام كامل».
ثانياً، تم إحضار بعض المدربين إلى الولايات المتحدة بتأشيرات «إتش - 2 بي»، التي لا يمكن منحها إلا إذا أقر أصحاب العمل بأن الوظائف مؤقتة، وليس لديهم ما يكفي من المواطنين الأميركيين لملء هذه الوظائف، وأن هذه الوظائف لن تؤدي إلى تخفيض أجور المواطنين الأميركيين. وتتطلب هذه الوظائف أن يعمل الموظف لدى صاحب عمل معين في منطقة معينة، وهي الشروط التي لم تكن تنطبق على نادي «غلوبال بريمير سوكر»، وفقاً لوثائق المحكمة.
ولم يتم اتهام المدربين القادمين للعمل مع نادي «غلوبال بريمير سوكر» بأي نشاط إجرامي. وفي قضية رئيس العمليات السابق بالنادي، جاستن كابيل، تمت الإشارة إلى ثلاثة متآمرين - لكن لم يتم تحديد أسمائهم - وهم موظفان بنادي «غلوبال بريمير سوكر» ومحامٍ في مجال الهجرة - وتم اتهام الأربعة بتقديم معلومات خاطئة للحصول على تأشيرات «بي - 1»، ثم انتهاك شروط تأشيرات «إتش - 2 بي». وفي الحالة الأخرى، تم اتهام مدير التسويق السابق في نادي «غلوبال بريمير سوكر»، غافين ماكفي، بحذف حساب البريد الإلكتروني الخاص بـ«فرد - 1» لخداع المحققين الفيدراليين.
من المؤكد أن هذه الأمور القانونية ستستغرق وقتاً طويلاً. إن أسباب انهيار شركة «ليغاسي» وزوبعة الدعاوى القضائية التي تلت ذلك تتجاوز مجرد التحايل للحصول على التأشيرات بطريقة غير قانونية. وعلى الرغم من توقف نادي «غلوبال بريمير سوكر» عن العمل، فإنه لا يزال يقاضي شركته القانونية السابقة «بيرنز آند ليفينسون». لكن السؤال الأخلاقي الآن هو: من الذي تضرر في هذه القضية؟ لقد قال المحامي المتخصص في شؤون الهجرة، جون فيلي، لصحيفة «لويفيل كورير جورنال»: «أنت تقول إنك تعمل ككشاف للاعبين، لكنك في الحقيقة مدرب لأحد فرق الشباب. من الذي تضره بذلك؟».
يشير غريفين وتقارير مجهولة المصدر على مواقع العمل «غلاسدور» و«إنديد» إلى تضرر مجموعة معينة من الأشخاص جراء ذلك، وهم المدربون الأجانب الذين زُعم أنهم «حُشروا» في منازل مكتظة وأجبروا على العمل لساعات طويلة مقابل أجر ضئيل. وتشير الدعوى القضائية التي رفعها نادي «غلوبال بريمير سوكر» ضد محاميه السابقين إلى مدرب أرسل بريداً إلكترونياً إلى النادي ليشتكي من عدم قدرته على العودة إلى الولايات المتحدة من كندا عندما اكتشف مسؤولو الحدود مشكلة في تأشيرته، وزعم المدرب نفسه أن النادي قام بتعيين «مدربين غير حاصلين على مؤهلات معتمدة في مجال التدريب».
وبعيداً عن نادي «غلوبال بريمير سوكر»، فإن للقضية آثاراً بعيدة المدى داخل كرة القدم الأميركية. فإلى أي مدى ستذهب أندية الشباب لتوظيف (واستغلال) مدربين أجانب، ولماذا تساعدها الأندية المحترفة؟ هناك ناديان في الدوري الأميركي الممتاز للسيدات؛ وهما «سكاي بلو» و«بوسطون بريكرز» - من بين ما لا يقل عن سبعة أندية محترفة يُزعم أنها متورطة في هذا الأمر، على الرغم من عدم اتهام أي شخص في أي من هذه الأندية بارتكاب أي مخالفات.
لكن ما الذي يدفع أندية كرة القدم للشباب إلى القيام بكل هذا من أجل التعاقد مع مدربين أجانب، سواء بشكل قانوني أو غير قانوني؟ يقول المدير التنفيذي السابق لنادي «دي سي يونايتد»، كيفين باين، الذي يعمل الآن بشكل أكبر في كرة القدم للشباب بصفته الرئيس التنفيذي لنادي «يو إس كلوب سوكر»: «لست متأكداً من السبب الذي يجعل نادي غلوبال بريمير سوكر يركز على التعاقد مع مدربين أجانب من الخارج، خصوصاً أن هناك كثيراً من المدربين المؤهلين للقيام بهذا العمل في هذا البلد. ولو استعانوا بمدربين أميركيين لم نكن لنتحدث الآن عن هذه القصة من الأساس!».
وكان اسم المعلق التلفزيوني أليكسي لالاس قد ورد في القصة التي نشرتها صحيفة «الغارديان» في عام 2014 حول مصالح الأندية الأوروبية في الولايات المتحدة، التي تضمنت قيام نادي «غلوبال بريمير سوكر» بعقد شراكة مع نادي بايرن ميونيخ الألماني. وقال لالاس في ذلك الوقت: «كرة القدم الأميركية شهدت مجيء عدد هائل من الأشخاص الذين لا يملكون أي مقومات للعمل في مجال التدريب سوى أنهم يتحدثون بلهجة مختلفة، ويستغلون السذاجة التي لدينا وقلة الخبرة ونقص تاريخ وثقافة كرة القدم لصالحهم». وتجسد أندية الدوري الأميركي الممتاز للسيدات هذا السلوك، حيث تتعاقد هذه الأندية مع المدربين البريطانيين بشكل مستمر. صحيح أن بعضهم قد حقق نجاحات كبيرة، مثل لورا هارفي، ومارك بارسونز، لكن البعض الآخر لم يحقق أي نجاح يذكر.
ولا يزال لدى الولايات المتحدة شرائح كبيرة من السكان ترى أن اللهجة الأجنبية تمثل الأصالة والعراقة في عالم كرة القدم، والدليل على ذلك أن معظم معلقي المباريات يتحدثون اللهجة الإنجليزية وليس الأميركية. وعلاوة على ذلك، تلهث أندية الدوري الأميركي لكرة القدم بحثاً عن مدربين أجانب فشلوا في مضاهاة الإنجازات التي حققها المدربون الأميركيون مثل بروس أرينا وكالب بورتر وبريان شميتزر.
وعلى مستوى الشباب، يدخل الآباء في منافسة محمومة في نظام «الدفع مقابل اللعب» الأميركي الفريد من نوعه. ونظراً لأن هذا النظام يزيد احتمالية القبول التفضيلي في الكلية والحصول على المنح الدراسية، يضغط الآباء بشدة لإيصال أطفالهم إلى ما يعتقدون أنه مؤسسات النخبة، حيث يدفعون آلاف الدولارات كل عام للحصول على امتياز أن يتدرب أطفالهم على يد مدرب «محترف» يستفيد من الاتصالات مع المدربين في الكليات.
لذلك تتسابق الأندية للاستحواذ على جزء من هذه السوق الكبيرة. ويعمل نادي «غلوبال بريمير سوكر» بمفرده في 25 ولاية وفي أماكن أخرى، وبالتالي فإن قاعدته هناك أكبر من قواعد أندية عملاقة. وبالتالي، فإن هذا النظام يوفر كثيراً من الفرص للمدربين الذين لا يستطيعون الالتحاق بأكاديميات الناشئين للأندية المحترفة في الولايات المتحدة، أو في أي مكان آخر للحصول على وظائف، كما يخلق كثيراً من الفرص التي تستفيد منها الأندية.