وزير لبناني يبحث في دمشق تفعيل عودة النازحين السوريين

TT

وزير لبناني يبحث في دمشق تفعيل عودة النازحين السوريين

عاد ملف النازحين السوريين في لبنان إلى الواجهة، إذ توجه وزير الشؤون الاجتماعية والسياحة رمزي المشرفية أمس إلى سوريا في زيارة تمتد ليومين يعقد خلالها لقاءات تتناول هذا الملف وآليات تفعيل خطة العودة التي لم يبدأ تطبيقها رغم إقرارها منذ أشهر. ومن المقرر أن يلتقي المشرفية عددا من الوزراء السوريين منهم وزير الخارجية والمغتربين ووزير الداخلية ووزير الإدارة المحلية والبيئة ووزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل.
وكان المشرفية شارك في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي في مؤتمر للنازحين دعت إليه موسكو في دمشق حيث شدد على ضرورة عدم ربط عودة النازحين بالحل السياسي للأزمة السورية مشيرا إلى أن الأكلاف المباشرة وغير المباشرة على لبنان من النزوح السوري تقدر بأكثر من 40 مليار دولار نتيجة الضغط على الخدمات العامة والمواد المدعومة، والبنى التحتية وفرص العمل.
وتأمل الحكومة اللبنانية أن تؤدي هذه الزيارة إلى خطوات عملية لعودة النازحين، إلا أن عضو كتلة «المستقبل» النائب بكر الحجيري يستبعد ذلك بسبب عدم وجود نية للنظام السوري لإعادتهم مشيرا في حديث مع «الشرق الأوسط» إلى عدم رغبة النازحين أنفسهم بالعودة وذلك بسبب صعوبة العيش في سوريا إذ إن النظام لم يعمل على التهيئة لعودتهم. واعتبر الحجيري أن الجهود المبذولة من جانب لبنان «لا تتخطى الكلام» ولا تخرج عن «إطار الدعاية» وأنها لن تخرج بأي نتيجة لا سيما من دون وجود دعم المجتمع الدولي ليس فقط للضغط على النظام لإعادة النازحين بل أيضا لترغيبهم بالعودة عبر تقديم مساعدات تضمن لهم سبل العيش الكريم في بلادهم. من جهته يرى، عضو تكتل «لبنان القوي» (يضم نواب التيار الوطني الحر) النائب أسعد درغام أن زيارة وزير الشؤون الاجتماعية إلى سوريا خطوة إيجابية وبداية تساهم في رسم خطوات أكثر جدية في هذا الملف الذي بات يشكل أولوية بالنسبة إلى لبنان في ظل الوضع الاقتصادي الصعب الذي يعيشه وما قد ينتج عنه من أزمات اجتماعية. ويشير درغام في حديث مع «الشرق الأوسط» إلى أن العام الماضي لم يشهد حركة نشطة لعودة النازحين وذلك لأسباب تتعلق بـ«كورونا» وإجراءات الحدود. وكانت الحكومة اللبنانية أقرت في (يوليو) وقبل استقالتها «ورقة السياسة العامة لعودة النازحين (السوريين)» أعدتها وزارة الشؤون الاجتماعية، إلا أن انتشار وباء كورونا وانفجار مرفأ بيروت ومن ثم استقالة الحكومة بعد نحو شهر من إقرار هذه الورقة حال دون البدء بتنفيذها.
وإلى جانب خطة وزارة الشؤون الاجتماعية، يرعى الأمن العام اللبناني عمليات لإعادة النازحين عبر دفعات متتالية. وكان الأمن العام حفز العودة عبر إجراءات مسهلة على الحدود سمحت لمن يريد أن يعود طوعا إلى سوريا بتسوية أوضاعه على الحدود من دون أي عوائق.
ووصل عدد السوريين الذين عادوا عبر آلية الأمن العام بالتنسيق مع السلطات السورية منذ العام 2017 إلى العام 2019 إلى 19884 مواطنا سوريا، من بينهم 14825 سوريا مسجلون بصفة نازحين لدى المفوضية السامية لشؤون للاجئين التابعة للأمم المتحدة، و5059 كانوا في لبنان وغير مسجلين بصفة نازح. وتقدر مفوضية الأمم المتحدة لشؤون النازحين 885 ألف نازح سوري في لبنان.



الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
TT

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)

يتضاعف خطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، وانهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، بفعل الحرب الحوثية على الموارد الرئيسية للبلاد، وتوسيع دائرة الصراع إلى خارج الحدود، في حين تتزايد الدعوات إلى اللجوء للتنمية المستدامة، والبحث عن حلول من الداخل.

وبينما تتوالي التحذيرات من تعاظم احتياجات السكان إلى المساعدات الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، تواجه الحكومة اليمنية تحديات صعبة في إدارة الأمن الغذائي، وتوفير الخدمات للسكان في مناطق سيطرتها، خصوصاً بعد تراجع المساعدات الإغاثية الدولية والأممية خلال الأشهر الماضية، ما زاد من التعقيدات التي تعاني منها بفعل توقف عدد من الموارد التي كانت تعتمد عليها في سد الكثير من الفجوات الغذائية والخدمية.

ورجحت شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة حدوث ارتفاع في عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في اليمن في ظل استمرار التدهور الاقتصادي في البلاد، حيث لا تزال العائلات تعاني من التأثيرات طويلة الأجل للصراع المطول، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الكلية السيئة للغاية، بينما تستمر بيئة الأعمال في التآكل بسبب نقص العملة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وانخفاض قيمة العملة والتضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وبحسب توقعات الأمن الغذائي خلال الستة أشهر المقبلة، فإنه وبفعل الظروف الاقتصادية السيئة، وانخفاض فرص كسب الدخل المحدودة، ستواجه ملايين العائلات، فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء وحالة انعدام الأمن الغذائي الحاد واسعة النطاق على مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي) أو حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة) في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.

انهيار العملة المحلية أسهم مع تراجع المساعدات الإغاثية في تراجع الأمن الغذائي باليمن (البنك الدولي)

يشدد الأكاديمي محمد قحطان، أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، على ضرورة وجود إرادة سياسية حازمة لمواجهة أسباب الانهيار الاقتصادي وتهاوي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، منوهاً إلى أن عائدات صادرات النفط والغاز كانت تغطي 70 في المائة من الإنفاق العام في الموازنة العامة، وهو ما يؤكد أهميتها في تشغيل مؤسسات الدولة.

ويضيف قحطان في حديث خص به «الشرق الأوسط» أن وقف هذه الصادرات يضع الحكومة في حالة عجز عن الوفاء بالتزاماتها، بالتضافر مع أسباب أخرى منها الفساد والتسيب الوظيفي في أهم المؤسسات الحكومية، وعدم وصول إيرادات مؤسسات الدولة إلى البنك المركزي، والمضاربة بالعملات الأجنبية وتسريبها إلى الخارج، واستيراد مشتقات الوقود بدلاً من تكرير النفط داخلياً.

أدوات الإصلاح

طبقاً لخبراء اقتصاديين، تنذر الإخفاقات في إدارة الموارد السيادية ورفد خزينة الدولة بها، والفشل في إدارة أسعار صرف العملات الأجنبية، بآثار كارثية على سعر العملة المحلية، والتوجه إلى تمويل النفقات الحكومية من مصادر تضخمية مثل الإصدار النقدي.

توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

ويلفت الأكاديمي قحطان إلى أن استيراد مشتقات الوقود من الخارج لتغطية حاجة السوق اليمنية من دون مادة الأسفلت يكلف الدولة أكثر من 3.5 مليار دولار في السنة، بينما في حالة تكرير النفط المنتج محلياً سيتم توفير هذا المبلغ لدعم ميزان المدفوعات، وتوفير احتياجات البلاد من الأسفلت لتعبيد الطرقات عوض استيرادها، وأيضاً تحصيل إيرادات مقابل بيع الوقود داخلياً.

وسيتبع ذلك إمكانية إدارة البنك المركزي لتلك المبالغ لدعم العرض النقدي من العملات الأجنبية، ومواجهة الطلب بأريحية تامة دون ضغوط للطلب عليها، ولن يكون بحاجة إلى بيع دولارات لتغطية الرواتب، كما يحدث حالياً، وسيتمكن من سحب فائض السيولة النقدية، ما سيعيد للاقتصاد توازنه، وتتعافى العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وهو ما سيسهم في استعادة جزء من القدرة الشرائية المفقودة للسكان.

ودعا الحكومة إلى خفض نفقاتها الداخلية والخارجية ومواجهة الفساد في الأوعية الإيرادية لإحداث تحول سريع من حالة الركود التضخمي إلى حالة الانتعاش الاقتصادي، ومواجهة البيئة الطاردة للاستثمارات ورجال الأعمال اليمنيين، مع الأهمية القصوى لعودة كل منتسبي الدولة للاستقرار داخل البلاد، وأداء مهاهم من مواقعهم.

الحكومة اليمنية تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لوقف حصار تصدير النفط (سبأ)

ويؤكد مصدر حكومي يمني لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة باتت تدرك الأخطاء التي تراكمت خلال السنوات الماضية، مثل تسرب الكثير من أموال المساعدات الدولية والودائع السعودية في البنك المركزي إلى قنوات لإنتاج حلول مؤقتة، بدلاً من استثمارها في مشاريع للتنمية المستدامة، إلا أن معالجة تلك الأخطاء لم تعد سهلة حالياً.

الحل بالتنمية المستدامة

وفقاً للمصدر الذي فضل التحفظ على بياناته، لعدم امتلاكه صلاحية الحديث لوسائل الإعلام، فإن النقاشات الحكومية الحالية تبحث في كيفية الحصول على مساعدات خارجية جديدة لتحقيق تنمية مستدامة، بالشراكة وتحت إشراف الجهات الممولة، لضمان نجاح تلك المشروعات.

إلا أنه اعترف بصعوبة حدوث ذلك، وهو ما يدفع الحكومة إلى المطالبة بإلحاح للضغط من أجل تمكينها من الموارد الرئيسية، ومنها تصدير النفط.

واعترف المصدر أيضاً بصعوبة موافقة المجتمع الدولي على الضغط على الجماعة الحوثية لوقف حصارها المفروض على تصدير النفط، نظراً لتعنتها وشروطها صعبة التنفيذ من جهة، وإمكانية تصعيدها العسكري لفرض تلك الشروط في وقت يتوقع فيه حدوث تقدم في مشاورات السلام، من جهة ثانية.

تحذيرات من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد (أ.ف.ب)

وقدمت الحكومة اليمنية، أواخر الشهر الماضي، رؤية شاملة إلى البنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات القائمة لتتوافق مع الاحتياجات الراهنة، مطالبةً في الوقت ذاته بزيادة المخصصات المالية المخصصة للبلاد في الدورة الجديدة.

وكان البنك الدولي توقع في تقرير له هذا الشهر، انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة واحد في المائة هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة 2 في المائة العام الماضي، بما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج الحقيقي.

ويعاني أكثر من 60 في المائة من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي، وفقاً للبنك الدولي، بسبب استمرار الحصار الذي فرضته الجماعة الحوثية على صادرات النفط، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة بنسبة 42 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وترتب على ذلك عجزها عن تقديم الخدمات الأساسية للسكان.

وأبدى البنك قلقه من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد، وتفاقم الأزمات الاجتماعية والإنسانية.