مصر تواصل تحركها الدبلوماسي بشأن السد الإثيوبي

سد النهضة كما يبدو في صورة التقطت بواسطة الأقمار الصناعية في 20 يوليو الماضي (أ.ف.ب)
سد النهضة كما يبدو في صورة التقطت بواسطة الأقمار الصناعية في 20 يوليو الماضي (أ.ف.ب)
TT

مصر تواصل تحركها الدبلوماسي بشأن السد الإثيوبي

سد النهضة كما يبدو في صورة التقطت بواسطة الأقمار الصناعية في 20 يوليو الماضي (أ.ف.ب)
سد النهضة كما يبدو في صورة التقطت بواسطة الأقمار الصناعية في 20 يوليو الماضي (أ.ف.ب)

واصلت مصر تحركاتها الدبلوماسية لكسب مزيد من الدعم الدولي في أزمة «سد النهضة»، الذي بنته إثيوبيا على الرافد الرئيسي لنهر النيل، وتتحسب القاهرة بسبب تأثيره على حصتها من المياه، التي تعتمد عليها بأكثر من 90%. ونظمت سفارة مصر في برلين، مساء أول من أمس، ندوة مع «جمعية الصداقة العربية - الألمانية» بمشاركة وفد مصر في مفاوضات «سد النهضة»، وبحضور خبراء وباحثين ومسؤولين حكوميين. ووفق الصفحة الرسمية لوزارة الخارجية المصرية فإنه «جرى خلال الندوة شرح رؤية مصر وتوضيح آثار السد على دولتَي المصب (مصر والسودان)». وأشار بيان «الخارجية المصرية» أمس، إلى أن «الجانب المصري قام باستعراض مسار المفاوضات، وإبراز الجهود، التي تبذلها مصر في هذا الملف الحيوي على مدار عقد كامل، بهدف التوصل إلى اتفاق (عادل ومتوازن) بشأن (سد النهضة)، يراعي مصالح الدول الثلاث مصر والسودان وإثيوبيا».
وتدشن أديس أبابا السد منذ عام 2011 على الرافد الرئيسي لنهر النيل، ويثير مخاوف من تأثيره على تدفقات المياه إلى مصر والسودان. وتطالب القاهرة والخرطوم باتفاق قانوني «مُلزم» ينظم عمليتي ملء وتشغيل السد، بما يحفظ «حقوقهما المائية»، بينما ترفض أديس أبابا الالتزام بأي اتفاق «يحدّ من قدرتها على التنمية في مواردها»، على حد قولها.
وفي وقت سابق نظّمت القاهرة ندوات افتراضية في واشنطن وباريس وبكين وعدد من الدول، لتسليط الضوء على الأهمية، التي تمثلها قضية «سد النهضة» لمصر ولدول حوض النيل كافة، بوصفها «قضية محورية تمسّ في جوهرها مستقبل شعوب تلك المنطقة المهمة من القارة الأفريقية». وتعثرت المفاوضات، التي قادها الاتحاد الأفريقي، منذ يوليو (تموز) الماضي، تحت رئاسة جنوب أفريقيا، فيما تتعلق الآمال بالكونغو الديمقراطية بعد أن تبوأ فيلكس تشيسيكيدي رئيس الكونغو، رئاسة الاتحاد القاري. وقال المتحدث باسم الخارجية الإثيوبية، دينا مفتي، في وقت سابق، إن «بلاده تؤمن بمواصلة المفاوضات بروح إيجابية بواسطة الاتحاد الأفريقي برئاسة الكونغو الديمقراطية»، مؤكداً قبل أيام أن «إثيوبيا تتوقع الوصول لاتفاق مع مصر والسودان بخصوص السد». ودعمت مصر، نهاية الشهر الماضي، مقترحاً سودانياً، يقضي بتوسيع دائرة الوساطة الدولية في مفاوضات السد، من خلال تكوين «رباعية دولية»، تشمل إلى جانب الاتحاد الأفريقي كلاً من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة.
تأتي التحركات الدبلوماسية المصرية في وقت أكد «مجلس الوزراء المصري» أمس أنه «لا صحة لبيع مياه الري للمزارعين، وفقاً لمشروع قانون (الموارد المائية والري) الجديد»، موضحاً أن «مشروع القانون لا يتضمن نهائياً أي مواد تخص بيع مياه الري للمزارعين على مستوى البلاد، إنما يستهدف ترخيص آلات رفع المياه على نهر النيل والترع والمجاري الرئيسية فقط، لتنظيم عملية توزيع المياه، بما يضمن حصول جميع المنتفعين على حصصهم المائية بشكل عادل». جاء تعليق «مجلس الوزراء المصري» عقب «ما تم تداوله في بعض وسائل الإعلام والمواقع الإلكترونية وصفحات التواصل الاجتماعي، بشأن بيع مياه الري للمزارعين». وأكدت «الري المصرية» أمس، أن «مشروع قانون (الموارد المائية والري) الجديد، يأتي بمثابة خطوة جادة نحو تحقيق الأمن المائي». إلى ذلك، أعلنت «الري المصرية» أمس، عن «آلية جديدة لمراقبة حالة رطوبة التربة وتشغيل ماكينة الري عن بُعد باستخدام تطبيق على جهاز الهاتف المحمول الخاص بالمزارع».
ووفق وزير الموارد المائية والري المصري محمد عبد العاطي، فإن «هذه الآلية تُمكّن المزارع من اتخاذ القرار المناسب فيما يخص كمية وموعد الري، كما تسهم في توفير الجهد على المزارع، وتمكينه من مراقبة أرضه الزراعية، ومتابعة حالة المزروعات بشكل دائم».



تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
TT

تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)

أفرجت الجماعة الحوثية عن عدد ممن اختطفتهم، على خلفية احتفالاتهم بعيد الثورة اليمنية في سبتمبر (أيلول) الماضي، لكنها اختطفت خلال الأيام الماضية المئات من سكان معقلها الرئيسي في صعدة، ووجَّهت اتهامات لهم بالتجسس، بالتزامن مع بث اعترافات خلية مزعومة، واختطاف موظف سابق في السفارة الأميركية.

وذكرت مصادر محلية في محافظة صعدة (242 كيلومتراً شمال صنعاء)، أن الجماعة الحوثية تنفِّذ منذ عدة أيام حملة اختطافات واسعة طالت مئات المدنيين من منازلهم أو مقار أعمالهم وأنشطتهم التجارية، وتقتادهم إلى جهات مجهولة، بتهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل، مع إلزام أقاربهم بالصمت، وعدم التحدُّث عن تلك الإجراءات إلى وسائل الإعلام، أو عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

وقدرت المصادر عدد المختطَفين بأكثر من 300 شخص من مديريات مختلفة في المحافظة التي تُعدّ معقل الجماعة، بينهم عشرات النساء، وشملت حملة المداهمات منازل عائلات أقارب وأصدقاء عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني، عثمان مجلي، الذي ينتمي إلى صعدة.

فعالية حوثية في صعدة التي تشهد حملة اختطافات واسعة لسكان تتهمم الجماعة بالتجسس (إعلام حوثي)

ورجحت المصادر أن اختطاف النساء يأتي بغرض استخدامهن رهائن لابتزاز أقاربهن الذين لم تتمكن الجماعة من الوصول إليهم، أو لإقامتهم خارج مناطق سيطرتها، ولإجبار من اختُطفنَ من أقاربهم على الاعتراف بما يُطلب منهن. وسبق للجماعة الحوثية اتهام حميد مجلي، شقيق عضو مجلس القيادة الرئاسي، أواخر الشهر الماضي، بتنفيذ أنشطة تجسسية ضدها، منذ نحو عقدين لصالح دول عربية وغربية.

إلى ذلك، اختطفت الجماعة الحوثية، الاثنين الماضي، موظفاً سابقاً في سفارة الولايات المتحدة في صنعاء، من منزله دون إبداء الأسباب.

وبحسب مصادر محلية في صنعاء؛ فإن عدداً من العربات العسكرية التابعة للجماعة الحوثية، وعليها عشرات المسلحين، حاصرت مقر إقامة رياض السعيدي، الموظف الأمني السابق لدى السفارة الأميركية في صنعاء، واقتحمت مجموعة كبيرة منهم، بينها عناصر من الشرطة النسائية للجماعة، المعروفة بـ«الزينبيات»، منزله واقتادته إلى جهة غير معلومة.

مسلحون حوثيون يحاصرون منزل موظف أمني في السفارة الأميركية في صنعاء قبل اختطافه (إكس)

وعبث المسلحون و«الزينبيات» بمحتويات منزل السعيدي خلال تفتيش دقيق له، وتعمدوا تحطيم أثاثه ومقتنياته، وتسببوا بالهلع لعائلته وجيرانه.

إفراج عن مختطَفين

أفرجت الجماعة الحوثية عن الشيخ القبلي (أمين راجح)، من أبناء محافظة إب، بعد 4 أشهر من اختطافه، كما أفرجت عن عدد آخر من المختطفين الذين لم توجه لهم أي اتهامات خلال فترة احتجازهم.

وراجح هو أحد قياديي حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اختطفتهم الجماعة الحوثية إلى جانب عدد كبير من الناشطين السياسيين وطلاب وشباب وعمال وموظفين عمومين، خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، على خلفية احتفالهم بثورة «26 سبتمبر» 1962.

مخاوف متزايدة لدى اليمنيين من توسيع حملات الترهيب الحوثية بحجة مواجهة إسرائيل (أ.ب)

ومن بين المفرَج عنهم صاحب محل تجاري أكَّد لـ«الشرق الأوسط» أنه لم يعلم التهمة التي اختُطِف بسببها؛ كونه تعرض للاختطاف في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أي بعد شهرين من حملة الاختطافات التي طالت المحتفلين بذكرى الثورة اليمنية.

وذكر أن الوسطاء الذين سعوا لمحاولة الإفراج عنه لم يعرفوا بدورهم سبب اختطافه؛ حيث كان قادة أجهزة أمن الجماعة يخبرونهم في كل مرة بتهمة غير واضحة أو مبرَّرة، حتى جرى الإفراج عنه بعد إلزامه بكتابة تعهُّد بعدم مزاولة أي أنشطة تخدم أجندة خارجية.

خلية تجسس مزعومة

بثَّت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، اعترافات لما زعمت أنها خلية تجسسية جديدة، وربطت تلك الخلية المزعومة بما سمته «معركة الفتح الموعود والجهاد المقدس»، في مواجهة الغرب وإسرائيل.

وطبقاً لأجهزة أمن الجماعة، فإن الخلية المزعومة كانت تسعى لإنشاء بنك أهداف، ورصد ومراقبة المواقع والمنشآت التابعة للقوة الصاروخية، والطيران المسيَّر، وبعض المواقع العسكرية والأمنية، بالإضافة إلى رصد ومراقبة أماكن ومنازل وتحركات بعض القيادات.

خلال الأشهر الماضية زعمت الجماعة الحوثية ضبط عدد كبير من خلايا التجسس (إعلام حوثي)

ودأبت الجماعة، خلال الفترة الماضية، على الإعلان عن ضبط خلايا تجسسية لصالح الغرب وإسرائيل، كما بثَّت اعترافات لموظفين محليين في المنظمات الأممية والدولية والسفارات بممارسة أنشطة تجسسية، وهي الاعترافات التي أثارت التهكُّم، لكون ما أُجبر المختطفون على الاعتراف به يندرج ضمن مهامهم الوظيفية المتعارف عليها ضمن أنشطة المنظمات والسفارات.

وسبق للجماعة أن أطلقت تحذيرات خلال الأيام الماضية للسكان من الحديث أو نشر معلومات عن مواقعها والمنشآت التي تسيطر عليها، وعن منازل ومقار سكن ووجود قادتها.

تأتي هذه الإجراءات في ظل مخاوف الجماعة من استهداف كبار قياداتها على غرار ما جرى لقادة «حزب الله» اللبناني، في سبتمبر (أيلول) الماضي، وفي إطار المواجهة المستمرة بينها وإسرائيل والولايات المتحدة وبريطانيا، بعد هجماتها على طرق الملاحة الدولية في البحر الأحمر، والهجمات الصاروخية باتجاه إسرائيل.