السيسي في الخرطوم لتعزيز العلاقات الثنائية وبحث «السد»

TT

السيسي في الخرطوم لتعزيز العلاقات الثنائية وبحث «السد»

يصل إلى البلاد، اليوم، الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، في زيارة قصيرة، تعد أول زيارة له للسودان منذ سقوط نظام حكم الرئيس عمر البشير، بثورة شعبية قبل نحو عامين. وينتظر أن يجري مباحثات مع قيادات الدولة السودانية تتناول العلاقات الثنائية، وقضية سد النهضة، وعدداً من القضايا التي تهم البلدين.
وأعلنت إدارة الإعلام الخارجي التابعة لوزارة الإعلام السودانية أن زيارة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي للبلاد تبدأ اليوم، وتستمر لعدة ساعات.
وحتى قبل ساعات من الزيارة، لم تصدر أي تصريحات رسمية سودانية عن أجندة الزيارة والمسؤولين الذين سيلتقيهم السيسي، بيد أن وزيرة الخارجية السودانية مريم المهدي ذكرت، الثلاثاء، بالقاهرة أن السودان يتطلع لزيارة الرئيس المصري، لبحث المستجدات الإقليمية، ونقل الأوضاع من خانة الكلمات للفعل.
وبرغم عدم التصريح بأهداف الزيارة، فإن تقارير صحافية أشارت إلى أن الزيارة ستتناول مفصلاً قضية «سد النهضة» الإثيوبي، وتوحيد موقف البلدين في المفاوضات مع أديس أبابا، فضلاً عن مناقشة قضايا مثل «الربط الكهربائي» بين البلدين، وتناول الأوضاع المتوترة بين السودان وإثيوبيا وشبح الحرب الذي يخيم على حدود السودان الشرقية.
وقالت المهدي، في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيرها المصري سامح شكري، الثلاثاء، إنها التقت الرئيس السيسي مطولاً، وتناول اللقاء العلاقات السودانية المصرية، وإن حكومتها تعد لاستقباله، دون أن تخوض في تفاصيل الملفات التي ستتناولها الزيارة.
وتجيء زيارة السيسي للسودان في وقت يواجه فيه البلدان التحديات المتعلقة بـ«سد النهضة» الإثيوبي، والمخاطر التي قد تحيق بهما جراء شروع إثيوبيا في الملء الثاني لبحيرة السد، قبل توقيع اتفاقية قانونية دولية تنظم إدارة السد، وتوافق كل من القاهرة والخرطوم على تدويل مفاوضات سد النهضة، بإشراك الاتحادين الأوروبي والأفريقي وأميركا والأمم المتحدة، كوسطاء في المفاوضات.
وتأتي الزيارة تتويجاً لعدد من الزيارات قام بها مسؤولون سودانيون ومصريون رفيعو المستوى، لكل من القاهرة والخرطوم، بينهم وزراء ومسؤولون عسكريون من الجانبين، في الوقت الذي زار فيه كل من رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان ورئيس الوزراء عبد الله حمدوك القاهرة بعد تشكيل الحكومة الانتقالية، والتقيا الرئيس السيسي.
وتشهد حدود السودان الشرقية مناوشات عسكرية بين الجيشين السوداني والإثيوبي، منذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2020، على خلفية استعادة السودان لأراضٍ كانت تحتلها ميليشيات إثيوبية، وخلال الأزمة ظلت إثيوبيا تلوّح – دون أن تسمي – إلى طرف ثالث تزعم أنه يؤجج النزاع بين أديس أبابا والخرطوم، وتعني بذلك أن مصر تقف خلف التوتر على الحدود بين الدولتين.
ووقع السودان ومصر، الأسبوع الماضي، اتفاقية للتعاون العسكري، أثناء زيارة قام بها رئيس هيئة أركان الجيش المصري الفريق محمد فريد للخرطوم، ونصت على حفظ الأمن القومي للبلدين، وتبادل الخبرات بين الجيشين، والوقوف مع السودان في المواقف الصعبة، وترسيخ الروابط العسكرية والأمنية بين البلدين، والتضامن بينهما كنهج استراتيجي تفرضه البيئة الإقليمية والدولية.



كيف سيتصرف «حزب الله» وهل يتفلّت نتنياهو من الضغط الأميركي؟

لدى نصر الله ونتنياهو حسابات معقدة تحول دون تراجعهما (أ.ف.ب - رويترز)
لدى نصر الله ونتنياهو حسابات معقدة تحول دون تراجعهما (أ.ف.ب - رويترز)
TT

كيف سيتصرف «حزب الله» وهل يتفلّت نتنياهو من الضغط الأميركي؟

لدى نصر الله ونتنياهو حسابات معقدة تحول دون تراجعهما (أ.ف.ب - رويترز)
لدى نصر الله ونتنياهو حسابات معقدة تحول دون تراجعهما (أ.ف.ب - رويترز)

يتوقف بدء سريان المفاعيل السياسية للنداء الأميركي - الفرنسي، المدعوم أوروبياً وعربياً، للحكومتين اللبنانية والإسرائيلية، على الضغط الذي تمارسه الولايات المتحدة الأميركية على رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو، لمنعه من التفلُّت من مسؤوليته بتوفير الأجواء السياسية المواتية لتطبيق مضمون هذا النداء، بعد أن كان قد التزم بمضامينه، لينقلب عليه لاحقاً بذريعة أن مجرد التلازم في وقف إطلاق النار ليشمل جبهتي جنوب لبنان وغزة يتيح لـ«حزب الله» تبرير مساندته لـ«حماس»، على نحو يرتد عليه سلباً، ويتسبّب له بإشكالات داخل حكومته المناوئة بأكثريتها للربط بين الجبهتين، فيما يلقى فصل الجبهتين معارضة من «حزب الله»، كونه يشكل له إحراجاً أمام بيئته بعدم الجدوى من انخراطه في إسناد غزة، وما ترتب عليه من أكلاف باهظة كان في غنى عنها.

«فيتوات» متبادلة بين إسرائيل والحزب

لكن صدور النداء الأميركي - الفرنسي بصيغته الراهنة قوبل بتبادل «الفيتوات» بين إسرائيل و«حزب الله»، الذي يتمسك بتطبيق التلازم بوقف إطلاق النار على جبهتي غزة والجنوب، بخلاف نتنياهو المعترض عليه، وهذا ينسجم مع ما طرحه الوسيط الأميركي، أموس هوكستين، في مفاوضاته مع رئيس المجلس النيابي، نبيه بري، بتفويض من قيادة «حزب الله» لتهدئة الوضع جنوباً ونزع فتيل التفجير ومنع توسعة الحرب.

وكان الرئيس بري يعد العدّة لاستئناف التفاوض مع هوكستين لاستكمال البحث بينهما في الورقة التي أعدها الأخير لتهدئة الوضع جنوباً، للبدء بالتفاوض غير المباشر والتوصل إلى وقف إطلاق النار على قاعدة تهيئة الأجواء لتطبيق القرار رقم (1701) كونه الناظم الدولي لتحديد الحدود بين لبنان وإسرائيل.

لكن الرئيس بري، الذي كان قد تواصل مع هوكستين فور صدور النداء، فوجئ، كما يقول مصدر نيابي بارز لـ«الشرق الأوسط»، بمبادرة نتنياهو إلى سحب تأييده له باعتراضه على التلازم بتطبيق وقف إطلاق النار على الجبهتين الغزاوية والجنوبية، ومطالبته بعدم الربط بينهما بذريعة أنه يشكل انحيازاً لوجهة نظر «حزب الله» بإسناده لـ«حماس».

انقلب نتنياهو فألغى هوكستين زيارته

ويؤكد المصدر النيابي أن هوكستين كان يتحضر للعودة إلى بيروت لمواصلة البحث في الورقة التي أعدها لتطبيق القرار رقم (1701)، وسبق لبري أن سجّل ملاحظاته على بعض بنودها، لكنه عدل عن المجيء، بعد أن انقلب نتنياهو على موافقته المبدئية على ما ورد في النداء الذي يحظى أيضاً بتأييد إيران، انسجاماً مع توافقها والولايات المتحدة على استيعاب التأزم لمنع توسعة الحرب في الإقليم.

وينفي المصدر نفسه كل ما أُشيع عن أن هوكستين بحث في اتصاله ببري وجوب انسحاب الحزب إلى ما وراء جنوب الليطاني، ويقول إن الاتصال بينهما بقي في العموميات، ولم يتطرقا إلى أي تفصيل يتعلق بالورقة، طالما أن للبحث بينهما صلة.

ويبقى السؤال: هل ينجح الرئيس الأميركي جو بايدن في إقناع نتنياهو بتعديل موقفه بما يسمح بتعبيد الطريق لتنفيذ ما ورد في النداء؟ أم أن محاولته، وقد تكون الأخيرة، لن تلقى التجاوب المطلوب؟ وهذا ما يفتح الباب لسؤال آخر: كيف سيتصرف «حزب الله» في حال أصر نتنياهو على المضي في اجتياحه الجوي للبلدات الجنوبية والبقاعية، وفي اغتياله لأبرز قياداته وكوادره العسكرية؟

فلدى الحزب، كما تقول أوساط مقربة منه، القدرات العسكرية والقتالية للتعويض عن تراجع حدة المواجهة في القطاع، كما يشيعه بعضهم، وتقول إنه جاهز لمواجهة كل الاحتمالات، وسيمضي في دفاعه عن النفس ضد العدوان الإسرائيلي، ولن يرضخ لضغوط نتنياهو النارية باستهدافه المدنيين من دون أن يستدرج لتوسيع الحرب، مع احتفاظه بحق الرد على تجاوز نتنياهو الخطوط الحمر باغتياله لأبرز قيادات الحزب العسكرية والميدانية.

مخزون «حزب الله» الصاروخي

لكن الأوساط نفسها لا تعلق على ما يتردد بأن القتال في غزة بدأ ينحسر، وأن القطاع تحوّل إلى جبهة مساندة، ما يجعل الحزب منفرداً في حربه مع إسرائيل، وأنه أصبح يختصر بنفسه وحدة الساحات بتراجع منسوب الانشغال الذي تتولاه أذرع محور الممانعة في المنطقة، كما تفضّل عدم التعليق على تحليلات سياسية تتحدث عن التفاوض بين طهران وواشنطن، وتتهم إيران بترك الحزب وحيداً، وتحمله القسط الأكبر في المواجهة، بذريعة أن لديها حسابات وأوراق سياسية لا تريد التصرف بها في غير أوانها، وتحتفظ بها لتحسين شروطها في المفاوضات.

وتؤكد هذه الأوساط لـ«الشرق الأوسط» أن لدى الحزب مخزوناً صاروخياً، يعود له وحده استخدام الصواريخ الدقيقة منه في الوقت المناسب، وتقول إن استخدامه لصاروخ من نوع «قادر-1» لن يكون الأول والأخير، وأريد منه تمرير رسالة يجب أن يأخذها العدو على محمل الجد، بأن الحزب قادر على تجاوز ما بعد حيفا باستهدافه مواقع إسرائيل العسكرية والمخابراتية، وهذا ما أصاب إحدى قياداته الواقعة على تخوم تل أبيب.

متى تتدخل إيران؟

لذلك، هل يبقى الحزب وحيداً في المواجهة لتراجع وحدة الساحات كما يقول خصومه في الداخل والخارج؟ أم أنه لا يزال يراهن، تبعاً لحساباته، على تدخل إيران في الوقت المناسب في حال تمادت إسرائيل في عدوانها بما ينذر باندلاع حرب شاملة؟ وهذا ما أكده وزير خارجيتها عباس عرقجي بقوله إن بلاده لن تبقى مكتوفة الأيدي في حال قيام إسرائيل بتوسيع الحرب لتشمل الإقليم، مع أن طهران تتمهل لأسباب خاصة بها في الرد على اغتيال رئيس المكتب السياسي لـ«حماس» إسماعيل هنية، في عقر دار الحرس الثوري.

في المقابل فإن تل أبيب تواصل اجتياحها الجوي لتفريغ البلدات الجنوبية والبقاعية والضاحية الجنوبية لبيروت من سكانها، كونها مدرجة على بنك أهدافها، بغية تكبير أزمة النزوح بما يشكل إحراجاً للحزب أمام بيئته الحاضنة، والتحريض عليه بذريعة عدم قدرته على توفير الاحتياجات الضرورية لمئات الألوف من النازحين، في ظل عدم استطاعة الدولة على تلبيتها كما يجب، وهذا ما يفسر إصرار إسرائيل على تحييد الطرقات الدولية والفرعية المؤدية إلى هذه القرى لتسهيل عملية النزوح منها.