هناك تاريخ طويل لنادي وستهام يونايتد في التعاقد مع المهاجمين الذين لم يحققوا النجاح المتوقع، فعلى مدار السنوات الـ11 التي تولى فيها ديفيد غولد وسوليفان رئاسة النادي، تم التعاقد مع عدد كبير للغاية من المهاجمين الذين فشلوا في تقديم مستويات جيدة، بدءاً من اللاعبين الذين كانوا بارزين في دوري الدرجة الأولى (نيكي ماينارد، وجوردان هوغيل)، مروراً بلاعبين كانوا نجوماً بالفعل (ماركوس بوريلو، وسيميوني زازا) ووصولاً إلى لاعبين كان الكل يُجمع على قدرتهم على تقديم مستويات جيدة (بريان مونتينيغرو، وويلينغتون باوليستا).
وخلال الشهر الماضي، تم بيع سيباستيان هالر، صاحب أغلى صفقة في تاريخ وستهام بـ45 مليون جنيه إسترليني، إلى نادي أياكس أمستردام الهولندي مقابل 20 مليون جنيه إسترليني، وهو ما يعد بمثابة تذكير بأنه حتى في أكثر المواسم نجاحاً لوستهام، فإن هذا النادي يواجه مشكلة فيما يتعلق بالمهاجمين! وتكمن المفارقة في أنه حتى أفضل مهاجم في صفوف وستهام في هذه الفترة لم يتم التعاقد معه كرأس حربة على الإطلاق. فمنذ انضمام ميكايل أنطونيو إلى وستهام قادماً من نوتنغهام فورست قبل ست سنوات، فإنه لعب ظهير أيمن وظهير أيسر وجناح أيمن وجناح أيسر، ومهاجم ثان، قبل أن يتألق مؤخراً في مركز رأس الحربة ويقدم مستويات تجعله من لاعبي النخبة في هذا المركز.
ويحتل وستهام يونايتد المركز الرابع في جدول ترتيب الدوري الإنجليزي الممتاز، حتى بعد الخسارة أمام المتصدر مانشستر سيتي السبت الماضي بهدفين مقابل هدف وحيد، ويعد أنطونيو - الذي أحرز هدف وستهام في تلك المباراة - أحد أهم أسباب وصول الفريق إلى هذا المركز المتقدم.
لقد أحرز أنطونيو سبعة أهداف وصنع ثلاثة أهداف أخرى رغم غيابه لفترة طويلة عن المباريات بسبب الإصابة (لم يلعب أنطونيو سوى نصف الدقائق التي لعبها فريق وستهام). ولا يعد هذا هو المقياس الوحيد لتأثير اللاعب على الفريق، حيث يشكل أنطونيو خطورة هائلة على مرمى الفرق المنافسة، سواء في ألعاب الهواء أو في الألعاب الأرضية، وسواء في المساحات الواسعة أو المساحات الضيقة، كما يعد محصلة ممتازة تساهم بشكل كبير في نجاح الطريقة التي يلعب بها الفريق. ولا يكتفي أنطونيو بتسجيل الأهداف، لكنه يساعد زملاءه في الفريق من خلال اختراق الدفاعات وتشتيت أنظار المدافعين بتحركاته المستمرة والذكية، وخلق المساحات التي يستغلها توماس سوتشيك وجارود بوين، على سبيل المثال.
إن هذا التطور الهائل الذي طرأ على مستوى أنطونيو يعد خير إجابة على السؤال الدائم حول أفضل السبل لاستغلال لاعب يتمتع بهذه الإمكانيات الفنية والبدنية الفريدة والمتنوعة في الوقت نفسه. ويمتلك أنطونيو كل الصفات التي تجعله مهاجماً استثنائياً، فهو يمتلك القدرة على المراوغة والقفز بشكل مذهل، والقوة البدنية التي تجعله نقطة ارتكاز ممتازة لزملائه، كما يمتاز بلمسة رائعة وجميلة للكرة مثل لاعبي خط الوسط، وسرعة فائقة مثل لاعبي الجناح، وحركة دؤوبة ولا تتوقف مثل ظهراء الجنب، فضلاً عن تحركاته الذكية داخل وخارج منطقة جزاء المنافسين.
وقال عنه المدير الفني لوستهام، ديفيد مويز: «إنه يمنحنا متنفساً مختلفاً، حيث يمكنه الركض خلف المدافعين أو الاحتفاظ بالكرة. إنه قوي للغاية من الناحية البدنية، كما تحسن كثيراً في جميع جوانب اللعب كمهاجم صريح». ومع ذلك، فإن هذه القدرات المختلفة لأنطونيو كانت تبدو في كثير من الأحيان وكأنها مشكلة، بقدر ما تمثل ميزة كبيرة، حيث تم التعاقد معه في البداية كجناح أو كلاعب خط وسط قادر على اللعب على أطراف الملعب. وتحت قيادة المدير الفني السابق سلافين بيليتش، كان أنطونيو يلعب في أي مركز يعاني الفريق من نقص به. وقال بيليتش، الذي أشرك أنطونيو في مركز قلب الدفاع أيضاً بعد إصابة جوي أوبراين: «يمكنه أن يكون ظهير أيمن رائع مثل أنطونيو فالنسيا لاعب مانشستر يونايتد السابق».
وبعد فترة الإغلاق العام الماضي بسبب تداعيات تفشي فيروس كورونا، وإصابة هالر، بدأ مويز يعتمد على أنطونيو كرأس حربة بشكل منتظم. وقد استغرق الأمر بعض الوقت لكي يتعود أنطونيو على مواجهة المرمى والركض باتجاه المنافسين، في حين لم تكن اللياقة البدنية تمثل أي مشكلة بالنسبة للاعب. وقال أنطونيو لشبكة سكاي سبورتس: «لقد كنت أكره اللعب في هذا المركز في البداية. فعندما يكون ظهرك للملعب، فإن المدافعين يقفون خلفك ويتعين عليك أن تتحمل الضربات وتستحوذ على الكرة ثم تمررها بشكل صحيح».
وكانت الأهداف التي أحرزها أنطونيو الموسم الماضي - عشرة أهداف، من بينها أربعة أهداف في مرمى نوريتش - السبب الرئيسي في بقاء وستهام في الدوري الإنجليزي الممتاز. وقد تطور مستوى اللاعب كثيراً خلال الموسم الحالي. فبعدما كان أنطونيو يعاني من بعض المشكلات في الربط بين خطوط الفريق المختلفة أو الركض بشكل غير مدروس في المساحات الخالية، أصبح يركز هذا الموسم بشكل أكبر على الحفاظ على طاقته والتمركز بشكل ممتاز داخل منطقة الجزاء. إنه لم يعد يلمس الكرة كثيراً كما كان في السابق، لكنه أصبح أكثر فعالية وشراسة على المرمى، وأكثر جاهزية واستعداداً عندما تصل إليه الكرة. وتشير الأرقام والإحصائيات إلى أن جميع أهدافه الـ43 في الدوري الإنجليزي الممتاز جاءت من داخل منطقة الجزاء.
لكن ربما جاء كل هذا متأخراً بعض الشيء بالنسبة لطموحاته مع المنتخب الإنجليزي، نظراً لأنه الآن في الثلاثين من عمره، كما أن المدير الفني لمنتخب إنجلترا، غاريث ساوثغيت، لديه العديد من الخيارات الهجومية، وبالتالي لم يكن من الغريب أن يبدي أنطونيو رغبته في اللعب لمنتخب جامايكا قبل انطلاق بطولة كأس العالم 2022. لكن من جهة أخرى، فإن ما حققه أنطونيو يعد أحد أبرز قصص النجاح في كرة القدم الإنجليزية، فهذا المراهق المولود في لندن والذي لم يلتحق أبداً بإحدى أكاديميات الناشئين أصبح أحد أهم المهاجمين في الدوري الإنجليزي الممتاز في الوقت الحالي.
وكان أنطونيو يلعب في نادي «توتينغ آند ميتشام يونايتد» وهو يرتدي زوجاً ممزقاً من الأحذية ويكمل أجره البالغ 150 جنيهاً إسترلينياً من خلال العمل كحارس إنقاذ. وبعد ذلك، انتقل إلى ريدينغ، وشيفيلد وينزداي، ونوتنغهام فورست، قبل أن يصبح الآن أحد أبرز المهاجمين في الدوري الإنجليزي الممتاز، لكنه رغم ذلك لم يفقد أبداً حالة الشغف التي كان عليها عندما كان يلعب في دوريات الهواة، وهو ما يعد دليلاً على قدرته على التكيف مع كافة الظروف والضغوط المختلفة.
ميكايل أنطونيو... من عامل إنقاذ إلى أحد أبرز المهاجمين في الدوري الإنجليزي
مهاجم وستهام حجز مكاناً له في تشكيلة الفريق الأساسية بعد أن بدأ مسيرته مدافعاً
ميكايل أنطونيو... من عامل إنقاذ إلى أحد أبرز المهاجمين في الدوري الإنجليزي
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة