سنوات السينما

مادج بيلامي وجون هارون في «زومبي أبيض»
مادج بيلامي وجون هارون في «زومبي أبيض»
TT

سنوات السينما

مادج بيلامي وجون هارون في «زومبي أبيض»
مادج بيلامي وجون هارون في «زومبي أبيض»

White Zombie
- (1932)
- أول فيلم زومبي في التاريخ
- التقييم: (****) ممتاز
عندما تناهى إلى سمع المؤلف ويليام ب. سيبروك أن الأخوين إدوارد وفكتور هالبيرين سيقومان بتحقيق فيلمهما هذا (الأول كمنتج، الثاني كمخرج) سارع إلى رفع دعوى قضائية يتهمهما فيها بالسرقة. سيبروك كان نشر رواية سنة 1929 بعنوان «جزيرة السحر» The Magic Island حول «الأموات - الأحياء» فوق جزيرة هايتي الكاريبية حيث نشطت عبادة السحر الأسود (Voodoo). المحكمة ردّت الدعوة بعدما دافع الشقيقان عن نفسيهما بالقول أن كلمة «زومبي» الواردة في عنوان مشروعهما المقبل لا ملكية لأحد عليها. أما الحكاية فهي مختلفة عن تلك الواردة في الرواية.
يطالعنا الفيلم في البداية بمشهد لعربة تقل الجميلة مادلين (مادج بيلامي) وخطيبها نيل (جون هارون) متوجهة ليلاً إلى مزرعة يملكها صديقهما تشارلز (روبرت فرايزز) حيث سيقيمان حفل زواجهما. سائق العربة الأسود يتوقف عند مشهد لمواطنين في احتفاء موتى. بعد استكمال الرحلة بقليل يتوقف السائق من جديد ليسأل رجلاً عن العنوان الذي يقصده. الرجل ليس سوى الساحر الأسود ميردر (مكتوب اسمه Murder بمعناها المزدوج) الذي يهيم بالمرأة حتى من قبل أن يأتيه تشارلز طالباً مساعدته لأنه وقع كذلك في حب مادلين.
ميردر يريد استحواذها لنفسه ويمنح تشارلز، تنفيذاً لخطته، مادّة مخدّرة يضعها في مشروب مادلين. بعد إتمام مراسيم الزواج تشرب وتسقط أرضاً ويعتقد الزوج أنها ماتت. يدمن على الشرب في الملهى القريب. في الوقت ذاته يكتشف تشارلز أن ميردر خدعه. يطلب منه إعادة مادلين لما كانت عليه. لكن ميردر يرفض ويأمر أتباعه من الموتى - الأحياء بإلقاء مساعد تشارلز في الطاحونة ويتسبب في شل حركة تشارلز. في هذا الوقت يكتشف الزوج أن محبوبته ما زالت حية ويستعين بالطبيب برونر (جوزيف كوثورن) لاسترجاعها من غيبوبتها، ينبري الزومبيز لمحاولة قتل الجميع لكن تأثير ميردر عليهم يخبو فيقفزون من الصخور العالية إلى البحر منتحرين.
قبل عام واحد من هذا الفيلم قام بيلا لاغوسي (مجري الأصل) بتأدية دور دراكولا في فيلم من إنتاج يونيفرسال. ولسبب غير معروف اعتذر عن تأدية دور «المومياء» في فيلم آخر لها. البديل له كان هذا الفيلم المستقل والمرعب (بمقاييس الفترة) الذي تكلّف 50 ألف دولار فقط.
الأخوان هالبيرين من شيكاغو أصلاً. وصلا إلى هوليوود في مطلع العشرينات وبدآ العمل في السينما منذ عام 1922 وأنجزا نحو عشرين فيلماً صامتاً ‫حتى سنة 1932 عندما حققا هذا الفيلم الناطق.‬
قام المخرج ڤكور (أصغر الاثنين سناً) بطرق باب الفيلم الناطق على نحو لا يختلف كثيراً عن معالجته السابقة للأفلام الصامتة. لذلك نجد الفيلم مليئاً بالرغبة بالتعبير بالصورة بينما الحوار هو الإضافة التي في محلها لإيضاح النوايا. هذا لا يعفي أحداً من مسؤولية التمثيل المسرحي. كلهم، باستثناء بيلا لاغوسي، الأكثر حرفة، عمدوا إلى ذلك النوع من الأداء المتأثر بالمسرح وغير المتآلف بعد مع بلورة التمثيل لما أصبح عليه بعد سنوات قليلة.
لن يستوقف المشاهد الأداء الممسرح طويلاً. الفيلم مشحون بالتشويق الناتج عن موضوع كان جديداً من نوعه آنذاك، واليوم يبقى جديداً من حيث إن الزومبيز الذين نراهم لا يشبهون مطلقاً من نراهم في أفلام «الزومبيز» اليوم. إنهم أجساد بلا أرواح يديرهم ساحر مخيف بقواه «التلباثية» (توارد خواطر) ليشتغلوا عنده كقتلة، كما أن بعضهم يعمل في المطحنة كعبيد. وفي مشهد رائع المفادات نرى أحدهم يقع في المطحنة التي لا بد أنها تعصره من دون أن يتوقف أحد عند ما حدث. الزومبي الذي وقع سقط مثل قصاصة ورق بلا صوت ولا رد فعل.
المعالجة الكلية لما نراه رائعة. حضور ما يشغل المقدّمة من المشاهد وما يؤلف الخلفية متجانس كأي فيلم فني. الحس الذي يعالج به فيكتور هالبيرين الفيلم بأسره مصمم لكي يؤدي هدفاً فنياً لجانب الحكاية المشوّقة. يذكر بالأفلام التعبيرية الألمانية التي خرجت من رحم السينما الصامتة في العشرينات، لكنه لا يحاول أن يكون مثالاً بينها، لذلك هو ليس منها وإن كان قريباً مما منحته من قوة بصرية لمواضيعها.

(*) لا يستحق
(**) وسط
(***) جيد
(****) ممتاز
(*****) تحفة


مقالات ذات صلة

«بادينغتون في البيرو»... الدب الأشهر يحفّز البشر على مغادرة منطقة الراحة

يوميات الشرق في فيلمه السينمائي الثالث ينتقل الدب بادينغتون من لندن إلى البيرو (استوديو كانال)

«بادينغتون في البيرو»... الدب الأشهر يحفّز البشر على مغادرة منطقة الراحة

الدب البريطاني المحبوب «بادينغتون» يعود إلى صالات السينما ويأخذ المشاهدين، صغاراً وكباراً، في مغامرة بصريّة ممتعة لا تخلو من الرسائل الإنسانية.

كريستين حبيب (بيروت)
يوميات الشرق المخرج العالمي ديفيد لينش (أ.ف.ب)

رحيل ديڤيد لينش فنان الرؤى المميّزة

هل مات ديڤيد لينش حسرة على ما احترق في منزله من أرشيفات وأفلام ولوحات ونوتات موسيقية كتبها؟ أم أن جسمه لم يتحمّل معاناة الحياة بسبب تعرضه لـ«كورونا» قبل سنوات؟

محمد رُضا (بالم سبرينغز (كاليفورنيا))
يوميات الشرق أحمد مالك وآية سماحة خلال العرض الخاص للفيلم (الشركة المنتجة)

«6 أيام»... رهان سينمائي متجدد على الرومانسية

يجدد فيلم «6 أيام» الرهان على السينما الرومانسية، ويقتصر على بطلين فقط، مع مشاركة ممثلين كضيوف شرف في بعض المشاهد، مستعرضاً قصة حب في 6 أيام فقط.

انتصار دردير (القاهرة)
سينما النجم الهندي سيف علي خان (رويترز)

سيف علي خان يصاب بست طعنات في منزله

تعرض نجم بوليوود الهندي سيف علي خان للطعن من متسلل في منزله في مومباي، اليوم الخميس، ثم خضع لعملية جراحية في المستشفى، وفقاً لتقارير إعلامية.

«الشرق الأوسط» (مومباي)
سينما لقطة لبطلي «زوبعة» (وورنر)

أفلام الكوارث جواً وبحراً وبرّاً

مع استمرار حرائق لوس أنجليس الكارثية يتناهى إلى هواة السينما عشرات الأفلام التي تداولت موضوع الكوارث المختلفة.

محمد رُضا (بالم سبرينغز)

شاشة الناقد: دراما نسوية

من «الفستان الأبيض» (أفلام محمد حفظي)
من «الفستان الأبيض» (أفلام محمد حفظي)
TT

شاشة الناقد: دراما نسوية

من «الفستان الأبيض» (أفلام محمد حفظي)
من «الفستان الأبيض» (أفلام محمد حفظي)

الفستان الأبيض ‫★★★⭐︎‬

* إخراج: جيلان عوف

‫* دراما مجتمعية | مصر (2024)‬

في فن صنع الأفلام ليس ضرورياً أن يتقن المخرج الواقع إذا ما كان يتعامل مع قصّة مؤلّفة وخيالية. حتى الفيلم الذي ما زال النقاد حولنا يُعدّونه «أبو الواقعية» وهو «سارقو الدراجة» لڤيتوريو دي سيكا ليس واقعياً بالتجسيد الكامل. لديه حسّ واقعي وممثلون غير محترفين ومشاهد مصوّرة في الشوارع، لكن فيه قصٌ وتركيب وإطلاق عنان لحكاية.

لذا، فإن اتهام «الفستان الأبيض» بأنه فيلم غير واقعي ليس صحيحاً لأن مخرجته جيلان عوف لم تقصد تقديم هذا النوع من الأفلام. لو قصدت لفشلت تبعاً لما نراه. «الفستان الأبيض» أول وقبل كل شيء حكاية تقصد أن تنتقد حالات ناتجة عن حكاية خيالية. فتاة اسمها وردة (ياسمين رئيس) ستتزوّج في اليوم التالي لكن فستان الزفاف احترق صباحاً. هي وابنة خالتها بسمة (أسماء جلال) تنطلقان لشراء أو - على الأقل - استئجار فستان بديل. الرحلة تستمر طوال النهار ولساعة متأخرة من الليل من دون نتيجة. العراقيل متعددة، إما الأسعار عالية لا يمكن لفتاة من الطبقة الفقيرة تحمّلها أو هناك خلاف على الفستان يؤدي لمغادرة المكان بلا نتيجة، أو عندما تنجح وردة بمعاونة ابنة خالتها بسمة وصديقتها (إنجي أبو السعود) بالحصول على فستان مناسب تتعرض الفتيات لهيجان شوارعي بشع من شباب لا يحملون أي أخلاق. يتحرشون بهن ويخطفون الفستان ويدوسونه. الأمر يصل بوردة إلى التفكير بسرقة فستان، لكن شكراً لوالدتها (الجيدة سلوى محمد علي) استطاعت أن تنقذ الموقف في النهاية.

للفيلم حسنات عديدة. الحكاية نفسها جيدة الحبكة والتعرّض لواقع مجتمعي هو ليس الواقع الوحيد لكنه من لحمته. في مشاهد كثيرة تصوّر المخرجة شباباً بلا روادع أخلاقية يعيشون حياتهم بلهو مصطنع ويستمعون ويرقصون على أغاني لا فن أو معنى لها. للأسف تلجأ المخرجة في نهاية الفيلم إلى واحدة من تلك الأغنيات الشعبية التي كانت تنتقدها. ربما مضطرة لأن الأغنية هنا تعبيرٌ عن حفل الزفاف المقبل.

هناك ملامح إنسانية عديدة تبرز من ثنايا العلاقات النُّسوية كما من النقاشات بين وردة وخطيبها عصام (أحمد خالد صالح)، وتصوير متطوّر وسهل السياق من عمر أبو دومة، وتمثيل جيد من الجميع كبرت أدوارهم أم صغرت.

* عروض مهرجان البحر الأحمر.

Moon ‫★★‬

* كوردوين أيوب

‫* دراما مجتمعية | النمسا (2024)‬

دراما نسوية أخرى في شكل فيلم مختلف حققته المخرجة النمساوية (ذات الأصل الكردي) كوردوين أيوب في فيلمها الثاني. الأول أنجزته قبل عامين تحت عنوان «شمس»، والمشترك بينهما أنهما عن امرأة شابة ترفض الواقع وتُحارب ما قد يوقفها عن تحقيق استقلاليّتها. لكن الاستقلالية في فيلمها الجديد مسألة غارقة في تضارب ثقافات تقع ضحية فيها ولو لحين.

«قمر» (أولريخ سيدل فيلمز)

بطلتها مدرّبة ملاكمة للنساء. نتعرّف عليها سريعاً في الحلبة وفي البيت والمحيط النمساوي حيث عاشت وحيث تأمّنت حريّتها الشخصية. لا علاقة لمفهومها هذا بحقيقة ملازمة وهي أنها تحاول عبثاً التغلّب عن أحوالها المعيشية. لكن البحث عن مصدر عمل جيد يدفعها لقبول عرض من رجل أردني لديه ثلاث فتيات يريد من المدرّبة سارا (فلورنتين هولزنجر) تدريبهن على الملاكمة وفن الدفاع عن النفس. للغاية تسافر إلى الأردن وتبدأ العمل لتكتشف أن ما ينتظرها غير ما توقّعته. تصبح، رغماً عنها، جزءاً من وضعين واحد ثقافي والآخر يشوبه الغموض كونها تدرك الآن أن تدريباتها (التي ستتوقف بعد حين) ليست سوى أداة لأوضاع سياسية وعائلية غير مستتبة.

هذا فيلم عن الشرق شرق، والغرب غرب، ولن يلتقيا، ويمكن القبول بوجهة نظره كون الفوارق الثقافية بين تلك العربية وتلك الأجنبية أكبر من أن تُهضم، من وجهة نظر المخرجة التي ليس من السهل أو المعيب نقضها.

مشكلة هذا الناقد مع الفيلم هي أن الكاميرا المحمولة تقفز إلى الواجهة قبل الحدث وخلالها. ليس هناك سرد متواصل يشبه الاستماع إلى أسطوانة مشروخة. هو فيلم غاضب لأن بطلته غاضبة والمخرجة كذلك. الأسلوب يستعير من أفلام سابقة تعتقد أن عليها فرض طريقة العمل على المُشاهد لكي تنجح في إيصال رسالتها.

* عروض مهرجان ڤيينا

في الصالات

* من المسافة صفر ‫★★★‬ - فيلم تسجيلي مؤلف من 22 فيلماً قصيراً أشرف المخرج رشيد مشهراوي على إنتاجه يدور حول الحياة في غزة المستهدفة.

* The Damned ‫★★★‬ - فيلم رعب يختلف عن سينما هذا النوع يدور حول قرية تعيش لعنة اختياراتها عندما تفيق حائرة على سفينة جانحة.

* Wallace & Gromit: Vengeance Most Fowl ‫★★★★‬ - ينتمي إلى سلسلة «والاس وغروميت» الكرتونية الممتعة. فن التنفيذ بالدمى المتحركة مع فن الحكاية يتكاملان.

* 2073 ‫★★★‬ - نظرة داكنة أخرى على مستقبل الحياة على الأرض حيث السماء ترصد كل نفسٍ، والرافضون للتحوّلات مختبئون تحت الأرض.

★ ضعيف | ★★: وسط| ★★★: جيد | ★★★★ جيد جداً | ★★★★★: ممتاز