White Zombie
- (1932)
- أول فيلم زومبي في التاريخ
- التقييم: (****) ممتاز
عندما تناهى إلى سمع المؤلف ويليام ب. سيبروك أن الأخوين إدوارد وفكتور هالبيرين سيقومان بتحقيق فيلمهما هذا (الأول كمنتج، الثاني كمخرج) سارع إلى رفع دعوى قضائية يتهمهما فيها بالسرقة. سيبروك كان نشر رواية سنة 1929 بعنوان «جزيرة السحر» The Magic Island حول «الأموات - الأحياء» فوق جزيرة هايتي الكاريبية حيث نشطت عبادة السحر الأسود (Voodoo). المحكمة ردّت الدعوة بعدما دافع الشقيقان عن نفسيهما بالقول أن كلمة «زومبي» الواردة في عنوان مشروعهما المقبل لا ملكية لأحد عليها. أما الحكاية فهي مختلفة عن تلك الواردة في الرواية.
يطالعنا الفيلم في البداية بمشهد لعربة تقل الجميلة مادلين (مادج بيلامي) وخطيبها نيل (جون هارون) متوجهة ليلاً إلى مزرعة يملكها صديقهما تشارلز (روبرت فرايزز) حيث سيقيمان حفل زواجهما. سائق العربة الأسود يتوقف عند مشهد لمواطنين في احتفاء موتى. بعد استكمال الرحلة بقليل يتوقف السائق من جديد ليسأل رجلاً عن العنوان الذي يقصده. الرجل ليس سوى الساحر الأسود ميردر (مكتوب اسمه Murder بمعناها المزدوج) الذي يهيم بالمرأة حتى من قبل أن يأتيه تشارلز طالباً مساعدته لأنه وقع كذلك في حب مادلين.
ميردر يريد استحواذها لنفسه ويمنح تشارلز، تنفيذاً لخطته، مادّة مخدّرة يضعها في مشروب مادلين. بعد إتمام مراسيم الزواج تشرب وتسقط أرضاً ويعتقد الزوج أنها ماتت. يدمن على الشرب في الملهى القريب. في الوقت ذاته يكتشف تشارلز أن ميردر خدعه. يطلب منه إعادة مادلين لما كانت عليه. لكن ميردر يرفض ويأمر أتباعه من الموتى - الأحياء بإلقاء مساعد تشارلز في الطاحونة ويتسبب في شل حركة تشارلز. في هذا الوقت يكتشف الزوج أن محبوبته ما زالت حية ويستعين بالطبيب برونر (جوزيف كوثورن) لاسترجاعها من غيبوبتها، ينبري الزومبيز لمحاولة قتل الجميع لكن تأثير ميردر عليهم يخبو فيقفزون من الصخور العالية إلى البحر منتحرين.
قبل عام واحد من هذا الفيلم قام بيلا لاغوسي (مجري الأصل) بتأدية دور دراكولا في فيلم من إنتاج يونيفرسال. ولسبب غير معروف اعتذر عن تأدية دور «المومياء» في فيلم آخر لها. البديل له كان هذا الفيلم المستقل والمرعب (بمقاييس الفترة) الذي تكلّف 50 ألف دولار فقط.
الأخوان هالبيرين من شيكاغو أصلاً. وصلا إلى هوليوود في مطلع العشرينات وبدآ العمل في السينما منذ عام 1922 وأنجزا نحو عشرين فيلماً صامتاً حتى سنة 1932 عندما حققا هذا الفيلم الناطق.
قام المخرج ڤكور (أصغر الاثنين سناً) بطرق باب الفيلم الناطق على نحو لا يختلف كثيراً عن معالجته السابقة للأفلام الصامتة. لذلك نجد الفيلم مليئاً بالرغبة بالتعبير بالصورة بينما الحوار هو الإضافة التي في محلها لإيضاح النوايا. هذا لا يعفي أحداً من مسؤولية التمثيل المسرحي. كلهم، باستثناء بيلا لاغوسي، الأكثر حرفة، عمدوا إلى ذلك النوع من الأداء المتأثر بالمسرح وغير المتآلف بعد مع بلورة التمثيل لما أصبح عليه بعد سنوات قليلة.
لن يستوقف المشاهد الأداء الممسرح طويلاً. الفيلم مشحون بالتشويق الناتج عن موضوع كان جديداً من نوعه آنذاك، واليوم يبقى جديداً من حيث إن الزومبيز الذين نراهم لا يشبهون مطلقاً من نراهم في أفلام «الزومبيز» اليوم. إنهم أجساد بلا أرواح يديرهم ساحر مخيف بقواه «التلباثية» (توارد خواطر) ليشتغلوا عنده كقتلة، كما أن بعضهم يعمل في المطحنة كعبيد. وفي مشهد رائع المفادات نرى أحدهم يقع في المطحنة التي لا بد أنها تعصره من دون أن يتوقف أحد عند ما حدث. الزومبي الذي وقع سقط مثل قصاصة ورق بلا صوت ولا رد فعل.
المعالجة الكلية لما نراه رائعة. حضور ما يشغل المقدّمة من المشاهد وما يؤلف الخلفية متجانس كأي فيلم فني. الحس الذي يعالج به فيكتور هالبيرين الفيلم بأسره مصمم لكي يؤدي هدفاً فنياً لجانب الحكاية المشوّقة. يذكر بالأفلام التعبيرية الألمانية التي خرجت من رحم السينما الصامتة في العشرينات، لكنه لا يحاول أن يكون مثالاً بينها، لذلك هو ليس منها وإن كان قريباً مما منحته من قوة بصرية لمواضيعها.
(*) لا يستحق
(**) وسط
(***) جيد
(****) ممتاز
(*****) تحفة