قلق أممي من «هجمات الصواريخ» في العراق... وإدارة بايدن تدرس الرد

صورة لقاعدة عين الأسد بصحراء الأنبار في العراق
صورة لقاعدة عين الأسد بصحراء الأنبار في العراق
TT

قلق أممي من «هجمات الصواريخ» في العراق... وإدارة بايدن تدرس الرد

صورة لقاعدة عين الأسد بصحراء الأنبار في العراق
صورة لقاعدة عين الأسد بصحراء الأنبار في العراق

بينما عبرت الأمم المتحدة عن قلقها البالغ حيال تصاعد وتيرة الهجمات الصاروخية التي تشنها الفصائل الشيعية التي يُعتقد علاقتها الوثيقة بإيران، سواء ما يتعلق بهجوم أول من أمس، على قاعدة «عين الأسد» العسكرية غرب البلاد، أو بالهجوم السابق على إقليم كردستان، نفت «كتائب سيد الشهداء» المتهمة بالضلوع في هجمات أربيل منتصف فبراير (شباط) الماضي، بحسب الاعترافات التي أدلى بها، أول من أمس، المنفذون للهجوم وعرضها للإعلام جهاز مكافحة الإرهاب في إقليم كردستان.
في المقابل أعلنت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن أنها تدرس خيارات الرد على هجوم قاعدة عين الأسد في صحراء الأنبار بالعراق لكنها لن تتخذ قرارا متسرعا في الرد.
وقالت جين ساكي المتحدثة باسم البيت الأبيض للصحافيين «ما لن نفعله هو اتخاذ قرارات متسرعة تزيد من تصعيد الأوضاع أو تصب في صالح خصومنا». وأضافت «إذا رأينا أن هناك ما يبرر القيام برد آخر فسوف نتخذ هذا الإجراء مرة أخرى بالطريقة والوقت الذي نختاره ونحتفظ بحق هذا الخيار».
ولم توجه إدارة بايدن أي اتهامات إلى أي جهة على هذا الهجوم، ويعتقد مسؤولون أميركيون وعراقيون أن كتائب حزب الله أو مجموعة تابعة لها هي المسؤولة عن الهجوم. وأشار مسؤولان بالبنتاغون لصحيفة بولتيكو الأميركية، (لم تكشف عن هويتهما) إلى أن المعلومات الاستخباراتية تشير إلى مسؤولية تلك الكتائب التابعة لإيران.
ولم يوجه مسؤولو البنتاغون إلى الآن أصابع الاتهام لأي جهة، ولم تعلن أي جهة عن مسؤوليتها عن هذا الهجوم الذي وقع بعد أيام من قصف مقاتلات أميركية لمواقع عسكرية تستخدمها كتائب «حزب الله» في سوريا، بعد معلومات استخباراتية عن قيام إيران بالتخطيط لثلاث هجمات في العراق تستهدف المصالح الأميركية.
واكتفى جون كيربي المتحدث باسم البنتاغون بالقول «لا يمكننا أن ننسب المسؤولية في الوقت الحاضر وليس لدينا صورة كاملة لمدى الأضرار».
وشدد كيربي على ضرورة توخي الحذر مؤكدا أن الولايات المتحدة سترد إذا لزم الأمر وقال «دعونا نمنح الفرصة للشركاء العراقيين لإنهاء تحقيقاتهم وإذا كان هناك ما يبرر الرد فأعتقد أننا أظهرنا بوضوح أننا لن نتردد في الرد».
وأشار مسؤولون بوزارة الدفاع الأميركية إلى أن هناك تشاورا وتنسيقا كبيرا مع قوات الأمن العراقية التي تقوم بالتحقيق في الحادث. وقال مسؤولون عراقيون إن القاعدة التي انطلقت منها الصواريخ على قاعدة عين الأسد هي القاعدة نفسها التي قصفت منها إيران وابلا من الصواريخ في يناير (كانون الثاني) الماضي ردا على مقتل قاسم سليماني.
وسقطت 10 صواريخ نوع «كراد»، أول من أمس، على القاعدة العسكرية في محافظة الأنبار أدت إلى وفاة متعاقد أميركي بنوبة قلبية أثر الهجوم.
وشن طيران الولايات المتحدة، الخميس الماضي، غارات جوية على موقع لميليشيا «كتائب حزب الله» داخل الأراضي السورية، قال البنتاغون إنها مدعومة من إيران ومسؤولة عن الهجمات الأخيرة ضد الأميركيين وحلفائهم في العراق.
وتتحدث تقارير خبرية أميركية عن عزم واشنطن على نشر نظام صواريخ دفاعية متحركة في سوريا والعراق قريبا، وترجح أن يكون نظام الصواريخ الدفاعية الجوية قصير المدى «أفنجر» أفضل نظام متاح بسهولة لحماية القوات الأميركية في سوريا والعراق التي تتعرض لاستهدافات متواصلة في العراق منذ أشهر.
بدورها، توعدت قيادة العمليات المشتركة المنفذين للهجمات بتقديمهم إلى العدالة. وقال الناطق باسمها اللواء تحسين الخفاجي في تصريحات إن «قاعدة عين الأسد عراقية وتحتوي معدات وقوات عراقية إضافة إلى جزء من قوات التحالف الدولي». وأضاف أن «استهداف القواعد العراقية تصرف إرهابي وأن العمليات المشتركة ستقوم بمطاردة مطلقي الصواريخ والقيام بجهد فني كبير وتقديمهم للعدالة».
ومثلما هو الحال عقب كل هجمات صاروخية ضد المنطقة الخضراء والقواعد العسكرية، نفت معظم الفصائل المرتبطة بما يسمى «محور المقاومة» الهجوم على أربيل وقاعدة «عين الأسد»، لكن أبو علي العسكري الذي يعتقد أنه المتحدث باسم «كتائب حزب الله» بارك «العملية البطولية» ضد القاعدة. أما «كتائب سيد الشهداء» المتهمة بالهجوم الصاروخي على أربيل فقد نفت، أمس، تورطها في الحادث. وقالت في بيان «مُجدداً، يتخبط الاحتلال الأميركي، ولا يتوازن، ويوزع الاتهامات بعد هزائمه المنكرة والمتكررة على يد العراقيين الأباة، فيتهمون هذه المرة كتائب سيد الشهداء بقصف قاعدة احتلالهم في أربيل، على ضوء اعترافات شخص لا ينتمي لنا من قريب ولا من بعيد». وأضافت أن «كتائب سيد الشهداء في الوقت الذي تتشرف بكل صولات وأعمال المقاومين لطرد الاحتلال ولأخذ ثأر الشهداء، فإنها تنفي قيامها بقصف قاعدة الأميركان في أربيل، وتطالب حكومة أربيل وسياسييها بألا ينجرفوا وراء تخبطات واتهامات الاحتلال الأميركي».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».